أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - الكلام المهموس مسموع














المزيد.....

الكلام المهموس مسموع


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 5287 - 2016 / 9 / 17 - 09:39
المحور: كتابات ساخرة
    


هو رجلٌ في منتصف العمر، كان يحاول أن يُرجع قسمات وجهه إلى الوراء سنوات عديدة، باستخدام مستحضرات تجميل الوجوه، لا شيء يثيرني في شخصيته سوى أذنيه.
أذناه طويلتان مستديرتان لا تتناسبان مع حجم رأسه الصغيرة، وعلى الرغم من اتساع أذنيه، إلا أنه كان يدّعي بأن سمعه ثقيلٌ، وأن الطبيب هو الذي قرر ذلك.
اعتاد الناس أن يرفعوا أصواتهم وهم يحادثوه، وكان هو أيضا، يُقرِّبُ أذنه من الأفواه حتى يُؤيد ادِّعاءه، بأنه ضعيف السمع .
أما أنا فكنتُ أعتقد بأن أذنيه أكثر حدةً وحساسيةً من لواقطِ مايكروفونات الكهرباء الحساسة، بل إن أذنيه تبارزان آذان الخفافيش قبل الغروب!
والغريب أن أذنيه تكونان أكثر حدة وسمعا عندما أُخفض صوتي!!
شيء غريب أنه يسمع الكلام عندما يكون الكلام مهموسا، ولا يسمعه عندما يكون الصوتُ مرتفعا !!
بحثتُ عن السبب، فحاولت أولا أن أربط بين أذنِ صاحبي، ونبرة صوتي، فلعلّ بينهما تماثلا وانسجاما، وحاولتُ أن أُفسِّرَ قولَ صديقي الأطرش الذي سمع ما لم أسمعه أنا فيقول:
إن سيارةً قد توقفت خارج المنزل.
كيف سمعها، وهو الأطرش، ضعيف السَّمع؟
أيكون صديقي ممثلا بارعا، يجني ربحا بادعائه الطرش؟
أنا أعلم بأنه دائم الشكوى من أذنيه، وأنه يحتفظ بأدوية كثيرة، ووصفاتِ علاج شعبية عديدة لإشفاء أذنه اليسرى من قرحتها المزمنة. .
وأخيرا أقنعتُ نفسي بأن لكل فردٍ طاقاتِه الخاصة به، ومعجزاته وقدراته، ولكنني في نهاية الأمر عثرتُ على السبب:
صديقي الأطرش عربيٌ، لحما، ودما، ولغة، وثقافة، وانتماءً، وحياةً، وامتزاجاً، وحلولا.
فمن عادات العرب، أنهم يسمعون بوضوحٍ وجلاءٍ وصفاءٍ ونقاءٍ الأصواتَ، ولكن بشرط:
أن يكون الصوت [ مهموسا]!!
لذلك فإنني أقترح أن نشتقَّ حكمة عربية جديدة تقول:
كلٌّ كلامٍ مهموسٍ مسموعٌ، وليس كلُ كلامٍ مرفوعٍ مسموعا !
فالمهموس، في تراث العالم العربي، يحمل دائما سرا من الأسرار، وهذا السرٌّ فرصة لا تتكرر كثيرا، لذا فإن آذانَ أمة العرب حساسةٌ لكل مهموس .
فكل أذنٍ تعجزُ عن سماع المهموسات، تموتُ قهرا وتفنى ألما حسرة !
لذا فقد ايقنتُ بأن صديقي الأطرش عربيُ الدم واللسان، أصيلُ النَّسب والحسب، لم تهجنه عُجمةٌ ، ولم تُخالط نسبَه طُغمة !
نصيحة أخيرة:
إذا أردتم أن تُسمعوا أصواتَكم لضعفاء السمع، وأن تكونوا ذوي منزلةٍ رفيعة في المجالس العربية، فما عليكم إلا أن تعتادوا أن تتحدثوا بهمس .
وإذا رغبتم أن تُحدثوا الأثر الأكبر في آذان مجالسيكم، بحيث تُعشعشُ كلماتُكم في آذان السامعين ، ثم تبيض، وتفقس، وتتوالد، وتتكاثر، ثم تطير بسرعة البرق، فأكثروا أولا من الالتفات يمينا ويسارا، مدعين بأن ما سوف يُقال، هو للسامع فقط، وليس لغيره، ثم قَرِّبوا شفاهَكم من آذان جلسائكم، حتى تلمس شفاهُكم أطرافَ آذانِ سامعيكم ، ولا تُنهوا حديثكم إلا بعد أن توصوا سامعيكم، بأنَّ ما قلتموه، هو سرٌ خطيرٌ، يُحظر نشرُهُ وتوزيعُهُ، عندئذٍ تضمنون أن يصل إلى كل الآذان، خلال دقائق قليلة، مهما بعدت المسافات !



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطباء آخر زمن!
- هل الزواج العربي زواج؟
- بيت الطاعة العولمي
- الأنبوش والأنابيش
- ورم الزعامة عند الفلسطينيين
- زعماء المكارثية الثقافية في إسرائيل
- الحل الاستيطاني النهائي
- مجازر نيس، والكراده، وباريس!
- القواقع القبلية في فلسطين
- جعفر الإفريقي، ابن قاهر الامبراطورية
- كيف كنتُ آكلُ البطيخ؟!!
- انتهاء صلاحية الإنسان العربي
- مقال مرفوض بمناسبة الأعياد اليهودية
- في فقه العلاقات الإسرائيلية الروسية
- لماذا تسعى إسرائيل لإفشال مؤتمر باريس؟
- تسونامي ليبرمان الجديد
- هل غزة فاشستية؟
- فلسفة للتبرير، وليس فلسفة للتنوير والتغيير
- تدمير بُنية الأجيال
- الاحتلال الفرعوني لتل أبيب


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - الكلام المهموس مسموع