أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - نعيم الأشهب - لذكرى القائد الشيوعي الرحل الرفيق يعقوب زيادين: زيادين الرمز














المزيد.....

لذكرى القائد الشيوعي الرحل الرفيق يعقوب زيادين: زيادين الرمز


نعيم الأشهب

الحوار المتمدن-العدد: 4826 - 2015 / 6 / 3 - 08:25
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


حين وصل القدس صيف 1950، مباشرة بعد تخرجه كطبيب، كان همّ أبو خليل الأول الانتظام في التنظيم الشيوعي القائم آنذاك. كان هذا التنظيم هو عصبة التحرر الوطني في فلسطين، وليس تنظيما أردنيا أو يحمل اسم الأردن بعد. ولم يكن هذا بلا معنى بالنسبة له. كان هذا تعبيرا عن تداخل وانصهار هويته الأردنية بانتمائه العربي وبأفقه الأممي، وهكذا كان طيلة حياته الحافلة.
دخل أبو خليل القدس التي لم يعرفها من قبل، غريبا لم تربطه، قبلئذ، صلة بأحد فيها،عدا وعد بقيام تنظيم العصبة السري الاتصال به. ولكنه، كساحر، تحوّل خلال فترة قياسية في قصرها الى أحد أبرز رموز هذه المدينة العريقة. ولم يكن هذا وليد الصدف أو الحظ، بل حصاد العاملين التالين: تقدمه الجريء والسريع كقائد ثوري، في معمعان المعارك الوطنية والاجتماعية الكثيفة والمتلاحقة آنذاك، منها ما هو من ذيول المؤامرة على القضية الفلسطينية، ومنها ما هو في اطار النضال للتخلص من سيطرة الاستعمار البريطاني، وصدّ مؤامرات جرّ البلاد الى الأحلاف العسكرية العدوانية الغربية، التي أريد لها أن تقوم على أنقاض القضية الفلسطينية، وذلك بتجميع اسرائيل والنظام العربي في اطار هذه الأحلاف، الى جانب معارك الحريات الديمقراطية وقضايا الفقر الذي تفاقم أفقيا وعموديا عقب النكبة الفلسطينية. وفي جميع هذه المعارك، كان أبو خليل، منذ هبط القدس، في الصفوف الأولى منها،؛ والعامل الثاني كان نتيجة تحيّز أبو خليل، ومنذ البدء، الى معسكر الفقراء والمعوزين في المدينة، ليغدو، وباستحقاق كامل، طبيب الفقراء، حيث نذر نفسه لخدمتهم ومساعدتهم بأريحية انسانية عميقة؛ دون أن ينال ذلك من اخلاصه لشرف المهنة المقدس مع الجميع، ودون أن يتردد في تلبية واجب المهنة، ليلا أو نهارا، حتى ولو بدا ذلك كنوع من المغامرة التي لا تخلو من الخطر.
وكالعادة آنذاك، كانت كل معركة وطنية أو اجتماعية تتوج بحملة اعتقالات. وغدا أبو خليل "زبونا" دائم التردد على السجون والمعتقلات التي قضى فيها السنين الطوال. وعقب كل اعتقال كان يجدد، طالما هو في القدس، عيادته الطبية. وتصادف ذات مرة أن كانت عيادته المتجددة ملاصقة لمقبرة باب الساهرة وتطل نافذتها على المقبرة مباشرة. كنا نداعبه بأنه يختصر طريق بعض زبائنه ويرسله عبر النافذة اياها! كان يضحك من قلبه كطفل. كان رجال المباحث يلاحقونه كظله أينما توجّه. وذات مرة دخل أحدهم عيادته، مدعيا أنه مريض، ولم يكن أبو خليل يعرفه من قبل. لكن ما ان استلقى على سرير الفحص حتى لاحظ أبو خليل المسدس على جانبه، فطرده على الفور من العيادة. لم يكن أبو خليل يلتزم بموعظة المسيح المعروفة: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر، بل يرد الصفعة بمثلها أيا كان خصمه مرتبة ونفوذا، دون حساب للعواقب والمضاعفات، فكرامته الشخصية والحزبية كانت خطًّا أحمر، لا مجال للتساهل أو المساومة حولها.
وبعد ستة أعوام على وجوده في القدس، أمضى قسما غير قليل منها وراء القضبان، اختارته القدس الوفية، في انتخابات خريف 1956، التي اتسمت بقدر من الحرية، نائبا عنها للمقعد المسيحي، متفوقا على منافسه، ابن المدينة، والذي شغل هذا المقعد في دورتين سابقتين، بأكثر من ضعف الأصوات. وكان هذا بمثابة شهادة ميلاد جديدة من القدس التاريخية لابن بار لم تلده!.
وحين بدأ ممارسة الطب بداية خمسينات القرن الماضي، كان الطبيب عملة نادرة – كما يقال. وكان هذا يفتح أمامه فرص السير بقية حياته على الحرير الناعم، شريطة أن يغمض عينيه عن الظلم والظالم. لكنه، ودون تردد، وبقناعة راسخة، اختار الطريق الآخر. اختار السير على الأشواك الدامية، مقارعا الظلم والظالم، دون أي حساب للنتائج والعواقب.
وعندما نضجت ظروف قيام الحزب الشيوعي الفلسطيني، عاش أبو خليل حالة عاطفية انسانية متميزة، ازعم أنها تختلف عن حالة البعض من أصول فلسطينية، طغت على مواقفهم من هذه القضية اعتبارات ذاتية. كانت عواطفه الصادقة تحنو على ذلك النسيج المقدس من أخوة السلاح ورفقة المعاناة المشتركة، على امتداد سنين عاصفة، في أشرف وأنبل المعارك والعمل المشترك، خشية على هذه العلاقات من الترهل والفتور، وهو ابن السماكية وابن القدس في الوقت ذاته.
وحين انهار الاتحاد السوفييتي، وكان هذا زلزالا غير مسبوق هزّ العالم كله، وأفقد الكثيرين توازنهم، وسارع البعض، حينها، لتبديل جلودهم، لم تهتز قناعات أبو خليل بالمبادئ الأساسية والقيم التي نذر حياته في سبيلها. وأزعم هنا أيضا بأن مرد ذلك ليس القناعات النظرية وحسب، بل لربما في المقام الأول رسوخ وصلابة اصطفافه الذي لا عودة عنه في معسكر المقهورين والمهمشين، ورهانه على نظام العدالة الاجتماعية – الاشتراكية، والقادم لا محالة، طال الزمان أم قصر.
وفي لقائي الأخير به، ربما قبل عام من رحيله، وجدته، كما أعهده متنصب القامة شامخا، وكأن، بنيته الجسدية مرآة صادقة لاستقامته الأخلاقية والسياسية، فهذا القائد الشجاع لم يحنِ هامته يوما أمام ظلم أو ظالم.
ولما حانت ساعة الرحيل المحتومة، كان وداعه الجماهيري والحافل على نحو غير مسبوق استفتاءً لا يحتمل التأويل، على تسليم الجميع، من يشاركه مبادئه وأفكاره ومن يختلف معها، بالسجل النضالي المضيء والتضحيات السخية والصادقة لهذا القائد الشيوعي – الوطني الكبير،، واعترافا بمكانته المتميزة في السجل السياسي للاردن على مدى عقود، دون توقف أو كلل.
واذا كان سِفر الشيوعيين في الأردن حافل وزاخر بآيات التضحية والفداء في سبيل قضايا الشعب والوطن، والتحدي للقمع والارهاب، فان اسهام أبو خليل في هذا السِفر المضيء وافر وغزير. وينبغي الاعتقاد بأن رصيده النضالي المتميز سيغدو قوة مثل والهام، لليوم والغد، وهذا هو الخلود بعينه لقائد ومناضل ثوري بارز.



#نعيم_الأشهب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغزى ذكرى اﻹنتصار على النازية
- واشنطن تبدأ العد التنازلي بسوريا
- واشنطن تبدأ العد التنازلي
- لمصلحة من الإنتقاص من دور الشيوعيين الفلسطينيين؟
- ساحة ملتهبة وطبقة سياسية مخدّرة
- الهدف المعلن -داعش- والحقيقي سورية
- تقديرات اولية عن العدوان الاسرائيلي على القطاع
- اختطاف المستوطنين الثلاثة والتداعيات
- مغزى انتخابات الرئاسة السورية
- هجوم معاكس محكوم بالفشل
- بداية انعطاف تاريخي في الشرق الأوسط
- حكام السعودية والقضية الفلسطينية
- هل بدأ الانعطاف التاريخي؟
- الاسلام السياسي إلى أين؟
- ماركس والتجربة السوفييتية (3-3)
- اصرار على الركض وراء السراب
- ماركس والتجربة السوفييتية (1)
- ماركس التجربة السوفياتية ؟
- لماذا تبديل الخيل الآن
- محنة بعض المثقفين


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - نعيم الأشهب - لذكرى القائد الشيوعي الرحل الرفيق يعقوب زيادين: زيادين الرمز