أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - الانصاب والاصنام الحجرية














المزيد.....

الانصاب والاصنام الحجرية


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5438 - 2017 / 2 / 20 - 15:46
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



يقول الباحث فراس السواح في كتابه(الله والكون والانسان),ان كل العبادات الصحراوية كانت تدور حول النصب الحجرية. استنادا الى كتاب الكلبي ( كتاب الاصنام ), فان العرب لم يعرفوا الاصنام قبل القرن الثالث الميلادي , وان عباداتهم كانت تدور حول الانصاب الحجرية , حتى بعد دخول الاصنام الى مقاماتهم الدينية .

وقد تبقى من آثار تلك الانصاب حجر واحد الى الان هو الحجر الاسود في كعبة مكة .لقد كان الحجر يمثل عند الساميين رمزا للالوهة الخافية التي كرهوا تصورها في هيئة بشرية , بحسب المنهج الظاهراتي لفراس السواح .

يقول فراس السواح ان فكرة الله لم تكن جديدة تماما على عرب الجزيرة . فقد كانوا يؤمنون بوجود خالق واله اعلى للسماء والارض بغض النظر عن التسمية (الله , الرحمن )او غيرهما . وكانوا يرون في الكعبة بيتا له , وفي الحجر الاسود رمزا خفيا لله ,اي شارة الله ورمز لحضوره الخفي .

ومن هنا ظهرت مراسيم الحج .لقد وصف القران عرب الجزيرة بالمشركين ولم يسميهم بالكفار ,(فاذا كان الحجر الاسود رمزا لله في الجاهلية , فلماذا لايحافظ على قداسته في الاسلام ؟).ان اي انسان تربى في بيئة غير اسلامية لايرى ضيرا في تقديس الصور الدينية .فالمسيحي يركع امام صورة المسيح او العذراء , والبوذي يسجد على وجهه امام تمثال بوذا , لانهما يعرفان ان مايقدسانه ليس الصورة وانما ماوراء الصورة .اما المسلم فانه يصاب بالذعر لرؤيته انسان راكع امام صورة .

في زيارة سياحية نظمتها ادارة الجامعة الصينية لفراس السواح للتعرف على بعض معالم المدينة , حيث كلف السواح اثنين من تلامذته بمرافقته في هذه الجولة السياحية .وكان البرنامج يتضمن في بعض فقراته زيارة لمعبد اللاما البوذي . كتب فراس السواح مانصه (عندما اجتزنا الباب الخارجي وولجنا الى فناء المعبد , وجدت الكثير من الزوار يشعلون البخور في مجمرة ضخمة في الوسط ,ثم يتجهون الى مدخل القاعة ,فمشيت معهم , وهنالك وجدتهم ينطرحون ارضا على جباههم امام تمثال هائل للبوذا مصنوع من النحاس .

وهنا طغت ثقافتي الاسلامية الهاجعة في اللاشعور , ووجدتني انتفض بشدة واقول لمرافقي بلهجة مستنكرة ( انهم يسجدون لصورة ). لقد اجتازت هذه الجملة عقلي الواعي الذي يعرف تماما معنى السجود امام صورة ,ونطقت بها لساني كان من ينطق بها شخص آخر لااعرفه ).
اما عن منزلة هبل عند عرب ماقبل الاسلام واعتباره رب الكعبة , فيقول السواح , وهو مسؤول عن منهجه ومصادره بان هبل هو تمثال مستورد من بلاد الشام . حيث لم يكن العرب يجيدون فن النحت, او انهم اعتبروه من عداد المهن والحرف اليدوية التي لم يكن تليق بالعرب , والاصح باعتقادي الاعراب , اي البدو .يقول ابن الكلبي في كتابه الاصنام , ان هبل كان صنما على شكل انسان وصل الى مكة بعد ان كسرت ذراعه في الطريق , فصنعوا له ذراعا من ذهب .اما في تفسير اسم كلمة ( هبل )فاختلف الاخباريون في تفاسيرهم . والسبب بحسب فراس السواح هو ان الصنم حافظ على اسمه السوري الاصلي ( هبعل ), وهو لقب لاله العاصفة حدد . ويعني الرب او السيد . وهو يتالف من مقطعين , الاول هو الهاء :اداة التعريف ,في بعض اللهجات , والثاني بعل , والذي يلفظ ايضا بصيغة :بعلو ,وبل .

وبما ان قبيلة قريش كانت من اصل سوري , بحسب السواح ,لم تهاجر الى الحجاز الا قبل بضعة اجيال من ميلاد محمد , فقد كانت لغتها تحتوي على الكثير من المفردات الارامية , وبالتالي كانت كانت تعرف معنى كلمة (هبعل ), او هبل .وقد ارادت من وراء استيراد هذا الصنم ان تنصب تمثالا في الكعبة بصيغته الجاهلية .تحت لقب الرب او السيد .

اما الانتقال من فكرة القوة السارية في الكون الى فكرة الاله المشخص , فيقول السواح ان الانتقال جرى بشكل تدريجي خلال عصر النحاس ,واكتملت هذه الصيرورة خلال الفترة الانتقالية من الالف الرابع الى الالف الثالث قبل الميلاد عندما دخلت الحضارة في عصر البرونز . فخلال عصر النحاس اخذت كبرى القرى الزراعية تتحول الى اشباه مدن , وخلال الفترة الانتقالية من عصر النحاس الى عصر البرونز تحولت اشباه المدن الى مدن حقيقية ,وذلك في وادي الرافدين الادنى ( بلاد مابين النهرين – العراق القديم )اولا , ثم في مصر وسوريا , بعد ذلك بفترة قليلة .وترافقت هذه النقلة مع اختراع الكتابة ودخول الحضارة في العصور التاريخية .

لقد كانت جماعة الصيادين في العصور القديمة تعيش في مشاعية اقتصادية لايملك الفرد فيها سوى ادواته الحجرية , اما نظامها السياسي فكان يقوم على اختيار زعيم غير متفرغ لمهام الرئاسة ,يمكن عزله واختيار غيره في اي وقت .وفي العصر الحجري الحديث كانت الاراضي الزراعية ملكا لجميع اسر القرية ,وكان رجال القرية يشتركون في الزراعة والحصاد وتربية الماشية .

ثم يوزعون ناتج عملهم على الجميع بالتساوي .اما زعيم القرية تختلف صلاحياته كثيرا عن صلاحيات زعيم جماعة الصيادين , وربما كانت شؤون القرية تدار من قبل مجلس للشيوخ .اما الحياة الدينية فكان يشرف عليها ساحر القرية او الشامان بمصطلحات الانثروبولوجيا الحديثة ,والذي كان يقود الطقوس الدينية , خصوصا التوسل الى القوة السارية في الكون من اجل استنزال المطر .

ولكن الامور اخذت بالتغير , بحسب فراس السواح,مع الاقتراب من فجر المدنية في منطقة الشرق القديم .فقد تحول المقام الديني البسيط الى معبد كبير , وتحول الشامان الى كاهن اعلى يساعده كهنة ادنى منه مرتبة ,وبني مقر واسع للرئيس الذي تحول الى ملك مطلق الصلاحيات ,يفرض سلطته على الجماعة بعد ان كان يستمدها منهم .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكرة الدينية وعلاقتها بقوانين الكون
- على هامش مجزرة قصر الرحاب
- مفهوم الحضارة والثقافة والمدنية والدين
- من رموز العبادات القضيبية
- الدعاية الناصرية الهدامة
- العلاقة بين عبد الناصر والمخابرات الامريكية -ج4
- العلاقة بين عبد الناصر والمخابرات الامريكية - ج3
- العلاقة بين عبد الناصر والمخابرات الامريكية - ج 2
- العلاقة بين عبد الناصر والمخابرات الامريكية -ج1
- حديث عن الحاجة الى ثورة جنسية
- عبادة الرموز الجنسية
- البحث في نفسية صدام حسيين
- ماليس من متغير : اعياد الميلاد
- عبادة الجنس :عبادة القضيب نموذجا
- الانسان الحيوان المتدين
- نهنئكم بعيد الميلاد المجيد والسنة الميلادية الجديدة
- قرود الشمبانزي اخوتنا واولاد عمومتنا
- انتهى زمن القادة العظام
- الوطن بين الواقع والايديولوجيا
- التنوير هو الحل


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - الانصاب والاصنام الحجرية