أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد حبيب المالكي - سؤال الايديولوجيا والهوية العربية















المزيد.....

سؤال الايديولوجيا والهوية العربية


حميد حبيب المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 5367 - 2016 / 12 / 10 - 17:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتداخل المفاهيم والمصطلحات على الفرد البسيط وغير المختص، خصوصا اذا كانت هذه المفاهيم والمصطلحات تحمل الابهام في ذاتها واشكالية حتى بالنسبة للمختصين، لذلك من المناسب البحث لتكوين فهم بدرجة ملائمة لمفاهيم اساسية، فعدم وضوح المفاهيم يشكل خطرا على استقامة الفكر، فالمفاهيم والمصطلحات مكونات اساسية وليست كمالية، في البناء العلمي والنظري وضرورية لتقدم وتطور العلوم لانها توفر قدرا مهما جدا من التجريد المطلوب للبحث العلمي.
لذلك فان عملية التاصيل والتثبيت والتوضيح للمفاهيم ستاخذ حيزا كبيرا من هذا البحث، فالهوية والايديولوجيا هي مفاهيم فيها جدال ونقاش كبير وليست اتفاقية حتى اليوم لكننا سنحاول التركيز على الشائع والبارز من القول فيهما، والهوية العربية نفسها محل جدال حول ماهي هذه الهوية وما محدداتها واطارها واسسها واذا ما كان هنالك هوية عربية بهذا المعنى من الاساس.
لكن التيار العام في هذا الحقل هو ان نسقا على شاكلة النسق الموجود في الدول-المجتمعات العربية هو هوية لانه يمتلك عناصر وسمات يصح معها تسميتها بالهوية، وهذه الهوية وبعد مدة من الزمن على تاسيس الدول القطرية التي اوجدها المستعمر لما بين نصف قرن الى قرن تقريبا، هذه الهوية القطرية لم تستطع ان تحل محل الهوية الشاملة-العربية وما تزال الهوية العربية كثيرا ما يتم تقديمها على الهوية القطرية وهي اكثر رسوخا وتجذرا وثباتا وقوة من الهوية القطرية-الوطنية.
وعندما نتكلم عن الهوية القومية علينا التمييز ما بين القومية كهوية والقومية كايديولوجيا سياسية، القومية كهوية هي مركب اجتماعي ثقافي حضاري سياسي لغوي عرقي تاريخي عاطفي، بينما القومية فهي تيار سياسي- ايديولوجي اضعف تماسكا واقصر عمرا من الهوية القومية.
سنركز في هذا البحث على الجوانب النظرية العلمية والفلسفية بما يخص الهوية العربية والبعد الايديولوجي فيها، القومية التي نتكلم عنها ليست نموذج حزبي او تيار سياسي وانما القومية بمعناها الشامل كشعور وعاطفة وانتماء في حيز اللاوعي قبل ان يكون في الوعي۔

الهوية:
هي جوهر الشيء وحقيقته وهي تميز بين كيان وكيان اخر(فرد، مجموعة) بمجموعة من الخصائص والسمات حسب نوع الهوية ما اذا كانت دينية- ثقافية- وغيرها. ففلسفيا الهوية هي حقيقة الشيء –تاتي من هو هو، والجوهر ثابت هو هو وان تغيرت اعراضه- ثباتا نسبيا- فلا توجد هوية ثابتة دوما، وثبات الهوية هو ثبات الجوهر وان تغير الشكل، كهوية الفرد فهو يبقى نفسه بالرغم من تغير شكله ما بين المراحل العمرية من طفولة لصبا لشباب للنضج للشيخوخة. لغة الهوية مصغر هوّة، اي البئر بعيدة المهواة ((القعر))...العمق . اما ابن حزم وبعملية تعريف الشيء من خلال الاخر او نسبة اليه يقول: كل ما لم يكن غير الشيء فهو بعينه.
اليكس ميكشيلي عرفها ب: مركب من العناصر المرجعية والمادية والذاتية المصطفاة التي تسمح بتعريف خاص للفاعل الاجتماعي. في حين ان ويليام جيمس قال عنها: ظاهرة نفسية اجتماعية تقع عند التقاطع بين معرفة الذات من طرف الانسان نفسه ومن طرف الاخرين.
والهوية ترتبط بالثقافة وتتداخل معها، فالسؤال عن الهوية يحيلنا الى الكلام ضمن الاطار الثقافي، فالهوية تتضمن ذات مفردات الثقافة من عادات وانماط وسلوك وميول وقيم ونظرة الى الذات ونظرة الى الاخر والحياة. لقد تمت دراستها كمحدد لسلوك الافراد ضمن ثورة المدرسة السلوكية خمسينيات القرن العشرين في الولايات المتحدة، وهذا ما يدعونا الى دراسة كل من الهوية والايديولوجيا، لكونهما يحددان ويؤثران بشكل كبير في سلوك الفرد.
يمكن ان، وغالبا، تتعدد الهويات للفرد الواحد او المجموعة( دين، عرق، طائفة، تيار او ايديولوجيا، قبيلة، دولة، جهة جغرافية، طبقة...) ولا مشكلة بذلك فهذه هي الحالة طبيعية، لكن الخطر هو بتغليب وتقديم الهويات الفرعية على الهوية الشاملة الجامعة والموحدة، الوطنية او القومية، وبحسب علماء الاجتماع فان الهوية العرقية هي الاقوى لكن هذا تراجع في كثير من الدول المتقدمة، ان دولا مثل المانيا وفرنسا قامت على اساس عرقي، بينما دول مثل سويسرا قامت على اساس مصلحة وتاريخ تجاوز العرق والدين واللغة.
ان تكوين الهوية فعل اجتماعي يتم عبر اجهزة ووحدات المجتمع كافة ومؤسسات الدولة، اسرة وقبيلة وحي ومؤسسة دينية، اعلام ومدارس ومناهج وجامعات وغيرها. تقوم الهوية بتوجيه تصورات الفرد واختياراته ومن هنا يرى بعض العلماء ومنهم مانهايم انها ليست وهما لانها فاعلة ولها اثار حقيقية.
خليل نوري في كتاب الهوية الاسلامية يقول ان هوية الامة الاسلامية تعني :
الايمان بعقيدتها ((عقدي)).
اعتراف بالانتماء لها ((عاطفي)).
احترام قيمها الحضارية والثقافية ((رمزي)).
الشعور بالتميز والاستقلالية ((حدود الهوية)).
وبالربط بين الهوية العربية والاسلامية تكون: جوهر وحقيقة وثوابت الامة العربية التي اصطبغت بالاسلام منذ ان دانت به غالبية هذه الامة، ويشمل عاداتها وتقاليدها واعرافها وادوارها وفنونها وعلومها ومعاييرها ونظرتها الى ذاتها والى الكون.
فمكونات الهوية الاساسية هي: اللغة، الدين، العرق، التاريخ، المصالح، المصير المشترك. ان هذه المكونات جميعها موجودة ومؤثرة بقوة في الهوية العربية، فتراكمت وتطورت وترسخت عبر التاريخ، ولا يظن البعض ان دور التاريخ ضعيف لانه قوي في كثير من البناءات الفكرية والذهنية ومن بينها الهوية، يقول هيغل: لا يعني التاريخ مجرد الماضي الموروث، بل منطق الاحداث ومحركها الباطني.
بحسب الانثروبولوجيا فان العرب هم من الساميين وقد انطلق الساميون الى الوجود من منطقة ما في الجزيرة العربية وسطها او غربها، وتشمل العرق السامي الى جانب العرب، الاراميين والاموريين، من الفينيقيين والكنعانيين والاشوريين والسريان والكلدان والاكديين والعبرانيين۔
فالعرب هم اصحاب الارض الاصليين ولم تعرف جزيرة العرب سكانا لها غيرهم طوال تاريخ الاستيطان البشري فيها، وهذا نادرا ما تجد شبيها له في باقي اصقاع الارض، وهذا يعني ان لغتهم وعاداتهم وتاريخهم وحتى دينهم هو وليد هذه الارض نفسها، وجد بها واستمر عليها، اي لم يكن اي من هذه النتاجات بمعزل او وجد خارج هذه البيئة لذلك نجد ارتباط العربي بارضه قوي جدا رغم ان معظم هذه الارض صحراء جرداء.
الميثولوجيا العربية والرموز والعناصر الحضارية والتاريخية والثقافة كلها نتاج هذه الارض ومتصلة بها اي وليدة نفس البيئة ولم تكن مستورة او وافدة من بيئة اخرى.

الايديولوجيا:
ليست الايديولوجيا مفهوما عاديا يعبر عن واقع ملموس ليوصف وصفا شافيا، وهو ليس مفهوما متولدا عن بديهيات فيحدّ حدا مجردا، وانما مفهوم اجتماعي تاريخي، لذلك فهو يحمل في ذاته اثار تطورات وصراعات ومناظرات اجتماعية وسياسية عديدة، مفهوم شبيه بمفهومي الدولة والحرية. فالايديولوجيا ترادف منظومة فكرية، عقيدة، ذهنية، الا انها كلها ليست شاملة ولا تعطي الا معنى واحد من معانيها.
فهي الفكر "المغرض" الهادف وما يرتبط به من اختيارات سياسية وغيرها . وهي منظور شامل ومنهج متكامل وبعد نظري. ايضا هي موجه ومحدد ومرشح لاختيارات الفرد بناءا على عناصر مرجعية ذهنية كونتها الايديولوجيا التي يتبناها الفرد. فهي تتعلق بما هو ذهني وبالمتخيلات والتصورات مما يرتبط بالدولة والسياسة والمجتمع والثقافة والهوية. اذن هي تغطي جانبا كبيرا من مجالات الفكر والسياسة والفلسفة والتمثلات الاجتماعية.
يراها البعض على انها قناع على العقل- الاختيارات بينما يراها اخرون على انها افق ذهني يصعب على المؤدلج ان يقفز فوق حدوده، فتكون المنظار الذي ينظر به لذاته ولمجتمعه وللكون. فالمؤدلج لا يبحث عن حق او باطل وخطأ او صواب، وانما يبحث عن تبريرات وتفسيرات توافق ايديولوجيته.
كارل مانهايم قال عنها انها وعي زائف، لكنه عدها منظومة فكرية فعالة في الميدان السياسي لو اخذت بمعناها الضيق،، وتسيطر على اذهان منتجي الثقافة لو اخذت بمعناها الواسع، وهو يرى انها واليوتوبيا تشتركان بكونهما تبتعدان عن الواقع وتعجزان عن ادراكه، والفرق ان الايديولوجيا لها تطبيق وانطلقت من واقع بينما اليوتوبيا خيال. اما من اعطى الايديولوجيا اهمية كبيرة فكان كارل ماركس وتناولها بشيء مهم من البحث والتفسير والتنظير.

تنقسم الايديولوجيات الى قسمين: فهي اما اصلاحية او تبريرية، اما اهم الايديولوجيات المعاصرة فهي الاسلامية، القومية، الليبرالية، الماركسية.
عبدالله العروي في كتاب السنة والاصلاح يعدد اربعة حضارية كبرى هي :
ميثولوجيا----- الاغريق.
ميتافيزيقيا-----المسيحية، الاسلام.
ثيولوجيا------دول على اساس ديني (كبعض الدول الاسلامية والمسيحية).
حضارة العلم غير المكتملة.
اما لو سالنا ما غرض الايديولوجيا يكون الجواب اجمالا هو: تحقيق السعادة، الخير والفضيلة، الاصلح، فالماركسي يرى ان ايديولوجيته هي من تحقق ذلك من خلال القضاء على الطبقات وتحقيق حكم البروليتاريا، والاسلامي يرى تحقيق ذلك من خلال تطبيق الشريعة واحكامها وهكذا باقي الايديولوجيات.
لا ينفرد الانسان الا بنسبة ضئيلة من النفسانية الفردية، اما القسم الاكبر منها فهو نفسانية جماعية مشتركة، طبقة- دين- عمل ... هذا ما ذكره سيغموند فرويد.
فالايديولوجيا العربية هي نسق كلي عام ومعطى فكري قائم، يقول سمير امين ان العرب ليسوا ظاهرة سلالية والعالم العربي متنوع وموحد بعمق معا، لقد كانت انطلاقة العرب نحو الحضارة ونحو العالمية ونحو دور كبير في العالم مترافقة لانطلاقة الاسلام من مكة، فالتاريخ واللغة والعادات والتقاليد والمصالح ترتبط بشكل وثيق برابط يجمع العروبة بالاسلام، ان انطلاقة الاسلام من مكة كان فيه نوع من الحتمية، حتمية نضوج الظروف وتوافرها لانطلاق هكذا دعوة فيما لا توجد نفس الظروف المؤاتية في اي مدينة من مدن الجزيرة القديمة كالطائف واليمامة وتبوك وتيماء وغيرها.
لقد تداخلت الحدود ما بين العروبة والاسلام منذ البدء، وانطلقت دعوة الاسلام بانطلاق العرب خارج الجزيرة العربية فكانوا مادة الاسلام ونقلته والحفظة له، ومع هذا الانتقال والتوسع والتمدد كان لزاما ان تنتقل العاصمة للدولة العربية الاسلامية من المدينة لان المدينة كقاعدة اصبحت بعيدة عن مسرح العمليات وتفصلها الصحراء عن الامصار العربية الاسلامية الجديدة، مصر وبلاد الشام والعراق وبلاد فارس، فانتقلت الى دمشق وعندما تحول التوسع نحو الشرق انتقلت العاصمة للشرق الى بغداد، فالقاهرة (عاصمة الفاطميين).
ان الثقافة في المدن داخل هذه الدولة كانت ثقافة اسلامية وسادت اللغة العربية بينما ظلت اللغة العربية والثقافة العربية اضعف بكثير في الارياف والفيافي، وهذا ما يراه امين سببا بانسحاب الثقافة العربية و من المدن في بلاد فارس وبلاد الترك والعربية والاسلامية من الاندلس، لان المدن وسلطتها العربية سقطت فسقطت معها الثقافة العربية و/ او الاسلامية معها بينما لو كانت قد تغلغلت في الريف لكانت ثبتت.
مع ذلك فان بعض الغزاة الذين اسقطوا الدولة الاسلامية، اسقطوا مدنها عسكريا، لكنهم تاثروا بها ثقافيا وفكريا لذلك اسلم المغول ودخلوا ضمن المنظومة الثقافية الاسلامية عكسا من ان المشهور هو ان ثقافة الغالب هي من تسود، اما العثمانيون فقد حكموا معظم الارض العربية تحت يافطة حكم او خلافة اسلامية وهذا ما تقبله العرب الى حد كبير ورأوا فيه نهضة ونفضا لغبار العصور المظلمة التي اعقبت سقوط بغداد 1258م.
الا ان ما بعد منتصف عمر الدولة العثانية ظهرت تزعات جديدة داخل هذه الدولة وفي طريقة حكمها، وهي نزعة الامة التركية وسياسة التتريك، كانت هذه الموجة متاثرة بما يحدث في اوروبا وصعود نجم القومية، ان رفع العثمانيين الغطاء الاسلامي عن انفسهم وارتداء غطاء جديد قومي تركي عنى الافتراق والاختلاف مع العرب، من هنا فان العرب بدأوا حينها بالبحث عن الذات والهوية.
لكن الطامعين لم يمهلوا العرب، فقد تقاسموا املاك الدولة العثمانية خصوصا مابين فرنسا وبريطانيا، وهاتين سعتا لتفتيت ارض العرب والحيلولة دون اقامة كيان دولة عربية موحدة. ان تقسيم المستعمرين للدول العربية لم يقم على اسس موضوعية ولا تاريخية ولا جغرافية ولا عرقية ولا دينية ولا حضارية ولا ثقافية، وانما على اساس ما يخدم مصالح المستعمر، لذلك نرى اكبر نسبة من الخطوط المستقيمة للحدود في العالم هي في المنطقة العربية، في حين ان الحدود بين العرب وباقي الامم المجاورة كالفرس والترك والزنج والاوروبيين هي حدود واضحة ومميزة، موانع وفواصل طبيعية كجبال زاجروس وجبال طوروس والبحر المتوسط والصحراء الكبرى، واختلاف لغوي وثقافي واضح.
اما الاقليات داخل الجغرافيا العربية فقد اندمجوا مع العرب خصوصا من اسلم منهم كالكرد والبربر، واصبحوا بشكل من الاشكال ضمن المنظومة الثقافية العربية، والتي كما اسلفنا لا يمكن فصلها عن الهوية الثقافية الدينية الاسلامية.
هنالك سمة مميزة في الدول القومية في اوروبا هو ان هذه الدول متمركزة سياسيا واداريا حول نواة معينة توحد تلك الدولة القومية، هذه السمة غير موجودة في الدول القطرية العربية، فهي غير متمركزة بهذا الشكل وهذا التمايز، فالثقافة العربية تتشابه بشكل كبير ما بين الدول العربية.
وحافظ القران على استمرار اللغة العربية على الرغم من وجود لهجات محلية لكن اللغة المعتمدة رسميا للدول العربية هي العربية الفصيحة، اما اللغة الرومانية فقد تمايزت وانقسمت لعدة لغات كالايطالية والاسبانية والفرنسية، لكن خطر اللهجات يحدق على العرب اليوم لان هناك تيارات وجهات تسعى لتغليب اللهجات المحلية على حساب الفصيحة المشتركة، وهذا على علاقة بتضخيم شأن الثقافات الفرعية على حساب الثقافة- اللغة الجامعة، الخليجية والفرعونية والمغاربية وغيرها.
لقد قامت عدة تحركات قومية وتمكنت من تسلم الحكم والسلطة في دول كمصر والعراق وسوريا، لكن هذه النظم فشلت في تحقيق شعارها بوحدة الاراضي العربية، ومن الانصاف ان لا نلقي باللائمة كلياً على القومية كفكرة وانما يتحمل جزء كبير منه نوع التطبيق والتوظيف السياسي لها.
مع هذا فان هناك اختلاف جوهري ما بين القومية الاوروبية والقومية العربية، يكمن هذا الاختلاف بكون القومية الاوروبية جاءت كردة فعل على سيطرة الدين والمشاكل التي عاناها الاوروبيون من ذلك، لذلك تحالف الملوك مع حركات اصلاحية وبعض النخب والطبقات للتخلص من هذا الواقع، اما العرب فليست لديهم تلك التجربة السيئة مع الدين ولم يعانوا من سيطرته او ظلمه، ولتداخل ذكرناه وتغلغل للدين بالعروبة فتشبع احدهما بالاخر.
ان المسلم غير العربي يمكنه ان يفصل اسلامه عن قوميته لكن العربي من الصعوبة بمكان عليه ان يقوم بعملية فصل، وفعليا اين المشكلة بالتمسك بالتراث والموروث السليم؟ فتركه يعني ضياع الهوية، وليس بعيد عن ناظرينا كيف ان هنغاريا رفضت توطين لاجئين خوفا على هويتها المسيحية، وفرنسا تصدر تشريعات تحاول من خلالها الحفاظ على هويتها العلمانية.
ان تبني تركيا للطورانية ابعدها عن الاسلام بينما الكتابات القومية قربت من هم ليسوا مسلمين من الاسلام كميشيل عفلق، ، فالقومية اشبه بالاطار العام الذي يعبأ الاسلام محتواه الداخلي وليس العكس كما يتخيل البعض من ان الاسلام هو من صاغ العروبة، فالعروبة سابقة للاسلام.
فالعروبة ليست هوية عرقية او عنصرية وانما هوية ثقافية، وهذا ما صهر ابن المقفع وسيبويه ومصطفى جواد ونوري السعيد في ذلك المستوعب الثقافي المتقبل والجاذب والكبير. ان معظم القيم العربية قبل الاسلام قد تسربت الى الاسلام واصبحت من ضمن محتوياته واقرها الاسلام فقال الرسول محمد ان خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام وعنى الاخيار اخلاقيا.
العروي في الايديولوجيا العربية المعاصرة ينطلق من السؤال التالي والذي بناءا عليه انقسمت النخب العربية، ما سبب نهضة اوروبا؟ والجواب هو بحسب كل تيار من هذه التيارات :
اولا: التنظيم السياسي (يرجع نهضة اوروبا الى رجل الدولة والقانون وفصل الدين عن الدولة والقيم الليبرالية والديمقراطية، من اشهر دعاة هذا الطرح احمد لطفي السيد).

ثانيا: النشاط العلمي والصناعي (ويرون ان العلم هو من احدث النهضة في اوروبا، لذلك يدعو انصار هذا الطرح الى تبني التقنية ومنهم سلامة موسى ومهدي بنبركة).

ثالثا: العقيدة الدينية ( بأن سبب ما نحن فيه هو البعد عن الدين وعن قيم الاسلام وتطبيقه كمنهج متكامل في الحياة والسياسة، من دعاة هذا التيار الامام محمد عبدة وجمال الدين الافغاني).

العروي وبشارة تحدثا عن كون اشكالية الدولة في الوطن العربي هي اشكالية ايديولوجية بامتياز ، فيرى العروي غياب ايديولوجيا الدولة وان ما موجود هي ايديولوجيات طوباوية، وعزمي بشارة يقول ان الدول العربية اضعف من ان تكون شمولية وتفتقد الى الايديولوجيا، الا اذا اطلقنا تسمية ايديولوجيا على هذا الخليط من الارهاب والبراغماتية السياسية والخطاب الذي يشتمل جمعا من الحداثة والاسلام والشعبوية.
بغياب الدولة الامة في الوطن العربي يبقى السوال قائما، ما الاساس الذي قامت وتقوم عليه الدول العربية القطرية؟ ديني، وطني، ايديولوجي، قومي، تاريخي، مصلحي؟ وهي براينا ليست اي من ذلك .
اما ابرز التحديات التي تواجه الهوية العربية فهي :
*العولمة والغزو الثقافي الغربي فالعولمة اثبتت قدرة فاعلة على تذويب الهويات.
*النظم السياسية العربية وصراعاتها البينية وهوية الدولة القطرية.

*تنوع الايديولوجيات للافراد، قومي، ماركسي، اسلامي، ليبرالي.
*الهويات الفرعية الضيقة وتغليبها على الهوية الشاملة والموحدة.



#حميد_حبيب_المالكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة والتنمية
- عن الحرية
- التحديات التي تواجه الدولة العراقية
- المواطنة
- نقد الديمقراطية
- التنمية والعولمة
- تراجع شرعية النظام السياسي في العراق
- التراجع في شرعية النظام السياسي العراقي
- لماذا يستفحل الأرهاب والجماعات المسلحة في الأنبار من جديد
- الحداثة والكلاسيكية في أستخدام المنهج التأريخي لدى الباحثين ...
- التلازم ما بين الحضارة والمدينة
- شيعة العراق بين مطرقة العرب وسندان أيران
- أحكام الأعدام في العراق والأمم المتحدة
- البراغماتية الكردية
- الطرز المعمارية..عوامل مؤثرة وأستجابات
- العراق ودول الجوار
- الرياضة العراقية تضيع بين الفساد والسياسة
- الطموح والخيال في فكر القاعدة
- حول مارتن لوثر وحركته وأثرها السياسي
- النظام الرئاسي بوابة لحل معضلة العراق


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد حبيب المالكي - سؤال الايديولوجيا والهوية العربية