أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسان خالد شاتيلا - السمو بجسم المرأة العاري تحت أبصار الحداثة الجاهلية‏ في الأَعمال الأخيرة ليوسف عبدلكي















المزيد.....

السمو بجسم المرأة العاري تحت أبصار الحداثة الجاهلية‏ في الأَعمال الأخيرة ليوسف عبدلكي


حسان خالد شاتيلا

الحوار المتمدن-العدد: 5379 - 2016 / 12 / 22 - 22:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كان عرب الجاهلية "ما قبل الإسلام" يئدون أطفالهم من البنات من جراء العار الملازم للمرأة من حيث ‏هي تُناك ولا تنَيك ما دامت أقل مرتبة من الرجال في مسلسل الطبيعة والمجتمع. لكن الإسلام "حرَّر" ‏المرأة وأعاد إليها "كرامتها". هذا ما يزعمه مؤَرِّخو الإسلام، كي ما يرمون إلى القمامة كل ما من ‏شأنه أن ينافس الدين الجديد ويطمس إعجازه، بدءاً من النثر الجاهلي الذي لا يخلو من "إعجاز" ‏مماثل للمعجزات الدينية، إن لم يتفوَّق عليه. "الغزوات" ما بين القبائل مردُّه، حسب الإسلام الرسمي، ‏افتقاد الجاهلية للمعايير الأخلاقية وعبادة الأصنام. في ما هي حروب ما بين القبائل للسيطرة على ‏طريق التجارة العالمية التي كانت تقع تحت سيطرة "قريش". ها هنا يكمن تشويه "جاهلية ما قبل ‏الإسلام"، باستثناء "المعلَّقات العشر". ‏
مقابل هذه الجاهلية المتقدِّمة التي شوِّهَت خصائصها، فإن الجاهلية المتأخرة، حداثة الجاهلية، هي ‏حداثة المستقبل عبر الماضي البعيد ممثلا بسوق عكاز والمعلَّقات العشر ووئد النساء. فالإسلام ‏السياسي والآخر العسكري يفرض، منذ قيادة أسامة بن لادن للحرب المسلمة ضد الاتحاد السوفياتي ‏في أفغانستان، "الخلافة" بالرغم من أن المسلمين في أمرهم مختلفون، متصارعون، بل وإنهم ‏متحاربون. كما يفرض على المرأة الاختيار ما بين الحجاب والقتل. علما أن سبي النساء واغتصابهن ‏و"غزوات" القبائل والحضر، واستباحة كل ما يقع تحت أيدي الغزوات، يمليه المستقبل الماضي الذي ‏يعود منذ العقد الثامن من القرن العشرين ليحتل حيِّزا فعالا في إيديولوجية الحياة اليومية.‏
ملخص هذه المقاربة للجاهلية ما قبل الإسلام، وحداثة الجاهلية، تَكشف عنها أعمال الفنان التشكيلي ‏المبدِع يوسف عبد لكي، في معرض لأعماله يقام في دمشق ما بين 17/12/2016 و15/1/2017. ‏فقد انبرى المثقفون، يساريون وليبراليون، للتنديد بلوحات فنية تشكيلية لنساء عاريات تٌعرض بين ‏أعمال للفنان. الأمر الذي يُعتَبَر بأنظارهم منافيا ل"البرنامج الإيديولوجي والسياسي" لثورة الخامس ‏عشر من آذار للعام 2011. إذ أن فنانا، على حد قولهم، يلتفت جماليا نحو المرأة ليعريها، في ما تسير ‏مئات الألوف من النساء السوريات ممزقة الثياب في طريقها إلى المهجر المفروض على ثلث الشعب ‏السوري. ثم كيف يحق له، برأيهم، أن يرسم نساءً عاريات في ما الشوارع والأزقة ملأي بالقتلى ‏ومشوَّهي الحرب، من رجال ونساء وأطفال وشيوخ. ‏
نعم، تُوْقِن شرائح من المثقفين، أن عليه لزاما أن يرسم نساءً ملقاة أرضا وقد مَزَّقت القنابل والبراميل ‏ثياب بعضهن، أو بترت أثداءهن. حينئذ، وحينئذ فقط، يستعيد يوسف عبد لكي بأعينهم صفة "الفنان ‏المبدِع" التي مُنِحت له في العام 1978 ، ضمن أول ملصق جداري لحزب سياسي في سورية، والذي ‏صَدَر ونُشر آنذاك عن "رابطة العمل الشيوعي"، للدعوة إلى النضال "لإطلاق سراح الفنان المبدع ‏يوسف عبدلكي وجميع المعتقلين في سجون السطلة السورية". هذا الملصق الجداري ‏ينقل لوحة من ‏الحفر كان فناننا رسمها على المعدن. هذه اللوحة ترسم يدين مكبلتين بالقيود تقاوم بقوة مستمدَّة من ‏النضال الشيوعي، قوة تتبدى عبر الانسياق المنساب لخط عريض، بيد أنه قاس، حاسم، وقاطع. العمل ‏التشكيلي في هذا الإطار يعتمد على تجسيم الواقع موضوع الرسم، كاليدين المكبلتين، والتي تحتل أكبر ‏مساحة من اللوحة. هنا، ومنذ تلك المرحلة المتقدِّمة من أعماله، يُثبت الخط القاسي والمنساب على ‏امتداد الحركة والحياة والمقاومة في أعماله، متانته الإبداعية. ‏
كانت أعماله في السبعينات ومطلع لثمانينات من القرن الماضي يغلب عليها أسلوب الواقعية ‏الاشتراكية. في تلك الفترة، أي في نهاية السبعينات، كان يوسف معتقلا في السجون السورية. ثم غادر ‏البلاد بعد إطلاق سراحه إلى فرنسا، حيث أقام بباريس قبل أن يعود مجددا بصورة نهائية إلى دمشق ‏في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. خلال الثمانينات كان الفنان مضطرا لنشر رسم ‏كاريكاتوري يوميا في الصحف العربية، ليتعيش منها رفقة الفنانة السينمائية هالة العبد الله وابنتهما ‏ليلى، خريجة الفلسفة من جامعة السوربون. يوسف، لدى مجيئه إلى باريس كان يتردَّد على المشاغل ‏في مدرسة الفنون الجميلة، كما حاز أيضا على رتبة دكتور في الفن التشكيلي. ‏
في نهاية مرحلة النحت في المعدن عَرفت أعماله تطورا جديدا ناجما عن أعماله الكاريكاتورية. ثم ‏انتهت هذه المرحلة بعشرات اللوحات المحفورة، والتي كان عبدلكي الشيوعي يهزأ فيها من البنيات ‏العليا للمجتمع والسلطة، من جيش وشرطة وأمن، وسلطة، ومؤسسات. هذه المرحلة لم تستمر ‏طويلا. فخلال النصف الثاني من الثمانينات تظهر لديه سمكته الشهيرة التي اصطيدت وماتت مائة مرة ‏لكن عينها ما تزال تنبض بالحياة. كما ظهرت بين أعماله سكينه ذائعة الصيت. سكين قديمة بخط قاطع ‏لا يساوم، ينبع منها نور باهر استعدادا منها للقتل أو الدفاع عن النفس، ولم لا الدفاع أيضا عن ‏الرفاق. هي سكين الحق المغدور. هذا الحق الذي كان والده، العامل الشيوعي، وأمه المدافعة عن ‏حقوق المرأة، يدافعان عنه. أهم أعماله في منتصف الثمانينات العمل المحفور لرأس حيوان متوحش ‏أشبه ما يكون إلى الحصان، وقد برزت أسنانه استعدادا للهجوم أو الاعتداء. عنوان اللوحة ‏‏"الدولة". عمل معلَّق اليوم في أحد المتاحف الأوروبية. الدولة وأيديولوجية العنف والقمع ‏والاستبداد تتخطى إطار اللوحة وتًمثُل بحضورها أمام أنظار المشاهد.‏
انتهت مرحلة الحفر لتبدأ مرحلة الرسم في مطلع العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. ثمة شغف ‏في أعماله اعتبارا من هذا التاريخ للتعبير عن الطبيعة المادية التي لا تعرف الموت، تتطور وتتغير في ‏ما هي ترجح الحياة على الموت. في أعماله، الكرسي على سبيل المثال، ليس طبيعة ميِّته، أو طبيعة ‏جامدة، إذ إن هذا الكرسي له تاريخ، من جهة، ويُذكرَّ، من جهة ثانية، بالإنسان الذي يرسمه. كارل ‏ماركس كان يهزأ ممن يُعجب بالكرسي، لكنه ينسى النجار الذي رسمه ثم أنتجه. لدى الفنان عبدلكي ‏يبدو استمرار الحياة أو الطبيعة المادية ماثل عبر اللوحة التشكيلية، ثم لدى الانتهاء من النظر إلى ‏العمل الفني. الطبيعة المادية، في جميع المراحل التي تؤرِّخ لأعماله، تكشف عن انتصار الحياة على ‏الموت، وانهزام العبودية والاستسلام أمام التمرد والثورة، وبزوغ النور الساطع في عالم يسيطر ‏عليه، من حيث مساحة اللوحة، السواد، إلى أن يستعيد بصيص من الضوء سيطرته على مضمون ‏اللوحة. ‏
صديقي الفنان يوسف عبدلكي ، فنانا تشكيليا عالميا. هو أعظم من أن يناله النقد اللاذع والتجريح ‏الرزيل. هذا كلام موجَّه لنخبة من شرائح مثقفينا. إن هذا الفنان التشكيلي يبلغ في عالم الإبداع عتبة ‏المطلق، والانفراد بمخلوقاته الطبيعية المادية انفرادا لا مثيل له في عالم الفنون التشكيلية، أو لدى ‏غيره من الرسامين التشكيليين في سورية والعالم. اسمعوا وعوا. المرأة العارية في أعماله ما بعد ‏ثورة الخامس عشر من آذار، تخلو من الخط الملتوي والمبعوج الذي يظهر لدى عظام الفنانين ‏التشكيليين، ممن يبحث عن الإغراء الجمالي الجنسي في جسم المرأة. فلا هو ينظر إلى الثدي، ولا هو ‏ينحني لفخذين طازجين من العجين الأبيض والساخن. المرأة العارية في أعماله الأخيرة، والتي تظهر ‏لديه لأول مرة، بعد مضي أربعة عقود وأكثر من الخلق والإبداع، ذات جسم يكشف بجموده وانتصابه ‏عن صمودها ومقاومتها أمام الحياة ومتغيِّرات الطبيعة المادية وتحوُّلاتها. تباً لكم وتب.. . المرأة ‏العارية في أعمال يوسف عبدلكي في السنة السادسة على الثورة تفقع عين المسلم السياسي ‏والعسكري. صحيح، إنها تلقى التأييد من العلمانيين في سورية، سطلتها ومجتمعها. بل وإن سماح ‏السلطات السورية، بما في ذلك الثقافية منها، بعرض صور لنساء عاريات ما كان له أن يرى قبولا في ‏ظل الائتلاف والهيئة، وشرائح من النخبة المنتخبة من أنصاف المثقفين وأشباههم، ناهيكم عن المسلم ‏السياسي والعسكري. هذا وإن احترام حرية الفنان في اختبار مضمون وشكل عمله الثقافي ‏وأيديولوجيته، إن هي لم تر النور حتى غاية اليوم بأنظار هؤلاء وأولئك، فإن عليهم في هذه الحالة أن ‏يقبلوا بعبوديتهم للحداثة الجاهلية، وانسياقهم تحت نعال الستالينيين. فكأن الإسلام المتقدِّم لم يقضِ ‏على جاهلية أبى لهب الذي يصبح مثالا يحتذى به في الإسلام المتأخر، إسلام الحداثة الجاهلية. تحرَّوا ‏إذن وراء أعماله، فإنها اخترقت الأيديولوجيات لتجدِّدد الط‏



#حسان_خالد_شاتيلا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ممارسة السياسة من حيث هي مصدر المعرفة - جورج لابيكا - الملحق ...
- العنف الثوري أو الحقد الطبقي فَرْضٌ وحَقٌ - جورج لابيكا
- القطيعة الماركسية مع الفلسفة - جورج لابيكا، الوضع الماركسي ل ...
- الديمقراطية والثورة
- الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية - مقدمة جورج لابيكا لكتاب ...
- الماركسية اللينينية (أدلة من أجل النقد) - من أعمال جورج لابي ...
- الماركسية اللينينية (أدلَّة من أجل النقد) 2 - من أعمال جورج ...
- الماركسية اللينينية (أدلَّة من أجل النقد)‏
- -الماركسية- متن معجم الماركسية النقدي - من أعمال جورج لابيكا ...
- الماركسية متن الأنسكيلوبيديا الفلسفية الشاملة - من أعمال جور ...
- من أعمال جورج لابيكا - مدخل الماركسية في الإنسيكلوبيديا أُون ...
- في اللاعنف، الإرهاب، المقاومة والعنف الثوري - حوار مع جورج ل ...
- الأزمة في الماركسية وظيفة وأداة - حوار مع جورج لابيكا
- في تاريخ الماركسية - حوار مع جورج لابيكا
- الماركسية الثورية ليست هي نفسها الماركسية الأكاديمية - الفصل ...
- الماركسية هي الرد الوحيد لتغيير عالمنا اليوم - حوار مع جورج ...
- جورج لابيكا: نقد البراكسيس
- جورج لابيكأ، شخصيته السياسية والنظرية - مقدمة ثانية
- الفصل الأول - مقدمة رابعة جورج لابيكا: تغيير العالم بلا معلّ ...
- مقدِّمة :في العلم والتاريخ من أجل تغيير العالم - حوار مع جور ...


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسان خالد شاتيلا - السمو بجسم المرأة العاري تحت أبصار الحداثة الجاهلية‏ في الأَعمال الأخيرة ليوسف عبدلكي