أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نعيم عبد مهلهل - حمامة في سوق في المنامة














المزيد.....

حمامة في سوق في المنامة


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 5405 - 2017 / 1 / 17 - 00:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


حمامة في سوق في المنامة

نعيم عبد مهلهل

في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ، موكب الخضارة في مدينة الناصرية كان يقرأ له في عشرة عاشوراء الاولى قارئ حسيني نعرفه باللقب فقط ( البحراني ) .
كان يتردي عقالا اسودا وخترة بيضاء ، ولا ندري إن كان من اهل البحرين أو من سكنة مدينة أخرى ، ولكني الصقت وجه الرجل بأمارة البحرين حينها ، ومنذ طفولتي وانا اسمعه واتخيل في عينيه شكل البلد الذي عرفت بعد حين أن البحرين هي في الاصل دلمون السومرية التي تخيلها اجدادنا الجنة الاولى وتحدث عنها خيال الاساطير بدهشة ان يكون هذا المكان ، الاجمل في العالم وان الالهة والبشر الانقياء هم من يسكنوه فقط .
كان ابي يأخذني الى المجلس الذي كان البحريني يقرأ فيه ونجلس قريبا منه . فأسمع منه شذى صوت الحسين في محنته مع جيش أبن سعد ، وكنت في كل مرة اتمنى ان يتحدث في محاضرته عن البلد الذي ينتمي اليه اسمه ، وخصوصا بعد ان قرأت عن المنامة شيئا في استطلاع مصور لمجلة العربي الكويتية ، واحد المعلمين قال عنها :انها مدينة تقع على البحر ، وفيها نخل ، واغلب سكانها بحارة ونوخذة ويستخرجون اللؤلؤ من البحر ويصيدون السمك ولكن من الصعوبة فيها ان تحصل على ماء عذب .
وقتها ادركت أن دلمون انما هي وهم الخيال ، فالجنة ماؤها السلسبيل وانهارها تنبع حتى من تحت اجفان الملائكة ، فأوقفت التفكير برغبتي لزيارة المنامة حين اكبر . حتى عندما اضيئت شوارعها بالنيونات الملونة يوم اعلان استقلالها عن بريطانيا واكتشاف النفط فيها.
مات البحراني القارئ الحسيني رحمه الله وبقي السر معه بالنسبة لجلاس مجلسه الحسيني أن كان يعيش في البحرين أو انه لقب توارثه عن اجداده ، ولكني ابقيت البحرين في ذاكرتي كمكان يعيش فيه الغواصون وتضيء في ليله الخليجي محارات اللؤلؤ والمرجان ، وبعض الاساطير المحلية المتداولة والتي تنشر في مخيلة الصبيان الذعر من انه في البحرين هناك مراسيم لزواج الذكور من الذكور ، وفي تلك المراسيم تضرب ايقاعات طبول مجنونة لرجال زنوج اغلبهم من البحارة ومن اصول افريقية ليعلوا ايقاع مدوي تحت شجن اغنية بحرانية شهيرة تقول مقدمتها ( مرَ ضبيٌ سباني ) .
لم تكن البحرين جارة اليفة ومتداخل مع المجتمع الجنوبي العراقي كما دولة الكويت ، وربما علاقات اهلها مع مدن مقدسة مثل النجف وكربلاء هي من يطغي ، ولم اسمع في يوما ما ان عائلة من اهل الناصرية سكنت في المنامة او المحرق ، لكن هناك العشرات من عوائل المدينة من سكنت الكويت ، بسبب ان بيننا وبين الكويت برٌ وعلاقات تاريخية وجغرافية عريقة ، وبيننا وبين البحرين بحر ، لكني كنت ارى بحاراتها مع مراكبهم وهم يغطون نصف اجسادهم بوشاح مثل الازار الصوفي وصدورهم سوداء عارية .
يقولون ان اكثر من ثمانين بحراني هم من الطائفة الشيعية . ولا اعرف سبب كثرتهم تلك في البحرين دون امارات الخليج الاخرى ، ربما بسبب قربها من ايران التي بقيت تطالب بها وتضمها اليها كولاية ايرانية .
ولكنها عربية ، وحين سألت مرة في صباي عن سبب الكثرة تلك كان جواب المعلم وحسب ما يعتقد أن شيعة جنوب العراق كان يهربون من بطش ولاة بني امية ووبني العباس واقرب بر اليهم ما بعد بحر البصرة هو جزيرة البحرين .
ذات يوم دفعني القدر لاكون في المنامة وفي عصر العولمة هذا ، استعدت في شوارعها الانيقة دموع ابي وهو يستمع الى القارئ الحسيني المسمى البحراني ، وتعاملت مع نظرات الهنود الكُثر في اسواقها بشيء من الاصرار انها بلد اتى اليها اجدادي هاربين ليسكنوها أما انتم فلكم دلهي وكلكتا .
فجأة سمعت هرجا ومرجا من جمع من الشباب يقولون ان صديقا لهم في الحبس .
أتى جنود ...ليقرقوا التاس بالهروات ...تعصب احدهم ورمى الشرطة بحجارة ..رموه هم بقنبلة دخان ...
ابتعدت وسألت احدهم :هل هذا يحدث كل يوم ...؟
نظر اليه وبفرابة : انت من وين ...؟
: قلت من العراق ؟
ضحك وقال :يبدوا انك جئت لتتطوع في الشرطة .؟
قلت كلا : انا اديب ...
قال :غادر المكان ستحل هنا فوضى اكثر .
غادرت وفي اذني ذكريات نعاء الشيخ البحراني في عاشوراء ايام الناصرية .
ومن بين قنابل الدخان قي سوق منامة رأيت حمامة بيضاء تطير....!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحزمة الناسفة والواح الطين السومرية
- الهايكو المندائي
- كافافيس وجارتنا المندائية
- رواقٌ في المندي المندائي
- الأنكليز وذكريات ديانا سبنسر
- داود أمين الوردة المعطرة باليسار السومري
- عبد الله الصغير الذي سيتكرر كل عام
- الكنز ربا ( جواز سفر المندائي )
- المندائية في بطاقة التموين
- الأشتياق عبر الذاكرة المندائية
- شيء عن الاحمر المثير
- فالح باشا السعدون .. المتصرف الثاني
- فرقة طيور دجلة أجنحة العراق في غربته
- الثريا المندائية ، زيوا وأنوثة الضوء
- قصة الناصرية مع فيدل كاسترو
- منقبة في حفلِ لأم كلثوم ( أروح لمين )
- الموصل ثلاثية الخوف من المجهول
- شيءٌ عن المندائية العراقية
- داعش ( ماما زمنها جاية )
- صَبةُ النبيُّ يحيى وصبةُ الكونكريتْ


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نعيم عبد مهلهل - حمامة في سوق في المنامة