أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد اللطيف بن سالم - هل من الكلمات قنابلُ ؟














المزيد.....

هل من الكلمات قنابلُ ؟


عبد اللطيف بن سالم

الحوار المتمدن-العدد: 5321 - 2016 / 10 / 22 - 19:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


• هل من الكلمات قنابلُ ؟:

منذ أوائل القرن الماضي والولايات المتّحدة تخطّط للسّيطرة على منطقة حوض البحر الأبيض المتوسّط ومنه للسّيطرة على منطقة الشرق الأوسط بكاملها للاستيلاء على مصادر النفط فيها وفرض هيمنتها لاحقا على بقيّة العالم ( وهذا ما نلاحظه مطبقا في هذه اللحظة ). ولماذا التركيز على البحر الأبيض المتوسّط هذا قبل غيره؟ لأنّ الشّرق الأوسط كان في جملته – في ذلك الوقت – متحالفا مع الاتحاد السّوفياتي وأنّ الكثير من شعوبه كانت متعاطفة مع إيديولوجيّته المروّجة لإمكانيّة تحقيق العدل والمساواة بين البشر في الحقوق والواجبات والأخذ بأسباب النعم. وهو ما يتوافق عمليّا مع تطلّعات العرب المسلمين والمسحيين في الوقت نفسه. وكان في هذا التحالف أو التعاطف مع هذا الّذي كان يُعرف بالمعسكر الشرقي تحصّنٌ من غوائل المدّ الرأسمالي الّذي كانت له هو أيضا إيديولوجيّته الّتي تدعو إلى الحريّة (والاقتصاد الحر ) والدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان وغير ذلك من وسائل الدعاية . ولهذا فإنّ توغّل أمريكا في المتوسّط سيمكّنها من مواجهة المنطقتين معا الاتحاد السوفياتي والشرق الأوسط وتكون قريبة من حلفائها في أوروبا « الحلف الأطلسي» L’O.T.A.N. ولهذا الغرض قد نشرت أساطيلها في مختلف أطرافه وركّزت منصّات صواريخها في مختلف جهاته، أي في البلدان المتاخمة له تحسّبا لكلّ تهديد محتمل ممّا كان يعرف بالاتحاد السوفياتي وتحضيرا في نفس الوقت لمهمّة الهجوم على المواقع المقصودة من الشرق الأوسط وهي – في ذات الوقت أيضا – كانت مستمرّة في حربها الباردة ضدّ هذا المعسكر. هذه الحرب الّتي لم تنته إلاّ كما انتهت الحرب العالميّة الثانية بتجربة قنبلة جديدة. لكن هذه المرّة هي قنبلة من نوع آخر يمكن تسميتها بالقنبلة – السحرية أو الذكيّة- هي كلمة «بروسترويكا» الّتي قد أنهت هذه الحرب لصالح أمريكا هذه المرّة بدون إراقة دماء وفي أسرع وقت ممكن . فهل يكفينا القول هنا « إنّ من الكلام لسحرا » أم يجب أن نضيف إلى ثقافتنا أيضا « أنّه من الكلمات قنابلُ»؟ أوليس لمثل هذا الغرض قد اخترعت أمريكا كلمة «الإرهاب» وأردفتها بـ«الديمقراطيّة» بديلا لها لتوقع منطقة الشرق الأوسط كلها في الشرك ؟ لكن ما أظنّها إن نجحت بكلمة «بروسترويكا» هذه (والتي تعني بها التغيير) ( ) في الاتحاد السّوفياتي فإنّها ستنجح بكلمة «الإرهاب» في مجتمع الشرق الأوسط لأنّه كثيرا ما ينقلب السّحر على السّاحر ويفتضح أمره لدى " الرجل الذكي " (والظروف الآن ليست نفس الظروف التي كانت في الماضي ) وإنّ شعوب هذه المنطقة تختلف في طبيعتها و«عقائدها» عن شعوب الاتحاد السوفياتي تلك الشعوب الّتي كانت بالفعل هشّة ومهيّأة لأن تعمل فيها هذه الكلمة عملها وتؤثّر فيها تأثيرها المطلوب إذ أنّ إيمان هذه الشّعوب بـ«الاشتراكيّة» كان ضعيفا وتطلّعها إلى الحريّة كان أقوى من تمسّكها بـ«الشيوعيّة» خصوصا وأنّها لم تتعوّد بعدُ على هذه الحياة النظاميّة الصارمة وملّت من انغلاقها فيها ! الأمر الّذي سهّل – بسرعة – لهذه الكلمة « بروسترويكا» أن تفعل مفعولها فيها.
أمّا العرب والمسلمون المستهدفون بهذه القنبلة الجديدة المسمّاة «الإرهاب» فإنّ إيمانهم بالله «ربّ العالمين» وبما جاء به الإسلام والمسيحية من تشريع ودين لهو أقوى من أيّ إيمان وجد على الأرض لذا فقد يصعُب إذا لم نقل يستحيل – أن تحطّمهم كلمة من مثل هذه الكلمات «القنابل» وأنّه لا يسهل عليهم أن يغيّروا ما بأنفسهم بفعل كلمة تأتيهم من غيرهم أو من غير دينهم وهم يعرفون ما يُرادُ بها لهم. وربما لهذا السبب نلاحظ أن هذا الإرهاب يُستعمل غالبا في غير ما يُوظف له وينقلب على أهله ولا يصيب الأهداف التي رُسمت له .
كان يقال عادة « إن من الكلام لسحرا » لما قد يكون له من نفاذ في العقول وتأثير في النّفوس وما كنّا ندري أنّه من الكلمات أيضا قنابل قد يكون لها من القوّة والفاعليّة أكثر حتّى من السّلاح النّووي فتفجّر معسكرا كاملا كالاتحاد السّوفياتي في زمن قياسي. وهاهي كلمة «الإرهاب» قد نزلت علينا كالصاعقة لا تزال تدوّي بصوتها المزعج في أرجاء الوطن العربي والعالم الإسلامي بالخصوص ، تشكّك النّاس في عقيدتهم وفي أصولهم وفي هويّاتهم وكلّ خصوصيّاتهم الثقافيّة وتواريخهم النضاليّة ضدّ كلّ همجيّة أو نزعة استعماريّة لتطرحهم أرضا وتمشى عليهم الدّبابات الأمريكيّة نحو أغراضها الإستراتيجية والاقتصاديّة دون مبالاة بأيّة مبادئ وقيم ذات علاقة بـ«الإنسانيّة».
أليس أنّه من الكلمات ما يحمل «نوايا» تدميريّة شبيهة بما تحمله بعض الأسلحة من طاقة «نوويّة»؟ أوليس من غريب الصّدف أيضا أن تتشابه الكلمتان في الجذر، هذه من «النيّة» وتلك من «النّواة» ( هما كلمتان متجانستان كما يقال في علم النحو ). ومن كان يحتسب أن من الشعوب Les peuples ما يكون بمثل هذه الهشاشة والسّذاجة والبراءة حتّى تنطلي عليه بسهولة مثل هذه الحيل ؟ لا أظنّ ذلك كان ممكنا وقوعه بهذه السّهولة لو لم يجد ما يروّج له من «العملاء» ويبلّغه إلى النّاس بحرفيّة محكمة خصوصا وأنّ وسائل التبليغ والدّعاية اليوم قد صارت قريبة جدّا من الجميع. إنّما العملاء اليوم قد صاروا أكثر فعاليّة وتأثيرا في الحرب الباردة من الجنرالات في الحرب السّاخنة أو الملتهبة.



#عبد_اللطيف_بن_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تُرى يقل اليوم بين الناس العطفُ والحنانُ والتراحمُ ؟
- حول إصلاح المنظومة التربوية بتونس
- لمن لا يدري ، إنه الجحيم إلى العرب .
- حرب عالمية غير معلنة
- الخلايا النائمة
- هل أن في العولمة نهاية العالم ؟
- هل من تمييز بين الوجود والموجود ؟
- أعمارنا والحت في أبداننا وعقولنا
- رمضان عادة أم شهر للعبادة
- حول التعليم في تونس
- البدء كان انفجارا
- الإعلام المشهدي
- خطأ في - الديمقراطية - لا بد الآن من تداركه .
- أليس بين الطبيعي والاصطناعي فرق كبير ؟
- كيف تتكون الحاضنة الشعبية للإرهاب ؟
- الغنوشي في استنكاره على الأمريكان ضربهم ل-داعش - في ليبيا
- من ( الأنا ) إلى ( الإنية ) فإلى (الغيريٌة) ومن (الهُو ) إلى ...
- الحب في فلك الجواز والمنع
- غزوة داعشية
- الإرهاب يضع تونس تحت المجهر .


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد اللطيف بن سالم - هل من الكلمات قنابلُ ؟