أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - المُطَّلِب: إِلَهٌ في نَسَب مُحمَّد! (2)















المزيد.....

المُطَّلِب: إِلَهٌ في نَسَب مُحمَّد! (2)


ناصر بن رجب

الحوار المتمدن-العدد: 5270 - 2016 / 8 / 30 - 05:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اسم الجدّ:
إذن، فإنّ عبد المطّلب هو شخصيّة جوهريّة في سلسلة النّسب المحّمديّ، فهو في ذات الوقت جدٌّ، وأبٌ بالتّعويض، وشيخُ قبيلة وقُدوةٌ حَسَنة لمحمّد ومَرجعيّة لكلّ الآخرين. إذن، يمكن القول أنّه إلى حدّ الآن، ما عدا بعض البديهيّات الفرويديّة وبعض الخُدَع والتلاعبات التي لا تنطلي إلاّ على البسطاء، لا يوجد أي شيء خارق للعادة في هذه القضيّة. ولكن هناك بالفعل نقطة تطرح إشكالا، وتُخِلُّ بكلّ البناء الذي يُعيد تشييده التقليد الإسلامي في مَعْناه الواسع بما في ذلك ما كتبه الأَخْباريُّون وكُتَّاب السّيرة (16). فالأمر يتعلَّق باسم عبد المّطَّلب نفسه. في الواقع، من بين كلّ هذه القصص، التي لا يمكن على الإطلاق التثبُّت من صحّتها، فإنّ العناصر الأكثر مصداقيّة هي على الأرجح تسميّات الأشخاص التي هي بمثابة أَوْتادٍ وعلامات مغروزة في الواقع الاجتماعي، والقبلي والعائلي. فالأسماء والألقاب أساسيّة، أوّلا وقبل كلّ شيء لأنها تُنَصِّب الفرد داخل جماعةٍ حاضِرة، وتُدمِجُه في سُلالَة ماضِيَة، وذلك بالإضافة إلى أنّها تُعرِّفه. وهي تسبِّب إشْكالا أيضا لنوابِغ المسلمين لأنّ لها في الغالب طابعًا دينيًّا. فهناك جزء منها لا يُستَهان به يتعلّق بإله من الآلهة المعروفة في ذلك الوقت: فالفرد الذّكر يمكن أنّ يُعرَّف على أنّه خَادِمٌ لقُوَّة إلهيّة، أو عَبْدٌ لها والتي بالمقابل يُفتَرَض أنّها تحميه. وهذا يتمثّل في كلمة "عَبْد" المُستَعمَلة في الجزيرة العربيّة قبل الإسلام والتي استعادها المسلمون بعد ذلك واستعملوها مقرونة بـ "الله" وأسمائه الأخرى المتعدِّدة، ومُركّبة مع "ابْن" (للبُنُوَّة) ومع "أَبُو" (للأُبوَّة). وهنا أيضا، الموضوع في حدّ ذاته يمكن ألاّ يحتوي على صعوبة تُذَكر، وذلك لأنّه في المُجتمَعَيْن، ما قبل وما بعد إسلامِ محمّد، الألفاظ بقيت كما هي. ولكنّنا نحن هنا في مرحلة مِفْصَليّة، والمِفْصل هنا يُسمّى الفرد (أو الشّخص) محمّد الذي يُؤَمِّن الرَّابِط بين عالَم الوثنيّة العربيّة من جهة، وعالَم الإسلام من جهة أخرى. إنّ الباحث المعاصر يعرِف أنّ أحدَهُما أنجب الآخر تحت التأثيرات المتظافرة للمسيحيّة واليهوديّة مع عدم التّحكُّم فيها كما ينبغي. وتسميّة الأشخاص المتواجدين في هذا الظّرف تغدو إذن مسألة حاسمة، لأنّها تُحدِّد هويّة العالم الذي ينضوي فيه الفرد، وإلى أيّ محيط ديني ينتمي. وليس من قبيل الصّدفة أن يُنادَى أهمّ الأشخاص الذُّكور الذين يحتلّون مكانة رفيعة بكُنَاهُم وليس بأسمائهم. فحتّى اسم محمّد يشكِّل معظلة: هذا الاسم لم يظهر قبل الإسلام [بالرّغم من محاولات المسلمين الجاهدة للإقناع بعكس ذلك (17)]، وحتّى إن كان قد وُجِد، فذلك بالتأكيد كان في شكل صيغة ليتورجيّة مسيحيّة. فالكُنْية "عَبْدُ الله"، وكذلك "آمِنَة" هما أيضا اسمان يدّلان في تلك الفترة على الانتماء للمسيحيّة أكثر من الانتماء إلى الإسلام الذي لم يكن بعدُ موجودًا. يمكننا أن نضيف إلى القائمة أكبرَ أسْماءِ المَلْحَمة المحمّديّة: أبو بَكْر "والِدُ العَذْراء" (18)، عَليّ "رفيع المقام"، أبو طَالِب "والدُ من أراد العِلْم؟" (سنعود للحديث عنه حتما). بالمقابل، تُرِكت لأولئك الذين أَسلَموا من دون أن يرسخ الدين الجديد في قلوبهم، أسماءُهم الشّخصيّة مثل حالة عمّ النّبي "حَمْزة". كُلُّهم كانت لهم أقْنِعَة، لا لكي تُغطِّي وُجُوهَهم ولكن لكي تَحْجُب أسْماءَهُم.

ولكن عندما كان الأمر يتعلّق بآباء محمّد، ماذا كان من الواجب فِعْلُه والقيام به لوقايته من الدَّنس الذي قد يُسَبِّبه له جَدٌّ له اسم وثنيّ، أو يحتوي على اسم آلهة عربيّة؟ بخصوص جدِّه الثّالث، لم يقع اتّخاذ أي تدبير احتياطي بحكم أنّ نوابغ المسلمين اعتبروا الفارق بين الجِلَيْن شاسعا بما فيه الكفاية فلا حاجة إذن للحيطة والحذر: فوقع تقديمه على أنّه "عَبْد مَناف". و"مناف" إلَهَة كُبْرى تُعرف أيضا تحت اسم "مَنَاة" أو "مَناه" (19): في الحقيقة، لا يُقال أيّ شيء عن هذ الجدّ [المُطّلب] وكأنّ اسمه يَحكُم عليه بعدم الوجود. الجدّ الثاني، معروف أكثر، وأكثر شُهرة وكان يُلقَّب بـ "أَمِير"، ولكنّه كان يُعْرف خاصّة باسم "هاشِم". والاشتقاق الشّعبي أونصف-المثقّف لأصل الكلمة يُفسّره على أنّه "كاسِر الشّيء"، وذلك في علاقة مع وظيفته التي تمثّلت في توزيع الخبز (الثَّريد) على الحَجيج، وكان يَهشِم (يُكسِّر) الخبز ليُوزِّعه عليهم بكلّ سَخاء وكرم (20). والأمر يتعلّق هنا بوظيفة شعائريّة، مُحايِدة تماما ومتعدِّدة المَهام. غير أنّه يقع إبرازُها للإشارة إلى الورع الذي يجب إبداؤه نحو الكَعبة سواء أكانت كَعْبة الوثنيّة أم كعبة الإسلام.

الجدّ وعَمُّه، "المُطَّلِب" الاسم الغريب
نصل الآن إلى مرتبة الجدّ، إلى كبير الأعيان ذائع الصّيت هذا. الوثائق غزيرة بشأنه، وخاصّة حول شبابه؛ ولكن كلّها تهدف إلى غرض واحد وحيد هو تفسير، بشكل أو بآخر، لماذا كان يحمل هذه الاسم، وهو بكلّ وضوح، من حيث تركيبه بإضافة "عَبْد"، اسم إله، ولكن قبل الإسلام، وليس هو اسم "عبد الله" الذي يمكن أن يُبَرَّر بأنّه اسم مسيحي. قبل كلّ شيء، فهو يحمل اسما شخصيًّا عربيًّا يشير إلى صفة في جِسْمه: يُقال أنّ شعر رأسه كان كلّه أبيض أو فقط كان به شَيْبة (21). وهو ولد من أولاد هاشم، وبطبيعة الحال كان له أربعة إخْوة. ولكنّه لم يُكَنّى بأبيه، فلم يُنادوه "ابن هاشم"؛ وكان هو أصْغرَ إخْوته، ولم يكن مُتأَلِّقًا في بدايات حياته. والقِصص التي تُرْوى من أجل إدخاله على خشبة المسرح الرّئيسّة، أي مكَّة، هي أُحْدوثات (حكايات صغيرة) تدور حول تركيبة اسمه المثيرة للإلباك والمتمثِّلة في "عَبْد" لشخص يُدْعى "المُطَّلِب". وللخروج من هذا المأزق عمد نوابغ الكتّاب المسلمين إلى إقحام عمِّه في المسألة، أخي هاشم، الذي كان يحمل نفس هذا الاسم. إجمالا، الرّوايات حول هذا الموضوع تتشابه ولا تفتَرِق إلاّ في جزئيّات طفيفة. فهي تحكي قصّة جلب الصَّبي شَيبة من يثرِب إلى مكّة، كما أنّها تهدف بالتّأكيد، وبشكل ثانوي، إلى تقويّة العلاقة بين المدينَتين وإدماج محمّد في صُلب هذه العلاقة. ويجب ملاحظة أنّ النصوص تكحي هذه الرِّحْلة وهي تبدو وكأنّها تَمَّت في أسرع من البرق. ولكنّ عندما يتعلّق الأمر بهجرة محمّد، فَنَفْس الرّحلة تدوم أكثر من شهر، فهو النّبي، ويجب ذِكْر كلّ مراحل رحلته بأدقّ التفاصيل. أمّا هنا، فالقضيّة تَطلَّبت عشيّةً واحدةً فقط لقطع الـ 340 كلم التي تفصِل بين المدينتين.

ويصوِّر المأثور الإسلامي الغلام عائدًا على ظهر بَعِير عَمِّه وهو راكب خَلْفه، وذلك لسبب سخيف لا يقبله العقل. فعندما رَأَتْهُ جُموع مكَّة قادمًا وهو خلف عمِّه ظنّت أنّه عبدًا له [أو كما أراد لها المأثور الإسلامي أن ترى]. لِنُقدِّم ثلاث روايات أساسيّة، ونبدأ قبل كلّ شيء برواية طبقات ابن سعد.

يقول ابن سعد:
"وَقدِم ثابت بن المنذر بن حِزام، وهو أبو حسّان ابن ثابت الشّاعر، مكّةَ مُعْتَمِرًا فلقيَ المُطَّلب وكان له خَليلاً، فقال له:
- لو رأَيْتَ ابنَ أخيكَ شَيْبة فينا لَرَأيْتَ جَمالاً وهَيْبة وشَرفًا، لقد رأيْتُه وهو يُناضِل فتْيانًا من أخوالِه فيُدخِل مِرْمَاتَيْه جميعًا في مثل راحَتي ويقول كما خَسَقَ [أصاب المرمى بسهمه]: "أنا ابن عَمْرِو العُلَى!
فقال المُطَّلب:
- لاَ أُمْسي حتّى أَخرُج إليه فأَقْدِم به.
(...)
فخرج المُطَّلب فوَرَد المدينة فنَزَل في ناحية وجَعل يسْأَل عَنْه حتّى وجَدَه يرمي في فِتْيانٍ من أَخْوالِه. فلمّا رَآهُ عَرَف شيْبَةُ أَبَاهُ فيه ففاضت عيناه وضمَّه إليْه وكَساهُ حُلَّةً يمانيّة وأنْشَد يقول:
عَرَفْتُ شَيْبَةَ والنّجّارُ قدْ حَفَلَتْ أَبْناؤُها حَولَه بالنَّبْلِ تَنْتَضِلُ
عَرَفْتُ أَجْلادَه منّا وشيمَتَهُ ففَاضَ مِنِّي وابِلٌ سَبَلُ
ودخَلَ به المُطَّلب ظُهْرًا، فقالت قريش:
- هذا عبد المُطَّلِب!
فقال:
- ويْحَكم! إنَّما هو ابن أخي شيبة ابن عمرو.
فلمّا رَأَوْهُ قالوا:
- ابْنُهُ لَعَمْري!
فلم يزل عبد المُطَّلب مُقيمًا بمكّة حتّى أَدْرَكَ [وصل سنّ البلوغ]" (22).

أمّا الطّبري فهو يقدِّم روايتيْن، وهاكُم أقصَرَها:
"فبينا هو (شَيْبة) يُناضِل فتْيانَ الأَنْصَار إذْ أصاب خَصْله، فقال: أنا ابن هاشم. وسَمِعه رجُلٌ مُجْتازٌ، فلمّا قدِم مكّة، قال لعَمِّه المُطَّلب بن عبد مناف: قد رأيتُ فتًى من صفته وصفته... يُناضِل فتيانَهم، فاعْتَزى إلى أَخيكَ، وما ينبغي تركُ ِمْثلِه في الغُرْبة. فرحل المطّلب حتّى ورد المدينة، فأَرادَه على الرِّحلة، فقال: ذاك إلى الوالِدة، فلم يزل بها حتّى أذِنَتْ له، وأقبل به قد أرْدَفَه، فإذا لَقِيَه اللاّقي وقال: مَنْ هذا يا مُطَّلِب؟ قال: عَبْدٌ لي، فسُمِّيَ عبد المطَّلب" (23).

أمّا الرواية الثّانية الأَطْوَل فهي تذهب إلى أبعد من الأولى إذ هي تصف ما وقع بعد الدخول إلى مكّة:
"ثمّ خرج به حين كان العَشّي إلى مجلس بني عبد مناف، فجعل بعد ذلك يطوف في سِكَكِ مكّة في تلك الحُلّة، فيقال: هذا عَبْد المُطَّلب، لقوله: "هذا عبْدي".

ولكنّ الطّبري، الذي يُعتَبر مُؤرِّخًا ناقدًا تقريبًا، يُبدي بعض التّحفُّظ على هذه الروايات، حيث يُصرِّح: "وَدَخَلَ حَديثُ بَعْضِهم في بَعْض، وبَعضُهُم يَزيد على بعض" (24).

وسيرة ابن هشام تقدّم، من ناحيتها، الحادثة على النحو التّالي:
"فَتَرَكَهُ هاشم عندها [أمّه سَلْمى] حتى كان وَصِيفًا أو فوق ذلك، ثم خرج إليه عمّه المطَّلب ليقْبِضَه فيُلْحِقَه ببَلَدِه وقَوْمِه؛ فقالت له سَلْمى لسْت بمرسلته معك؛ فقال لها المطّلب: إنِّي غير مُنْصَرف حتى أخْرُج به معي، إنّ ابن أخي قد بَلَغ، وهو غريب في غير قومه، ونحن أهل بيت شرف في قومنا، نَلِي كثيرًا من أمورهم، وقومُه وبَلدُه وعشيرتُه خيرٌ له مِن الإقامَة في غيرهم، أو كما قال. وقال شيبة لعَمِّه المُطّلب، فيما يزعمون: لست بمفارقها إلا أن تَأذَنَ لي، فأذِنَتْ له، ودفعتُه إليْه؛ فاحْتَمَله فدخل به مكّة مُرْدِفَه مَعَه على بعيره، فقالت قريش: عبدُ المطّلب ابْتَاعَه! فَبِهَا سُمّْيَ شَيْبَة "عبد المُطّلب". فقال المُطّلب: ويْحَكم! إنَّمَا هو ابن أخي هاشم، قَدِمْتُ به من المدينة" (25).

من الصّعب جدًّا، سواء في ذلك العصر أو في يومنا هذا، أن نَعْتَقِد في صْحَّة خُرافةٍ كهذه والتي تتناقض أشدّ التناقض مع قواعد الشّرف لدى البَدْو، والرّوايات بخصوصها، في نهاية الأمر، متضارِبة فيما بينها. إنّ روح الفُكاهة العربيّة ما قبل الإسلام كانت معروفة جدًّا في الشّعر: فهي تأخذ شكل الهِجَاء، والتّهجّم العنيف ضدّ الآخرين، وهي قد تكون سُخرية لاذِعة وكذلك قد تُعبّر عن اليأس، ولكّنها لم تكن أبدًا تسمح لنفسها بالقَدْح في الظّروف الإجتماعيّة للفَرْد والحَطِّ منها. فعبد المطَّلب لم يكن ليعيش طيلة حياته وهو يحمل اسمًا مُخْزِيًا، يُعبِّر عن العُبوديّة وهذا بسبب الخطَأ الذي ارتكبه بَعضٌ من عامّة قريش. وهي أيضا تتهكّم على مكانة جدّ محمّد، وتتحدّث عنه بكلّ استخفاف، في حين أنّ كلّ التقليد الإسلامي، عندما يتناول مسألة محمّد ومحيطه وأقاربه، يُظهِر دائما احتراما مطْلَقًا، لم يَحِدْ عنه أبدًا.

فحتّى الأب مونغومري واطْ، وهو الذي جعل من احترام التقليد الإسلامي ديْدَنه، وجعل من الحَذَر قاعدَته، تجرّأ حين كتب في دائرة المعارف الإسلاميّة ما يلي:
"إنّ التفسير الشائع والّذي مفاده أنّ الصبّي كان قد سُمِّي "عبد المطَّلٍب" لأنّ بعضَهم كان قد ظنّ أنّه عبدٌ لعمّه المُطَّلب هو تفسير مردود بالمرّة؛ هذا الإسم له على الأرجح مَعْنى دينيّ" (26).

في عالم قُدَماء العرب، أنْ يكون المرء عبدًا لإنسان، فذلك كان يُعدُّ عيبًا من أبشع العيوب، أمّا أن يكون عَبْدًا وخادِمًا لإله من الآلهة، فذلك كان فخْرًا لا يُضاهيه فخر. غير أنّ الكلمة كانت مع ذلك هي نفسها، "عبيد" أو "عبد". ولكي يتجنَّب الأدب الإسلامي تعريض سُمْعَة محمّد للخَطر لجأ إلى اللّعب على الغموض الذي يكتنف هذه اللّفظة، ولم يتردّد في تحقير شَيْبَةَ بإعطائه مَكانةً وَضيعَة.

(يتبع)
_____________
الهوامش:
* هذا النّص صدر بالفرنسيّة تحت عنوان:

« AL MUTTALIB : la présence d’un dieu dans la famille de Mohomet »
Gilles COURTIEU
Professeur à l’Université de Lyon III

