أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - التجربة البشرية ومهمة الدين.














المزيد.....

التجربة البشرية ومهمة الدين.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5327 - 2016 / 10 / 29 - 02:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التجربة البشرية ومهمة الدين.

مهمة الدين في حياة الإنسان تتركز على أساسية واحدة وهي تيسير البحث عما هو الأحسن والأفضل بمسمى الخير لوجوده، بمعنى أن الدين هو أصل مفهوم الخير عندما يساعد الإنسان لأن يتخلص من إشكالياته مع وفي الوجود بالبحث عما هو أقصى ما يستطيع أن يكون إيجابيا له فيها، وهنا قد لا يعرف بالضرورة الفرد محددات الخير أو يتصور إن الأطر الموضوعة أمامه كأفكار دينية لا تتلائم مع الصورة الذهنية التي يرسمها للخير الشخصي، فيلجأ إلى حلول أخرى ويجرب ويمتحن ويبتلى في هذه التجربة بعقله وبنتاج التجربة، ليمارس بعدها المقارنة والمقايسة والمعايرة، فما كان ناجحا في تحصيل هدف الخير لا بد أن يكون قريبا ومتوافقا بدرجة ما مع فكرة الدين وعليه يشعر أنه قريب من الحقيقة وقريب من روح الدين وإن لم يكن مؤمنا به.
أو يجد نفسه مبتعدا بدرجة ما عن المثال والمثالية الدينية، وهنا أمامه خياران أما العودة للأطر الدينية في محاولة فهم وقراءة ثانية أما بطريق التوبة أو الأكتشاف، أو إعادة التجربة وبشروط ووضع أخر، النتيجة المؤكدة أن ما يتحصل في المرة الثانية هو عين ما يتحصل من نتائج في التجربة الأولى وهنا يكون القرار حقيقيا وصعبا ولكنه ضروري جدا لتحقيق التوافق بين الإنسان ووجوده، هنا يبقى الأطار الديني هو العلامة الأكثر قدرة على الثبات أمام المتحول الطبيعي وهو التجربة الإنسانية.
قد يرد البعض أن هذه القراءة متطرفة وناقصة وغير ذات جدوى ولا تصمد أما النص الذي يقول (وما خلقت الجنس والإنس إلا ليعبدون)، الحقيقة لا تناقض ولا تعارض بين النص وبين ما تقدم بشرط أن نرجع إلى كلمة ليعبدون، الكهنوت الديني ومن هو في منهجه يصرف العبادة للطقوس الحسية والتجسيديات المادية المفترضة كطريق لتقويم العقل على أنها علة الخلق ويسميها العبادة، العبادة بمعنى التقيد والتوضيح فهذا معبد أي مستوي وواضح ومميز عن غيره، ويقال على الشيء الفلاني إنه مدين له ومدين به لتعني الإلتزام المالي أو العيني بشيء، ويقال أيضا أن العبودية هي التطرف بالتخصيص والسلطان على ذات مستعبدة، فهي جميعها تدور في دائرة التخصيص والتوضيح على وجه التفرد، فعندما يقول النص ليعبدون أي ليجعلوا من وجودهم مخصص ومميز وواضح فقط.
فالعبادة المطلوبة هنا ليست خضوع مطلق لمفاهيم يرسمها الإنسان بالقراءة الذاتية والفردية للدين، وإنما أن يكون الإنسان واضحا في وجوده ومتبين في هدفه ومميز عن غيره بما يكسب ويكتسب، ومن خلال فهمه لما في رسالة السماء رسمته له من أفكار ومفاهيم وقيم مبدئية، فالدين أداة ترقية وأنها مجرد خارطة طريق مقترحة كمعطى إيجابي للعقل الإنساني المتقبل لها بالقوة الفطرية، ولأنها تحتوي أفضل وأكثر الطرق قدرة على التفاعل مع عقل الإنسان ليكون كاملا ومتكاملا مع وجوده، مع منحه الفرصة تلو الأخرى للتجريب والعودة للقياس والمعايرة والفرز والتقرير، الدين بعموم ما نفهم هو ضمن المعرفة الإنسانية كلها، ولكنها طبيعيا وتكوينيا ليست من تجربة ما بل منح فوقي كامل، هذا هو الفرق الوحيد بين تجربة الإنسان في أكتشاف وبناء المعرفة الوضعية وبين الدين.
وظيفة السماء ليست أذن أخضاع الأرض ومن عليها لسلطتها من خلال الدين، ولو كانت كذلك لا تحتاج لرسل وديانات وخوض في النصح والإرشاد طالما أننا نؤمن أن القوة التي تكتنف السماء قادر بالمطلق وبلا حدود على الفعل (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) هذا الخيار مستبعد وفيه نص صريح بالاستبعاد (ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة)، وبذلك يتحقق تطبيق ما يريد الله من أن نكون عبيد وعباد له ومن خلال ما جاء في فهم الكهنوتي لوظيفة الدين وينتهي الموضوع عند هذا الحد، المشكلة إذن ليس في إرادة الله أن نعبده كطقوس ونخضع له تحت عامل الخوف والرغبة، بل من خلال أن يكون الإنسان حرا في خياره ومتحمل لهذه الحرية ونتائجها.
الدين يريد أن يكون مع العقل أداة رشد وأنضاج وتكملة دور الإنسان في وجوده نحو الغائية الأفتراضية له وهي إعمار الأرض والتعارف وبناء مجتمع يجعل أفراده على طريق بناء الكمالية النسبية تجريبيا وعلى حد الخيار العاقل، هذا الهدف يتعارض تماما مع قراءة الكهنوت الذي يرى في نفسه ومن خلال أحتكار الفهم والتفسير والتأويل على أنه الواسطة الطبيعية بين السماء والأرض، مما يعني مصادرة حرية الإنسان في الإكتشاف والتجربة، وجعل الرؤية التي يتبناها الكهنوت وقراءته الذاتية هي الممر الذي تخرج منه الخلاصة الطبيعية لمهمة الدين، وعلى هذا تم تهيئة العقل الجمعي وإعادة التموضع اللا منطقي بين الله والعقل البشري مما ولد هذا الخراب والتحريف والتسفيه الذي غطى كل جوانب حياتنا الوجودية.
وجود الدين لم يكن فاسدا للطبيعة البشرية ولا هو فرض طارئ توجبته إشكاليات تأريخية لم تعد قائمة، بل أن المعرفة البشرية كلها ومنها الدين هي طريق الإنسان لصنع وخوض تجربته على أساس من التوفيق بين الوجود وبين الرؤية التي تطور هذا الوجود وترتقي به، هذه العلاقة التي يتقلدها الإنسان لا يمكن أن تتجزأ ولكنها قابلة للتحول والتطوير والتحديث بناء على المتغيرات الواقعية، ويبقى البحث عن الخير والفضيلة والجمال والأحسنية كقيم متطورة أيضا هي جوهر فكرة التقيد والإيمان بالدين، وعلى العقل الإنساني أن لا يربط التاريخ كتجربة بالواقع الحالي كعناوين يمكن الملائمة بينهما أو فرضهما معا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق إلى الوعي الطريق إلى الديمقراطية والمدنية.
- وأنا المجنون زماني
- صراع الماضي على أطلال الحاضر(تركيا الحاضر والعصملية المتجذرة ...
- تأزيم المأزوم وسياسة تشتيت الوعي
- ليس بالخمر وحده يموت الإنسان.
- وهم الظل المتعافي
- المشرع العراقي بين وهم ثوابت الإسلام ومبدأ الحرية الشخصية وح ...
- شبهة الردة وحكم النص القرآني في إبطالها
- جواد الشلال .... شاعر يركب صهوة الحب بهدوء
- القضية الأخلاقية في النظرية الفلسفية المثالية
- غدا........................
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح3
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح2
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح1
- النار تحرق وجه الارض
- رحلتي في المرافئ القديمة
- قراءة باردة على صفيح يغلي
- قتل الطفولة وتجريم المجتمع.
- وما ذا بعد؟
- في ذكراه الخالدة “الحسين ينهض من جديد-.


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - التجربة البشرية ومهمة الدين.