عن البرجوازية الكاريكاتيرية وظلال الدولة القومية في كوردستان

دانا جلال

الحوار المتمدن-العدد: 5425 - 2017 / 2 / 7 - 13:52
المحور: القضية الكردية
    

بعيداً عن ولادتها وتطورها الطبيعي، نشأت الطبقة العاملة الكوردية من رحمِ حاضنات خارجية تَمثلت الاولى بنطاقِها الوطني (العراق) والدور الريادي للاحتلال البريطاني من خلال بناء (شبكة سكك الحديد، وميناء البصرة، وشركة النفط البريطانية). النفط الكوردي ومن خلال مدينة خانقين ولاحقا كركوك تمثل المرحلة الاولى لظهور الطبقية العاملة الكوردية.
بعد التحرر الوطني في العراق لعبت "رأسمالية الدولة القومية" دورها كحاضنة ثانية لولادة الطبقة العاملة الكوردية وذلك من خلال انشاء معامل الاسمنت والتبغ والسكر في كوردستان.
الطبقة العاملة الكوردية سبقت نقيضتها ومتلازمتها (البرجوازية الكوردية) في ولادتها التاريخية، بل وفي مواقفها الوطنية، لان البرجوازية الكوردية ارتبطت بعلاقة التبعية السياسية والاقتصادية بالبرجوازيات (العربية والتركية والفارسية) التي كانت تابعة بدورها تابعة للرسمالية بحكم موقعها الهامشي في النظام الرأسمالي .
البرجوازية الكوردية في جنوب كوردستان ابتعدت سياسياً عن برجوازية المركز الوطني ونظامها السياسي لتدخل اقطاعية الحزب القومي وحركتها المسلحة في العام 1961وذلك تحت تأثير المشاعر القومية وحلم هيكلة سوقها القومية في مستعمرة دولية اختلطت فيها بنادق الثوار، والحالمين بأوهام المراهنة على الاقطاع الذي مارس سلطته المطلقة لغاية العام 1975 بعد انهيار الحركة القومية الكوردية مُتمثلاً بالحزب الديمقراطي الكوردستاني.
توفرت الفرصة التاريخية بعد هزيمة العام 1975 للبرجوازية الكوردية بان تلعب دورها بقيادة الحركة القومية والمسلحة منها، بالفعل نجح الاتحاد الوطني الكوردستاني باستغلال الفرصة ولو لحين، لان الإقطاع الكوردي تمكن بالعودة للساحة الكوردستانية مُستَّغلِاً ارثه التاريخي والسياسي الذي تطابق مع رغبة الدول الاقليمية والدولية بإعادتها الى الساحة لمواجهة مشروع البرجوازية الكوردية القومي.
عودة الحزب الديمقراطي الكوردستاني الى المشهد السياسي والكفاح المسلح اواسط 1976، جعل من معادلة الصراع الطبقي والسياسي بين الاقطاع ومنظومتها السياسية والاجتماعية مع البرجوازية الكوردية الى (صراع – وحدة – صراع) لا في فترة الحركة التحررية القومية الكوردية فحسب، بل وفي فترة سلطة الحزبين المشتركة في كوردستان بعد تحرر كوردستان من الفاشية عام 1991 واسقاط النظام في العام 2003.
ضمن تلك المعادلة ونتاجها، وعلى خلاف من كان يتحدث عن المعجزة الاقتصادية في كوردستان، فان المهزلة الاقتصادية بتجليات خصوصياتها قد تجسدت بقدرة الحزب السياسي (السلطوي) بصناعة برجوازيتها الكاريكاتيرية التي برزت من خلال شخصيات هزيلة تتحرك بريمونت كونترل احزاب السلطة ومن ثم تقوم بتنفيذ مصالحها الاقتصادية.
البرجوازية الكوردستانية الكاريكاتورية منها والطفيلية، كانتا احدى اسباب الكارثة الاقتصادية التي تعيشها كوردستان، والتي لن تنتهي بإفلاس الحكومة الاقتصادي والاخلاقي، وهذا ما تجسد بعد قيام وزير الموارد الطبيعية في حكومة اقليم كردستان بعرض عدد من الحقول النفطية في الاقليم للبيع الى تركيا في عملية أشبه بسرقة قادة كوردستان لمستقبل واحلام أطفالها.
الاحصائيات عن حالة الفقر والبطالة في الاقليم هي ( 30% من اهالي اقليم كوردستان يعيشون تحت خط الفقر وأكثر من 20% عاطلون عن العمل) يقترن بعملية توزيع جديدة للثروة، ليس بين الطبقات والشرائح الاجتماعية فحسب، بل ووفق المناطق الجغرافية في كوردستان وهي ناتجة عن الصراع بين حزبي السلطة والمتجاورين معهما.
ففي المنطقة الصفراء اي مناطق نفوذ الديمقراطي الكوردستاني فان50% من الاغنياء في كوردستان يعيشون في محافظة اربيل و23% في محافظة دهوك. اما مناطق السلطة الخضراء (الاتحاد الوطني وحركة التغيير) ففي محافظة السليمانية النسبة هي 21% وفي محافظة كركوك 6%.
في قراءة اولية لتلك الاحصائيات نستنتج بان بعداً آخراً للاِبتعاد بدأ يلعب دوره بين مناطق البارتي و(الاتحاد- التغيير) في عملية الافتراق بين مناطق نفوذهما، فعدا الاختلاف الجيوسياسي واللهجوي، فان البعد الاقتصادي سيلعب دوره الحاسم في مجال اختلاف مستوى التطور الاقتصادي بين مناطق النفوذ لصالح مناطق نفوذ الديمقراطي الكوردستاني وإن لم يكن ذلك مُتطابقاً مع التطور السياسي والاجتماعي الذي هو لصالح مناطق نفوذ (الاتحاد- التغيير).
كوردستان التي تشهد انهياراً اقتصاديا، وافلاساً مالياً، وهرجاً سياسياً، بل وحتى اخلاقياً على صعيد الخطاب الرسمي، تشهد عملية اغتصاب منظومة مؤسساتها الاقتصادية والسياسية من قبل البرجوازية من جهة، وتمرداً لبرجوازيتها الكاريكاتورية على( الحزب – السلطة) من جهة اخرى مقبلة على عقد زواج كاثوليكي بين البرجوازية الكوردية وقرينتها الكاريكاتورية بغرض حصول الثانية على شرعية الطبقة بعد أن كانت توصف بالضالة، مقابل خضوعها واعترافها بشرعية الاولى بتحديد وتقسيم ما تبقى من بقايا كوردستان.

#دانا_جلال (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات