عائد من مؤتمر علمي (3) ... بورتريه وانطباعات

العربي عقون

الحوار المتمدن-العدد: 5351 - 2016 / 11 / 24 - 22:11
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

بمبادرة من جامعة صفاقس عاش قسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية فعاليات ندوة علمية جمعت ثلة من ألمع الباحثين الأكاديميين من بلدان الشمال الأفريقي ومن ايطاليا وفرنسا ، لمناقشة موضوع بعنوان : من سرت الكبرى إلى سرت الصغرى : تنقل الأشخاص والممتلكات والأفكار عبر التاريخ .http://www.uss.rnu.tn/intranet/actualities/file_actualite/syrte.pdf
وكما هو واضح من العنوان فإنّ علاقات التأثير والتأثر في العالم المتوسطي هي صلب الموضوع بحيث ظل الساحل السرتي بوابة ونقطة التقاء وتبادل في الاتجاهين من أفريقيا وإليها على امتداد القرون في السلم والحرب ولأن الندوة اختير لها هذا العنوان فقد وجد المنظمون المجال الأنسب لإدراج كل مداخلة في المحور الملائم لها .
وكما جرت العادة في مثل هذه المؤتمرات العلمية كانت الكلمة الافتتاحية لعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة صفاقس ، تلاه عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة نيوشاتل (سويسرا) ثم مدير مخبر الدراسة والبحث المقارن متعدد الاختصاصات LERIC وأخيرا كلمة السيد مدير قسم التاريخ.
جرت فعاليات الندوة على امتداد أيام 17 ، 18 ، 19 نوفمبر 2016 وكان الإعداد لتقديم المداخلات منهجيا بحيث تم توزيعها على محاور حسب موضوع كل مداخلة. وقد أدرِجت مداخلة البروفيسورة فاطمة الزهراء القشي من جامعة قسنطينة 2 وعنوانها مكانة الوافدين من تونس إلى قسنطينة في القرن 18 Le statut des Tunisiens expatriés à Constantine au cours du 18ème siècle في محورMigrations وهو موضوع كان له صدى كبير بين الحضور وكشف عن عمق العلاقات الاجتماعية بين البلدين الشقيقين مما جعلني أفكّر في اقتراح تقديم مداخلة مستقبلا في موضوع العائلات القسنطينية التي نزحت إلى صفاقس على الخصوص وأصبحت من ضمن النسيج الاجتماعي الصفاقسي.
لقد أدرِجت مداخلتنا وعنوانها : الساحل السرتي بين التاريخ ، الميثولوجيا والأدبLe Littoral des deux Syrtes entre histoire, mythologie et littérature في محور Aspects historiographiques وقد تمّ فيها التطرّق إلى خصوصيات الساحل السرتي ومكانته في الأحداث التاريخية التي عرفتها المنطقة وكذا في حركة الأشخاص والأفكار وعلى الخصوص مكانته في الميثولوجيا الإغريقية ، مع استعادة بعض المشاهد التاريخية والميثولوجية وشيء من اللطائف الأدبية كشاهد على حياة مرحة وغنية بتبادلات من كل نوع على طول هذا الساحل بمدنه المرفئية ومراكزه التجارية المزدهرة وخليجيه اللذين يحملان هذا الاسم "سرت" الذي يصف طبيعتهما الرملية والصعوبات التي يواجهها البحارة سواء الذين يرغبون في الإقلاع أو أولئك الذين يريدون الرسو بسلام.
يمكن القول أن جميع المداخلات في منهجيتها وحمولتها العلمية والثقافية كانت في المستوى المرجو وقد اتسمت بالجدية وعلى الخصوص التقاء خبرات وكفاءات من جامعات ومن بلدان متعددة وهذا في حد ذاته إثراء للمعرفة العلمية وفرصة ثمينة للتواصل الفكري والعلمي بين النخب الأكاديمية.
لقد لفت انتباهي وأنا أقوم بتحضير مداخلتي هذه مقال مختصر لأكاديمي إسرائيلي بعنوان : Territorialisation mythologique : les "autels des Philènes" en Cyrénaïque في مجلة Dialogues d histoire ancienne مما أكّد لي فكرة أنّ الميثولوجيا عند الإغريق قديما لا تختلف عن الأيديولوجيات الاستعمارية حديثا ؛ ألم يكن "استعمار قورينCyrénaïque " بأمر من آلهة دلف Delphes إلى سكان جزيرة ثيراThera ، ولماذا العودة إلى قصة هياكل الفيلان (Autels des Philènes) من قبل هذا الإسرائيلي وإلى العقائد الميثولوجية لإثارة قضايا على جانب كبير من الخطورة في حال استجابة قوى الاستعمار الحديث لها وهو حال هيكل الفيلان الذي بدأ بدمج الميثولوجيا في الجيوبوليتيك ليكون هذا الهيكل حدا فاصلا بين غرب لاتيني وشرق إغريقي قديما وقد يراد له أن يكون حدّا بين ليبيا قورينائية وليبيا تريبوليتانية مع ما تعرفه المنطقة من اضطرابات ، لذلك نتمنى بل نلفت الانتباه إلى مثل هذه القضايا التي قد تبدو صغيرة ولكن كما يقال كل القضايا الكبرى تبدأ صغيرة.
هذا وقد تم اختتام الندوة بقراءة لائحة التوصيات التي ركّزت على إمكانيات التعاون بين الجامعات المغاربية على الخصوص في البحث والتأطير وفي تبادل الزيارات العلمية وكذا في الإصدارات العلمية وقد أبدى الزملاء في جامعة صفاقس استعدادهم للعمل المشترك لتحقيق هذه التوصيات.
في الأخير لقد كانت الندوة ناجحة وليس لنا إلا أن نتوجه بالشكر الجزيل لأعضاء لجنة التنظيم على حرارة الاستقبال وكرم الضيافة ولأعضاء اللجنة العلمية التي وفِّقت في اختيار الموضوع ، كما نتوجه بالتحية إلى كل من التقينا بهم من الزملاء من تونس وليبيا والمغرب وفرنسا وايطاليا.

#العربي_عقون (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل