أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسين درويش العادلي - نحو أُمّة عراقية سيّدة حُرّة أصيلة















المزيد.....

نحو أُمّة عراقية سيّدة حُرّة أصيلة


حسين درويش العادلي

الحوار المتمدن-العدد: 372 - 2003 / 1 / 19 - 07:22
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



((2))
الذات العراقية .. بين خَيار الوحدة أو التشظي


 

   * الناظر للمشهد العراقي الحالي في عروضه وبرامجه ونُخبه المُنتِجة للفكر والفعل السياسي المُعارض يكاد يُصاب بالذهول والغثيان للولادات الأميبية والطروحات الجنينية التي تتكاثر على أرضية التشظي والإنقسام في الرؤى والغايات !! فالتكتلات القومية والإعلانات المذهبية والتجمعات العشائرية والتحزّبات المناطقية أخذت بالتعبير عن نفسها بوضوح بل راحت ترسم حدودها القيمية والنفوذية هنا وهناك على حساب وحدة الذات الوطنية العراقية في مرتسماتها ومدياتها الكلية !! وكأنه لا يكفي حجم الأطماع الخارجية التي تتصارع لتقسيم ( كعكة ) العراق سياسياً واقتصادياً وثقافياً .. بل باشرت نُخب وطلائع الخلاص العراقي لتتصارع بدورها على حصص ونِسَب هذه الكعكة باسم العِرق تارة وباسم الطائفة تارة وباسم الحزب والقبيلة والمدينة والعائلة تارة أخرى !! فعلى أرضية هذا التشظي نتخاطب ونتمحور ونُنتج !! بل وغدت حتى محافلنا السياسية تتحاصص النِّسَب وفق قواعد النفوذ الطائفي والقومي والعشائري والعائلي !! وبدل أن توحدنا كوارث التجربة الصّدامية وحجم التهديدات المحدقة ببلدنا بما يُعزز من كياننا العراقي وهو على أعتاب تحولات مصيرية قد تُلقي به في المجهول السياسي والحضاري ،.. وبدل أن نتسامح ونتقاسم الهم والجُهد والأمل لضمان غدٍ أفضل لأجيالنا ولوطننا .. رحنا نتخندق أحزاباً ونتصارع كُتلاً ونتشظى فكراً وسلوكاً وهدفا !!
   ويبدو أننا ما زلنا نعزف على ذات أوتارنا القديمة التي صاغت أكثر ألحاننا حُزناً ،.. إذ لم نستفد من تجارب نحر الذّات على مذبح الأنا العِرقية والطائفية والمناطقية !! فما زالت مقاصلنا تفعل فعلها في الإقصاء من ساحات الوطن لكل مَنْ يُخالفنا الولاء أو الإنتماء !! ودون أن ننهض على تنوع مشاربنا وألواننا وانتماءاتنا  لنُبادر لإنجاز وحدتنا الوطنية الحديثة بما يُحقق لها التميز والتناغم والوحدة ، وبما يقبر كوارث التشتت والتشظي من خلال تدعيم صيرورة أُمّتنا العراقية الجديدة على أساس خطابٍ ومشروعٍ وطني نهضوي حقيقي ينتزع كافة صواعق الفتن التي قد تفجّر الذّات العراقية من الداخل مرةً أُخرى . 

   * ما زالت عقولنا ونفوسنا تنساق بإنسيابيةٍ وراء ذاكرتها وتأريخها المنصرم لتُكرر ذات المشاهد وذات التجارب المُنتجة للكوراث ،.. والأغرب ؛ أنَّ البعض يطلب حقوقه من البعض وهم مادة الكُل الوطني !! الشيعي يطلب حقه من السُّني ، والكردي من العربي ، والتركماني من الكردي !! ويبدو أنَّ الذّات العراقية افتقدت بوصلة الإتجاه كذات وطنية كُلية لصالح ذوات ضيّقة قامت على أساس قيم وولاء وانتماء ومصالح وهوية العِرق أو الطائفة أو القبيلة أو الحزب أو النُخبة أو المدينة أو العائلة أو الفرد ، وبدل أن تكون المغذِّيات عامة وشاملة من وإلى وعلى أساس الأنا العراقية الكُلية .. أخذت المغذِّيات الخاصة هي العاملة والمُحدِدة في إنتاج الذات العامة وفي توجيه حركتها وصياغة تجاربها وإن تمسحت بالوطنية إلاّ أنها لا تعدو أن تكون صورة لغلبة الأنا الضيّقة على حساب الأنا العراقية ككل .

   * وهنا سنكتشف أنَّ المشكلة الأساس تمثلّت بالتعاطي مع الذّات العراقية الوطنية الجديدة من خلال منطق الأنا الفكرية أو الحزبية أو العشائرية أو الطائفية أو المناطقية أو العائلية أو الفردية في ظل غياب مطلق للنحن الوطنية كماهية حقيقية فاعلة ومنفعلة وناتجة عن الكُل العراقي بصدق !! فلم يكن للنحن من معنى مُحدد ، أي لم تأخذ النحن صيغتها الجوهرية في بناء الذّات العراقية الحديثة ، بل بقيت الأنا الضيّقة تعمل وتفعل وتُنتج باسم النحن زوراً ،.. فالدولة وهي مؤسسة الكُل الوطني بقيت في إطار الأنا العائلية أو الحزبية أو الطائفية ، وكذلك مؤسساتها في مفاصلها الهامة ، والحال ذاته لدى النُخب ومؤسسات المجتمع المتنوعة ، فهي متوزعة على أساس الأنا التقليدية .. وهنا فإنَّ صياغة الذّات الوطنية العامة صياغة حقيقية بنيوية هاضمة ومستوعبة ومُعبّرة عن كافة الخصوصيات الداخلة في تكوينها الذاتي العام لم تكن هماً ومشروعاً وثقافةً عراقية على المستوى الجوهري بل القشري القابل للتهشّم أمام أول احتكاك بالأنا الخاصة قوميةً كانت أو طائفيةً أو حزبية أو عائلية ..الخ ، والدليل ما تشهده ساحتنا من تغليب الأنا الضيّقة على حساب النّحن الوطنية الكلية في تموضعاتها السياسية والمجتمعية الحالية ،.. وما هذه الولادات الجنينية (( في الفكرة والبرنامج )) التي تشهدها الساحة العراقية اليوم على أساس تكتلٍ ديني وإعلانٍ مذهبي وتأطرٍ قومي وتحزّب مناطقي إلاّ دليلاً على ضعف وفشل ثقافة وحس وانتماء وحضور النّحن قبال الأنّا في أنظمتنا الوطنية .. فلا عجب إن كان سؤالنا الأول عن الإنتماء القومي أو الطائفي أو العشائري أو العائلي للشخص قبل السؤال عن فكره وبرنامجه واطروحته !! بل غدت حتى نُخبنا الحالمة بإقرار البديل الوطني على أساس النحن الوطنية العامة ، غدت تنظّم المؤتمرات وتٌقيم التحالفات على أساس الأنا الضيّقة في أبعادها القومية والطائفية وما إلى ذلك ،.. طبعاً واللافتة التي تختفي خلفها حالات الأنا الخاصة هذه هي الإضطهاد والتنكيل ومصادرة الحقوق .. وهو حق ، ولكن ؛ أن يتم بناء الذّات الوطنية والصيرورة العراقية مُجدداً على أساس تحاصص الأنا الضيّقة في بناء الدولة والتجربة القادمة هو ما سيقضي على رفعة ووحدة وسيادة هذه الذات مجدداً دونما أدنى ريب .. وهي محاولة تقزيمية وورائية أخرى للهوية العراقية ،.. فالثقافة والخطاب الكارثي السائد هو غلبة الأنا على النحن ، فالكُل يطلب حقه من الكُل ، والبعض يطلب حقه من الكُل ، والبعض يطلب حقه من البعض .. في حمى هستيرية لا تتورع عن توظيف كل الممكنات لخدمة هذه الأنا وهذا البعض بما فيها ممكنات التحالف والعلاقة مع دوائر القرار الإقليمي والعالمي  !!
   لقد أخذت كل طائفة وقومية ومدينة ترسم حدودها القيمية والنفوذية هنا وهناك على حساب الذات الوطنية العراقية ككل دون أن ينهض عقلاء العراق من كافة طوائفه وقومياته ليبادروا لإنجاز ذاتهم الوطنية الحديثة بما يُحقق لها التميز والتناغم والوحدة .

   * إنَّ أخطر ما في حمى الأنا الهستيرية الضيّقة هذه : أنها تؤسس لمعايير ضيقّة على حساب المعايير الوطنية الشاملة ، وعلى الرأي العام العراقي إدراك خطورتها الإستراتيجية على مناحي الحياة العراقية في كافة مناحيها ومفاصلها .
   وبكلمة نقول : إنَّ صناعة الوطن وفق معايير الطائفة والعِرق والقبيلة والعائلة والفرد .. إضافة إلى أنها تستهدف خلق ذوات ضيقّة ضمن ذات الوطنية الواحدة مما سيمزق هذه الذات ويسلب عنها مقومات القوة ،.. كذلك سيؤدي أيضاً إلى العزل السياسي والطائفي والعِرقي والثقافي المتبادل بين أبناء الوطن الواحد لأنه سيقود لخلق كانتونات متحصنة بمعاييرها الذاتية ، وهنا فإنَّ التنافس القائم على رقعة النفوذ ونوع المصالح والتعبير عن الذات ستولد الكراهية جرّاء إختلاف نمط المعايير والمصالح المُعتَمدة لدى كل طائفة وفرقة وما تختزنه من طروحات ورؤى ، وستنتج عن هذه الكراهية حالات التصادم لا محالة .
   لذلك نزعم : أنَّ من أشد صُنّاع الكراهية والتصادم المجتمعي القادم هم صُنّاع المعايير والتجارب الضيّقة ،.. إنهم يعملون بالتضاد مع الوحدة الوطنية التي يجب أن تُؤسس على معايير المواطنة المتكافئة والمتساوية ، ولعل في طليعة طوابير صُنّاع الكراهية والتصادم المجتمعي في بلدنا تأتي السلطة الحاكمة كأكبر قوة صانعة للكراهية والتصادم بين أبناء البلد الواحد وذلك من خلال برامجها القائمة على أساس المعايير الضيّقة كالطائفية والعِرقية والعائلية .. لضمان تسيير المجتمع والسيطرة عليه من خلال تشتيته ،.. وأيضاً فللغرباء المستوطنين لبلدنا ولجسدنا العراقي الحالي في أغلب مفاصله والذين لا تشتملهم المعايير الوطنية وفي طليعتها الإنتماء العراقي .. لهم الدور الحاسم في صناعة معايير التشتت ، لأنَّ أي تطبيق لمعايير المواطنة العراقية واستحقاقاتها سوف تلفظهم خارجاً ، فكيف يمكن قبول تولي غير العراقي لمرافق القيادة والنفوذ والعمل الوطني العراقي سواء كان دينياً أو طائفياً أو قومياً أو سياسياً ؟! من هنا فالتعويم والإستلاب للهوية العراقية واعتماد معايير الأنا الضيّقة في الرؤى والمصالح على حساب المعايير الوطنية الشاملة ستمكنهم من الإستيطان والتحكم والنفوذ في بلدنا ومجتمعنا ،.. والحال نفسه ينطبق على القوى الخارجية الطامعة .
      * إذن : فالمشكلة في بُعدها الحقيقي تتمثل أساساً بقدرتنا على إعادة إنتاج ذاتنا العراقية على أساس معايير وطنية راسخة تتوحد كوجود متناغم ومتكامل تُحدد الأنا العراقية بوضوح قبال الآخَر أيّاً كان ،.. فالذّات العراقية متداخلة والآخَر لحد النخاع !! فالكُل ومن خلال كافة المسميات الطائفية والعِرقية والمصالحية داخل فينا كأحدنا ، ونحن خارج دائرته !! إنك لن تجد ذاتاً وطنيةً مُستباحة كذاتنا العراقية !! فهل من وقفة نعي فيها صيرورتنا ومستقبلنا ؟
 



#حسين_درويش_العادلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حمزة يوسف.. الوزير الأول بإسكتلندا يعلن أنه سيستقيل من منصبه ...
- مصادر لـCNN: حماس تناقش مقترحًا مصريًا جديدًا لإطلاق سراح ال ...
- رهينة إسرائيلية أطلق سراحها: -لن أسكت بعد الآن-
- لا يحق للسياسيين الضغط على الجامعات لقمع الاحتجاجات المناصرة ...
- باسم خندقجي: الروائي الذي فاز بالجائزة العالمية للرواية العر ...
- بلينكن يصل إلى السعودية لبحث التطبيع مع إسرائيل ومستقبل غزة ...
- ظاهرة غريبة تثير الذعر في تايوان.. رصد أسراب من حشرات -أم أر ...
- مصري ينتقم من مقر عمله بعد فصله منه
- لردع الهجمات الإلكترونية.. حكومة المملكة المتحدة تحظر استخدا ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة في دونيتسك والقضاء على 975 جن ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسين درويش العادلي - نحو أُمّة عراقية سيّدة حُرّة أصيلة