أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - فتحى سيد فرج - عرض كتابان عن النمو الاقتصادى















المزيد.....


عرض كتابان عن النمو الاقتصادى


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 5374 - 2016 / 12 / 17 - 14:37
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


فى يوم الأثنين 12 / 12 / 2016 عقد نادى الكتاب بمركز الجزويت الثقافى عرضا لكتابان عن "النمو الاقتصادى" بدأ العرض بتعريف النمو الاقتصادى الذى يعتبر أحد أهم المؤشرات الاقتصادية، وهو عملية يتم فيها زيادة الدخل الحقيقي زيادة تراكمية ومستمرة عبر فترة من الزمن (ربع قرن) بحيث تكون الزيادة أكبر من معدل نمو السكان، ويعرف النمو الاقتصادي بأنه تغيير إيجابي في مستوى إنتاج السلع والخدمات بدولة ما في فترة معينة من الزمن، ويقاس باستخدام النسبة المئوية لنمو الناتج المحلي الإجمالي .
كما يمكن تعريفه ببساطة بأنه : (متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، محسوبا بالدولار الأمريكي) وتعتبر دولة ” قطر“ أغنى دولة فىى العالم حيث أن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي : 102,769 دولار. ( ثم لوكسمبرج 80,679، سنغافورة 60,833، النرويج 55,265، هونج كونج 50,709، بروناى 50,400، أمريكا 50,400) وتعتبر جمهورية الكونغو، النيجر، إثيوبيا، من أفقر دول العالم ، بالإضافة إلى مالاوي، والتي احتلت المرتبة الأولى ، متوسط نصيب الفرد بها يقل عن 100 دولار قى العام .
الكتاب الأول - رأس المال في القرن 21 يطيح بالعدالة الاجتماعية
للاقتصادى "توماس بيكيتي" الأستاذ بمدرسة باريس للدراسات الاقتصادية، صدر كتاب بالفرنسية عام ٢٠١٣ ترجم للانجليزية من قبل جامعة هارفارد عام ٢٠١٤، كما ترجمه وائل جمال وسلمى حسين للغة العربية، وصدرعن دار التنوير، 2016.
ربما لم يثُر جدلٌ عالمي حول كتاب أكاديمي في الاقتصاد مثلما حدث مع كتاب «رأس المال في القرن الواحد والعشرين» ما دفع بعض المحللين الاقتصاديين إلى القول إن تأثير الكتاب سيشبه تأثير كتاب «رأس المال» لكارل ماركس.
فمعظم المؤسسات الأكاديمية والإعلامية اعتبرت هذا الكتاب في مقدمة الكتب الصادرة عام 2014، وأهم الكتب التي صدرت خلال الأعوام الخمسين الأخيرة، منذ كتاب جون كينز (النظرية العامة في العمل والفائدة والنقود) الصادر عام 1936.
حيث يعرض انه منذ مائة عام كان 20% يحوزون الثروة و80% لا يحوزون، هذه النسبة تناقصت إلى 10% ثم 2% ثم 1% في نهاية الألفية الثانية، وفى الألفية الثالثة تتراكم الثروات لدي أصحاب رأس المال أكثر منها في يد العاملين. ولكن هناك استثناء خلال الحربين العالميتين، و فور انتهاء الإعمار، عاد رأس المال ليتركز في يد قلة قليلة، فيما راحت الطبقة الوسطي في الدول الغربية تضمر رويدا رويدا.
قراءة بيكيتي للتفاوت المتطرف تستند إلى بيانات تاريخية، تمت بمساعدة كثير من الباحثين في دول مختلفة، النموذج الأشهر لها في بريطانيا فإنتاج الفرد ينمو بمعدل 1 - 1.5 %، بينما ينمو العائد على الاستثمار بنسبة 4  5 %.مما يعني أن عائد الاستثمار (أرباح الرأسمالين) أضعاف عائد الإنتاج، فعملية الإنتاج التي يسهم فيها ملايين المهندسين والعمال والإداريين تنتهي أرباحها في جيوب عدد قليل من الرأسماليين، هم ملاك الشركات والمؤسسات والمديرون‏، وكل ذلك سيؤدي إلى زيادة التفاوت بين الطبقات، فالغني سيزداد ثراء والفقير سيزداد فقرا، الأخطر من ذلك هو تحول التراكم في الثروة عند الأغنياء إلى السيطرة على الاقتصاد والبناء الاجتماعي السياسي .
لقد أكد ذلك ليس بموقف ايديولوجى أو بنظرة فلسفية، ولكن برصد بيانات لمدد طويلة وفى أكثر من 20 دولة، فسجلات الضرائب التي جمعها وحللها، أكدت أن دخول الطبقة الوسطى بقيت ثابتة طوال الثلاثين عاما الماضية، بينما ارتفعت دخول الطبقة العليا بصورة مهولة، فتقرير منظمة “أوكسفام” أظهر إن مداخيل 5 عائلات بريطانية تفوق مداخيل 20% من أفقر السكان التى يصل تعدادهم إلى 12.6 مليون نسمة، وأن 0.1 % من السكان ارتفعت دخولهم بمبلغ 24 ألف دولار سنويا أغلبهم ملاك رأس مال، بينما ارتفعت دخول 90 % أغلبهم من العمال والموظفين إلى147 دولارا سنويا، بمعنى ان الملاك ينمو دخلهم بأكثر من 1600 ضعف العاملين من الفقراء .
كما أظهر تقرير “أوكسفام” إن العائلات الثرية في بريطانيا، تملك نحو 47 مليار دولار، ويملك واحد منهم "جروسفينور" وحده 7.9 مليارات دولار، أي أكثر من 10 % من مجموع سكان بريطانيا الأكثر فقرا، مما يشير إلى أن التفاوت الطبقي في أقدم الديموقراطيات الغربية الحديثة يولد حلقة مفرغة من تكدس المال والسلطة بشكل متزايد في أيدي القلة، بينما تظل الغالبية العظمى من السكان تعيش على حد الكفاف .
نفس الأمر في أمريكا، حيث إن الأثرياء الجدد نسبتهم 1 % رواتبهم لا تعادل مؤهلاتهم الدراسية أو ما يقومون به من عمل، وإنما هي تعبير صارخ عن خلل اقتصادي يسمح لهم بالحصول على ما هو أكثر من قيمة إسهامهم الاقتصادي، كما أن المضاربات في البورصات تتيح لهم الحصول على عائدات أكبر وأسرع من عائدات المدخرين من الطبقات الوسطى في العالم .
كما قدم هذا الكتاب نقدا علميا لآليات العولمة وتداعياتها السلبية، فأوضح ان العولمة تطلق نوع جديد من الرأسمالية، أقل صناعية وأكثر مالية، قائم على المضاربات، إذ نشهد في فيها مجابهة بين السوق والدولة، بين القطاع الخاص والخدمات العامة، بين الفرد والمجتمع، بين الأنانية والتضامن الاجتماعي .
وباتت السلطة الفعلية فى أيدي مجموعات اقتصادية كوكبية من الشركات التي يزيد وزنها الاقتصادي أحيانًا على وزن بعض الدول، هذه الشركات تلتقي في “دافوس” بالمنتدى الاقتصادي العالمي، لتملي سياستها على المؤسسات الثلاث للعولمة، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية .
ويسهم تحليل بيكيتي في تفنيد أسطورتين يرددهما دائما أنصار النظام الرأسمالي : هما انسياب معدلات النمو، والفصل بين التوزيع والإنتاج الأسطورة الأولي : تقوم علي ادعاء أن ارتفاع النمو الاقتصادي تنساب تدريجيا في المجتمع ليجني الفقراء ثمارها تلقائيا، أثبت بيكيتي زيف هذا الادعاء عبر تحليل اقتصادي - رياضي - إحصائي كشف أن الفجوة ستستمر في التوسع بين الأغنياء والفقراء، ما لم يحدث تدخل لوضع حد لها.
وأما الأسطورة الثانية : التي تدعى الفصل بين عدالة التوزيع وعدالة عملية الإنتاج، وتحصر المشكلة في عدم عدالة التوزيع بمنأي عن الخلل في العملية الإنتاجية، ولكنه أكد ان عملية الإنتاج تشهد تنافس بين قوى غير متكافئة، ومحاباة أجهزة وسلطات لقوى إنتاجية ضد قوى آخرى .
وفى مواجهة المدافعين عن التفاوت مثل روبرت نوزيك (1938 - 2002).الذى يرى أن من تتركز لديهم الثروة يستحقون ذلك لجدارتهم ومهارتهم وقدرتهم علي الإنجاز، في كتابه (الفوضي والدولة واليوتوبيا)، استدعى بيكيتى جون رولز في كتابه (نظرية في العدالة العدالة كإنصاف) الذى أكدا فيه أن عدم عدالة الشروط الاقتصادية والاجتماعية هو المصدر الرئيسي للتفاوت الاجتماعي، كما حسم الجدل حول دور المهارة، والمعرفة، التى تكتسب بسبب القدرات فقط، فكل فرد إذا تحققت له نفس الفرص قادر على الإبداع فى مجال قد لا يملكه أصحاب الثروات .
وفي مواجهة الاعتقاد بأن المجتمع يعيش علي إنجاز قلة، هم الذين تتركز الثروة لديهم، طرح رولز فكرة المجتمع المنظم تنظيما عادلا علي أساس من التعاون، وليس القائم على التنافس بين من يملكون، ومن لا يملكون .
تتبع بيكيتي السلاسل الزمنية لتوزيع الدخل للفئات الأكثر ثراء من واقع سجلات الضرائب، وقابل بين التطور في نصيب الفئات الأغني من الممولين، والتغيرات في الظروف الاقتصادية والسياسية التي مر بها العالم خلال 3 قرون وفى 20 دولة، بالإضافة إلى إطار نظرى .
استخلص فيه من هذا التتبع قانونين الأول : ان تزايد الثروة يكون أكبرفى فترات السلم والاستقرار، وتقل الثروات فى فترات الحروب والأزمات ، وفى قانونه الثانى وجد ان نمو الايرادات الرأسملية يتفوق دائما على معدل النمو الاقتصادى .
ورغم ان الفترة من 1700 إلي 2010، سجل فيها الناتج القومي للفرد علي مستوي العالم زيادة صافية في الناتج بمعدل 0.8٪ بسبب زيادة السكان، وزيادة الإنتاجية، لكن هذا النمو كان ينطوي علي تفاوت بين الدول المتقدمة والمتخلفة، أو بين الدول الاستعمارية والمستعمرات .
فعدد سكان أوروبا عام 1913 كان 26٪ من سكان العالم. وكانت تستحوذ علي 47٪ من إجمالي الناتج العالمي. وبلغت الفجوة بين متوسط الدخل في أمريكا وأوروبا، وآسيا وإفريقيا في عام 1700 نحو 50٪، واستمرت هذه الفجوة في الزيادة حتي وصلت إلي 250٪ عام 1990 .
أي أن متوسط دخل الفرد في الدول الصناعية المتقدمة وصل إلي نحو 5 أمثال متوسط دخل الفرد في آسيا وإفريقيا، علي الرغم من الزيادات الكبيرة في الدخل التي حققتها دول مثل الصين، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، وغيرها.
انتهى بيكيتي إلى عدد من الاستخلاصات، عرضها على الوجه التالي:
1 - تاريخ توزيع الثروة ذا طابع "سياسي". ولا يعود لعوامل اقتصادية فقط، فقد أدت الحربين العالمتين إلى تخفيض حدة التفاوت، ولكن السياسات التي تبنتها حكومات منذ سبعينيات القرن الماضي أدث إلى إطلاق قوى السوق، فتخفيض الضرائب عملت على زيادة حدة التفاوت بين من يملكون ومن لا يملكون .
2 - تقرير منظمة اوكسفام الصادر يناير 2016 يشيرالى ان اغنى 62 شخصا فى العالم يملكون ثروات، تزيد عن ما يملكه 3.6 مليار من الفقراء، ما دفع المفكر الألمانى "هورست افيهليد" الى اصدار كتاب بعنوان (الاقتصاد يغدق فقرا) مشيرا فيه الى ان تحويل النمو الى رفاهة للجميع امسى سرابا لاوجود له على ارض الواقع .
3 -اقتصاد السوق، إذا تُرِك لشأنه، فإنه ينطوي على تهديد للمجتمعات الديمقراطية وقيم العدالة الاجتماعية .
4 -النمو الاقتصادي غير المسبوق، والثورات المعرفية والتكنولوجية لم يمنعا من التفاوت الطبقي وعدم المساواة الاجتماعية في العالم، كما بشرت أكثر النظريات الاقتصادية تفاؤلا بعد الحرب العالمية الثانية .
5 - أثبت أن النظام الرأسمالي لم يعد صالحا لإدارة الاقتصاد، حيث أن العالم الغربي يعود إلى تركز الثروة مثلما كانت فى الفترة من 1871 الى عام 1914، التي عرفت بالظلم الاجتماعي ومستويات الفقر الشديدة . أن الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 تناولتها وسائل الإعلام بمفهومين مختلفين، كأزمة مالية وأزمة اقتصادية. أما التعبير الدقيق فأنها كانت وما تزال أزمة اقتصادية شاملة دفعت إلى مراجعة الرأسمالية كمذهب اقتصادي من زاوية المنطلقات النظرية والممارسات العملية معا‏، ذلك أنه لم يعد أحد يستطيع أن يزعم أن حرية السوق مطلقة‏، أو أن على الدولة أن تكف يدها عن التدخل في الاقتصاد .
وبعد ان شخص المؤلف جوهر قضية عدم المساواة ومستقبلها في القرن الحادي والعشرين، يقدم طرحا للتفكير على الأجيال القادمة، يتمثل في الضغط من أجل خلق إرادة سياسية عالمية، لتحقيق العدالة الاجتماعية، كما توصلت إليه الحكومة البريطانية، لإحداث نوع من التوازن، بفرض ضرائب أكبر على أصحاب الدخول المرتفعة والأغنياء، بدلا من تخفيض الخدمات التي تؤثر في الطبقات الفقيرة، مع تضييق الخناق على المتهربين من الضرائب، سواء كانوا أفرادا أو شركات .
حيث إنه لا يمكن للدولة أن تتبنى أحد خيارين متناقضين: الأول “الدولة الشمولية”، والثاني هو “دولة الحد الأدنى” التي تلغي تدخل الدولة تماماً، فالنموذج المقترح سيكون وسطياً معتدلاً، أو طريقا ثالثا، يقوم على أساس التأليف الخلاق بين دور إشرافي للدولة على مسارات الرأسمالية واتجاهات الائتمان من ناحية، وإطلاق حرية للقطاع الخاص تحت الرقابة من ناحية أخرى.وسيفتح هذا باباً جديداً من أبواب التاريخ قد يطلق عليه من بعد “الرأسمالية المراقبة” .

الكتاب الثانى – الثانى
التقارب التالي . مستقبل النمو الاقتصادي في عالم متعدد السرعات
نظرة متفائلة للنمو الاقتصادى
هذا الكتاب لمؤلفه "مايكل سبينس" أستاذ الاقتصاد فى جامعة نيويورك، حاصل على نوبل فى الاقتصاد عام 2001، يطرح رؤية تفائلية للنمو الاقتصادى، ويتنبأ بتقارب بين البلدان المتقدمة والبلدان الفقيرة ، ترجمة الصديق / حمدى أبو كيلة أحد مؤسسى جماعة تحوتى للدراسات المصرية .
فى البداية يشرح كيف كان النمو الاقتصادى حتى عام 1750 شبه متوقف، متفقا مع ببيكيتى "كان أغلب الناس فقراء، فيما عدا نخبة قلية كانت غنية، ولكن بعد الثورة الصناعية بدأت إنجلترا تشهد نموا اقتصاديا، أصبح مستداما لأول مرة فى التاريخ، وامتد فى القرن التاسع عشر إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا، واستراليا ونيوزيلاند، واستمر لمائتى عام، وانسال بعض منه على أجزاء من أمريكا اللاتينية .
بحلول 1950 ارتفعت دخول تلك البلاد عشرين ضعفا، من 500 دولار إلى 10.000 دولار فى العام، واعتبارا من منتصف القرن العشرين حدث انتشار لنمط النمو المرتفع فى بعض بلدان العالم، وبدأ يحدث تقارب بسبب تطبيقات التطور التكنولوجى .
من أجل توضيح فكرته أخذ يطرح مجموعة من التساؤلات : ما الذى حدث لكى يجعل 60% من سكان العالم تبدأ الالتحاق بعالم الوفرة؟ كيف يمكن تحقيق نمو يقترب من 10% سنويا، بينما كان أقصى نمو فى السابق لا يتجاوز 3% ؟ كم تحتاج دولة فقيرة للتحول إلى دولة متقدمة؟ وهل هناك كوابح تؤدى لإبطاء أو إيقاف النمو المرتفع والسريع؟ .
زعماء ومواطنى ما بعد الحروب العالمية جاهدوا ليصوغوا مدخلا تعاونيا وأبعد عن المعادلة الصفرية للبنية العالمية، فرعب الحروب وما تخلف عنها من دمار ولد أزمات، والأزمات تكون فرصة للتغيير .
من هنا بزغت منظمة الأمم المتحدة، التى كانت اتفاقية (الجات) كمكونا أول للتغيير، بدأت سنة 1947 بتخفض التعريفة الجمركية، التى أدت لتوسيع التدفقات التجارية، وحتى تسعينيات القرن العشرين كانت الجات ناديا للدول المتقدمة، ولكنها تحولت لمنظمة التجارة العالمية، التى فتحت عضويتها لمعظم الدول، وهكذا أصبحت الدول الأصغر والأفقر ممثلة فى عملية وضع وتعديل قواعد التجارة العالمية .
المكون الثانى للنمو هو "الابتكار" بالتقدم التكنولوجى الذى يعمل على زيادة الإنتاجية، بمعنى أنك تستطيع بنفس المدخلات من رأس المال والعمل والمواد الخام أن تنتج مخرجات أكثر، أو ترفع قيمة السع والخدمات .
عن طريق المكونين السابقين، تمكنت 13 دولة من تحقيق نمو مرتفع ومستدام لمدة 15 عاما بمعدل 7% ، فهذا النمو المرتفع المستدام تحقق بفعل انفتاح الاقتصاد العالمى، كما كانت مكاسب التكنولوجيا فى النقل والاتصال تخفض التكلفة، ولكن هناك 180 دولة لم تبدأ فى النمو تحتاج لنقل المعرفة، فالمعرفة تتميز بخاصية أن انتقالها من مكان (أ) إلى مكان (ب) يجعلها ملك الأثنين، هذا ما يحدث فى العالم النامى، خاصة الدول التى أهتمت بالتعليم وتوفير الاحتياجات الأساسية لأكبر قطاع من الجماهير .
أن خلق الثروة المستدامة أصبح شىيأ موجود بداخل الناس :
• فى راس المال البشرى والمعرفة .
• فى التغير الهيكلى المستمر فى الاقتصاد،
• فى نظم المؤسسات الاقتصادية والسياسية التى تسمح بحشد مثمر للأصول .
• الحكم الرشيد أصبح مهم جدا، فالظروف الاقتصادية المواتية ليست كافية وحدها، بدون الديمقراطية .
بعد منتصف القرن العشرين تمكنت الصين والهند من تحقق نمو مرتفع يصل إلى 7%، وهما دولتين يصل مجموع سكانها 40% من سكان العالم، ولأول مرة فى التاريخ نشهد ان نمو الإنتاج والدخل قد فاق النمو السكانى على عكس نظرية مالتس .
واعتقد الاقتصاديون أن نمو الدولة النامية يعتمد على توفر الموارد الطبيعية، ولكن الحال تغير وأصبحت الثروة تتضمن الموارد البشرية التى ارتفعت قيمتها لكى تصبح أساس النمو الآسيوى، فبحلول 1990 كان نمو شرق آسيا يشق طريقه فـ (كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة، وإندونيسيا، وتيلاند) شهدت نموا مرتفعا ومستداما .
ولفرط أهتمام الكاتب بتجربة الصين، شرح بتفصيل هذه التجربة : فعندما قرر "دينج سياو بينج" ومجموعة من الإصلا حيين فى الصين أن يغيروا الاتجاه فى سبعينيات القرن العشرين فعلوا شيئين : أولهما ترك آلية السوق تعمل فى القطاع الزراعى، فسكان الصين فى الزراعة (82%) عندما سمح لهم أن يبيعوا أى زيادة فى إنتاجهم، حدثت قفزة فورية وكبيرة فى الإنتاج الزراعى، ما أدى إلى ارتفاع الدخول وتطور النمو الاقتصادى، حدث تذمر لسكان المدن من ارتفاع بعض الأسعار، ولكنهم كانو 18% من السكان .
الإصلاح الثانى كان طلب المعرفة، فقد أدرك دينج أنهم لا يعرفون كيف يديرون اقتصاد السوق، طلب المساعدة من البنك الدولى، وجاء روبرت ماكنامارا لكى يساعد على التحول، ما طلبه دينج لم يكن رأس مال على الرغم من أنه كان يتحدث مع بنك، ولكنه كان طلب المعرفة .
لقد أصبح الاقتصاد العالمي كياناً مرتبطاً مما كان قبل 40 عاما، فالتدفقات بين الحدود من السلع والمعلومات والبشر ورؤوس الأموال، أصبحت شريان الاقتصاد، والأمان والاستقرار والقدرة على التنبؤ أصبحت متاحة، والانفتاح العالمى أصبح بالغ الأهمية، والأستثمار الأجنبى المباشر قناة لنقل المخزون المتراكم من المعرفة، ويبدو أن عملية التقارب بين الدول المتقدمة والنامية ستستمر، وكذلك سيستمر نمو حجم الاقتصاد العالمي بشكل عام، ويرجع الفضل الأكبر في تحقيق هذا النمو لاقتصاد القطاع الخاص .
ينتقل الكتاب إلى مستقبل النمو ويبحث آفاق استمرار التقارب السريع، بفعل انتشار تكنولوجيا المعلومات، فيلاحظ إن عدد الاشتراكات في الهواتف الجوالة وصل إلى 70% من سكان العالم، وان أغلبية الشباب يستخدمون شبكة المعلومات، ما أتاح لكل إنسان القدرة على الاستفادة من جميع المعلومات التي تمتلكها البشرية. وهذه بالتأكيد ثورة عميقة لتحقيق هذا المستقبل المتفائل .
يأمل المؤلف أن تسود روح البراجماتية والتعاون العالمي، ولنتأمل صناعة معدات الاتصال، التي أصبحت في نمو مستمر بمعدل يتجاوز 15% سنوياً في السنوات القليلة الماضية. ويقترب إجمالي حجم البضائع في مبيعات التجزئة على الإنترنت من تريليونيْ يوان صيني (316 مليار دولار أميركي) وينمو بمعدل 40% إلى 60% سنويا. كما تشهد قطاعات صناعية أخرى عديدة تخدم الطلب المحلي نمواً بمعدلات تتجاوز 10%، وهو ما يشير إلى أن الاستهلاك المحلي بدأ بالفعل يقدم إسهامات أكبر لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين .
ومن الافكار الجديدة التى يطرحها المؤلف أن الاقتصاد العالمي يحتاج إلى "إشراف منسق ومُحسّن"، و"حكومة عالمية كفؤة" وهو بذلك يتفق مع بيكيتى أيضا .
أخيرا يقول المؤلف، نحن نعلم الآن على نحو أفضل بكثير من ذي قبل كيفية تحقيق وإنجاح النمو السريع والمستدام، وهو يبدو واثقاً من أن النمو لن يستمر فقط، وإنما سيتوسع كذلك، وان التقارب بين الدول، والفئات الاجتماعية، وبين الأفراد سيصبح حقيقة .
ما أود التاكيد عليه أن العلماء لا يتخوفون من أختلاف الرؤى، ولكن يطرحون أفكار قد تبدوا متعارضة، كلا منهم يقدم أسانيده بأسلوب علمى، وعلينا ان نستفيد من أختلافاتهم، ونستخدم أساليبهم العلمية فى طرح الأفكار والرؤى .



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقاليد العثمانية فى دولة الخلافة
- اسرانا حتى لا ننسى
- أسلوب عقيم يساهم فى تفاقم ظاهرة الأرهاب باسم الدين
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 5 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 4 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 3 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 2 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 1 من 5
- تعليم المقهورين
- العدالة الإنتقالية .. الحقيقة وحدها يمكنها شفاء كل الآلام 2 ...
- العدالة الإنتقالية .. الحقيقة وحدها يمكنها شفاء كل الآلام
- التقارب التالي .. نظرة متفائلة للنمو الاقتصادى
- حتى لا ننسى : موقف الاخوان من القوى الوطنية
- دور الموارد فى التنمية مقارنة بين البلدان العربية وبلدان جنو ...
- دور الموارد فى التنمية مقارنة بين البلدان العربية وبلدان جنو ...
- دور الموارد فى التنمية مقارنة بين البلدان العربية وبلدان جنو ...
- دور الموارد فى التنمية - مقارنة بين البلدان العربية وبلدان ج ...
- الرؤية
- تجار تنموية ناجحة 4 من 4
- تجار تنموية ناجحة 3 من 4


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - فتحى سيد فرج - عرض كتابان عن النمو الاقتصادى