أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - صور من براءة الطفولة














المزيد.....

صور من براءة الطفولة


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 5329 - 2016 / 10 / 31 - 09:37
المحور: كتابات ساخرة
    


هو طفلٌ أصغر بسنتين أو أكثر من سن المدرسة، كان مفروضا أن تكون هذه السن هي أحلى سنوات العمر، لأنها لم تُلوَّث بعد بممارسات الكبار الذين يستعجلون الطفولة،
كان الطفلُ البريءُ يقف ملاصقا لسور حديقة صغيرة، نجحتْ البلديةُ في إنشائها وإحاطتها بسور من السلك القوي.
كان البريءُ يتأمل الزهور، وكنتُ أُراقبُه عن بعد، ابتسمتُ لاستمتاعه بالمنظر، ولم أكن قد خمَّنتُ نواياه، إلا عندما استلَّ سلكا كان يجرّه خلفه، وشرعَ يحاول إدخاله في فتحة السور السلكي الضيقة، كان السلك مجهزا ملويّ الطرف!
كنتُ حتى اللحظة أتابعه من سور الحديقة الآخر، فاعتقدتُ للوهلة الأولى بأنه أضاع شيئا داخل الحديقة، ربما تكون كرةً أو قطعة حلوى، غير أن انحناءة نبتةِ الورد، وتمزق أوراقها، أيقظني فقد كان السلك مجهزا لشنق أكبر شجيرة وردة في الحديقة !
صراخي واحتجاجي، لم يُنقذ الوردة من مشنقة السلك في يد الطفل البريء! فقد تمكن الطفل من تنفيذ حكم الإعدام شنقا، في الوردة الحمراء الجميلة في الحديقة!!
وفي صورة أخرى للبراءة، براءة الطفولة رأيت منذ أيام كومةً من الأطفال، تتكون من خمسة، تتراوحُ أعمارهم، بين السابعة، والثامنة، كانوا يصطفون، وهم ينظرون إلى الأعلى، وكانت أياديهم مغلقةً على شيْ، لم أتبينه، كنتُ غير بعيد أتابعهم، وبعد لحظات تقدَّم أحدُهم إلى الأمام وألقى بالحجر بعيدا، فتابعت مسارَ الحجر، وإذا هم قد اعتمدوا هدفا ثابتا، وهو مصباح الإضاءة في الشارع العام !
وفي صورة أخرى ثالثة، كان بطلها طفلا، لم يبلغ الخامسة يتعرضُ لصفعٍ على الوجه من والده، وهو يأمره ألا يعود للبيت باكيا شاكيا، وعليه أن يأخذ حقه بيده، وإن لم يستطع فبعصا وإن لم يجد العصا فبالسكين .

الصور السابقة للأطفال، أعادت إلىّ صورةً أخرى قديمة عن براءة الطفولة!
لا يمكن أن تزول من مخيلتي ،ففي أحد الأعياد، زرت بيت أحد الأقارب، فهجم عليّ أحدُ أطفاله الذي لم يبلغ الثالثة من عمره، وألقى بنفسه عليّ ، فاحتضنتُهُ بحنان، وكنت أحمل في يدي كوب شاي ، نجحت في إبعاد الكوب، قبل أن يُهرق فوق ملابسي وابتسمتُ، وأحببتُ أن ألاطفه فكوّرت شفتي، وقرّبتهما من جبهته، وأنا أدغدغه ليبتسم وحاولت أن أقبله مكافأة له على حبه لي، ولكنه عاجلني وأفرغ ما في فمه من ( لعاب بريء) ونثره على وجهي .
ابتسمت أمه التي كانت تراقبُه من بعيد وهي تبتسم وتقول:
عيب.
فمنذ مدة، وهذا (البريء)! يفرغ لعابه في وجوهنا، ووجوه ضيوفِنا!!
وواصلتْ ابتسامتها العريضة وهي تقول صار يبصق ويعض!
فهو عند أُمِّهِ إذن، بطلٌ، تدَّخره ليوم معركةٍ، سيكبر، عنيدا، قويٌا، صُلبا، كما الصخرةِ، تخمش من يلامسها، وهو قادرُ على أن يبادل البسمةَ بلطمةٍ، واللطمةَ بلكمة، ولا يعود إلى البيت إلا وفي فمه قطعةٌ من لحم من يخاصمه!!
إن أبشعَ ممارساتِ كثيرٍ من الآباء، هو إلحاحهم على أطفالهم أن يتجاوزوا طفولتَهم، ويتحولوا من اليوم الأول إلى رجالٍ كبار أشداء أقوياء، فيعلمونهم أحاديثَ الكبار، وطرائقَ الكبار غصبا، ويشيدون بهم، إذا قلّدوا الكبار......... دعوا الطفولة تنضج في الأطفال !



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصية، احرقوا تراثنا بعد موتنا!
- جهنم هي عيونُ الآخرين!
- مَن أيقظَ الوحشَ؟
- لا يحدث إلا في أوطان اليأس!
- هل التجارة خساسة؟
- الكلام المهموس مسموع
- أطباء آخر زمن!
- هل الزواج العربي زواج؟
- بيت الطاعة العولمي
- الأنبوش والأنابيش
- ورم الزعامة عند الفلسطينيين
- زعماء المكارثية الثقافية في إسرائيل
- الحل الاستيطاني النهائي
- مجازر نيس، والكراده، وباريس!
- القواقع القبلية في فلسطين
- جعفر الإفريقي، ابن قاهر الامبراطورية
- كيف كنتُ آكلُ البطيخ؟!!
- انتهاء صلاحية الإنسان العربي
- مقال مرفوض بمناسبة الأعياد اليهودية
- في فقه العلاقات الإسرائيلية الروسية


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - صور من براءة الطفولة