عبدالله محمود أبوالنجا
الحوار المتمدن-العدد: 5366 - 2016 / 12 / 9 - 15:49
المحور:
الادب والفن
كانت ليلة عاصفة . . المطر ينهمر من حوله على الطريق الصحرواى كالشلالات . . قصف الرعد يصم أذنيه . . رغم أنه قد أغلق زجاج نافذة سيارته . . شعر بنشوة سحرية عجيبة، وهو يرى مسَّاحات الزجاج الأمامى تشتت خيوط المطر بقوة وإصرار . . كان البرق يزيده نشوةً كلما سطع وميضه الخاطف فى جو الصحراء من حوله والسماء من فوقه . . العجيب أنه فى تلك الليلة ، رأى الطريق يكاد يكون خالياً من السيارات ، على غير العادة ! شعر بروح متحدية تهتف فى أعماق ذاته ، بأن يزيد من سرعة سيارته . . ضغط بقدمه على دواسة البنزين . . زمجر المحرك بقوة . . فجأةً رآهما أمامه يسدان عليه الطريق . . أحدهما على يمين السيارة ، والآخر على يسارها . . لم يرَ منهما فى البداية غير أصابع كفيهما ، التى قبضت على مقدمة السيارة بقوة هائلة ، فأوقفاها فى مكانها ، وكأنها دمية صغيرة ! فى لمح البصر ، وجد نفسه ملقىً ككومة القش فوق الرمال ، لا يستطيع حراكاً ، وهما واقفان بجواره يحدقان فى وجهه . أحدهما على يمينه ، والآخر عند قدميه . . طول الواحد منهما ستون ذراعاً . . تحيط بجسد كلٍ منهما هالات من الضياء الأرجوانى، الذى يخطف الأبصار . خاطبه الذى عند رأسه ، بصوت لم تسمعه أذناه ، لكنه تردد فى جنبات جوانحه قائلاً :
- يؤسفنا كثيراً أننا تركناك تواجه قدرك وحيداً على هذا سطح هذا الكوكب البائس !
هتف الذى عند قدميه :
- لكننا جئناك خصيصاً ، لكى نعوضك عن كل خيبات الأمل التى عصرتك آلامها على سطح هذا الكوكب البئيس .
تحشرج صوته خارجاً من أعماقه، دون أن يفتح فمه :
- لم أكن أطمع فى أياً مما يطمع فيه بنى جنسى . .
لحظات صمت طفيفة تنقل ببصره خلالها بين وجهيهمها ، ثم أردف :
- كان أملى الوحيد هو أن أعثر على الإنسان . . لكننى . . لكننى . .
فى صباح اليوم التالى ، أوردت صحيفة اليوم السابع الخبر التالى على الصفجة الأولى من عددها الورقى : تحت عنوان عريض [ مصرع الفنان " . . . . " فى حادث سيارة مُرَوِّعْ ] ، وجاء فى تفصيلات الخبر : « لقى الفنان المبدع " ....... " مصرعه فى حادث سيارة مروع ليلة أمس ، على طريق الاسكندرية - القاهرة ، بينما كان عائداً من تصوير آخر المشاهد الخاصة به فى آخر أفلامه . . . . . . . . . . .
قصة قصيرة بقلم / عبدالله محمود أبوالنجا
#عبدالله_محمود_أبوالنجا (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