(16) يبدو أنّ المُحَدِّثين كانوا قد شعُروا بالخطر ورائحة البارود التي تفوح من هذه الحِقْبة من تاريخ محمّد فتحاشَوْها عن طوعيّة طالبين السّلامة.
(17) ابن سعد، الطبقات، 1، 194: "كَانَ فِي بَنِي تَمِيم مُحَمَّد بْن سُفْيَان بْن مُجَاشِع، قِيلَ لأَبِيهِ إِنَّهُ سَيَكُونُ نَبِيٌّ فِي الْعَرَب اِسْمه مُحَمَّد فَسَمَّى اِبْنه مُحَمَّدًا"، وجاء في الفتح الباري لابن حجر، ج 6، فيما يتعلّق بالأسماء التي خَصَّ بها الله نبيَّ الإسلام دون غيره: "قال عياض حَمَى الله هذه الأسماء أن يُسمَّى بها أَحَدٌ قَبْلَه [أي محمَّد] وإنما تَسَمَّى بعضُ العَرَب مُحمَّدًا قُرْب ميلاده لما سَمِعوا من الكُهَّان والأحْبار أنَّ نبيًّا سَيُبعَث في ذلك الزَّمان يُسَمَّى مُحمَّدا فرجوا أن يكونوا هم فسَمُّوا أبناءهم بذلك قال وهم ستة لا سابع لهم كذا قال وقال السهيلي في الروض لا يُعْرف في العرب من تسمَّى مُحمَّدا قبل النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة محمد بن سفيان بن مجاشع ومحمد بن أحيحة بن الجلاح ومحمد بن حمران بن ربيعة". والأغرب من كلّ ذلك، هذا الحديث الذي تُشتَمُّ منه رائحة الفَبْركة المفضوحَة: "رَوَى حَدِيثَهُ [أي حديث محمّد بن عَديّ] الْبَغَوِيُّ وَابْن سَعْد وَابْن شَاهِين وَابْن السَّكَن وَغَيْرهمْ مِنْ طَرِيق الْعَلاء بْن الْفَضْل عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سَوِيَّة عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَوِيَّة عَنْ أَبِيهِ خَلِيفَة بْن عَبْدَةَ الْمَنْقَرِيِّ قَالَ: سَأَلْت مُحَمَّد بْن عَدِيّ بْن رَبِيعَة كَيْف سَمَّاك أَبُوك فِي الْجَاهِلِيَّة مُحَمَّدًا؟ قَالَ سَأَلْت أَبِي عَمَّا سَأَلَتْنِي فَقَالَ: خَرَجْت رَابِع أَرْبَعه مِنْ بَنِي تَمِيم أَنَا أَحَدهمْ وَسُفْيَان بْن مُجَاشِع وَيَزِيد بْن عَمْرو بْن رَبِيعَة وَأُسَامَة بْن مَالِك بْن حَبِيب بْن الْعَنْبَر نُرِيد اِبْن جَفْنَة الْغَسَّانِيّ بِالشَّامِ، فَنَزَلْنَا عَلَى غَدِير عِنْد دَيْر، فَأَشْرَفَ عَلَيْنَا الدَّيْرَانِيُّ فَقَالَ لَنَا: إِنَّهُ يُبْعَث مِنْكُمْ وَشِيكًا نَبِيّ فَسَارِعُوا إِلَيْهِ، فَقُلْنَا مَا اِسْمه؟ قَالَ: مُحَمَّد. فَلَمَّا اِنْصَرَفْنَا وُلِدَ لِكُلٍّ مِنَّا وَلَدٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا لِذَلِكَ". وجاء في رواية طريفة أخرى تذهب إلى حدّ التّفريق بين الإسْمَين "محمّد" وبين "أحمد": "قال القاضي عياض: في هذين الاسمين (محمد وأحمد) من عجائب خصائصه وبدائع آياته فنّ آخر هو أن الله جل اسمه حمى أن يسمّى بهما أحد قبل زمانه، أما أحمد الذي أتى في الكتب وبشَّرت به الأنبياء فمنع الله بحكمته أن يسمّى به أحد غيره، ولا يدعى به مدعو قبله، حتى لا يدخل لُبْس على ضعيف القلب أو شك. وكذلك محمد [أيضا] لم يسم به أحد من العرب ولا غيرهم، إلى أن شاع قبيل وجوده وميلاده أن نَبيًّا يُبعث اسمه محمد، فسمى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم هو، والله أعلم حيث يجعل رسالته".
(18) ولفظة "بكر" تعني أيضا النّاقة الصغيرة، والمقصود بذلك هنا، بطبيعة الحال، "عائشة"، وهي أشهر من نار على علم.
(19) أنظر: T. Fahd, Encyclopédie de l’Islam2 VI p. 358
(20) يذكر الطبري (1088) أنّ هاشم يكون قد توفّي في مدينة غزّة أثناء رحلة الصّيف. وضريحه لا يزال يزوره النّاس هناك. ولذلك يقولون "غزّة هاشم". والفلسطينيون يُوقِّرونه بالخصوص بالرّغم من كونه وثنيّا. ولكن تكفي قرابته من نبيّ الإسلام لكي يُصنَع له مجد.
(21) الطّبري (1082): "وعبد المطّلِب اسمه شيبة، سُمِّي بذلك، لأنّه فيما حُدِّثْتُ عن هشام بن محمّد، عن أبيه: كان في رأسه شَيْبَة".
(22) ابن سعد، الطبقات الكبير، ص 63-64، طبعة مكتبة الخانجي، القاهرة، بدون تاريخ.
(23) الطّبري، وما بعدها وما بعدها. تجدر الملاحظة هنا كيف أنّه مع تقدِّم الزمن أصبح المؤرّخون المسلمون، ومن بينهم الطبري هنا، يخبطون خبط عشواء: على سبيل المثال لا الحصر، لقد أصبح فتيان يثرب، قبل الأوان، من "الأنصار"، ولم تُطلق هذه التسمية على أهل يثرب إلاّ على أنصار محمّد بعد الهجرة. ويتكلّم الطبري كذلك عن "المدينة" وليس عن "يثرب" وهو اسمها قبل الهجرة.
(24) نفس المصدر.
(25) سيرة ابن هشام، ص 67 في طبعة دار ابن حزم.
(26) أنظر: W.M. Watt, Encyclopédie de l’Islam 1/p. 82.



#ناصر_بن_رجب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُطَّلِب: إِلَهٌ في نَسَب مُحمَّد! (1)
- سورة النّجم: قراءة سريانيّة-آراميّة جديدة (4)
- سورة النّجم: قراءة سريانيّة-آراميّة جديدة (3)
- سورة النّجم: قراءة سريانيّة-آراميّة جديدة (2)
- سورة النّجم: قراءة سريانيّة-آراميّة جديدة (1)
- لَيْلَةُ القَدْر هيَ... أم ليلة الميلاد؟ (7/7)
- لَيْلَةُ القَدْر هيَ... أم ليلة الميلاد؟ (6)
- لَيْلَةُ القَدْر هيَ... أم ليلة الميلاد؟ (5)
- لَيْلَةُ القَدْر هيَ... أم ليلة الميلاد؟ (4)
- لَيْلَةُ القَدْر هيَ... أم ليلة الميلاد؟ (3)
- لَيْلَةُ القَدْر هيَ... أم ليلة الميلاد؟ (2)
- لَيْلَةُ القَدْر هيَ أم ليلة الميلاد؟ (1/3)
- الخطابات الأخرويّة المضادة في القرآن وفي السنهدرين
- القرآن وكَتَبَتُه(2)
- القرآن وكَتَبَتُه(1)
- قانونيّة القرآن ... بالقرآن؟ (2) أو كيف يُقدِّس القرآن نفسه ...
- قانونيّة القرآن ... بالقرآن (1)
- من أنتم حتّى تتطاولوا على العفيف الأخضر؟
- محمّد تُرْجُمان -القِرْيانَة العربيّة- المكّيّة (2)
- محمّد تُرْجُمان -القِرْيانَة العربيّة- المكّيّة (1)


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - المُطَّلِب: إِلَهٌ في نَسَب مُحمَّد! (2)