أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون خوري - الربيع ...ومواسم أخرى














المزيد.....

الربيع ...ومواسم أخرى


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 5271 - 2016 / 8 / 31 - 18:33
المحور: الادب والفن
    



" الربيع.. ومواسم أخرى "
سيمون خوري:

عنوان المادة مقتبس من مجموعة قصصية للكاتب الفرنسي " جان ماري لوكليزيو " الحائز على جائزة " نوبل " للآداب العام 2008 .بيد ان النص لا علاقة له بالكاتب المبدع.
بعد غياب قسري قررت العودة الى داخلي . أغوص في ثنايا الذاكرة المشبعة بالهموم، والخوف كحارس مرمى من ضربة جزاء غير متوقعه.
منذ أسابيع قليلة، صدر التقرير النهائي حول حالتي الصحية، من قبل لجنة حكومية خاصة. بعد فحوصات طبية استهلكت ما تبقى من أمل. النتيجة هي أن نسبة العجز وصلت الى 75%. أي ان ما هو صالح في الجسد،هو ما تبقى من نسبة أل 25% ومع ذاك الموضوع ليس مدعاة للحزن. فالروح ما زالت تطارد فراشات الحقل. ونسمات الصباح ومواقف الحافلات وأرصفة الشوارع . هي دعوة للفرح بما تبقى. هكذا.. استهلك العمر الجسد، إنه الزمن أو مآسي الزمن الضائع في معظمة خلف سراب شعارات التحرر والثورة في أوطان الوهم والفساد والطائفية.
أبلغت إبنتي الكبيرة بالنتيجة .. ضحكت، قالت " مبروك " هناك تقدم ؟؟!
فاجئني جوابها .. أدركت أنها لم تفهم ماذا تعني هذه النسبة.شرحتها لها باللغة اليونانية . عندها أحسست بحزنها أو ربما شممت رائحة دمعها عبر سماعة الهاتف...هكذا نحن كبرنا وضاقت مساحة الوقت المتبقي للتأمل .. وفي الحقيقة أنه لم يعد هناك وقت للتأمل. حدقة العين تكورت داخل محجرها. والأهداب أصبحت كأسنان مشط لعجوز، تكسرت أسنانه بتناغم مع عمرها الجسدي.
صرخ أحفادي الصغار " جدو.. جدو"
أوخ..أوخ ... من ينادي ..!
تعال نلعب.
حان موعد اللعب.
أمسك الأول بيدي اليمني والثاني بيدي اليسرى .. فرحت، كطفل صغير. ومع صراخ الصغار اختفت تلك النظرة الشاردة بين زمنين. لم تعد هناك بيوتاً صالحة للتأمل أو ودياناً وهضاب. اختفت ملامح الوطن. وحجب الضباب الرؤية إنه زمن الهجرة نحو الشمال . وارتفع جدار عازل كبير فاصلا بين زمنين. وفاصل البحر نصفين نصفه الأول للغرقى من المهاجرين، والنصف الأخر للحيتان.
" جدو .. جدو " ابتسمت لكن ابتسامتي كانت أشبة بابتسامة الموناليزيا ، وحده " ليوناردو دافتشي " يعرف سر الابتسامة .
لم اعد أهوي السباحة، كما قبل سنوات على ما سمي " ربيعاً ". ففي كل مرة على شاطئ البحر، تدمع عيني. حزناً على طفولة كانت تبحث عن أزقة وحارات وساحات أكثر أمناً وعدلاً. لكنها غرقت في بطن الحوت، ولم تنل من الحظ ما ناله " يونس “ فالحظ لا يورث. بيد أن العنف والقسوة، تورث في عالم تتحكم فيه فضائيات تغييب العقل.
ومع ذلك، انحت من الحلم الذي غفي في ذاكرتي صورة جميلة للزمن الآتي !!؟ أرتق فتوقات الذاكرة ، وأنشر على حبل الغسيل رايات عودة " أوذيس " فكل الحكايات تؤكد أننا في زمن التحولات العجيبة ، وأن الأنهار الميتة، يمكن أن تحيى من جديد . وأن هناك ربيعاً قد مضى .. لكن هناك مواسم أخرى للفرح .
أصبحت مثل الأم التي لا تصدق أن من أحبته، يمكن أن يتغير شكل جسده أو يغيره الزمن.
آه... يا وطن سابق ؟؟
جدو .. ياجدو.. تمنيت ألا يكبر الصغار ويبقوا في عالم الطفولة. مع ألعابهم الالكترونية. لم تبلغ أعمارهم جميعاً ذكوراً وإناثاً سبع سنوات لكنهم يجيدون استخدام الكومبيوتر أفضل مني.
ففي طفولتنا كنا نتسابق ، للخروج في تظاهرة ضد المدعو " بلفور " ونلعن رب الاستعمار، الذي حرمنا حتى من الطفولة. أو نتسلق عمود كهرباء ، أو نلاحق قطط حارتنا. وفي أحسن الحالات نمتطي صهوة قبر مجهول . أو نلاحق صراصير الحقل . فنحن منذ الولادة لاجئون في زمن اغبر.
استهلك العمر الجسد، وتسللت الهزيمة الى نخاعي الشوكي مثل صبار صحراوي، لا تصدق أن الأعوام تمر كسحاب أثينا الصيفي، والأجساد تهترئ. والصورة القديمة عن عالمنا القديم، ومراع طفولتنا هي وحدها الصورة الباقية في الذاكرة. محفورة كنقوش فرعونية تتحدى الطائفة، والقبيلة، وضحالة السياسيين، وبائعي وهم الجنة لفقراء العقل. هكذا استهلك العمر الجسد.
وتفككت دواخلنا وليس فقط أوطاننا ..و تحولت الأوطان الى مقابر مجهولة في عالم يرقص فيه البهلوان السياسي والطائفي على خراب وطنه. ويكتفي بعد الموتى مجاناً. دون أن يستيقظ من وطأة الواقع التي احتال عليه بنفسه.وبقي أسير دائرة مغلقة. هل هناك أمل في مستقبل أفضل لمنطقة مستباحة طولا وعرضاً وعمقاً...ربما.. هناك مواسم أخرى لربيع حقيقي أخر..؟ أتمنى أن يبقى هناك من زمن قادم،ويعيش العالم بلا حروب، فقد استهلك الزمن الماضي جسد العالم الشرق أوسطي الغارق في كرسيه المتحرك.

سيمون خوري
أثينا 30 / 8 / 16



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفر التكوين السوري
- عام أخر من القلق / والخوف والمرض والغرق
- بعد عشرين عاماً ..؟
- انتصار لليونان ..ورسالة للإتحاد الاوربي .
- أثينا ..صداع أوربي مزمن ؟!
- أنكرني الصباح ..؟
- معطفي الأزرق .
- صقيع ..وصمت .
- على رصيف ميناء غريب
- مياو...مياو / مياو..ووو ووو
- مريم ...ستنتظر المسيح / عند باب المدرسة في غزة ..
- عندما يفقد / الموت قيمته ..؟!
- في رثاء / الشرق الأوسط القديم .
- الإتحاد الأوربي، الي أقصى اليمين.. درُ..؟
- - حزب - الورقة البيضاء.؟
- الانتخابات الأوربية القادمة / نهاية عصر الأحزاب الكلاسيكية
- العراء ...؟!
- أيديولوجية - الغيتو - / والتطهير العرقي
- شعب الله - المصلوب - ؟!
- نزيف الثلج ...والمنفى .


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون خوري - الربيع ...ومواسم أخرى