أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسين درويش العادلي - الأُمّة العراقية والمجتمع المدني -الحلقة الأولى















المزيد.....

الأُمّة العراقية والمجتمع المدني -الحلقة الأولى


حسين درويش العادلي

الحوار المتمدن-العدد: 391 - 2003 / 2 / 8 - 02:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



SWEDEN

توطئة

   ضمن الرؤى التأسيسية المؤمّلة للنهوض النوعي بالذّات الوطنية العراقية وفق مرتسمات وتجارب مغايرة للتجارب الكارثية التي حلّت ببلدنا منذ عام 1921م ، يأتي تناول موضوع المجتمع المدني كأحد أهم التأسيسات التي نهدف إلى تأكيدها والبناء عليها في تشكيل الأُمّة العراقية الجديدة .
   ويدخل هذا الموضوع في صلب مهامنا الوطنية التغييرية الهادفة لإعادة هيكلة الحياة العامة العراقية وجملة الأنشطة والعمليات المرتبطة بها والمتفرعة عنها لإنجاز طبيعة ودور ومستقبل بلدنا ومجتمعنا .
   ولا يخفى على أحد : أنَّ الواقع العراقي بشقّيه الرسمي والأهلي ومنذ تأسيس دولتنا العراقية عانى ويُعاني من ثغرات قاتلة أخلّت بالتوازنية المطلوبة بين ماهية ودور الدولة وبين ماهية ودور المجتمع .
   إنَّ ظواهر الإستبداد والهيمنة ومصادرة الحقوق والتسلّط على مرافق الحياة كافة ، قد ضحّت بشكلٍ خطير بكافة مرتكزات النمو والتناغم والتطور المجتمعي ، وبدل أن تتعاضد الدولة والمجتمع لخلق حالات الرُشد المتقابل والتقويم المتبادل والتعاون المشترك لتحقيق أهداف الأُمّة العراقية .. بدلاً من ذلك ، أخذت الدولة بالتفرّعن والمجتمع بالتمرد ليدخلا نفق الصراعات المزمنة والذي أفقد الحياة رونقها واتجاهها التصاعدي والمُنتج !! والسبب الأساس في ذلك يعود إلى انعدام الأُسس الصحيحة للعلاقة بين الدولة والسلطة والمجتمع ككل ، فهذه العلاقة لم تجد أنظمة بُنيوية تستندها في النشوء والتكامل ، وهي جزء من مشكلة افتقاد الذّات الوطنية العراقية للمركّب البُنيوي الذي تعتمده في إنجاز ذاتها الحديثة بعد الإستقلال ،.. وهنا فإنَّ انعدام المضمون البُنيوي الواضح والمُحدد ، أفقد الحياة العراقية على تعدد مستوياتها وتجلياتها الأُسس في تنظيم شبكة العلاقات وتحديد دوائر المسؤولية وتشخيص أدوار الوجودات المُشكّلة للبُنية الإجتماعية . لقد تم اختزال الدولة بالسلطة ولم يعد للدولة من وجود ، وتم مصادرة المجتمع بالكامل كدور وسيادة وفاعلية ليُلحق بالسلطة كمادة لتنفيذ سياساتها وخططها ، وبالمقابل لم ينهض المجتمع بأدواره الأساسية دفاعاً عن كيانه وحقوقه ، وتمثّل فشله بفشل نُخبه وحركاته وأوساطه في إعادة صياغة منظومات بديلة ومنفصلة عن السائد من جهة ، والتصدي لمواجهة الأنظمة السلطوية في معترك تجاربي بديل مُؤسس على الأرض بحكمة وقوة من جهةٍ ثانية .
   وهنا نقول : أنَّ الفشل في إعادة إنتاج الذّات الوطنية  أسقط الدولة والسلطة والمعارضة والمجتمع في مستنقع التفرّعن والتمرد والدموية والتقلبات المتذبذبة في الرؤى والطروحات والتجارب !! لذا لا نرى إمكانية حقيقية في خلق أية تجربة مجتمعية نوعية جديدة إلاّ بإعادة النظر بالبُنى التحتية لمنظومات التقنين والتنظيم للبُنية الوطنية ككل ،.. وهنا تأتي مفردة التأسيس لتجارب المجتمع المدني وتدعيمها التدريجي والهاديء والمتناسق مع الأنظمة العامة للتجربة العراقية القادمة ، كإحدى التطبيقات التحوّلية في البُنية الوطنية لمجتمعنا بما يُعزز من إجراء التغيّرات المطلوبة .
ما هو المجتمع ؟

   لابد لنا ابتداءاً من التعرض بإيجاز إلى المراد من المجتمع بصيغته الكلية قبل الشروع ببحث المجتمع المدني ، وسنوجزها على هيئة ملاحظات مضغوطة دون الإستدلال عليها تماشياً مع طبيعة البحث :
   1)) كلمة المجتمع مشتقة من فعل جمعَ يجمع ، والمجتمع : الهيئة أو الحالة الحاصلة من اجتماع مجموعة من البشر يعيشون في بيئة واحدة ويتألف بينهم الترابط من جهة القيم والأنظمة والقوانين والتقاليد والآداب والحوائج والأشغال والمصالح المشتركة لتنتج عنهم حياة إجتماعية .
   2)) إنَّ الحياة الإجتماعية من الأمور الفطرية المودعة في كينونة المخلوق البشري ، فالإنسان إجتماعي ومدني بالخلقة ، أي أنها ميزة خَلقيّة طبيعية لا تتولد عن الإضطرار أو الإختيار أو التعاقد ، فالإنسان إنسان بالقوة على حد التعبير الفلسفي ، أي استعداد إنساني محض ، وإنما تخرج إنسانيته إلى الفعل والتحقق من خلال المجتمع .
   3)) مع أنَّ وجود المجتمع كوجود يُعتبر اعتبارياً حيث أنَّ الموجود في الخارج هم الأفراد على سبيل التحقق ، إلاّ أنَّ وجود المجتمع وجود حقيقي بالتبع ، لأنَّ الناتج من التفاعل القائم بين أفراد المجتمع إنما هو ناتج حقيقي وهو الروح أو الطبيعة الجماعية . وهذه الروح الجماعية هي في الحقيقة ناتج جديد حقيقي هي بمثابة نفس جديدة ناتجة عن النفوس الفردية الداخلة في التشكيل الإجتماعي ، فالأفراد وحين انخراطهم في الهيئة الإجتماعية فإنهم يتفاعلون كوجودات حقيقية فيما بينهم من جهة الأفكار والمشاعر والأحاسيس والحاجات والمصالح المتبادلة ، وهنا فالناتج من تفاعلهم الحقيقي هذا هي الروح الجماعية أو النفس الإجتماعية التي هي وجود حقيقي بدوره ، فيكون للمجتمع وجود حقيقي وإن كان إعتبارياً من حيث الأصل .
   4)) للمجتمع أصالة كما للفرد أصالة ، فأصالة الفرد متحققة بذاته وعلمه وعمله وثقافته .. الخ ، وأصالة المجتمع متحققة من الروح الجماعية والشخصية والإدراك والإرادة الإجتماعية العامة التي يؤلفها اجتماع الأفراد وما ينتج عنهم من تفاعل ، فالحياة وموت ورقي وتخلف المجتمعات حقيقة واقعية ، فيمكنك أن تحكم على مجتمعٍ ما بالتخلف مع أنَّ صفة التخلف لا تصدق على جميع أفراده ففيهم الواعي والمتعلم والمثقف ، وهنا فحكمنا جاء على المجتمع باعتبار أنَّ له وجوداً  أصيلاً إلى جانب أصالة أفراده . من هنا كان للمجتمعات سُننها التأريخية الخاصة رقياً أو انحطاطاً مجداً أو ذلةً قوةً أو ضعفاً ، وأنَّ لها أجلاً ومصيراً مشتركاً واحداً .
   5)) أنَّ الأساس في التغيير والتحوّل رقياً أو انحطاطاً يبدأ من داخل النفس الإنسانية ، وعلى ضوء طبيعة هذا التغيير ستتغير الأوضاع والعلائق والروابط الإجتماعية التي هي بمثابة البناء الخارجي التي تستند البُنى الذاتية للعقل والنفس .. على أساس أنَّ الإنسان هو الصانع للتأريخ ، وتمتعه بقوى العقل والإرادة والإختيار يترتب عليه بناءاته الخارجية وما يُنتجه من تجارب تمثل الروح الجماعية التي تُنتج إرادة عامة تقع عليها بالتبع مسؤولية النهوض بذاتها إنطلاقاً من كونها جماعة أو أُمّة تمثل ضميراً ووعياً ونفساً مشتركاً .
   6)) إنَّ العلاقة بين المجتمع أو الأُمّة وبين تأريخها هي علاقة تبعية ، فالأُمّة هي التي تصنع قدرها ومصيرها ، من هنا كان عليها إعداد ذاتها والإرتفاع بمحتواها والرقي بمضامينها ومُثلها وأخلاقياتها واستعداداتها في القوة والمنعة والعلم والعمل لضمان خلق مجدها ، وخلافه فستكتب تأريخ اندحارها بيدها لُتشطب من سجل التأريخ كأُمّة فاعلة مؤثرة شاخصة بقوة وعنفوان .
   أقول هذا كي نُدرك حجم مسؤوليتنا التأريخية في النهوض المجدد بأُمتنا العراقية لصناعة مجدها وعزّها وتقدمها ، فالأمر يدعو لإنبعاث وطني شامل لا مكان فيه للقيم الهابطة والإرادات الرخوة والنوايا السقيمة .




#حسين_درويش_العادلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو أُمّة عراقية سيّدة حُرّة أصيلة((6)) الأُمّة العراقية .. ...
- نحو أُمّة عراقية سيّدة حُرّة أصيلة((5)) الذّات العراقية ، وا ...
- نحو أُمّة عراقية سيّدة حُرّة أصيلة((4))الذات العراقية .. وال ...
- نحو أُمّة عراقية سيّدة حُرّة أصيلة
- نحو أُمّة عراقية سيّدة حُرّة أصيلة


المزيد.....




- حظر بيع مثلجات الجيلاتو والبيتزا؟ خطة لسن قانون جديد بمدينة ...
- على وقع تهديد أمريكا بحظر -تيك توك-.. هل توافق الشركة الأم ع ...
- مصدر: انقسام بالخارجية الأمريكية بشأن استخدام إسرائيل الأسلح ...
- الهند تعمل على زيادة صادراتها من الأسلحة بعد أن بلغت 2.5 ملي ...
- ما الذي يجري في الشمال السوري؟.. الجيش التركي يستنفر بمواجهة ...
- شاهد: طلاب جامعة كولومبيا يتعهدون بمواصلة اعتصامهاتهم المناه ...
- هل ستساعد حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة أوكرانيا ...
- كينيا: فقدان العشرات بعد انقلاب قارب جراء الفيضانات
- مراسلنا: إطلاق دفعة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مستوطنة ...
- -الحرس الثوري- يكشف استراتيجية طهران في الخليج وهرمز وعدد ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسين درويش العادلي - الأُمّة العراقية والمجتمع المدني -الحلقة الأولى