أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود سلمان الشويلي - الهيكل التنظيمي لحكايات الليالي - -دراسة في فنية الشكل-(*)















المزيد.....



الهيكل التنظيمي لحكايات الليالي - -دراسة في فنية الشكل-(*)


داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)


الحوار المتمدن-العدد: 5323 - 2016 / 10 / 24 - 04:29
المحور: الادب والفن
    


الهيكل التنظيمي لحكايات الليالي - "دراسة في فنية الشكل"(*)
داود سلمان الشويلي
-1-
لم يشتهر كتاب في أرجاء العالم، مثلما اشتهر كتاب((ألف ليلة وليلة)).. ولم يؤثر كتاب –شكلاً ومضموناً- في الأدب الإنساني مثلما أثر وبشكل واسع وعميق هذا الكتاب… ولم يسهر الناس الليالي الطوال لسماع الحكايات مثلما سهروا مع هذا الكتاب… ورغم هذه الشهرة، وهذا الانتشار الواسع، وصلت الحال ببعض الفئات الاجتماعية في إحدى الدول العربية إلى حد تقديمه للمحاكمة خوفاً-كما تزعم- على خدش الأخلاق العامة، وكأن الأخلاق والقيم العامة لدى الإنسان العربي، قد غابت مئات السنين السابقة، أو أنها قد أصابها المرض تلك الفترة، ولم تكن بالحالة الصحية والصحيحة إلا في هذه الأيام وعند تلك الفئة فراحت تتباكى على ما أصابها جراء انتشار هذا الكتاب، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل لأنهم في تهمتهم تلك، قد خدشوا الأخلاق العامة عند الناس.
-2-
((ألف ليلة وليلة)) سفر من أسفار الأمة العربية- رغم ما فيه من تأثيرات الحضارات الأخرى. إنه كتاب عربي مئة في المئة… وهو ابن حضارتها وثقافتها وأدبها. وهو إضافة إلى احتوائه على فن قصصي ذي نفس فني جيد، كثيراً ما تشدق المعنيون بتاريخ الفن القصصي بعدم احتواء الأدب العربي القديم على مثل هذا الجنس الأدبي. إن ما يحتويه هذا السفر العظيم هو نفس ما احتواه الفن القصصي الروائي من خيال خصب لا يبتعد عن الواقع إلا بما تتطلب منه أساسيات هذا الفن. وهو إضافة لذلك ينطلق من الواقع ليصب فيه.. أما ما شابه من بعض العيوب فإنها تعود إلى القاص الشعبي الذي كانت الحكايات تنتقل على شفتيه ومن خلالها إلى السامع، حتى باتت بعض الحكايات عبارة عن صيغ مختلفة لحكاية معينة.. فكان التكرار أحد العلل الفنية، إضافة إلى وجود بعض الصيغ الجاهزة في الوصف، خاصة وصف المكان ووصف الجمال البشري، ووصف الحالة النفسية…. الخ.
-3-
تقوم هذه الدراسة أساساً على تحليل للهيكل الفني لبعض الحكايات التي احتوتها ((الليالي)) دون الخوض في تاريخية النص أو مقوماته أو أسس جمعه، وكذلك لما احتوته من عناصر عربية كانت أم أجنبية. و((ألف ليلة وليلة)) كتاب جمع فيه القاص الشعبي عشرات الحكايات التي اعتمدت أساساً على حكاية واحدة افتتح بها القاص الشعبي هذا السفر العظيم، فكان بذلك قد أبدع أسلوباً فنياً جديداً. إن الحكاية التي اعتمدها القاص الشعبي لينشر من خلالها مجموعة من الحكايات الأخرى، قد بنيت أساساً على فكرة ((أن المرأة هي أساس الخيانة والمكر)) وبهذا، فإن القاص الشعبي كان معنياً بالدرجة الأولى بتوضيح هذه الفكرة –سلباً أو إيجاباً- من خلال الفن القصصي. لأن القصة ((الأسطورة، الأيام، الخرافات.. الخ)) لها تأثيرها الكبير في حياة العرب وهم يتسامرون ويقضون ليل الخيام، وليل البيوت بعد التعب والعمل الشاق، بسرد مثل هذه الحكايات، هذا الفن الذي ابتدأ به كتاب الليالي ليؤكد صحة أو خطأ تلك الفكرة.. لأن القاص الشعبي لم يجد في المقامة أو كتب الأخبار والحوادث والسير، وكذلك كتب التاريخ، ما هو أصلح في نقل موقفه من تلك الفكرة.. فكانت الحكايات هي الوعاء الحامل لها.. وهكذا توالدت بين يديه ومن خلال الحكاية التي افتتح بها لياليه –مجموعة من الحكايات الأخرى التي قامت هي الأخرى بتوليد حكاية ثانية. بدأ الفن القصصي- أو الفن الحكائي- في((ألف ليلة وليلة)) بحكاية واحدة هي حكاية ((الملك شهريار)) الذي حكم على نصف المجتمع (النساء) بالموت بسبب خيانة زوجته له مع أحد عبيده، كما هو الحال مع أخيه الملك ((شاه زمان)) الذي وجد هو الآخر زوجته تخونه مع أحد عبيده.. وهكذا كان قراره بقتل كل امرأة بعد الدخول بها.. حتى جاء الدور لابنة وزيره، فما كان منها إلا أن تحتال عليه- هي الأخرى- بحيلة تجعله يؤجل تنفيذ حكمه بها إلى الليلة المقبلة...فكانت الوسيلة التي احتالت بها عليه هي " الحكاية" فراحت تقص على مسامعه الحكاية تلو الأخرى… وكانت لا تنتهي من قصها بسبب أن الصباح كان مدركاً لها، فتسكت عن الكلام المباح. إن هذه الحكاية، يمكن أن نطلق عليها اسم حكاية (المفتتح) ذلك لأن السرد القصصي في هذا الكتاب قد ابتدأ بها، فكانت فاتحة لـه، فجاءت كعنقود العنب في تصميمه، والرابط لمجموعة من الخيوط السميكة التي كانت هي الأخرى تحوي على مجموعة من الخيوط الخضراء الرفيعة التي تحمل حبات العنب… وهي بهذا التنظيم الفني الرائع تمثل في بنائها عنقوداً واحداً أساسه ((حكاية المفتتح)) حيث تتفرع منها، حكايات أخرى أطلقنا عليها اسم ((حكايات الإطار)) أي الجامعة لنوع آخر من الحكايات، لا تختلف عنها بشيء، ولكنها تدخل في بنائها ومحتواها، وقد أسمينا هذا النوع من الحكايات، بحكايات ((التضمين))، أي الحكايات التي جاءت ضمن حكايات ((الإطار)). وقد توالدت حكايات أخرى داخل حكايات ((التضمين)) أسميناها حكايات ((خارج السياق)). لأن حكايات ((التضمين)) لها ما يعلل سبب ورودها داخل حكايات ((الإطار)) حيث ترتبط بالمحتوى العام بوشيجة أو أخرى، كأن تكون بسبب حكمتها، لأنها تحمل دلالاتها الرمزية لحديث ما، أو أن تكون للتسلية، أو… الخ ولكن حكايات ((خارج السياق)) لا تفيد المحتوى العام لحكايات ((الإطار)) بشيء اللهم إلا إفادة حكايات ((التضمين)) منها.. إذن فالحكايات التي يتألف منها كتاب الليالي هي
على أنواع أربعة:
1- حكاية المفتتح.
2- حكايات الإطار.
3- حكايات تضمينية.
4- حكايات خارج السياق.
وقد جاء النوعان الأخيران ليقوما بدور:
• التسلية عن أحد شخوص الحكاية.
• للعبرة.
• لدفع مكروه عن أحد الشخوص.
• أسباب أخرى متنوعة.
إن (حكاية المفتتح) قد مهدت فعل القص ((الحكي)) -شكلاً ومضموناً- ليقوم بدوره في نقل مجموعة من الحكايات الأخرى التي لا علاقة لها بالحكاية الأولى إلا بما يطيل من زمنها، وليقدم الشواهد للشخصية الرئيسية ((شهريار)) بما يعطل تنفيذه للقرار الذي اتخذه ضد جنس ((الحريم)) مؤكدة –أي الحكايات هذه- على نفس الفكرة التي بنى عليها القاص الشعبي لياليه. وأيضاً على ما يعاكسها ويقف بالضد منها في عرضه لأنواع النساء-سلوكياً- مما يدفع بـ((شهريار)) –وهذا ما تهدف إليه الليالي- إلى الرجوع عن قراره، وهكذا أصبحت((شهرزاد)) محامي الدفاع عن بنات جنسها أمام الرجل ((الحاكم = الملك)) ((شهريار)) فكان نصيبها النجاح، وانتصرت لبنات جنسها ليس أمام ((شهريار)) فحسب بل أمام كل الرجال الذين يحملون الفكرة نفسها التي كان يحملها ((شهريار)) عن المرأة وخيانتها ودهائها.
-4-
إن هذه السطور معنية بالدرجة الأولى بدراسة تنظيم البنية الأساسية لحكايات الليالي، وكذلك فإن المقارنة بين بنية وأخرى تمكننا أن نصل إلى بعض النتائج التي تفيدنا في دراسة الفن القصصي- الحكائي لليالي. ومن هذه النتائج:
أ-التشابه الحاصل بين حكاية وأخرى ((التشابه العام، التشابه الجزئي، التكرار)) كما في حكاية (نعم ونعمه) و(عزيز وعزيزه) وهي من أنواع حكايات (خارج السياق).
ب-علاقة الشخوص فيما بينها داخل البنية الأساسية للحكاية.
ج-ما أصاب الحكاية من استطرادات متنوعة، وزيادات لم تكن موجودة أساساً في النص الأصلي للحكاية التي ينقلها القاص الشعبي في الليالي... فمن خلال مقارنة الهيكل التنظيمي لحكاية ((التاجر والجني))- على سبيل المثال- مع حكاية (الحمال والبنات) نجد مدى التشابه الكبير بين جزء من الحكاية الأخيرة، مع حكاية (التاجر والجني) حيث أن مخيلة القاص الشعبي كان لها الدور الفعال في إغناء هذا الجزء الصغير ليأتي على شكل حكاية أخرى هي حكاية (التاجر والجني) ولكن بمحتوى آخر.. وكذلك نجد التشابه بين حكايتي (الحسن البصري والمجوسي) و(جان شاه اليهودي) وبين حكايتي (نور الدين ومريم الزنارية) و(علاء الدين أبو الشامات).
***
-5-
((الهيكل التنظيمي للحكاية)) - ((تطبيقات))
أولاً: الهيكل التنظيمي لحكاية المفتتح (حكاية شهريار وشهرزاد)
حكاية (المفتتح) هي الحكاية التي بدأ القاص الشعبي بها كتاب ((ألف ليلة وليلة)) وقد جاءت على لسان الراوي –بضمير الغائب. ومن خلال المخطط المرسوم في الشكل(1) نجد أن هذه الحكاية قد بدأت باشتياق الملك ((شهريار)) –الأخ الأكبر- لرؤية أخيه الأصغر الملك ((شاه زمان)) وانتهت بزواج ((شهريار)) من ((شهرزاد)) من خلال المخطط نرى أن هذه الحكاية قد قسمت إلى قسمين هما:
القسم الأول:
وقد قسم هو الآخر إلى جزأين متساويين ومتشابهين شكلاً ومحتوى حيث تحدث الجزء الأول عن حكاية ((شاه زمان)) وخيانة زوجته مع أحد عبيده ومن ثم قتله لهما.
أما الجزء الثاني فقد نقل لنا حكاية ((شهريار)) مع زوجته التي خانته مع واحد من عبيده.
بعد هذا التقسيم لمحتوى وشكل القسم الأول، يعود الجزءان للاتحاد مرة أخرى حيث يلتقي (شهريار) و(شاه زمان) بطلا هذا القسم- بالصبية التي تؤكد من خلال سلوكها (الخياني الماكر) صحة نظرتهما للمرأة.
القسم الثاني:
والذي بدوره يتجزأ إلى جزأين، أحدهما لا نعرف عنه شيئاً بسبب انتهاء دور (شاه زمان) ونسيان القاص الشعبي له (الراوي).
أما الجزء الثاني، فيحكي لنا عن قرار الملك (شهريار) بالزواج-في كل ليلة من إحدى فتيات مملكته- ومن ثم قتلها صبيحة اليوم التالي جزاء لما فعلته زوجته وزوجة أخيه والصبية من خيانة للزوج.. وهكذا يبدأ بتنفيذ قراره حتى إذا جاء دور ابنة وزيره (شهرزاد) تقرر هي الأخرى قرارها الحكيم بالدفاع عن بنات جنسها أمام ظلم الرجل، هذا الرجل الذي تملك روحه وحشٌ يلتهم في كل ليلة واحدة من بنات المملكة (كوحش مدينة طيبة) وقد كان قرارها، ليس بقتل (شهريار) في ليلة عرسها الأولى، أو دس السم له، وإنما بسلاح آخر، هذا السلاح يقتل ما في النفس دون أن يؤثر في الجسد. يمضي في الفكر دون لحم الجسد.. وكان سلاحها في ذلك هو (الحكاية) التي كانت تقصها على مسامعه في كل ليلة. حتى إذا نضب ما في جعبتها من سهام ((حكايات)) وجدت في (شهريار) إنساناً آخر فيما وجد هو فيها الزوجة الوفية الذكية، وأم أطفاله الثلاثة الذين ولدوا مع الحكايات خلال ألف ليلة وليلة.
من قراءة لمخطط الحكاية نرى:
آ-تكرار الحديث مرتين (حكاية شهريار) وحكاية (شاه زمان)
ب-تكرار الفعل ثلاث مرات (فعل الخيانة الزوجية).
***
ثانياً: ((الهيكل التنظيمي لحكايات الإطار)) –
آ- ((حكاية التاجر والجني))
هذه حكاية بسيطة التركيب وهي من حكايات ((الإطار)) –الحكاية الأم- التي تحكي عن التاجر الذي التقاه ((الجني = العفريت)) واتهمه بقتل ابنه وأصدر عليه قراره بالموت لكن التاجر يطلب أن يمهله حتى العام القادم كي يودع أهله، ويفي ما بذمته من دين.
بعد انقضاء العام، يعود التاجر إلى حيث مكان ((الجني)) وفي طريقه يجلس ليرتاح، وهو يبكي حاله، فيراه ثلاثة شيوخ، ويسألونه عن سبب بكائه، فيقص عليهم حكايته مع ((الجني))، فيذهبون معه، ويطلبون من الجني أن يعفي عنه مقابل أن يحكي كل شيخ حكايته. وهكذا يبدأ كل شيخ يقص حكايته للجني... إذن فإن حكاية ((الإطار)) قد ولدت ثلاث حكايات أخرى من نوع حكايات ((التضمين)) وقد جاءت هذه الحكاية كثمن لإخلاء سبيل التاجر.. أي لدفع مكروه.. وهذه الحكايات: (انظر شكل-2-) هي:
1-الحكاية التضمينية الأولى:
وهي حكاية ((الشيخ الأول والغزالة)) وفيها يخبرهم الشيخ عن سبب وجود الغزالة معه، والتي هي زوجته التي كانت تخونه، فسحرتها الجن إلى غزالة.. وهي ترافقه دوماً.
2- الحكاية التضمينية الثانية:
وهي حكاية (الشيخ الثاني مع الكلبتين) والتي يخبرهم فيها عن سبب وجود الكلبتين معه. حيث أنهما أخواه اللذان خاناه فحولتهما الجن إلى كلبتين.
3-الحكاية التضمينية الثالثة:
وهي حكاية ((الشيخ الثالث مع البغلة)) ويخبرهم فيها عن سبب وجود ((البغلة)) معه.. والتي كانت قبل أن تحولها الجن زوجة له.. وبسبب خيانتها تحولت إلى بغلة. عندما يسمع ((الجني)) حكايات الشيوخ هذه يطلق سراح التاجر.
لو درسنا حكاية (الحمال والبنات) لوجدنا مدى التشابه في جزء منها، وهو الجزء الخاص بحكايات الصعاليك، والثمن الذي دفعوه للصبية مقابل إخلاء سبيلهم وذلك الثمن هو ((الحكاية)) حيث يحكي لها كل صعلوك قصته من بدايتها حتى وصوله إلى باب دارها. مثل هذه ((الموتيفة)) كثيرة الورود في حكايات ألف ليلة وليلة، حتى أنها تتكرر مرة أخرى في حكاية ((الحمال والبنات)).
ب- الهيكل التنظيمي لحكاية ((الحمال والبنات))
هذه الحكاية ذات هيكل عنقودي مركب حيث تتولد فيها الحكاية الواحدة من الأخرى كتولد وامتداد خيوط عنقود العنب (انظر شكل-3-).
تبدأ حكاية (الإطار) بالتقاء الحمال بالدلالة.. وهي صبية تعيش مع صبيتين في بيت واحد..
يذهب معها الحمال. لنقل ما تشتريه من السوق من حاجيات.. ويدخل معها البيت... إذ يشاركهن ليلتهن في المسامرة. يطرق الباب عليهم ((ثلاثة أعجام ذقونهم محلوقة وهم عور بالعين الشمال وهذا من عجائب الاتفاق)) ص34 وهم بهيئة صعاليك، وينضمون لمجلسهم بعدها ينضم إليهم الخليفة هارون الرشيد ووزيره البرمكي وهم بهيئة تجار. تشترط الصبية صاحبة البيت عليهم بعدم التدخل بما لا يعنيهم.. فيما كانت هي تضرب كلبين كانا معها.. أما الصبية الأخرى، فإنها عندما تخلع ملابسها أمامهم يرون آثار ضرب على جسدها، عندها يتساءلون عن سبب ذلك، فتغضب الصبية صاحبة البيت وتقرر قتلهم.. لكنها تقبل في أن تسمع حكاية كل واحد منهم وكيف وصل إلى بيتها.. لتعفو. عنهم جميعاً. في اليوم الثاني يرسل الخليفة بطلب الصبيتين ويسألهن عن ضرب الأولى للكلبين، والثانية عن آثار الضرب.. فتحكي كل صبية حكايتها أمامه.. فيرسل الخليفة بطلب ((الجنية)) لتعيد الكلبين إلى أصلهما الإنسي ويزوج الصعاليك من الصبية وأختيها.. وكذلك تخبر ((الجنية)) الخليفة عن آثار الضرب على جسد الصبية الثانية، حيث تقول له أن ابنه ((المأمون)) هو الذي قام بذلك عندما كانت الصبية زوجة له.. فيرسل الخليفة بطلب المأمون ويعيد له الصبية، أما الخليفة فإنه يتزوج من الدلالة. وهكذا تنتهي حكاية ((الحمال والبنات)) ولكن القاص الشعبي لا يكتفي بذلك فنراه يربط معها حكاية أخرى، بسبب وجود الخليفة هارون الرشيد وما فعله في أحداث الحكاية. ويكون الربط بين الحكايتين بسبب رغبة الخليفة بالخروج مع البرمكي مرة أخرى لتفقد الرعية.. حيث يلتقي بصياد قد اصطاد بشبكته صندوقاً فيشتريه منه الخليفة ويجد فيه صبية مقتولة.. ويطلب من البرمكي أن يبحث عن قاتلها.. فيلتقي بشاب ورجل عجوز، وكل واحد منهما يدعي قتلها. لأن الشاب- وهو زوجها- كان يشك بخيانتها له كونه قد شاهد إحدى التفاحات التي جلبها لها عند واحد من العبيد. فيطلب الخليفة من البرمكي أن يحضر العبد. وعندما يحضر العبد يسأله الخليفة عن مصدر التفاحة فيخبرهم بأنه اشتراها من أحد الصبيان الذي رآه يلعب في الشارع. بعد ذلك يروي البرمكي للخليفة حكاية ((الوزير نور الدين مع شمس الدين أخيه)) وهي من حكايات (خارج السياق) وقد ورد ذكرها لتؤكد على أن حكاية العبد والشاب وزوجته التي قتلها ليست بالحكاية الغريبة وإنما الاغرب منها حكاية ((الوزير نور الدين…)).
ومن الجدير بالذكر، أن جزءاً من هذه الحكاية قد استله القاص الشعبي من حكاية أخرى من نوع حكايات ((الإطار)) وهي حكاية ((الملك قمر الزمان ابن الملك شهرمان)). ومن خلال دراسة الهيكل التنظيمي لحكاية ((الحمال والبنات)) يتضح لنا أنها تتكون من حكايتين مستقلتين الواحدة عن الأخرى، ولا يجمع بينهما سوى الخليفة هارون الرشيد.
إن الحكاية الأولى (الحمال والبنات) تحتوي على سبع حكايات تضمينية هي:
1- حكاية الحمال.
2- حكاية الصعلوك الأول.
3- حكاية الصعلوك الثاني.
4- حكاية الصعلوك الثالث.
5- حكاية الخليفة ووزيره.
6- حكاية الصبية الأولى.
7- حكاية الصبية الثانية.
أما الحكاية الثانية والتي تبدأ عند خروج الخليفة لتفقد أحوال الرعية فهي تحتوي على حكايتين تضمينيتين هما: ((حكاية نور الدين...)) التي يرويها البرمكي للخليفة وحكاية ((الصبية المقتولة)).
*** ***
ج- الهيكل التنظيمي لحكاية ((الخياط والأحدب واليهودي والنصراني))
هذه الحكايات من النوع العنقودي، ذات الشكل المعقد، والتي تتوالد فيها الحكايات الواحدة من الأخرى (انظر الشكل-4-).
ملخص الحكاية:
يأخذ الخياط، الأحدب إلى بيته، فيموت فيحمله بمساعدة زوجته ويرميه في بيت الطبيب اليهودي، فيراه الطبيب، ويقذف به داخل مدخنة جاره المسلم مسؤول مطبخ السلطان، فيقوم المسلم بضربه ظناً أنه لص، وعندما يراه ميتاً يحمله إلى السوق ويتركه إلى جانب أحد جدران السوق.. فيراه سمسار مسيحي وكان سكراناً فيلطمه ظناً منه أنه يريد أن يسرق عمامته الجديدة فيمسكه الحارس، ولما قدم إلى المشنقة تقدم مسؤول مطبخ السلطان واعترف، ثم تقدم الطبيب اليهودي واعترف وهكذا.. ثم ظهر أن الأحدب لم يكن قد مات على كل حال وإنما كان مختنقاً. ((انظر كتاب دراسات في الأدب المقارن. د. داود سلوم ص78- نقلت بتصرف)).
وهنا تنتهي حكاية الإطار الأساسية وكان يمكن للقاص الشعبي أن يقف عند هذا الحد بعد أن تكاملت الحكاية فناً ومحتوى، ولكنه ولإشباع رغبة مستمعيه يستطرد في القص بحجة واهية هي أن هناك حكايات أعجب من حكاية هؤلاء، فيدفع بشخوصه إلى قص الحكايات أمام الوالي لغرابتها.. فتنشأ عن ذلك أربع حكايات من نوع ((حكايات التضمين)) وهي:
1- حكاية الشاب الذي قطعت يده، ويحكيها النصراني.
2- حكاية الشاب مقطوع الإبهام من كل يد ورجل، ويحكيها المباشر.
3- حكاية الشاب الذي امتنع عن الأكل- ويحكيها الخياط.
4- حكاية الشاب مقطوع الكف اليمنى- ويحكيها اليهودي.
ومن الحكاية ((التضمينية)) الرابعة تتولد ست حكايات من نوع حكايات ((خارج السياق)) وهي:
1. حكاية الخياط الأعرج.
2. حكاية أخوة بقبق.
3. حكاية قفه.
4. حكاية الجزار.
5. حكاية مقطوع الأذنين.
6. حكاية مقطوع الشفتين.
وقد وردت هذه الحكايات ليبرهن فيها ((المزين)) إلى الوالي صحة قوله: أنه أقل أخوته ثرثرة.
*** ***
د. الهيكل التنظيمي لحكاية ((الصياد))
عندما تولدت الحكايات الست السابقة ((وهي حكايات خارج السياق)) من حكاية تضمينية واحدة، فإن حكاية ((الصياد)) هي الأخرى تعمل في الأسلوب نفسه في توليد الحكايات؛ حيث نرى أن حكاية تضمينية واحدة تتولد منها ثلاث حكايات من نوع ((خارج السياق)). تنقسم حكاية ((الصياد)) إلى قسمين انظر (الشكل-5-) أحدهما القسم الذي يلتقي فيه الصياد بـ((الجني)) والقسم الثاني يأتي بعد القسم الأول مباشرة، عندما يلتقي الصياد بالخليفة عند إهدائه السمكات الملونة. في القسم الأول يخرج الصياد إلى النهر ويرمي شبكته وبعد محاولات فاشلة يصطاد قمقما، يخرج منه ((جني)) يحاول قتل الصياد لأنه قد نذر مع نفسه أن يقتل كل من يخرجه من القمقم فيحتال عليه الصياد، لأنه كما يقول مع نفسه: ((جني وأنا أنسي وقد أعطاني الله عقلاً كاملاً، وها أنا أدبر أمراً في هلاكه بحيلتي وعقلي وهو يدبر بمكره وخبثه)) ص15 عندها يسأل الصياد الجني عن كيفية احتواء القمقم الصغير لجسمه الكبير، ويطلب منه أن يريه ذلك، فتنطلي الحيلة على ((الجني)) ويدخل في القمقم، ويسرع الصياد ليغلقه عليه لكن الجني يطلب منه أن يخرجه مرة أخرى، ويتوسل إليه والصياد يرفض خوفاً من أن يقتله لو أخرجه مرة أخرى، لأنه لا يأمن منه كما كان الحكيم ((روبان)) في حكاية ((الوزير يونان والحكيم روبان)) حيث يرويها الصياد، وهي من الحكايات ((التضمينية)) وقد احتوت على ثلاث حكايات من نوع ((خارج السياق)) وهي:
1- حكاية ندم الملك سندباد على قتل الباز- يحكيها الملك يونان لوزيره.
2- حكاية الوزير الذي احتال على ابن ملكه- يحكيها الوزير إلى الملك يونان.
3- حكاية التمساح- وهي حكاية يريد أن يحكيها الوزير ولكنه لا يرويها كونه كان معتقلاً كما يقول: ((لا يمكنني أن أقولها وأنا في هذا الحال)).
هذه الحكايات الثلاث لا علاقة لها بحكاية ((الإطار)) بشيء وقد وردت لتؤكد على (الحسد) و(الاحتيال). أما الحكاية التضمينية الثانية. فهي حكاية ((أمامه مع عاتكة)) والتي يحاول ((الجني)) أن يحكيها لكنه يمتنع عن ذلك بسبب وجوده داخل القمقم. يقتنع الصياد بصدق قول ((الجني)) ويخرجه من القمقم، فيدلـه ((الجني)) على بحيرة أسماكها ذات ألوان متعددة، تحمل قوة سحرية. هنا ينتهي القسم الأول، ليبدأ القسم الثاني، حيث يصطاد الصياد سمكتين ملونتين يرسلهما هدية إلى السلطان، وفي المرة الثانية يسأله السلطان عن مصدرهما فيخبره بسر البحيرة المسحورة. يذهب السلطان للوقوف على سرها، يدخل البحيرة، ويتعرف إلى شاب مسحور، وهو ابن الملك محمود صاحب الجزائر.. ومنه يقف على سر البحيرة والمدينة المسحورة.. لتنتهي الحكاية بحل السحر عنهما.
هـ-الهيكل التنظيمي لحكاية ((قمر الزمان ابن الملك شهرمان))
هذه الحكاية ذات هيكل تنظيمي نادر (انظر شكل-6-) حيث اعتمد القاص الشعبي فيها أسلوب الهياكل المتناظرة والمتشابهة إن كان ذلك في الشخوص أو في الأحداث وكما يبين الشكل ((6)) فإننا نجد أن الهيكل التنظيمي لهذه الحكاية يتألف من ثلاثة أقسام يفصل بينهما حدث يتكرر دائماً وهو: إما أن يكون حدثاً فيه افتراق بين الشخصيتين الرئيسيتين أو أن يكون حدثاً لاجتماع شخصين.
في القسم الأول، حيث يروي القاص الشعبي حكاية ((الملك قمر الزمان)) ورفضه لفكرة الزواج ومعارضته لوالده الملك الذي يسجنه في إحدى القلاع.. ويبقى هناك حتى تأتي ((العفريتة)) وتراه نائماً فتعجب بحسنه وجماله.. وفي طريق عودتها تلتقي بالعفريت الذي كان هو الآخر قد رأى فتاة جميلة.. فيتفق الاثنان على الجمع بينهما وفي لمح البصر يعود العفريت ويجلب الفتاة ((الملكة بدور)) من مملكتها وهي نائمة ليضعها قرب ((قمر الزمان)) وبحيلة ما يستيقظ الشاب ليرى إلى جانبه شابة جميلة ويأخذ منها خاتمها ويعود إلى النوم، لتستيقظ هي الأخرى وترى الشاب وتأخذ خاتمه وتعود إلى النوم؛ ليعيدها العفريت إلى مكانها بعد ذلك. هكذا ابتدأ القسم الأول باجتماع الشابين وينتهي بافتراقهما، ليبدأ القسم الثاني، حيث يجتمعان مرة أخرى بمساعدة ابن عم ((الملكة بدور)) ليتزوجا، ومن ثم يفترقا مرة ثانية حيث ينتبه ((قمر الزمان)) بعد أن يخطف طائر ما ((الفص)) الذي وجده في ملابس زوجته ((الملكة بدور)) فيتبعه ويتيه عنها.
تخرج ((الملكة بدور)) متنكرة بزي زوجها للبحث عنه. عندها يبدأ القسم الثالث الذي يتجزء إلى جزأين.. في الجزء الأول منه، يلتقي ((قمر الزمان)) بزوجته ((الملكة بدور)) وكذلك زواجه من ((حياة النفوس))
حيث تلد ابنها ((الأسعد)) وعندما يكبران تقع كل واحدة من زوجتي ((قمر الزمان)) بحب ابن ضرتها… وعندما يرفض الأبناء يشتكيانهما لوالدهما، فيطلب من عبده قتلهما خارج المدينة، لكن العبد يرأف بحالهما ويتركهما يهربان… حيث يفترقان، وبهذا يبدأ الجزء الثاني من القسم الثالث حيث يصبح ((الأمجد)) وزيراً .. أما ((الأسعد)) فإنه يقع بيد عبدة النار ليتخلص منهم بعد أن يلتقي بأخيه. يلتقي الجميع أيضاً لتنتهي الحكاية كلها.
في هذه الحكاية لا نجد أية حكاية ((تضمينية)) أو من نوع ((خارج السياق))، وإنما نجد إنها قد ركبت ببراعة فنية من عدة أقسام رغم أن شخوص كل قسم يختلفون عن شخوص القسم الذي قبله.
لو عدنا مرة أخرى لقراءة النص فأننا سنجد:
آ ـ 1/في بداية القسم الأول: ـ نجد قمر الزمان والملكة بدور مفترقان وفي النهاية يلتقيان.
2/ في بداية القسم الثاني: ـ يفترق الزوجان ليلتقيا مرة أخرى.
3/ هذا القسم يتجزأ إلى جزأين، يبدأ الجزء الأول بميلاد ((الأمجد والأسعد))، وينتهي بافتراقهما.. فيما يبدأ الجزء الثاني لينتهي بالتقائهما.
ب ـ أن شكل الهيكل التنظيمي للحكاية يبين لنا: ـ
1 ـ على طرفي القسم الأول، يروي القاص الشعبي حكايتين أحدهما عن رفض ((قمر الزمان))، الزواج، والأخرى عن رفض ((الملكة بدور)) للزواج أيضاً.
2 ـ على طرفي القسم الثاني، يروي القاص الشعبي حكايتين، أحدهما عن خروج ((قمر الزمان))، والأخرى عن خروج ((الملكة بدور)).
3 ـ أما القسم الثالث، فإن القاص الشعبي يوزع أحداث هذا القسم على أربع محاور،هي: ـ
أ ـ المحور الأول: وهو عن ((الملكة بدور)) بعد ولادة ابنها ((الأمجد)) وعشقها لابن ضرتها ((الأسعد)).
ب ـ المحور الثاني: وهو يقابل المحور الأول، ويتحدث عن الملكة ((حياة النفوس))، بعد أن تلد ابنها ((الأسعد)).وعشقها لابن ضرتها ((الأمجد)).
ج ـ المحور الثالث: هذا المحور يقع في الجزء الثاني من القسم الثالث، وهو عن خروج ((الأمجد)) بعد افتراقه عن أخيه ((الأسعد)) وتنصيبه وزيراً.
د ـ المحور الرابع: وهو يقابل المحور الثالث، ويتحدث عن خروج ((الأسعد))، والتقائه بعبدة النار وماجرى له منهم.. ثم التقائه بأخيه ((الأمجد)).
من خلال هذه الإشارات الفنية للهيكل التنظيمي للحكاية، يتضح لنا مدى قدرة القاص الشعبي من بناء هيكل حكايته وتنظيمها تنظيماً فنياً، إن كان ذلك بوعي منه، أو من خلال السليقة الأدبية الإبداعية التي يتمتع بها..
***
و ـ الهيكل التنظيمي لحكاية ((الملك النعمان وابنه شركان)):
هذه الحكاية، هي واحدة من الحكايات الطويلة في ألف ليلة وليلة (انظرشكل ـ 7 ـ )، حيث تمتد من منتصف الليلة ((59)) لتنتهي في الليلة ((174)) وقد احتوت على عدد كثير من الشخوص والأحداث والأماكن التي دارت عليها تلك الأحداث، وقد أدخلت فيها مجموعة من الحكايات والنصوص الدينية والتشريعية والعلوم العامة، إضافة لما حملته من وصف معاد ومكرر للمكان وسير المعارك الحربية حتى باب الهيكل الذي نظم هذه العناصر مثقلاً بها، ينوء تحت وطأتها، ولتدخل الشخوص فيما بينها وكذلك الأحداث… وتسهيلاً لدراسة هيكلها التنظيمي رأينا من المفيد تقسيمها إلى أربعة أقسام، حيث يبدأ القسم الأول بالأحداث العامة المفتتحة للحكاية وينتهي بموت الملك النعمان على يد ((ذات الدواهي)) وعند ذلك يبدأ القسم الثاني لينتهي بموت الملك ((ضوء المكان)). أما القسم الثالث فينتهي بالتقاء الجميع.. ليبدأ عندها القسم الرابع حيث نستمع إلى حكايات بعض شخوص الحكاية والتي تصب في المجرى العام لها ((لحكاية الإطار)) لكنها زائدة عن حاجتها بسبب إنها قد وردت مكررة لما قيل في القسم الأول، هناك مجموعة من الحكايات التي انتظمت فيه، وهي:
1 ـ حكاية عمر النعمان مع ((ابريزة)) واغتصابه لها وهروبها مع عبدها الذي حاول أن يغتصبها هو الآخر أثناء ولادتها لابنها ((رومزان)) وهي في طريق هروبها فيقتلها ويهرب.. لنلتقي به آخر الحكاية وهو يقص لنا هذه الأحداث..
2 ـ حكاية عمر النعمان وأولاده ((ضوء المكان)) و((نزهة الزمان)) من زوجته ((صفية)).. وفيها نتعرف على قصة سبي صفية على لسان ((أبريزة)) وهي تحكيها إلى ((شركان)).. وكذلك نتعرف علىخروج أولاده إلى الحج دون علمه.
3 ـ حكاية عمر النعمان مع ابنه ((شركان)) الذي يطلب الابتعاد عن المملكة، وفيها ترد حكاية زواج ((شركان)) من أخته ((نزهة الزمان)) ومن ثم طلاقهما.. ليتزوجها الحاجب بعد ولادة ابنتها ((قضى فكان)).
4 ـ حكاية خروج ((ضوء المكان)) و((نزهة الزمان)) وافتراقهما.. حيث تنقسم هذه الحكاية إلى قسمين يتابع القاص الشعبي في القسم الأول منها أحداث ضياع ((ضوء المكان)) حتى وصوله إلى مملكة أبيه.. فيما يتابع القسم الثاني الأحداث التي مرت بها ((نزهة الزمان)) حتى وصولها إلى مملكة أبيها.
5 ـ حكاية النعمان مع ((ذات الدواهي)) وجواريها، ومن ثم مقتله على يديها بعد أن دست له السم.
أما القسم الثاني من حكاية ((الإطار)) فيبدأ بتنصيب ((ضوء المكان))، ملكاً بعد موت أبيه، ويشتمل هذا القسم على الحكايات التالية:
1 ـ حكاية المعركة بين جيش المسلمين وجيش الروم ومقتل ((شركان)).
2 ـ آ ـ حكاية ((تاج الملوك)) وهي من الحكايات التضمينية التي يرويها الوزير ((دندان)) إلى الملك ((ضوء المكان)) للتسلية.
ب ـ حكاية ((عزيز وعزيزة) وهي من حكايات ((خارج السياق)) حيث ترد عرضاً داخل حكاية ((تاج الملوك)).
أما القسم الثالث، وبعد موت ((ضوء المكان)) يصبح ابنه ((كان ماكان)) ملكاً…
ويشتمل هذا القسم على الحكايات التالية:
1 ـ حكاية ((كان ما كان)) مع زوج عمته الملك ((ساسان))، وكذلك طرده من المملكة.
2 ـ حكاية ((كان ماكان)) مع ابنة عمته ((قضى فكان)) وحبهما المتبادل.
3 ـ التقاء الجميع، حيث نسمع حكاية ((رومزان)) ملك الروم ابن عمر النعمان من زوجته ((ابريزة)) والتي ترويها الجارية التي رافقت ((ابريزة)) عند هروبها ومقتلها على يد العبد.
4 ـ حكاية الرجل الحشاش، وهي من الحكايات التضمينية.. وترويها الجارية ((باكون)) للملك ((كان ماكان)) للتسلية.
أما القسم الرابع والأخير.. حيث يلتقي الجميع، ويلقي القبض على الأعرابي والحمال الذي حمل ((ضوء المكان)) وهو مريض لإرساله إلى المستشفى، والعبد ((غضبان)) الذي قتل ((ابريزة)).
ويحتوي هذا القسم مجموعة من الحكايات التي تدخل ضمن سياق أحداث حكاية ((الإطار)) لكنها زائدة عليها لما فيها من تكرار لأحداث سابقة، وهذه الحكايات هي:
1 ـ حكاية الحمال مع ضوء المكان.
2 ـ حكاية العبد ((غضبان)) وقتله للأميرة ((ابريزة)).
3 ـ أ / حكاية الأعرابي قاطع الطريق مع ((نزهة الزمان)).
ب / حكايته مع أحد الفرسان وقتله.
من خلال دراسة الهيكل التنظيمي لهذه الحكاية الطويلة، نرى : ـ
1 ـ قدرة القاص الشعبي على توزيع الأحداث توزيعاً فنياً دون ضياع السياق العام لكل حدث رغم تحوله من حدث لآخر وهذه الميزة لا تنفرد بها هذه الحكاية، وإنما نجدها في أغلب حكايات الليالي.
2 ـ إن القاص الشعبي لم يترك بعض الشخوص ليأكلها النسيان، بل إنه كان يسحبها مرة أخرى إلى داخل الحكاية لنتعرف على مصائرها، رغم أنها لا تعتبر من شخوص الحكاية الأساسية وإنما هي شخصيات ثانوية مثل الحمال والعبد وقاطع الطريق.
3 ـ من الممكن الاستغناء عن الحكايات ((التضمينية)) التي احتوتها حكاية ((الإطار))، مثل حكاية ((تاج الملوك)) وحكاية ((الرجل الحشاش))، خاصة وأنها جاءت للتسلية ليس إلا. ذلك لأن السياق العام للأحداث وكذلك البناء الفني لحكاية ((الإطار)) لا يتحمل أحداثاً من خارج السياق العام.. حيث أثقلته الحوادث الرئيسية وما فيها من وصف… مما جعل السامع والقارئ ينسى لليلة أو أكثر أحداث الحكاية الرئيسية لما لطولها من أثر في ذلك.
***
الخلاصـــة :
بعد هذه الرحلة ((الهيكلية)) الفنية في بعض حكايات الليالي، كنماذج، لما احتوته الليالي من حكايات.. يمكننا استخلاص النتائج التالية:
1 ـ إن القاص الشعبي قد أدخل أكثر من حكاية ضمن السياق العام للحكاية الأصل ((الإطار)).
2 ـ هناك تكرار زائد، وبصيغ جاهزة ((كليشيه)) لبعض الأحداث، كالوصف مثلاً.
3 ـ إعادة أكثر من حكاية، وقصها بصيغ مختلفة.
4 ـ تكرار لبعض الجزئيات ((ألموتيفات)) في أغلب الحكايات.
5 ـ تطوير بعض أجزاء الحكايات لتكوين حكاية مستقلة بعد إجراء التحويرات عليها ((الأماكن، الأشخاص….))الخ. أو بالعكس، حيث يقوم القاص الشعبي بتقليص بعض الحكايات الطويلة لتناسب حكايات أخرى، يدخلها ضمن سياقها العام.
6 ـ اتباع أسلوب فني في متابعة الأحداث وقطعها بين الفينة والأخرى، حيث يستعمل دائماً جملة ((أما ماكان من ….)) كجملة ربط بين الأحداث.
-------------------------
(*) الفصل الاول في كتابي ( الف ليلة وليلة وسحر السردية العربية ) المنشور في اتحاد الكتاب العرب – دمشق – 2000 .
وقد نشرت هذه الدراسة في العدد الخاص عن ألف ليلة وليلة من مجلة التراث الشعبي ـ العدد الفصلي الأول ـ شتاء 1989/ بغداد/ العراق.



#داود_سلمان_الشويلي (هاشتاغ)       Dawood_Salman_Al_Shewely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقنيات السرد في ألف ليلة وليلة - دراسة تطبيقية في حكاية (حاس ...
- على ناصية مقهى الادباء ( نص غير مجنس )
- كتاب : القصة في القران - قصة ذو القرنين انموذجا
- ذكرياتي عن اتحاد ادباء ذي قار
- كذب المحدثون وان صدقوا - مقال في تحقيق رواية -
- ببلوغرافيا
- رأي : بين النقد الادبي والنقد الثقافي
- كيف تدافع عن الارث الحضاري والثقافي ؟
- كتب ... كتب ... ثم الكتب ( ما يشبه المذكرات )
- كمال سبتي... الشاعر وذكرى الرحيل المبكر
- حسين السلمان ، الاكاديمي والفنان و القصصي ، مبدعا
- زاهر الجيزاني والاحتفاء بشعراء الفيسبوك في يوم الشعر العالمي
- د. ضياء خضير - ثنائيات مقارنة - وسنوات الغربة
- ستراتيجيات النشر ، والبحث عن القاريء
- قضية الجنس عند عبد الرحمن مجيد الربيعي
- ثلاثة نصوص غير مجنسة
- المتنبي والمخيال وذكريات الصبا ... ( ذكريات )
- الهايكو والقصيدة الومضة
- قصيدة ( المظاهرات )
- - ابك بغداد - و - بغداد ابكي- المرثية الذاتية لبغداد قصيدة - ...


المزيد.....




- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود سلمان الشويلي - الهيكل التنظيمي لحكايات الليالي - -دراسة في فنية الشكل-(*)