أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خضر محجز - كلام في الثقافة














المزيد.....

كلام في الثقافة


خضر محجز

الحوار المتمدن-العدد: 5273 - 2016 / 9 / 2 - 21:54
المحور: الادب والفن
    


كلام في الثقافة

الثقافة فعل دنيوي، فنحن نعلم جميعاً أنها صناعة بشرية من فعل الدنيا. ولو ذهبنا إلى أصل الكلمة في العربية لوجدنا معناها تشذيب العود، أي تغيير طبيعته. ثم لو ذهبنا إلى معناها في الانجليزية لوجدناه مشتقاً من الزراعة، وهي تغيير آخر للطبيعة. وكل هذا يؤكد التغيير الذي يجريه الناس على الطبيعة. فالطبيعة والثقافة فعلان متقابلان. فحين أقول عن إنسان بأنه طبيعي، فذلك يعني اليوم أنه غير متحضر، أو حتى مقبول بين المتحضرين. فالمتحضرون أناس أجرت عليهم الحضارة تغييراً ما.

لكن المعنى الاصطلاحي اليوم لكلمة مثقف يقترب من قولنا عن شخص ما بأنه أكثر من متعلم، أو شخص يجيد إلى جانب التعليم الأساسي فناً علمياً أو أدبياً ما، يفوق ما يجيده المتعلمون العاديون.

ثم صار المصطلح ينزاح رويداً رويداً نحو التحديد، بحيث صار المثقف هو الشخص الذي يرتدي زياً أنيقاً إلى حد ما، ويتكلم بطريقة متخصصة في شيء ما، ويتصرف بطريقة أكثر نعومة خلال نقاش الأمور الخطيرة.

ولكي نختار واحداً من هذه المفاهيم يمكن لنا التوحيد ما بين المثقف والمفكر. وعلى هذا يصبح الكلام عن المثقف هو الكلام عن شخص يشتغل بمناقشة الأفكار. فالسياسي والأديب والشاعر والناقد والسينمائي والمسرحي والممثل الفنان كلهم مثقفون.

بقى السؤال: فلم لم تدرج بين هؤلاء رجل الدين؟

لأن رجل الدين لا يناقش الأفكار، بل يبحث في محاولة فهم أوامر الإله. فالفكر لدى رجل الدين لا يحتل مكان الأولوية، خصوصاً وأن الفكر مادة قابلة للدحض مطلقاً أو نسبياً، بخلاف الدين الذي لا يمكن نقده من الجذور.

هكذا عدنا لنؤكد أن الثقافة فعل دنيوي بامتياز. وربما لهذا ظلت هناك دوماً مسافة من الشك والتحسب تفصل بين المفكرين ورجال الدين. فإذا كان دور رجل الدين بيان الحكم الإلهي، فدور رجل الفكر بيان الحكم الدنيوي.

يهتم رجل الدين بقيادتك إلى الآخرة ربما بما يضر بدنياك، ويهتم المفكر بقيادتك إلى مصلحتك الدنيوية ربما بما يضر بآخرتك. واضح أنني أتكلم عن الشكلين المتطرفين لرجال الدين والفكر. وما ذاك إلا لأتمكن من وضع الحدود بين المفهومين.

حسناً، لقد علمنا ما هي مهمة رجل الدين، وعلمنا كيف يؤديها. فما هي مهمة المثقف، أو رجل الفكر؟

أعتقد أن مهمة المثقف أن يحسن أمرين:

1ـ أن يحسن استخدام أدواته وتطويرها

2ـ أن ينحاز إلى جانب الجمهور، ويتبنى قضايا الذين لا أحد يتبنى قضاياهم.

ففي المقام الأول على المثقف أن يلتزم بشروط مهنته: فإن كان روائياً، فعليه أن يكون روائيا جيدا يقص قصة ممتعة. وإن كان شاعراً فعليه أن يمس مشاعرنا ويحلق بنا إلى عوالم بعيدة عن كل هذا القبح، عوالم من الخير والحب والجمال. وإن كان سياسياً فعليه أن يحسن التلاعب بالكلمات ويقدر المواقف ويستطيع الموازنة بين الممكن والمستحيل، تقديراً لوجوب الوصول إلى أقصى الممكن... وهكذا

وفي المقام الثاني على المثقف أن ينحاز إلى جانب الوطن والفقراء والمرأة والعدالة وحقوق المهمشين وقضايا الحريات والمساواة الاجتماعية.

كل ذلك يطرح سؤالاً:

ما مدى صحة أن نصف شخصاً بالمثقف لمجرد أنه شاعر كبير يمتعنا، ورغم ذلك فهو متحالف مع غير الوطن؟ هل هذا الشخص مثقف، أو مفكر؟

يبدو لي أن كلمة مثقف صارت في العقود الأخيرة تحمل مضموناً أخلاقياً. فما هو غير أخلاقي يجب أن يكون غير ثقافي، لسبب بسيط هو أنه من بقايا الغرائز المنحطة التي سبق لمسيرة الحضارة أن طوعتها أو تخطتها، فالعودة إليها هي عودة إلى الطبيعة، إلى الغابة، إلى وقت كان فيه البشر يأكلون البشر.

لكن بعضهم خرج لنا بتقسيمات للمثقفين أهمها:

1ـ المثقف العضوي ـ والتعبير لغرامشي ـ الذي ينتمي إلى طبقة صاعدة ينظر لانتصارها. وهو قريب من المثقف الملتزم عند سارتر.

2ـ المثقف التقليدي وهو المستقر في وظيفته، كالقاضي والمحامي والمعلّم والمهندس.. إلخ

3ـ المثقف التقني، وهو الذي يفصل بين المعرفة والسياسة، فيرى في المعرفة ملكية خاصة قابلة للبيع والمقايضة، وهو ما يجعله يقيم علاقة وثيقة بين المعرفة والمصلحة.

4ـ المثقف الريفي، وهو الذي يجعل المعرفة سبيلاً إلى الوجاهة الاجتماعية.

5ـ المثقف التلفيقي وهو الذي يعثر على وصفة خاصة لكل فترة.

والآن ماذا نريد نحن من المثقف، أو ماذا نتوقع منه؟

يبدو أن الجواب صار حاضراً



#خضر_محجز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية مصائر لربعي المدهون : ثرثرة مملة لكن لا تطبيع ولا ما ي ...
- اللهم إني خائف
- في الثقافة والدنيوية
- قصة كاذبة عن تطور المخلوق الطبيعي إلى شيء آخر
- خطاب الرئيس مرحلة أخرى
- حول الشعر والنسوية والوطن: هذيان متدين أحمق
- خطاب الرئيس محمود عباس: قراءة واستنتاج
- زوووم8
- داعش ومصر وحماس: قراءة في نقض الحكم
- أحد عشر كوكباً
- الإصلاح والمبادئ
- العرب وفلسطين: ثم ماذا؟
- عن داعش والداعشيين الحقيقيين
- المستحيل يحدث أحياناً: قراءة في الاتفاق الأخير بين حركتي فتح ...
- جعلتك قبلتي في كل حين
- على الجميع أن ينتظر كلام غزة
- هناك عندما في الأعالي -من وحي ساعة غزة-
- المصالحة الفلسطينية والرواتب
- حقيقة منصب الخلافة لمن يقولون بمنصب الخلافة
- الاتفاق الأخير والهتاف لسعادة لم تتحقق بعد


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خضر محجز - كلام في الثقافة