تكهنات في متغيرات العلاقة الامريكية الاوربية

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي
(Jassim Al-saffar)

الحوار المتمدن-العدد: 5343 - 2016 / 11 / 14 - 00:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تكهنات في متغيرات العلاقة الامريكية الاوربية
د. جاسم الصفار
13/11/2016
فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتن، والذي جعل منه الرئيس السادس والثلاثون للولايات المتحدة الامريكية، فاجأ الدوائر الحاكمة في اوربا وقلب حسابات رهاناتها التي سبقت الانتخابات.
فكان السؤال الاهم الذي خيم على التصريحات الاروربية عقب الانتخابات مباشرة، أن هل سينفذ ترامب وعوده لناخبيه، خاصة في موضوع تقليص حجم الالتزامات المالية الامريكية امام الناتو والتخلي عن الاتفاقية التجارية مع الاتحاد الاوربي والتقارب مع روسيا والخروج من اتفاقية تقليص كمية الملوثات المنبعثة الى الجو.
لم يأخذ الموضوع الاخير رغم اهميته المساحة الكافية من الاهتمام في النقاشات التي ابرزتها وسائل الاعلام والمحللين السياسيين الغربيين، الا ان موضوع الدفاع وتطوير القدرات العسكرية الاوربية وكذلك اهمية الاتفاقية التجارية وما فيها من تسهيلات للطرفين اضافة الى موضوع التقارب مع روسيا كانت في مقدمة الموضوعات التي تفاعلت معها الصحافة الاوربية قبل اشهر من الانتخابات.
فاضافة الى كتابات عديدة اكدت على ضرورة انشاء جيش واجهزة امنية خاصة بالاتحاد الاوربي، شدد كتاب ومحللي مجلة Altlantico عشية الانتخابات الرئاسية الامريكية على أن فوز ترامب سوف يؤدي إلى مزيد من التكامل داخل الاتحاد الأوروبي، وقبل كل شيء، فانه سوف يؤثر على الأمن الجماعي لاوربا. وبعد ساعات قليلة من الإعلان عن نتائج الانتخابات الامريكية، أكد ممثل عن الحكومة الفرنسية ستيفان لو سول، على ضرورة إنشاء منظومة "الدفاع الأوروبي". واضاف "اذا قررت الولايات المتحدة التخلي عن التزاماتها تجاه امن اوربا، فان على أوروبا أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها،" وفي وقت سابق، عند صعود ترامب في استطلاعات الرأي، القى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند باللوم على بولندا لعزمها على شراء الاسلحة من امريكا، قائلا بوضوح: "بعض الدول الاوروبية يعتقدون خطأ أن الولايات المتحدة سوف تكون دائما هنا لحمايتنا".
وصول ترامب الى البيت الأبيض قادر من جهة اخرى على أن يسبب الضرر لمشروع آخر، وهو الاتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي تتضمن الاتفاق على منطقة التجارة الحرة، والمعروفة باسم TTIP، أو TAFTA. ورغم ان نهج الرئيس الامريكي الجديد يقابل بمعارضة واسعة من الدوائر الاوربية المتنفذة، الا ان هذا النهج الذي يعتمد المصالح الامريكية بالدرجة الاولى جاء ليتناغم مع مزاج شعبي في اوربا يعارض المعايير الصحية والبيئية الامريكية والتي وفقها تسوق الولايات المتحدة الامريكية بضائعها الى اوربا، وخاصة بالنسبة للمنتجات الغذائية الامريكية المعدلة وراثيا.
كما ان الموقف الامريكي الجديد جاء، من حيث لم يهدف، ليستجيب لمطالب المنظمات المناهضة للعولمة والتي تحظى بشعبية كبيرة بحيث تضطر ان تحسب لها حساب كل الحكومات الأوروبية، حسب ما تشير اليه استطلاعات الرأي TAFTA. وهنا فان ظهور ترامب مفيد، من هذا الجانب، لهذه الحكومات، فمن المرجح ان الملياردير غريب الأطوار بايقافه العمل بالاتفاقية التجارية مع اوربا، يكون قد ازال عقبة كانت تواجه الحكومات الاوربية مع احتفاظها بماء الوجه.
اما بالنسبة للعلاقات مع روسيا، فتجدر الاشارة الى انه رغم معارضة الدولة الاقوى في الاتحاد الاوربي- المانيا لسياسة التقارب مع روسيا، الا ان هنالك دول عديدة في اوربا ترحب بانفراج العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الروسي، خاصة دول الجنوب الاوربي وايطاليا. فالابقاء على العقوبات المفروضة على روسيا بحجة التضامن مع الموقف الامريكي تفقد اساسها مع انفراج ولو محدود في العلاقات الامريكية الروسية. وقد لا يتوقف الموقف الاوربي عند الغاء عقوبات على روسيا وربما يتطور الى الدفع بالعلاقات الاقتصادية والسياسية بين الاتحاد الاوربي والاتحاد الروسي الى مستويات تحلم فيها روسيا، دون اي اضرار بالعلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي.
واخيرا فانه تجدر الاشارة الى ان التكهن بوجهة وتفاصيل تغير العلاقة بين اوربا وامريكا يبقى سابقا لأوانه، الا ان الجانب الاكثر رجحانا في متغيرات السياسة الامريكية فترة ادارة دونالد ترامب هو انها ستكون اكثر براغماتية وسيرجح الاهتمام بالبعد الاقتصادي في نشاطات الولايات المتحدة الامريكية الخارجية، كما ان الموقف من الارهاب، وبصورة خاصة، الارهاب المتبرقع بالاسلام ستتغير جذريا.

#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل