أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد اللطيف بن سالم - من رحم المعاناة















المزيد.....

من رحم المعاناة


عبد اللطيف بن سالم

الحوار المتمدن-العدد: 5331 - 2016 / 11 / 2 - 21:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من رحم المعاناة
(أو حول موضوع مطلب التعويض للنهضاويين )

ألم يكن الشعب التونسيٌ وفيا لمناضليه بانتخابه إياهم للمجلس الوطني التأسيسي وتحميلهم المسؤولية عنه في الحكومة للحاضر وربما أيضا للمستقبل فهل سيوافونه هم أيضا حقه من الوفاء أم عليهم أن يفكروا قبل ذلك في أنفسهم ويطالبوا الدولة تعويضا لهم عما لاقوه في الماضي من عذاب وعناء ويُسقطوا هذا الشعب من حسابهم ؟ألم يكن هذا الشعب كله معهم في تلك المعاناة ؟ وإلا فلماذا تجشّم خوض هذه الثورة بكل صعوباتها ومشاكلها وتضحياته فيها ؟ أوليس من حقه هو أيضا أن يطالب الدولة بالتعويض له عن تلك المعاناة ؟ألم يقع الاعتداء عليه وعلى ممتلكاته الخاصة والعمومية وعلى حريته وكرامته في العهد البائد مثل ما وقع عليهم الاعتداء؟ ألم يكن النظام السابق يسرقه وينهبه ويستولي على أرزاقه سرا وعلانية وإلا فماذا يعني لدينا الآن صندوق 26 – 26 ألم يكن أكلا لأموال الناس بالباطل تحت غطاء ما يسمونه ب ( الضمان الاجتماعي )؟ أفليس له الحق إذن في أن يطالب أيضا بالزيادة في الأجور والمرتبات وبالرفع من مستوى الحياة مثلما طالبوا إضافة إلى ما يطالب به الجميع في العادة من حرية وعدل ومساواة وغير ذلك من الحقوق الإنسانية للمحافظة على ما ميزه الله به من الكرامة البشرية ؟ أم أننا سنعود إلى المربع الأسود ، إلى الاستبداد بالسلطة في مختلف المجالات الحيوية وندفع بالجميع من جديد إلى المذلة ؟ أنا لا أصدق أن يكون ذلك من شيم المناضلين الأوفياء المخلصين للوطن .
لقد كان النظام السابق مستبدا بالسلطة ليتمتع وحده بالحياة " الكريمة " ويُطلق العنان لنفسه في العبث بالممتلكات العمومية والكسب على حساب الأمة بالاستيلاء والسرقة والخوصصة غيرالمسؤولة لكنه لم بكن يحرم الشعب من نصيبه في الحياة إلى جانبه، حياة على قدر كان عليه أن يسمح له به أما النظام الحالي فإننا نكاد نتوقع منه أن يحرمنا حتى من الحياة العادية وذلك بدليل المؤشرات التالية :
-- الارتفاع المتواصل في الأسعار والانخفاض المتواصل في الأجور والمرتبات ( حتى وإن زادت ... ) مع التضخم المالي المتزايد وضعف المقدرة الشرائية للمواطن .
-- توقف التشغيل أو يكاد رغم الوعود المتتالية .
-- توقف التوظيف أو يكاد رغم الوعود المتتالية .
-- تصدع البنية التحتية للمياه والكهرباء مع الزيادة المتواصلة للقيم المضافة أوالإضافية عوضا عن التخفيض فيها كما وعدوا بذلك منذ مدة .
-- توقف المئات من المعامل والمصانع والشركات عن نشاطها ولم تحلٌ بعد مشاكلها .
-- انشلال الحركة السياحية بسبب الفاشية الجديدة التي تريد بسط نفوذها على البلد والتي قد قطعت رزق عشرات الآلاف من العائلات التونسية التي باتت مهمشة ومحطٌمة إلى حد هذه الساعة أوليست هذه جريمة ضد الإنسانية ؟ ومن ذا الذي سيحاسب على هذه الجريمة
اليوم أو في الغد ؟
وماذا فعلنا إلى حد هذه الساعة في ما يخص الرفع من النسق الاقتصادي عموما ؟ هل لاتزال المشاريع ملفات على الطاولة؟
صحيح أننا نتحدث كثيرا- خصوصا في الإعلام المشهدي - بما يبعث في النفوس الأمل في مستقبل أفضل لكن نخاف أن يصدُق فينا قولُ بعضهم ب (أننا أمة حضارة لغوية فقط ) وأنه إذا لم يُنجز حرٌ ما وعد قد يُصاب الشعب باليأس والإحباط والشعور بالفشل( مثلما حدث أخيرا في مدينة سيدي بوزيد في شأن عمال الحضائر وأجورهم المعلقة ) وإنه إذا ما استمر الإنسان في الإحساس بالفشل نخاف أن ينقلب فيه ذلك الإحساس إلى إرادة للفشل تؤدي إلى الموت البطيء أو العودة إلى الثورة التي إذا ما عادت مرة أخرى ستكون كارثة على الأمة التونسية وغير واعية بما ستقوم به ،لا تُبقي ولا تذر لوٌاحة للبشر. وعندئذ نكون جميعا قد شاركنا في إنجاز المشروع الذي يريد الغرب منا إنجازه في إطار هذه الإمبريالية العالمية المعروفة اليوم ب " العولمة "والتي كانت تراقبنا عن بعد وتصفٌق لنا وتهلٌل حتى تستدرجنا إلى هذه الهاوية وتنتصب هي على الربوة تتنفس وحدها الهواء النقي وتعيش يخيلاء المنتصر.
.
ومن ناحية أخرى هل ينتهي الخبث بنا والفساد إلى هذه الدرجة أن نشغل الناس بأجر لا يتقاضونه بل فقط يوعدون به ؟ألم يكف بعض المؤجٌرين خبثا وفسادا في الأرض أن لا يرسّ موا العامل عندما يصل وقتُ ترسيمه (تثبيته في عمله ) ويطردونه من عمله طردا تعسفيا وبدون سبب نراهم اليوم يطوٌرون في أسلوب تعاملهم هذا ويشغٌلونه بالأجر الموعود الذي قد يأتي وقد لا يأتي أبدا وإذا ما اقترب أجل دفعه وواجههم بالطلب تلكأوا وماطلوا حتى يدب اليأس في نفسه ويستسلم للفشل ويترك العمل للضرورة وإلا فإلى من سيشتكي ؟ إن إدارة التشغيل ليست بمحكمة وكيف سيتوجه إلى المحكمة إذا لم يكن لديه ما يقتات به ؟ (أليس لمثل هذه الأسباب يعود أحيانا إلى الثورة ؟) لكن لا يمكن لأحد أن يصدق أن مثل هذا الأسلوب قد تتوخاه الدولة أيضا أو تعمل به في جهة من جهات البلاد التونسية ّإذن فإننا سنغرق في الوحل إن لم نكن بعد غارقين وسنملأ السجون من جديد بالمجرمين الجدد الذين هم في الحقيقة الثائرون الجدد على هؤلاء المؤجرين وأصحابهم من المسؤولين في الحكومة الذين لا يدفعون أجور مأجور يهم بل يعدونهم بها فقط وقد لا يدفعونها لهم أبدا فيلجأوا إذن إلى "الدواعش" يستنصرون بهم ولعل هذا هو الحل المناسب لهم أو الذي يريدونه مسبقا لهم .

أليس أغلب المساجين هم في الحقيقة من المعارضين ؟

بلى إن أغلبهم إذا لم نقل كلهم من المعارضين ؟"وقد لا تتوافق العلوم الإنسانية أحيانا مع القوانين الشرعية أو الوضعية المعمول بها في البلد لتجريمهم أو الحكم عليهم إذ قد تُسن هذه القوانين والتشريعات دون اعتبار لتلك العلوم فيختل حينئذ التوازن بين ما تشير إليه هذه العلوم وما تقره تلك القوانين ولا نتذكرها أحيانا إلا عند الحاجة إلى التماس التخفيف في الحكم على المتهمين ونقع بالتالي في الخطإ غير قاصدين ونزج بالكثير من الأبرياء في السجون غير مبالين وغير عابئين بما قد يجرٌهم إلى اقتراف الجرم أو ارتكاب المخالفة وإلا فماذا يعني لدينا أن يفرّج عن السجين فلا يمكث ُغير مدة قليلة ثم يعود إلى صنيعه مرة أخرى وهو عارف بأنه مهدد بالقبض عليه وإعادته إلى السجن من جديد؟ ألا يعنينا ذلك أنه مقتنع بما يفعل ولا يعتبره لا جرما ولا مخالفة أبدا لأنه (هو أيضا ) لا يبالي بمن لا يبالي به ولا يعترف بتلك القوانين مهما كان مصدرها لأنه لا يراها إلا قوانين جائرة ولا تخدم إلا مصالح من وضعوها أو شرّعوها ، " إن القوانين والأخلاق -كما يرى بعض المفكرين " قد وضعها الأقوياء ليسيطروا بها على الضعفاء " لأنها لا تبالي – في الغالب –بأوضاعهم ولا تنظر أبدا لظروفهم واحتياجاتهم التي تضطرهم أحيانا إلى فعل ذلك وربما تضطرهم إلى فعل أكثر من ذلك في المستقبل . أ فليس مثل هذا السجين هو إلى المعارضة أقرب منه إلى الجريمة ويحتاج منا ( نحن المجتمع المدني ) إلى دراسة حالته ومساعدته على تجاوز وضعه النفسي والاجتماعي هذا بكل الطرق الممكنة والعمل بالتالي على إصلاحه وإرجاعه إلى حالته الطبيعية ويكون ذلك خيرا لنا وله من تجريمه والزج به في السجون فنربح بالتالي عنصرا عاديا ينضم إلى أفراد المجتمع العاديين ونخلٌص في الوقت نفسه المجتمع من العناصر المنحرفة عن الطريق المستقيم ونخفف في الوقت نفسه عن السجون التي يبدو أنها قد ضاقت بالوافدين عليها ولم تعد قادرة على استيعابهم ؟.

عبد اللطيف بن سالم



#عبد_اللطيف_بن_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضات :
- هل من الكلمات قنابلُ ؟
- لماذا تُرى يقل اليوم بين الناس العطفُ والحنانُ والتراحمُ ؟
- حول إصلاح المنظومة التربوية بتونس
- لمن لا يدري ، إنه الجحيم إلى العرب .
- حرب عالمية غير معلنة
- الخلايا النائمة
- هل أن في العولمة نهاية العالم ؟
- هل من تمييز بين الوجود والموجود ؟
- أعمارنا والحت في أبداننا وعقولنا
- رمضان عادة أم شهر للعبادة
- حول التعليم في تونس
- البدء كان انفجارا
- الإعلام المشهدي
- خطأ في - الديمقراطية - لا بد الآن من تداركه .
- أليس بين الطبيعي والاصطناعي فرق كبير ؟
- كيف تتكون الحاضنة الشعبية للإرهاب ؟
- الغنوشي في استنكاره على الأمريكان ضربهم ل-داعش - في ليبيا
- من ( الأنا ) إلى ( الإنية ) فإلى (الغيريٌة) ومن (الهُو ) إلى ...
- الحب في فلك الجواز والمنع


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد اللطيف بن سالم - من رحم المعاناة