أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الحلبي - الأكراد والبليارد















المزيد.....

الأكراد والبليارد


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 5297 - 2016 / 9 / 27 - 19:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(هذا المقال يتناول مواقف القيادات السياسية الكردية، وليس الشعب الكردي بالتأكيد)
رغم اختلاف تسمياتها وتنوع قواعدها وبلاد منشئها، تبقى لعبة البلياردو متشابهة في كثير من تفاصيلها، وفي مقدمتها وجود منضدة، عليها كرات اختلفت أعدادها، وتنوعت المواد التي تصنع منها، وعصى لضرب الكرات ودفعها للاتجاه إلى جيوب مثبتة على جوانب المنضدة، ثم السقوط فيها، ولاعب أو أكثر يتناوبون الإمساك بالعصا لضرب الكرات، لكن يبدو أن الكرة البيضاء هي أهم الكرات التي على سطح المنضدة، تلك التي يضربها اللاعب بالعصا لكي تصدم هي بدورها باقي الكرات، محاولة دفعها إلى الجيوب والسقوط فيها.
ربما تكون هذه المقدمة مناسبة للوصول إلى القول بأن الكرة التي تستهدفها العصا في لعبة البليارد، تشبه إلى حد بعيد القوى السياسية الكردية المتواجدة على أراضي أربعة كيانات سياسية قوية هي دول العراق وإيران وتركيا وسوريا، حيث تقوم هذه الدول باستخدام الكرة الكردية ضد بعضها البعض. وربما كان من سوء طالع قبائل الكرد أنها نشأت وتوضعت في بيئة جبلية قاسية في غرب آسيا منذ أزمنة سحيقة، ونظراً لقسوة الطبيعة هناك وانعزالها عن ساحل بحري، فقد أدى ذلك بالتالي إلى انعزال القبائل الكردية، وتشتتها في جبال شاهقة ووديان سحيقة، مما أدى إلى استحالة قيام دولة كردية متماسكة تجمع شملهم، وتثبت كيانهم سياسياً وقومياً، فاشتراكهم في لغة واحدة، وبتاريخ أقرب إلى الأساطير، وبتوجهات عامة باتجاه هدف مشترك، هذه جميعها لم تمكنهم من تحقيق حلمهم بقيام دولة كردية، فالطبيعة القاسية كانت أقوى من جميع تلك الروابط، مما اضطر القوم إلى الخضوع للكيانات السياسية التي اجتاحت مناطقهم منذ فترة ما قبل الغزو المغولي، إلى ما بعد سقوط الإمبراطوريتين: الروسية والعثمانية، والاتحاد السوفييتي. وبعد نشوء الكيانات السياسية التي يتوضعون على أراضيها (العراق - إيران - سوريا - تركيا) استمر الأكراد في مناطقهم، تفصلهم حدود تلك الدول، دون أن تلغي أحلامهم بقيام دولة واحدة تجمعهم.
لكن الأخطر في حياة الأكراد كان تنافس الدول التي يقطنونها، وقيامها باستخدامهم ضد بعضها البعض، فباستثناء قيام دولة " مها آباد" الكردية شمال غرب إيران في أربعينيات القرن الماضي - ولمدة لم تزد على ستة أشهر بسبب غياب السلطة المركزية للدولة الإيرانية -، لم يتمكن الأكراد من الاقتراب من حلمهم التاريخي، وبالتالي كانوا دوماً على استعداد لأن يكونوا الكرة التي تحركها العصا الخشبية لكي تطيح بالكرات الأخرى خدمة لمآرب حامل العصا، أو بعبارة أخرى أصبحوا " بندقية للإيجار"، وكلما ضعفت سلطة الدولة في أي من تلك الدول الأربع، ازدادت قدرة الأكراد على قضِّ مضجعها، وبالتالي خدمة من يريد إلحاق الضرر بها.
العراق: ففي ستينيات القرن الماضي، وبتجدد النزاع التاريخي بين العراق وإيران بسبب قيام حكم قومي في العراق بعد الإطاحة بالملكية عام 1958، وإسقاط حلف بغداد الذي كانت إيران أحد أهم مؤسسيه، دعمت إيران بقوة - معززة بالموساد الإسرائيلي - ثورة الملا مصطفى البرزاني في شمال العراق، وزودته بالمعدات وأجهزة الاتصال والمال والسلاح لكي يقض مضاجع الحكومة العراقية، وصور القادة الأكراد وزياراتهم المتكررة إلى إسرائيل تثبت هذه الوقائع بما لا يدع مجالاً للشك والريبة، ورغم التعاطف العربي مع العراق( حيث أرسلت سوريا عام 1963 لواء اليرموك بقيادة الضابط فهد الشاعر للقتال مع العراقيين)، فقد تواصلت ثورة الأكراد إلى أن توجت – وللمفارقة ليس بقيام دولة كردية -، بل بإجبار شاه إيران العراقيين على توقيع اتفاقية الجزائر عام 1975، تلك التي خسر فيها العراق السيطرة على كامل مياه شط العرب – النهاية الجنوبية لحدود العراق الشرقية مع إيران – فتقدم خط الحدود الإيراني إلى منتصف مياه الشط. نتيجة لذلك توطد نفوذ البرزاني دون أن يصل إلى حد إعلان قيام دولة، وخلال نشوب الحرب العراقية – الإيرانية (1980-1988) وما بعدها، توطد الكيان السياسي لإقليم كردستان العراق، وفي فترة التسعينيات، في أعقاب حرب الخليج الثانية وفرض الحصار الدولي على العراق ورفع الإقليم علمه الخاص به، انحسر النفوذ الإيراني عنه، مع تصاعد واضح للنفوذين الأمريكي والإسرائيلي، كما شهدت تلك الفترة صراعاً مريراً بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم، وهما حزب مسعود البرزاني ( الديمقراطي الكردستاني )، وحزب جلال طالباني ( الاتحاد الوطني الكردستاني )، وكلاهما زعيمان تقليديان للأكراد، مارسا النفوذ القبلي من أجل الاستئثار بحكم الإقليم والسيطرة على موارده المتأتية أصلاً من رسوم الترانزيت وعمليات التهريب (أسلحة – بضائع - مخدرات)، ووصل الصراع بينهما حداً استقوى به الطالباني بإيران والبرزاني بحكومة بغداد ، ولم ينته هذا الصراع إلا بدخول المخابرات المركزية فعلياً أراضي الإقليم، لكي تنطلق منه باتجاه العاصمة بغداد، مستفيدة من حظر الطيران الذي حرم العراق من إمكانيات سلاحه الجوي لصد توجهات الأكراد وحلفائهم من القوى الغربية، وبعد احتلال بغداد عام 2003، يبدو أن نزع فتيل الصراع بين مسعود البرزاني وجلال الطالباني قد حسمه الأمريكيون بفرض هذا الأخير رئيساً لجمهورية العراق.
تركيا: نظراً لتركز غالبية الأكراد في جزئها الجنوبي الشرقي، وبسبب الطبيعة الجبلية القاسية الوعرة، فقد كانوا كذلك أدوات تحركهم دولتا إيران وإقليم كردستان العراق، وربما سوريا في بعض الأحيان. فخلال فترة انحسار نفوذ بغداد عن إقليمها الشمالي، كردستان، نشط فيه حزب العمال الكردستاني التركي، الذي اتخذ من جباله المنيعة منطلقاً لمهاجمة القوات التركية، التي اتخذت من سياسة الهجوم على شمال العراق لمهاجمة قوات الحزب هناك سياسة ثابتة خلال تسعينيات القرن الماضي، كما أن سوريا حافظ الأسد قد ساهمت في دعم ذلك الحزب الكردي باستضافتها زعيمه عبد الله أوجلان، الذي أنشأ معسكرات تدريب لرجاله في سهل البقاع اللبناني تحت إشراف سوري، واستمر إلى أن أجبرت تركيا الرئيس حافظ الأسد على التخلي عن أوجلان وطرده من سوريا ولبنان عام 1998، ثم ألقي القبض عليه في نيروبي بكينيا عام 1999. تبدو تركيا وكأنها الطرف الوحيد من منظومة الدول التي يقيم فيها الأكراد، والتي لم تستفد من تحريكهم داخل البلدان المجاورة، بل لعلها تكون الدولة الأكثر تضرراً من محاولات دول الجوار الاستفادة من" الكرة الكردية "، واقتصر الدور التركي على الدفاع عن حدودها الجنوبية الشرقية، وتصديها لسياسات كل من العراق وسوريا وإيران الرامية إلى الاستفادة من الوجود الكردي داخل الأراضي التركية.
سوريا: ربما كانت طبيعة الأرض السهلية التي يقيم فيها الأكراد شمال شرق سورية، من بين المعوقات أمام قيام حركة كردية سورية مسلحة، على عكس ما هو عليه الحال في المناطق الجبلية في كل من العراق وإيران وتركيا، فجبال شمال شرق سورية في أعلى قممها ( 550 متراً عن سطح البحر) هي أقل ارتفاعاً من مدينة دمشق ( 740 متراً عن سطح البحر ) وهذا ما ميز ميل أكراد سوريا إلى النضال الثقافي، وربما السياسي السلمي، والابتعاد عن ترسُّم خطى أقرانهم في العراق وتركيا، وربما في إيران، علاوة على تمدد الأكراد على كامل مساحة الأرض السورية، مما أوجد بينهم نوعاً من ضعف الشعور القومي (ضعف وليس زوال)، فالكثير من أكراد سورية لا يتقنون التحدث باللغة الكردية، ويجهلون تاريخهم، كل ذلك علاوة على القبضة الأمنية الحديدية لنظام البعث في دمشق حيال كل ما كان يمكن أن يصدر من أكراد شمالها الشرقي.
إيران: يتوضع الأكراد في جهاتها الشمالية الغربية مع حدود تركيا والعراق، وكانت أولى محاولاتهم السياسية هي استغلال انشغال طهران بمجريات الحرب العالمية الثانية، فأعلنوا عام 1945 دولة "مها آباد" التي استمرت لمدة لم تزد على الستة أشهر قبل أن تعود القوات الإيرانية لكي تلغيها وتعدم قادتها. وفيما بعد، نجحت دبلوماسية شاه إيران في تدجين القيادات الكردية وتحييدها في صراعات دول المنطقة، بل إن دعمه لأكراد العراق قد جعله أقرب إلى قلوب أكراد إيران، والأكراد بشكل عام، فقد تعاون جهازا السافاك الإيراني والموساد الإسرائيلي في إيصال المساعدات إلى الملا مصطفى البرزاني لتدعيم ثورته ضد الحكومة المركزية في بغداد، ونتيجة لذلك، وبدم ضحايا الصراع من الأكراد والعرب العراقيين، كتبت "اتفاقية الجزائر" لعام 1975، التي وقعها العراق مرغماً بفعل التمرد الكردي، والتي خسر بموجبها – كما أسلفت – نصف شط العرب لصالح إيران، وبعد قيام ثورة الخميني عام 1979، كان طرحها الإسلامي نوعاً من مسكن هدأ من جموح الأكراد عموماً، والإيرانيين منهم بشكل خاص، علاوة على أن استمرار العداء الإيراني للعراق - ربما أشد مما كان عليه الحال زمن الشاه، متمثلاً في حرب الثماني سنوات (22/9/1980-8/8/1988) - والتي اتهم العراق زوراً ببدئها والإصرار عليها* - قد أرضى الأكراد إلى حدٍّ ما، وحال بينهم وبين اللجوء إلى القوة المسلحة للمطالبة بحقوقهم القومية.
في جميع الحالات، ومهما تغيرت العصا واللاعبون، تبقى الكرة المستخدمة في ضرب باقي الكرات هي الكرة الكردية: تُضرب هي بالعصا، وتَضرِبُ هي غيرها من الكرات في نفس الوقت تقريباً. نوفمبر/ 10/2011
_______________________________________
*- صرح عبد الأمير الأنباري، مندوب العراق في الأمم المتحدة، بأن العراق وافق على وقف القتال بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 479 بتاريخ 28 سبتمبر 1980 بعد ستة أيام من بدئه، لكن إيران رفضت. وعندما اضطر الخميني إلى الموافقة على وقف القتال مع العراق في 8/8/1988، قال قولته المشهورة:"إن تجرع السم أهون عليَّ من توقيع هذا الاتفاق".



#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصديق فخري البارودي صاحب -بلاد العرب أوطاني-
- الوحدة العربية: بالقوة؟، ولِمَ لا؟
- الثابت والمتحرك في القضية السورية
- هل هي بالفعل أدوات تواصل؟
- دردشة في السياسة السعودية
- حاولت جهدي أن أكون حماراً ... ونجحت
- الكلمة الطيبة
- مشاهد منسية، من أيام دمشقية +60
- حوثيو العراق!، ودواعش اليمن!
- صدق من قال: الكونغرس الأمريكي أرض إسرائيلية
- جاري صاحب الكيف: علاقة آثمة مع الخليفة البغدادي
- عنجهية فرنسية فارغة
- لا أحد يستطيع معاندة الحكومة،،، يا بُني
- جاري صاحب الكيف تاجر كراسٍ
- الحمار الفلسطيني، وجزرة الدولة الوهمية
- سائق القطار
- اللاشيء
- جاري صاحب الكيف تاجر سيارات مستعملة
- جاري صاحب الكيف يتاجر بالمسؤولين العرب
- جاري صاحب الكيف، طائفي ماكر


المزيد.....




- زيلينسكي يتفقد موقع الهجوم في كييف ويطالب بتكثيف الضغط الدول ...
- صاروخ سجيل.. ما مميزات السلاح الذي أطلقته إيران لأول مرة على ...
- ترامب لبوتين: -توسط في شؤونك الخاصة-.. ردا على عرضه التوسط ب ...
- ماذا نعرف عن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية؟
- لماذا اختارت إسرائيل -الأسد الصاعد- اسمًا لعمليتها العسكرية ...
- لماذا تتردد روسيا في مساعدة إيران في صراعها مع إسرائيل؟
- -بلومبرغ-: مسؤولون أمريكيون بدأوا الاستعداد لاحتمال شن هجوم ...
- -نيوزويك-: الولايات المتحدة تطلب الحد من ذكر أوكرانيا في بيا ...
- -تم نفيه وتعرض لمحاولة اغتيال-.. أبرز المحطات في حياة علي خا ...
- الطاقة الذرية الإيرانية: سنرد على تقاعس -الدولية للطاقة الذر ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الحلبي - الأكراد والبليارد