|
المقامة الخمرية في القوانين القرقوشية
مؤيد عبد الستار
الحوار المتمدن-العدد: 5326 - 2016 / 10 / 28 - 15:59
المحور:
كتابات ساخرة
ديباجة روى لي صديق شاعر - لا أذكر اسمه كي لا ينال عقوبة من محكمة او نائب في البرلمان - قال وهو الشاعر النجفي الذي ينظم القوافي كما ينظم الخراز عقد اللؤلؤ ، له أجمل الاشعار في رثاء الامام ، وله الفية من الابيات التي تنهل من مآثر اهل البيت الطيبين الكرام ، قال وكان صادقا في حديثه انه كان يشرب ابنة العنقود ، ولما كان لا يستطيع الحصول عليها في النجف حيث يعمل ، كان عليه ان ياتي بها من بغداد ، وقد ابتكر حيلة يحتال بها على نقطة التفتيش التي تفتش حقائب المسافرين وامتعتهم - كانت نقاط التفتيش منتشرة في مداخل المدن ومخارجها منذ استيلاء الطغمة البعثية على الحكم - وكان وهو المعمم يجلب قنينتين من العرق المستكي من بغداد ، يضعهما في علبة احذية باتا ، يخفيهما في حقيبة للتمويه ، ويضعها تحت قدميه حيث يجلس في السيارة بين الركاب . وفي أحد الايام فتش الجندي المكلف بتفتيش السيارة التي كان يستقلها مع الركاب وفتح الحقيبة ثم فتح علبة الاحذية فوجد فيها قنينتي العرق المستكي ، فقال لمن هذه الحقيبة ، يقول شاعرنا : نظرت اليه بثبات وقلت له ، انها لي .. نرجوك لاتفضحنا .. فضحك الجندي لما رآني معمما بعمامة سوداء . اغلق الحقيبة ولم يفتش امتعة الركاب الاخرين وسمح لنا بالمغادرة دون ان يتخذ اي اجراء . رواية اخرى رواها لي أديب نجفي معروف في ستوكهولم ، قال انه كان مديرا ببغداد ، وفي أحد الايام كان عائدا الى البيت فـمـر في شارع المتنبي ليشتري بعض الكتب ، اذ كان من عادته ان يـمـر على المكتبات الشهيرة في الشارع ويلتقي اصحابها المعروفين يومذاك . يقول ، صادف مروري امام دكان بائع العرق الذي في راس الشارع من جهة شارع الرشيد ، وهو محل معروف لبيع المشروبات الروحية في شارع المتنبي . يقول شاهدت عمامة سوداء على رف من رفوف دكان العرق ، فجلبت انتباهي ، كوني نجفيا واعرف قدر تلك العمامة ، فتوجهت الى صاحب الدكان وعرفته بنفسي وسألته عن سبب وجود هذه العمامة السوداء فوق رفوف دكانه ، لان وجودها غير مناسب ، فقال لي انها للسيد الفلاني ، وانه رهنها عندي مقابل قنينة عرق . يقول الاديب الراحل : اعطيته دينارا ، وهو سعر بطل العرق يوم ذاك ، واخذت العمامة منه واعدتها الى صاحبها الذي اعرفه حق المعرفة . هذا السيد الذي رهن عمامته من عائلة نجفية معروفة ، لابنائها اليوم مراكز مرموقة في السلطة ، وهم يعرفون جيدا انه كان يتعاطى المستكي والزحلاوي في حله وترحاله . وبما ان العرق اصبح محرما بقانون برلماني وقاض لا يعرف من يتناول الكحول من الناس ظنا منه ان العلمانيين هم الذين يعبونه عبا فقط ، اتيت على ذكر هذه الاحداث التي حدثت في السبعينات من القرن الماضي ، وما زال بعض شخوصها احياء ، وهناك منها الكثير . بعد هذه الحقائق دعونا نحلق في دنيا المقامات الخيالية عسى ان تشفي الصدور النيابية بدلا من الخمور التي لم يحرمها الله وانما دعانا لتجنبها فقط ، ولكن الحاكم بامره بطيحان ابن هيجان حرمها ظلما وعدوانا في تفسير منه وتأويل ناسيا ان الامام التقي كان يقول ان القرآن حمال اوجه . المقامة الخمرية في القوانين القرقوشية بعد ان هدأت النفوس وغابت شمس النهار ، اجتمع رهط الندامى في شارع ابي نؤاس ، وهات يا نادل المزة وتعالي يا هند بالكاس ، فطارت الرؤوس في سماء مزينة باللؤلؤ والمرجان ، وخامرت الارواح نشوة الهمس والحنان ، ورقصت هيفاء البان على اعذب الالحان التي عزفها امهر المطربين ودق لها الدنبك و الدف اصحاب الحان . ومن بين سجف الحانة اندلع شبح عضو البرلمان ، بـطيحان ابـن هـيـجان، واذا به يقذف المجلس بقانون البهتان ، ليحطم الاقداح ويخرب الخوان الذي اجتمع حوله الجلاس والاخوان . أطلق قانونه القرقوشي ، ليحرم العرق الزحلاوي والمستكي ، وما يتبعه من فودكا و من ويسكي، و مشروبات ما لها مثيل تجعل الصاحي سكرانا ، وتنسي العاشق المتبول شجانه، وتجعله يحلق في دنيا العشاق يلهو ويطوف في حدائق الجنان ويطير في سماء العشق ولهانا ، ويغني : اذني لبعض الحي عاشقة // والاذن تعشق قبل العين احيانا لقد ظن البرلماني بطيحان ابن هيجان انه بهذا القانون يحارب اهل العلم والصولجان ، ويسرق منهم جمهورهم ويؤلب عليهم رجال الدين والمواطنين ، ظنا منه انهم اهل سكر ونزوات ، وما درى انهم اهل علم ومعرفة وعرفان ، فالعلمانيون يا بطيحان ، يحاربون الفساد ويتظاهرون ضد اللصوص ، يفضحونهم سواء أكانوا من الانس او من الجان، اللصوص الذين يمهرون جباههم بمحروق البطاطا والباذنجان ، كي يَـسموا وجوههم بسيماء اهل التقوى زورا وبهتانا وما هم باهلٍ لتقوى وايمان . كانوا من قبل يمارسون الشعوذة وياكلون السحت الحرام وياخذون الربا ، يسرقون المواطن ، يخدعون ابناء الريف والمدينة والنساء والصبيان ، واليوم امتدت ايديهم الى كنوز الدولة ، فسرقوا ما استطاعوا من ثروات البلاد من نفط وغاز وخام وطعام ، واجهزوا على ثروات ما كان لها ان تسرق ولا كان لها ان تختفي تحت جبة او عمامة او في جيب سارق ملعون في الدنيا والاخرة الى يوم يبعثون ، وسيقلع ابناء العراق قلعا كل محتال دجال من ارض الرافدين المعطاء وان غدا لناظره قريب ، وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون .
كتب في العشرة الاواخر من محرم الحرام 1438 هجرية
#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموصل .. لعبة الامم
-
المقامة الفنجانية في المطارات السومرية
-
فرض الاقامة الجبرية على نواب الرئيس الثلاثة
-
نوري السعيد وموفق الربيعي..... دعوة للتظاهر
-
الفساد ممنوع والعتب مرفوع والرزق على الله
-
قانون العفو العام وقانون السرقة العام
-
التظاهر و الاحتجاج السلمي في العراق
-
مقامة تزوير الشهادات ولغف الوزارات
-
متى يرفع المواطنون رئيس الوزراء على اكتافهم
-
قاضينا يحكم في الحلاوة
-
الفضيحة...... سيناريو فيلم مجلس النواب
-
بذخ مجلس النواب الشبعان وتقشف الشعب الجوعان
-
من المطلوب للمشاركة في التظاهرات
-
العالم أفضل بدون صدام .. توني بلير يغني
-
هل يعرف وزير الخارجية الجعفري القاعدة الدبلوماسية Persona no
...
-
التقرير البريطاني عن فساد البرلمان مقال قديم اعيد نشره من قب
...
-
اين تذهب الاموال وما مصير القروض المليونية
-
مجلس النواب العراقي .. باي باي لندن
-
واخيرا تم الكشف عن المندسين
-
يد لمحاربة داعش في الفلوجة واخرى لاصلاح الفساد في الخضراء
المزيد.....
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|