أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - الحصان الاعمى














المزيد.....

الحصان الاعمى


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5304 - 2016 / 10 / 4 - 14:49
المحور: الادب والفن
    


الحصان الاعمى
محمد الذهبي
لايدري كيف تسربت الى ذاكرته تلك الحكاية مخترقة السنين، لتظهر ناصعة كما حدثت بدون زيادة او نقصان، اندهش من تلك الذاكرة الغضة، هل كانت هي هكذا ام هذه اشتراطات العمر ام الوقت، افترض ان الهموم اذا تراكمت ربما افسدت الذاكرة، وكذلك السنين اذا تراكمت افسدتها ايضا، كالمجنون يعبر تلك المقبرة التي تشرف على مرتفع يسميه ( اليشان)، ينتظر عودة آخر دفان، وقبلها ينظر باتجاه الفوانيس التي تضيء من بعيد، تضيء عالم الاطفال الاموات، ليهرع صباحا الى نفس المكان يرى مافعلوا ، وكيف دسوا الطفل في التراب، فيرى بقايا جريد سعف النخيل وآثار اقدام على الممرات بين القبور، وحفرة جديدة، ومعلمة بعدد من الحجارة، عندما اموت سيفعل ابي هكذا معي، وهو بعد منشغل بافكاره السوداء التي ايقظت ذاكرته على كثير من الاحداث الشيطانية، كأنه حارس لتلك المفازة من الارض وتلك القبور؛ العشاق واصحاب السيارات من الذين يجلبون العاهرات هناك، حتى مرة دعاه احدهم بالحرف الواحد: ماذا تريد؟ كانت هي تحمل ( علاكة السوك الفارغة) وتشيح بوجهها بعيدا، فقال له: تعال اتريد تتونس؟ (بس انته بعدك ازغيّر)، اشاح بوجهه عنه وهو يرصد اصفرار وجه المرأة، كأنها خالية من الدماء، كانت تحمل سحنة الموتى، فظن ان الجنس يفعل هذا، لكنه لم يدر بأنه الخوف والمجازفة، ولايدري على ماذا، فهو لم يصل حد البلوغ، ولم يجرب اشتعال الرغبة.
بكر صباحا الى القبور وهو يرصد حركات العشاق ككل يوم، كانت متعة كبيرة لديه عندما يجد عاشقين في حالة تلبس، لايشيح بوجهه عنهم، يريد ان يعرف مايجري، فيتعالى صوت الذكر دائما بالصياح، وكأنه هو الوحيد المسؤول عن هذه العملية: ( امشي ولي لك)، فيعود ادراجه ليتلصص من بعيد، هذا الصباح يختلف تماما، فقد جاء اثنان من الرجال يقودان حصانا وهو يتعثر في مشيته، انا اعرف ان البحيرة المالحة التي تحت ( اليشان) هي مقبرة الخيل في مدينتنا، اذ بمجرد ان يصاب الحصان بجرح بليغ ويصبح لافائدة منه، يجري سحبه الى ( المقلع المالح) ، ويترك ليلاقي مصيره، وهذا الحيوان الذكي يزعجني دائما، انه لايحاول الخروج، حتى وان حاولنا معه بالعصي والهراوات، هل يجد راحته في المياة المالحة، وهل ان هذه المياه تكون بمثابة علاج لجراحه، لم اتبين هذا الامر ابدا، الاثنان صعدا بالحصان الاعمى الى اعلى نقطة، وقاما بدفعه من هناك، فسقط في البحيرة ( المقلع)، وراح يسبح بقوة ولكنه ضائع تماما مع ان المساحة لم تكن كبيرة جدا، يناضل في احد الاتجاهات، حتى اذا اقترب من اليابسة ولم يبق له سوى ستة او سبعة امتار عاد ادراجه متوهما ان العودة ستنفعه اكثر من التقدم الى الامام، دام على هذا الامر طويلا، امن الرجلان خروجه فغادرا المكان، وبقي يرقب حركاته وهو يسبح بكل الاتجاهات، تعب اخيرا ووقف يستريح، ثم اعاد الكرة ثالثة ورابعة وخامسة، هبط من المرتفع ليقف له على احد الجوانب المنخفضة ويدعوه، لكنه لم يفهم، يقول له: (تعال وصلت) ، هذا هو الجرف، لكنه يجفل ويعود ادراجه الى الخلف، كانت الساعة قد تأخرت وعليه ان يذهب الى المدرسة، تركه وعاد اليه في اليوم التالي وهو يحمل كيسا من الخبز اليابس فرأى الحصان وليمة للكلاب السائبة وهي تمزق ماتستطيع منه.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحمقى لايرقصون
- سليمهْ
- في الثورة
- الدور الثالث ضربة قاضية للتعليم في العراق
- عيد في العراق
- البحث عن صلاة الفجر
- الجثث لم تقل شيئاً
- الرجل الكلب
- خربها ابن الكلب
- تقاعد في بسماية
- الطيور تقع ميتة
- رأس الرئيس كان كبيرا
- فياغرا
- دفاعا عن النفس
- الساعة الخامسة عصرا
- لماذا لم انسحبْ
- آلة موسيقية
- كم طال ليلك ياهذا وماعلموا
- لصوص المفخخات
- انين الناي


المزيد.....




- يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
- تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب ...
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- وَجْهٌ فِي مَرَايَا حُلْم
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- نظارة ذكية -تخذل- زوكربيرغ.. موقف محرج على المسرح
- -قوة التفاوض- عراقجي يكشف خفايا بمفاوضات الملف النووي
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - الحصان الاعمى