أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل تومي - مشاهد شوهت الذاكرة في 8 شباط 63 الأسود














المزيد.....

مشاهد شوهت الذاكرة في 8 شباط 63 الأسود


نبيل تومي
(Nabil Tomi)


الحوار المتمدن-العدد: 5427 - 2017 / 2 / 9 - 01:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مشهد 1
الساعة الخامسة والنصف صباحـا
صوت الرصاص وأزيز عجلات الموت في كل مكان أشباح سوداء تجوب شوارع بغداد ، الحياة تنكمش وتختبئ النفوس بين حشرجات الخوف من القادم المجهول ، عربة توقفت ليرتجل منهـا بعض من تلك الاشباح المدججين بالسلاح ،في نظراتهم رغبة جامحة للأنتقام والقتل ، مرت أمامي مسرعة مدرعة آخرى جعلتني أركض لأختبئ وراء جذع شجرة هناك في ملتقى شارعين بجانب أفران كروبي للصمون الأوتوماتيكي الفرن الكهربائي الأول في بغداد تقاطع شاحة الشواف ... نهرني صاحب الفرن بأن أسرع بالدخول لتجنب الأصابة ، قفزت كالأرنب إلى جانبه وأنا أرتعش ، سألته ما هذا سيدي قال أسكت يظهر أنه أنقلاب ... أبتعت منه بعض الباكيت الفرنسي ، خرجت ملتفا بخوفي مهرولاً بأتجاه البيت ، لم يسرني منظر خلو الشوارع إلا من بعض المدرعات والدبابات ذاهبة بأتجاه الأذاعة والتلفزيون ، كدت أنسى دراجتي الهوائية عدت لهـا ركبتهـا وأنطلقت ، بين الأزقة تفاديـا من رؤية الشياطين السود كانت طريقي لا بد أن تمر بمزل العم جلال الأوقاتي ، وتمنيت أن كانت لا تمر هناك ، لكن الجيب العسكري والملثمين لم يهتموا لوجودي فهم مشغولين في أطلاق الرصاص علية وهو يترنح أمامهم محاولا الصمود ويقف بشموخ ولكنهم أمطروه بالمزيد من ما تحتوية بنادقهم البورسعيدية القادمة من دولة الوحدة العربية الناصرية ، أفرغوا مخزنهم في ذلك الجسد المتهاوي نحو الأرض كان العم جلال الأوقاتي داخل بركة من الدم النازف يلفظ أنفاسه الاخيرة وهم يهمون بصعود عرباتهم لأستكمال البرنامج الذي وضع لهم . وصلت البيت مرتعبـا لا أقوى على الكلام أتجهت نحو أبي مسرعـا أحاول أن أكلمه ، ولكن أزيز الطائرة جعلني أهرب إلى غرفتي لحين قدوم أبي وهو يلعن المجرمين والقتلة الأنقلابيين ، رأيته هناك يرتدي ملابسه ثم يختفي .
مشهد 2
صبت أمي المزيد من النفط الأبيض في علبة سخان الماء ، وأمرتنـا بأن نجلب كل كتاب وكل ورقة نراهـا في المنزل ونفتش عنهـا جيدا ، لأنهـا ستسبب الفواجع للعائلة أن بقت ، أعلنت حالة الطوارئ في البيت أعطيت المهمة لنـا نحن الثلاثة أكبرنـا 12 عام ، نبحث عن كل شيى متكون من الورق ، تذهب أختي لتسئل أمي مـامـا الجرايد همينة ؟ تجيبهـا أمي نعم هي بالأول جيبوه كلهـا .... مـامـا شنو كله هية كلش هواية .... تصرخ أمي مرتبكة كلشي أسمة ورقة لازم يحترق
