أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر عدنان قنديل - طرد الدبلوماسيين الروس من واشنطن.. الدوافع والمآلات















المزيد.....

طرد الدبلوماسيين الروس من واشنطن.. الدوافع والمآلات


ماهر عدنان قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 5400 - 2017 / 1 / 12 - 13:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تبدو دوافع أوباما بطرد الدبلوماسيين الروس من واشنطن مُقتصرة على قضايا تجسسهم، خصوصًا أن عملية جمع المعلومات تدخل ضمن أبجديات العمل الدبلوماسي، وإذا ما تمعنا جيدًا في الساحة الدولية سنجد أن تحولات هامة حدثت في المدة الأخيرة تسير في مجملها عكس الرغبات الأمريكية، ويأتي التقارب الروسي مع تركيا على رأس هذه التحولات الحاصلة مؤخرًا، خصوصًا أن تركيا تعد أحد أهم حلفاء واشنطن في منطقة الشرق الأوسط، مما تسبب في ارتباكٍ شديدٍ لدى واشنطن.
وليس التقارب الروسي-التركي وحده ما يزعج الإدارة الأمريكية بل النتائج التي انبثقت عنه منها التحضير لمؤتمر أستانة دون استشارتها، واتهامات أردوغان لها بالتعاون مع الإرهاب في المنطقة، وإسراع بوتين لحل الأزمة السورية مع تركيا مُفضلًا عدم انتظار الرئيس الأمريكي الجديد ترامب، وكأنه يطبق الحكمة التي تقول "خصمًا سابقًا أعرفُه أفضل من حليفٍ مُحتملٍ لا أعرفُ خطواته". ومن خلال هذه التحركات الأخيرة تُرسل روسيا وتركيا إشارات واضحة مفادها فقدان الثقة في السياسات الأمريكية من خلال المُسارعة في إيجاد الحلول قبل وصول الإدارة الأمريكية الجديدة، وهو ما جعل عددًا معتبرًا من النُخب الجمهورية يؤيدون قرارات أوباما بطرد الدبلوماسيين الروس وفي مقدمة هؤلاء السياسي المخضرم جون ماكين..
ولا شك أن محاولة إعادة الثقة الأخيرة بين روسيا وتركيا جاءت كردة فعل طبيعية من البلدين على تخاذل إدارة أوباما معهما، مما رفع من ثقة موسكو بإمكانيات أنقرة في التأثير على جزء واسع من المعارضة السورية لمساعدتها على وقف إطلاق النار في سوريا، وهو ما عجزت موسكو على تحقيقه مع واشنطن قبل ذلك، كما فقدت أنقرة من جهتها الثقة بسياسات الإدارة الأمريكية بعد أن خذلتها في سوريا.
وعلى عكس ما يتم تداوله، لا تبدو قرارات أوباما وتوقيتاتها بطرد الدبلوماسيين الروس عفويةً أو اعتباطيةً، بل أتت في إطار حربٍ نفسيةٍ جديدةٍ سيخوضها مع إدارة ترامب، وكخطةٍ لخارطةِ عملٍ جديدةٍ تُحضرها الإدارة الديمقراطية تتناسب مع المرحلة المقبلة ستمارس خلالها أدورًا جديدة مُرتكزة على محاولة تشديد الخناق على مساعي إدارة ترامب التحالف مع موسكو، مما سيضع الديمقراطيين في وضعية مناسبة لترقب الهفوات التي قد تحدث مستقبلًا في العلاقات الأمريكية-الروسية لتعارض أي تفاهمات قد تقع بين الطرفين، وهو ما سيوسع من نطاق الديمقراطيين، ويجعل أدوارهم الضاغطة في المعارضة على جانبي المعادلة الجديدة ترامب وروسيا أقوى بكثير مما كانت عليه خلال فترة إدارتهم للسلطة، خصوصًا أن الإدارة الديمقراطية لن تكون وحدها في ذلك، بل ستتبعها أطياف سياسية، وإعلامية، وشعبية واسعة منزعجة من ممارسات ترامب بعضها من النخب الجمهورية نفسها الحذرة من الممارسات الروسية مما سيؤثر بلا شك على مساعي إدارة ترامب للتحالف مع روسيا، وسيشلَّ قليلًا من إمكانية تقديمها تنازلات منتظرة لموسكو، وقد ينتج عن ذلك على المدى البعيد أخطاءً قد تستغلها الإدارة الديمقراطية، فالدافع الأول لطرد الدبلوماسيين من قِبل الإدارة الديمقراطية هو مراقبة تحالف ترامب مع روسيا (بدايةً من عودة الدبلوماسيين مستقبلًا) التي تعاديها أطياف نخبوية وشعبية أمريكية واسعة ثم ممارسة ضغوطٍ مستقبلية عليه من موقعها في المعارضة أي ما يوازيه في تكتيكات الشطرنج تحريك أحجارًا لإرباك الخصوم للضغط عليهم ثم اقتيادهم الى ارتكاب أخطاء فادحة تستثمر لاحقًا باستراتيجيةٍ محكمةٍ لتحقيق الانتصار.
كما يبدو أن ترامب سوف لن يكون في وضع مرتاحٍ حين يتسلم خارطةً للعلاقات الدولية مُعقدةٍ ومأساويةٍ شكلتها السياسات الأمريكية الأخيرة في الشرق الأوسط، فهو سيجد تركيا مُنزعجة من تخاذل إدارة أوباما معها في سوريا بعد دعمها لخصومها الأكراد، أما طهران فسيجدها فاقدة للثقة تمامًا بالسياسات الأمريكية بسبب تلميحاته خلال حملته الانتخابية بإمكانية إعادة النظر في بعض بنود اتفاقها النووي، وهو ما أدى الى استغلال موسكو لهذه الثغرات الأمريكية في علاقاتها مع البلدين بصورةٍ جيدةٍ لتحقيق مزيد من التقارب معهما رغم وجود بعض الخلافات الاستراتيجية والتكتيكية الواضحة بين الأطراف الثلاثة (روسيا-تركيا-ايران). كما أفقدت السياسات الأمريكية المُبهمة ثقة بقية الدول العربية بها، في حين تبقى تل أبيب الواثقة الوحيدة بسياسات ترامب في المنطقة، ورغم ذلك لا تبدو إسرائيل مستعدة لفك وتخفيض وتيرة العلاقات القوية التي ربطتها مع موسكو في ظل خلافها مع إدارة أوباما.
وفي ظل علاقات خارجية كهذه سيجد ترامب نفسه أمام خلافات كثيرة، وخيارات محدودة، ستكبحُ بلا شك من حرية حركاته، لكنها هل ستٌجبره على التسليم بالأمر الواقع والاقتناع بأدوار ثانوية "كومبارسية" في الشرق الأوسط؟ وهل سيقتنع مثلًا بالمشاركة في محادثات أستانة التي لم يكن أحد أطراف صياغتها وتشكلها؟
تؤكد المؤشرات السيكولوجية للرجل أنه شخصًا مشاكسًا ترتكز جل خطاباته على جُمل شعبوية جاذبة للأضواء لا يظهر من خلالها أنه راغبًا في العزلة أو هاويًا للظل، ومن المستبعد أن تكون سياساته انزوائية، وانعزالية، خصوصًا أنه غالبًا ما سوق نفسه بأنه الحامل لمشاعل الأمجاد، وادعائه إعادة عظمة الولايات المتحدة.
وفي ظل هذه الظروف ستكون علاقات ترامب بروسيا مُبهمة على ما يبدو حتى وإن كانت تظهر عكس ذلك، فترامب سيحاول تقاسم كعكة الشرق الأوسط مع روسيا، وهذا واضح من خلال تصريحاته وتلميحاته خلال حملته الانتخابية، ويبدو ذلك خيار الولايات المتحدة الأخير بعد انسداد آفاقها في إيجاد السبل لحلولًا أخرى، لكن ذلك سيُقابله احتمال القبول بوفاقٍ على حلٍ ثنائيٍ من طرف قيادات موسكو، كما يحتمل الاصطدام برغبات روسية على تحقيق نصرٍ أحاديٍ في الشرق الأوسط، خصوصًا أنها أصبحت تمتلك أوراقًا عديدةً، وحلفاء كُثر في المدة الأخيرة تجعلها قادرة على سحب البساط من تحت أقدام واشنطن في الشرق الأوسط، كما يُمكن لبوتين أن يدير ظهره لرغبات ترامب الساعي لاقتسام الزعامة الدولية معه، وهي زعامة حققها بوتين بشق الأنفس من خلال تدخلاته في الشرق الأوسط وأوكرانيا ولا يبدو أنه سيتنازل عنها بسهولة.



#ماهر_عدنان_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغتيال السفير الروسي في أنقرة.. احتقان أم انفراج للعلاقات بي ...
- الأحداث السياسية الأخيرة في تركيا..
- حوارات التمدن: حواري مع فريد العليبي حول الأزمة والثورة ومهم ...
- الجدلية القائمة في بريطانيا ما بين البقاء والانسحاب من الاتح ...
- أحداث البرازيل: هل هي ثورة شعبية ضد الفسّاد أم صراعٍ دوليٍ خ ...
- حوارات التمدن: حواري مع عبد الله أبو شرخ حول النظرة الشاملة ...
- الأزمة بين أردوغان وأوغلو.. والإنتقال للنظام الرئاسي الذي لا ...
- حوارات التمدن: حواري مع كاظم الموسوي حول اليسار الديمقراطي.. ...
- حوارات التمدن: حواري مع وفاء سلطان حول: غياب الحوار.... هو ا ...
- حوارات التمدن: حواري مع جواد بشارة حول نمط التفكير الموزع بي ...
- حوارات التمدن: حواري مع علي عباس خفيف حول الديمقراطية، سلطة ...
- ربيع عربي في فرنسا..
- هل هناك صراعاً خفياً بين بلجيكا وفرنسا يستغله تنظيم الدولة؟
- هجمات بروكسل تؤكد قوة تنظيم الدولة..
- هل الغرب متشابه؟
- الجزائر وتونس تدفعان ثمن تهورات المغرب في الشرق الأوسط..
- بنقردان.. طريق -الدولة الإسلامية- إلى -ولاية القيروان- أم طر ...
- في الثلاثاء الكبير.. ترامب سينتصر..
- هل تنجح الهدنة في سوريا؟
- تعقيدات القرن الإفريقي من باديمي إلى أوغادين.. متى الحل؟


المزيد.....




- السياحة في جزر سيشل: الزوار من دول الخليج يتمتعون بقيمة كبير ...
- تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي ...
- صورتان جويتان لرصيف المساعدات الإنسانية في غزة
- روسيا تطلق صاروخا فضائيا على متنه أقمار صناعية لأغراض عسكرية ...
- من رفح إلى المجهول.. قصص مأساوية لفلسطينيين -فقدوا كل شيء-
- أوشاكوف: الرئيسان الروسي والصيني ناقشا في اجتماع ثنائي الملف ...
- إيران -تدين وترحب- ببنود في بيان القمة العربية في البحرين
- أستراليا تعلن حزمة دورية جديدة من العقوبات ضد روسيا
- إنقاذ رجل دفن حيا وبقي 4 أيام في القبر
- تصويت لحجب الثقة عن رئيسة جامعة كولومبيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر عدنان قنديل - طرد الدبلوماسيين الروس من واشنطن.. الدوافع والمآلات