وصية الدكتور مابوس1933(فريتر لانغ):عبقرية اجرامية مبنية على شخصية اسطورية

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 5389 - 2017 / 1 / 1 - 16:38
المحور: الادب والفن
    

وصية الدكتور مابوس1933(فريتر لانغ):عبقرية اجرامية مبنية على شخصية اسطورية
كتبنا سابقا عن الدكتور مابوس الفيلم الصامت الأساسي في مسيرة المخرج الكبير(فريتر لانغ،ولاحظنا فيه التكثيف الشكلي والدرامي الذي يعكس المسار والأسلوب الذي اتبعه فريتر لانغ لدرجة ان البعض قال مبالغا أن مابوس انعكاس شخصي لشخصية المخرج نفسه الذي بات مساهما رئيسيا في بروز الحركة التعبيرية وترسيخ اقدامها كمذهب فني سينمائي لايمكن التغاضي عنه...
ولكن هل من الممكن القول أن وصية الدكتور مابوس قد سار على نفس الشاكلة..؟!
في الحقيقة،من الجيد مع الاستهلال النقدي الفول بان وصية الدكتور مابوس ليس ذلك الفيلم الذي اثار الدنيا ولم يقعدها،وهو ان كان قد حقق ردورد فعل نقدية متباينة تميزت احيانا بالتطرف ومن كلا الطرفين-المؤيد والمعارض-إلا ان هذا لم يثبت شيئا على شاكلة ان وصية الدكتور مابوس أصبح من روائع السينما العالمية،أو حتى من ضمن أبرز 100 فيلم في تاريخ السينما حتى لو أضافته المجموعة الفيلمية الشهيرة (Crition Collection) الى قائمة أفلامها،بل من غير الممكن مقارنته بفيلمه الأشهر (M) خاصة ان الفيلم هو الناطق الثاني للمخرج بعد الفيلم آنف الذكر.
هذا،وإذا اردنا التطرف وحتى من وجهة نظر عقلانية،فلايمكن ايضا مقارنته بالجزء الأول للثلاثية التي سوف تنتهي مع نهاية مسارلانغ كمخرج،فمن ناحية الأصالة لم يقدم هذا الفيلم اي شيء يذكر بل اعتمد على حبكة اعتبرها بعض النقاد بالغبية كتب السيناريو لها كالعادة زوجته(Thea-Von Harbou) في التعاون الأخير بينهما،لأنه وبعد هذا الفيلم سيهجر لانغ ألمانيا مرتحلا إلى الولايات المتحدة،ويبدو أن الكتابة عن محيط الفيلم الخارجي وكيفية استقباله وعرضه ومن ثم ارتحال لانغ-كما قلنا-الى الولايات المتحدة يبدو ممتعا أكثر من الكتابة عن الفيلم نفسه،ولكن هذا سنؤجله للنهاية للنظر أولا في موضوع الحبكة.
الفيلم عبارة عن تشريح سيكيولوجي لعبقرية مابوس الأجرامية الذي تحول من طبيب محترم ومشهور الى مجرم،وهو الآن يقبع في مصحة للأمراض العقلية ولم يتكلم بأي كلمة منذ ان ارسل الى تلك المصحة،ولكنه قدم لفتة مؤخرا وهي عبارة عن وصية كتابية حول ارتكاب الجرائم وسيموت لاحقا....بكل اختصار الفيلم هو عن العبقرية الاجرامية المبنية على شخصية اسطورية (د مابوس)،واذا اردنا الزيادة نقول:
الأمر ليس له علاقة بالشخصية،بل الأمر يخص العقلية العبقرية الاجرامية،وتدخل هذه العبقرية ايضا في الحيز ...تماما مثل القول: اينشتاين المجرم
أو كنموذج من الممكن ان يكون أوضح:الماركيز دي ساد
وعندما نقول ان النظريات الكتابية للدكتور مابوس عن المجرم وحتى عن العقلية الاجرامية،وعن جريمة مكتوبة بدقة تدخل حيز الفعل...كل هذا كفكرة عن الشر التي تحيط بكل أجواء الفيلم من دون معرفة اسبابها ومقصودها،بل هو شر مركزي غير محدد أو مقصود الدوافع كأي شخصية في غاية الشرور ابتكرتها هوليوود لغايات التشويق فقط...لايبدو الخوض في التفاصيل مهما
هناك نقطتين يجب ان نلفت النظر اليهما:
هذه الحبكة ربما كانت في ذلك الوقت غير تقليدية أو خارجة عن المألوف،استندت عليها اكثر الحبكات اللاحقة واشهرها-كما يبدو لي-هنيبال ليكتر كحبكة مبنية على منطق لايقبل الجدل متوسعة حتى في ابسط الأمور.
أما النقطة الأخرى،فهي قوة العنصر الشكلي للفيلم وهو امر اتفق عليه النقاد تقريبا،وقاله حتى من انتقد الفيلم نقدا عنيفا،وسوى ذلك لانستطيع القول ان الفيلم قدم شيئا اصيلا وابسط القول أنه تكرار لأصالة فرتر لانغ.
حقق لانغ فيلمه هذا بنسختين أحداهما ناطقة باللغة الفرنسية،وحقق الفيلم في زمن صعود هتلر الذي عين(Joseph Goebbles) وزيرا للدعاية النازية الذي بدوره استند على مبدأ ان الفيلم يعمل على تخفيض الثقة برجال الدولة،ومن هذه المقدمة ظهرت التي ادعى فيها لانغ أنه اجتمع فيها مع الوزير المذكور وطلب منه ان يحقق افلاما لخدمة النازية وهي القصة التي لم يذكر عنها (Joseph G)أي شيء في مذكراته،وحتى جواز سفر لانغ اثبت بطلان هذه القصة وربما-على أن الأمر لم يحسم بعد-أن لانغ اتخذ من هذه القصة ذريعة للهجرة الى الولايات المتحدة وهجرانه لزوجته..
بلال سمير الصدّر
4/9/2016

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل