حاجة اليمن الى روح وطنية جديدة

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي
(Fuad Alsalahi)

الحوار المتمدن-العدد: 5366 - 2016 / 12 / 9 - 09:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

في سياق مجتمعي تكالبت فيه قوى مناهضة للتغيير والدولة المدنية واشعلت فيه حرائق متعددة وكان للخارج الحليف لطرفي الصراع دورا كبيرا في مزيد من الحرائق هنا تكون الحاحة ذاتيا وموضوعيا الى روح وطنية جديدة تتجاوز الروح المهزومة والمنكسرة والروح.. الانتهازية التي لاتؤمن بالوطن وتعلن رفضها لمنهج العبث السياسي وتعميم الفوضى من أجل استملاك الدولة كغنيمة من طرف كان خارج اللعبة السياسية وتقاليدها وممن كان حاكما لسنوات عدة وممن جاء للحكم بعد انتفاضة شعبية أرادت التغيير السياسي.. جميع هؤلاء مسؤلون عم ال اليه حال اليمن وجميعهم غارقون في استدامة الفوضى والعبث السياسي كسياق يرونه مناسبا للمساومات في تقسيم الحصص والغنيمة التي يعبر عنها الاعلام باسم الحوارات والمفاوضات السياسية.. اليوم الفوضى والعبث والتدمير شمل كل اليمن والمعانات يئن منها كل مواطن وكل أسرة عدا المستفيدين من الفوضى وتجار الحروب وهم قلة دوما .
الروح الوطنية التي ندعو لها واراها تتشكل ببطء في الداخل اليمني من خلال شباب تبلور وعيه وطنيا وسياسيا خلال زمن قصير وفق تجربة النضال في الميدان ووفق المعاناة اليومية والاهم بعيدا عن بؤس الاحزاب وقياداتها مع ادراك هؤلاء لبؤس وبلادة الاداء الحكومي هنا تتبلور روح وطنية لامجال معها للمذهبية والجهويات ولا للماضويات ..افكار وايدولوجيا... ناهيك عن ادراك هذه الروح الوطنية لعدوان الخارج ومخاطره على حاضر ومستقبل اليمن ..وما ينقص هذا التبلور الجديد هو غياب الدعم الواسع شعبيا ونخبويا لان الصراع الراهن جعل الكثرين في مواقف متأرجحة لاحسم فيها وفقا لبراجماتية الموقف والسلوك في اطار غياب الامن بل والاحساس به والخوف من الاعلان عن مواقف يتم حسابها ضدا من معيشة ومصالح الأفراد..
دائما الروح الوطنية في اي بلد تتطلب فلسفة سياسية ترتبط بالموروث الثقافي لأنها تبحث فيه عن ومضات من تجلي تلك الروح وهي ومضات كثيرة في تاريخ اليمن القديم والحديث والمعاصر .كما تبحث عن ما تكتسبه معرفيا من فلسفات الآخرين وتجلياتها في نزعات وطنية متعددة .ولأن الوطنية اليمنية أضحت فلسفة وجود لليمن واليمنيين فإن محاولات العبث باستملاك السلطة لإعادة نظام سابق هو أمر معادي للوطنية اليمنية ..فهذه الأخيرة بلورت شخصية يمنية عرفها العالم كله من خلال ثورة سبتمبر ونظامها الجمهوري وانتفاضات الشعب ودائبه في النضال نحو دولة مدنية لامجال معها لمراكز القوى المتخفين بواجهات متعددة ..
حتما ستتشكل يمن جديد لا ترتهن للخارج ولا ترتهن لنزق سياسي وبؤس فكري يمجد المغامرات التي تجعل اليمن ساحة لحروب الآخرين ..في هذا السياق يظهر الاتجاه نحو تعويم الازمة اليمنية ..من خلال تعدد التدخلات في المشهد السياسي والميداني ومن خلال غموض كثير من الممارسات والقرارات السياسية التي لاترتبط بخيار عقلاني واضح من قبل الشرعية وسلطة صنعاء .. ويرجع ذلك الى مراكز قوى محلية لاتريد ان تخرج من المشهد الا بارباح وحصص كبيرة لها وحلفائها ..
ومن هنا لاحسم للمعارك رغم ممكنات تحقيق بعضها ولا حسم في اقرار توافقات رغم تعدد الوسطاء ووضوح الاهداف لاطراف الصراع .. فهناك من ينقل الازمة من سياقها السياسي الوطني الى سياق مجتمعي لتبدو انها ازمة مجتمع بتناقضاته الجهوية مع ان بداية الازمة ارتبطت بالسلطة وتجريفها لصالح اطراف لم توافق على ترتيبات سياسية اعقبت انتفاضة شعبية واسعة ..فالانتقال من السياسي الى المجتمعي ومن الوطني الى العصبوي ومن الداخل الى الخارج هو مانشير اليه بالتعويم للازمة ..وكان النظام قبل 2011 يعتمد هذا السلوك لاظهار الازمات والمشكلات كنتاج للمجتمع وبعض اطرافه وليس نتاج للنظام والسلطة في فشلها اعتماد رؤية وطنية في الادارة السياسية .واليوم يغيب الوطن وتغيب السياسة لتظهر العصبويات بصورتها المعادية للدولة والمجتمع والمتقاربة مع الخارج ضدا من الاخ في الداخل ..هنا توسع حضور الخارج ليلعب بارواق متنوعة ماليا وعسكريا واعلاميا ودبلوماسيا فغاب الداخل اليمني الذي تحول الى ظل للخارج وصدى لصوته ايضا ..
صفوة القول . ..بعض الوقت ماتحتاجه روح اليمن الجديد حتي يعود الوعي ويتجلى في تعبيراته فرديا وجمعيا رافضا للفوضى والتدمير والمحاصصة جاعلا من الدولة والمواطنة والمدنية ايقوناته في النضال الشعبي والوعي السياسي. قهذه الروح اهم ايجابية للربيع اليمني او الانتفاضة الشعبية ومعها لن يستكين الشعب تجاه اعادة انتاج نظم شمولية او تسلطية او مناهضة التطور والحضارة .. ؟!

#فؤاد_الصلاحي (هاشتاغ)       Fuad__Alsalahi#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل