أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - البنت التي طارت عصافيرها.. أقصوصة














المزيد.....

البنت التي طارت عصافيرها.. أقصوصة


نقوس المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 5366 - 2016 / 12 / 9 - 15:49
المحور: الادب والفن
    


بلا عقد ولا فاتحة ولا زغاريد، أخذ بيدها.. لم تنبس أمها بكلمة، اكتفت بتقبيلها، ثم شيعتها بالألم القاسي والعبرات والقلب المعنى، بعد أن دست في أذنيها دزينة من الوصايا عن الطاعة والنظافة وآداب الجماع..
لم تأخد في يديها متاعا ولا في جيدها ذهبا كالعرائس..
ولم تخضب جديلتها بحناء
ولم، ولم، ولم
بطن ناقص يقي من مصاريف زائدة
- استريها يا ولية.. صاح الرجل
فنضَّت المرأة عنها عباءتها الكحلية
ودثرت البنت من فوق ومن تحت
ومشت تتعثر في أطرافها
خائفة ووحيدة، وتائهة، وذاهلة، وطفلة كانت، لم تنهد، ولم يجر ماء الأنوثة في المجريين الصاخبين، حبتا قمح على جلد ناشف فوق صدر ضامر على قفص من العظام الناتئة، وكنوز مفاتنها لَم تبرز بعد، ولا سال عسل الغواية على محاسنها، وكأَن الرب الإِلَه لَم يود أن يفتنها، وهي بنت ثلاث وعشر، لا تزال تداعب ملائكتها البريئة بأصابع ناعمة وروح مطمئنة.. وتلعب الغميضة بعيون مفتوحة، وتتهجى أسماء الأشياء الحسنى، قبل أن يعابثها القدر العبوس، ويستخلصها من حضن صويحباتها عدو الله الآفلة شيبته العصية الرجيمة على الستين، ليخرب ما فاض عن أحزانها وخيباتها الباقيات
يا لقلب أمها!!
بخطوات من أدركته الحاجة كان يغد السير إلى جحره، وكأنه يجرها إلى حتفهاـ فتتملص من يده وتتخلف، تلتقط حجرا، تلعب الحجلة، أو تجري وراء فراشة آبقة، فينهرها بعنف، فترتعد، فتجري إليه، فتمسك بيده، محتكة به، متمسحة بطرف دشداشته المتسخة
وقبل أن تبتلعهما الثلة، التفتت رامية بنظراتها الحسيرة وقلبها الكظيم على الخيام الساهمة تحت صهد الظهيرة، فيما يتهادى من بعيد بعيد أنين ناي شجي حزين
ثم بكت...
وعلى حصير بارد في حجرة باردة جلست، وعرير صرصار يضل طريقه إلى مسامعها فيزيد من خفقان قلبها، وصوت الكافر يتردد بأدعية وكلام مبهم لا يبين، ويرسم ابتسامة خبيثة غامضة لا اثر لرحمة فيها، بينما تحاول أن تفر بعيدا بخيالها الصغير إلى هناك، حيث أمها المسكينة المعذبة تناجي السماء، وتخفي نشيجها المكتوم. وحيث الحمائم تستظل تحت العريشة الظليلة، وحيث القبرات تنط على أفنان الشجر المتداغل
جفف وجهه. كانت عيناها تراقبانه بانكسار وذعر، ونظراتها ترجوانه ألا يقترب. مشط لحيته الكثة، وصب قطرات عطر في كفه ممرا إياها فوق رقبته وخديه وأذنيه ثم نظر إليها بخبث كاشفا عن أسنان منخورة متفرقة ومدببة. اقشعر بدنها وشعرت بالاشمئزاز والتقزز. جلس بقربها، أمسك ذراعها بقوة، وقال لها: "اقتربي". لم تكن تعرف ما سيجري لها، بل لم تكن تدري ما تفعل، ولما جاءت؟.. أحست بخطر قريب، وبخوف داهم يشل أوصالها، ويسري في دواخلها إحساس غامض بالخوف. فابتعدت عنه، صفعها على خدها قائلا: "قلت لك انت لي، وسأفعل بك ما أشاء". عرفت أن لا خلاص لها، وأنه لا محالة سيأخذ ما يريد، ولم يكن جسدها الضئيل يحتمل المزيد من الضرب، أرسلت نظراتها الكسيرة سابحة في زرقة السماء الشاسعة الممتدة في البراري والحقول، قبل أن يغلق الباب وتحل عتمة خفيفة بددت النور الجاثم على ركام الغبار والذباب، أحست بيديه الثقيلتين الباردتين تحملانها، وتقتحمان بخشونة طراوة ظهرها النحيل، أحست بقشعريرة، واجتاحتها رغبة بالتقيؤ، أو الهروب. ألقت برأسها المنهك على الوسادة واستسلمت، حين عراها وكشف عن محاسنها، حز الذل والألم جسدها الصغير، وفغرت فاها، ليس من خوف، وإنما من الدهشة، لأنها لم تستطع أن تصدق ما سيحدث أمام هذه الحركات المريبة الغريبة الشديدةَ العبث. ولم يكن أمامها من بين القناعات البدوية المكتسبة، والحيل الضرورية الراسخة، سوى البكاء، ثم بكت.. بكت في صمت جسور، وتمنت أن ينتهي كل شيء بسرعة.. عضت على شفتها السفلى، وغمَّضَت عينيها، وشهقت بقوة، في تلك الأثناء التي اضطربت خلالها المحيطات، واصطفقت الأمواج، وطارت أسراب السنونو، وجفلت الخيل في مرابطها، وتفرقت الفراخ فزعة من شبح باز لاح في الأعالي، ووسط بركة من الدماء الساخنة التي تنز من ينبوعها، أخذ يقضم حلمتي صدرها الضامر، ويعض على شفتيها اليابستين، ويلوك لحمها، ويفترسها بوحشية وسادية لا توصف



#نقوس_المهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصورون أشقاء الشعراء
- تقديم مجموعة -في انتظار حَبّ الرّشاد- لسعيدة عفيف
- عن الكتابة والملامح الإنسانية في المجموعة القصصية - الحذاء ا ...
- سهرة مع الثعابين
- تجليات الخطاب الصوفي في رواية قرية ابن السيد للروائي المغربي ...
- الحمرية - أقصوصة
- ظاهرة التشرميل بالمغرب
- الأدب المهجري تاريخه خصوصياته ومظاهره
- -ذكريات سرمدية- للشاعر عبد اللطيف بحيري قراءة في العتبات
- هل هي بداية خريف الحركات الاسلاموية في العالم العربي
- ترجمان الأرباض الهامشية - تأملات في تجربة ذ. علي أفيلال
- ترجمان الأرباض الهامشية - تأملات في تجربة ذ. علي أفيلال
- -وشوشات مبعثرة- ليلى مهيدرة - قراءة في الانساق
- ترنيمة لمفاتنها
- حقوق الإنسان باليوسفية.. الواقع والآفاق
- أعض على أناملي ثملا بالفجيعة
- قراءة في رواية الطريق الى الملح للمبدع عبد الكريم العامري
- أكبادنا عشب هذا الربيع.. وقصص أخرى
- مخامرات عباس الرابع
- أوطان آيلة للسقوط


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - البنت التي طارت عصافيرها.. أقصوصة