لم ينطفئ الموقد لعدة أيام والماء يغلي ليل نهار ، أرضية الحمام مشتعلة ، أرواحنـا متيقضة ، أمي مرتبكة لا رجال في البيت بعد اليوم ... مشغولة البال عن مصير أخوتهـا وأبي وبقية الرفاق ،تملئ الخزان بالماء البارد ثانية ، تبقي على الماء المغلي لينساب خارجا ، مرت أيام والمحرقة مستمرة أعدام الكتب والمجلات والجرائد والمنشورات ، أراقبهـا وهي تبكي مع كل كتاب تضعه في النار يدهـا ترتعش ، كانت أغلب الكتب تحمل رأس لينين ، وماركس وأنجلس ، كانت كراريس فهد الخالد ، وكتب كتب... كتب في كل مكان ، جرايد بالألاف مجلات بالعربي وبالأنكليزي تموع أمي تختلط بهـا تجف بحرارة النيران وثم تنساب ثانية حين تضع مؤلفات غوركي وتولستوي وأباذر الغفاري والحلاج حتى الروايات العالمية أحرقتهـا أمي خوفـاً من زوار الليل المرعبين ... كانت تتسابق مع الزمن عله تنجح قبل أقتحامهم للمنزل ، لم تكف من البكاء ودمدمات وكلمات لا تسمع منهـا أراقبهـا وأنـا الموجوع على دموع أمي وهي تزيد النار سعيرا رغمـا عنهـا ....
أمي حبيبتي لا تنقهرين راح نجيب غيره
مشهد 3
الساعة كانت الواحد بعد منتصف الليل ، دقات الباب لم تطول ، كسرت بأخماص بنادقهم وفتحوهـا على مصراعيهـا ، موجهين فوهات بنادقهم بوجه طفلين لم يتجاوزا 12 عام ، دخل القطيع وأنتشر كأنه في أرض المعركة ، حاول الكبير منعهمـا بالسؤال من أنتم وماذا تريدون ، عالجه أحدهم برفسة أنتقلت به بأتجاه الأرض ، ولكنه قام منتفضـاً متأفـئفـاً غاضبا ، وصرخ الصغير بهم قفوا لا تضربوا شقيقي ، مـاذا تريدون منـا ... لا يوجد أحد في البيت غيرنـا ... دخلوا الغرف الاربعة واحدة واحدة نتفوهـا وأحالوهـا خرابـاً ، خرجت عليهم كالملكة الشامخة سيدة المنزل أم الولدين نظرت نحوهم زاجرة أياهم أتقبلون أن يفعل أحدا في بيت أمكم هكذا .... أين هي غيرة العراقيين ؟ أم أنتم لستم عراقيون أن لم تكونوا فأخرجوا من منزلي ، فبيوت الناس لهـا حرمة ، أمـا أن كنتم عراقيين فأحترموا شرف العراقيات وأخجلوا من نفسكم ..... أمرتهم وهي ترتجف حنقـا ورعبـا :-
قفوا مكانكم أين هو قائدكم أنبهر الطفلان حين كانت أمهمـا تلقي بتلك الكلمات كأنهـا تصفعهم ، جذبت الولدين لحضنها وبقت كالجدار واقفة بشموخ تنتظر قائد مجموعة الكلاب السائبة ، تقدم وهو خارج من أحدى الغرف ، غزرته بنظرة ثاقبة هوه أنت القائد قالتهـا بسخرية ... طأطئ رأسه أيجابـاً .... ثم أستدار نحوا تلك المجموعة وأمرهم بالأنصراف .... قان البلاغ كاذب ، قالهـا وهو مـا زال مطأطئ الرأس كأي خائن .
المرأة كانت أمي والولدين كانا انـا وأخي والبيت مـا زال بيتنـا والزيارات تكررت كل أسبوع أو أقل لثمانية أشهر ....



#نبيل_تومي (هاشتاغ)       Nabil_Tomi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأي في قانون الحشد الشعبي
- أية تهنئة أتمناها لكم
- الثائر ... من يكون ؟
- المرأة ... هي الحل
- إلى متى يبقى العراق لقمة سائغة لمن هب ودب
- شيئ من الحقيقة وكثير من الصدق
- حزبنا المظلوم وجماهيره المظلومة
- في العيد الثمانين للحزب الشيوعي العراقي
- مشروع الأنقلاب والأرهاب البعثي لا زال مستمراً
- رسالة تهنئة من القلب
- المركز الثقافي العراقي في السويد
- منظمات المجتمع المدني ..... إلى أين ؟
- لا أفق قريب لحل القضية الفلسطينية
- متى سينتهي صبر الشعب ؟
- نداء أنتخابي
- الشافط والمشفوط في عراقنا الجديد
- هل تتكرر ثورة تموز المجيدة
- ربيع الجامعة العربية قادم
- المرأة والثورات العربية
- رأي في ازمة العراق


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل تومي - مشاهد شوهت الذاكرة في 8 شباط 63 الأسود