أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - فضاءات سردية في أعمال فنانَيْن عراقييَّن














المزيد.....

فضاءات سردية في أعمال فنانَيْن عراقييَّن


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 5262 - 2016 / 8 / 22 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


فضاءات سردية في أعمال فنانَيْن عراقييَّن
معرض مشترك في برلين

عصام الياسري

أقام مؤخرا في برلين الفنانان العراقيان الدكتور خليف محمود ومنصور البكري معرضهما التشكيلي المشترك الأول تحت عنوان "المشاعرـ في لوحة مائية" . وقد أثار هذا العنوان جدلا فنيا تمحور حول مفردات أعمالهما المتميزة شكلا ومضمونا، والتي تحمل فضاءات "سيكولوجية" للظواهر الاجتماعية المُعاشة، ولغة بصرية "سيميائية" تقبل التأويل.

وفي كلمة الافتتاح أوجز الفنان والشاعر الألماني المعروف، أستاذ قسم فن الرسم في كلية الهندسة المعمارية في الجامعة التكنولوجيا ببرلين البروفيسور ماتياس كوبل Matthias Koeppel قائلا: كيف يمكن تقويم "المشاعر" لأسفار خارجي عن احساس داخلي غير مرئي او ملموس في عمل فني؟. وكيف يمكن تحسس أو تمعن مشاعر دفينة مجردة مهما تموضعت الألوان والرمزية والأشكال البنيوية والألغاز، في عمل تشكيلي لا يستطيع بصرياً إظهار تلك المشاعر للعيان أو توظيف اوصافها؟. لكنها تبدو، ونحن نتحدث هنا عن "المشاعر ـ في عمل تشكيلي" وكأنها أثر لظواهر "سـوسيولوجية". ولعل ما كان يعنيه الاستاذ "كوبل" هو أن العنوان الذي يحمله متن الاشهار عن المعرض، خاصة بكلمة "المشاعر"، لا يترتب حرفياً، على القيّم الفنية التي تشكل عادة أعمدة العمل التشكيلي، كالتعبيرية والطاقة والحركة والظل واللون والأسلوب ولغة الفن الجمالية. فمن منظوره النظري الجمالي يرى بأن المفاهيم الأوروبية ومنها ما يتعلق بالأزمنة ما قبل المعاصرة، المصنفة في علم فنون الرسم وجماليتها، لم تعرف على الأقل روحيا وبصرياً، تجسيد مظاهر "المشاعر" أو شكلها السيميائي من ناحية التراتبية والملاءمة في عمل فني تشكيلي. وكل "إِحداث مثالات خياليّة لا وجود لها في الحسِّ" لا تؤدي لرؤية "المشاعر" في الصورة على الاطلاق!

وجاءت أعمال الفنانين تحت شعار "موصل ـ بغداد ـ برلين"، أعمالا فنية واقعية جديرة بالتأمل وتمتاز بالألوان المائية "أكرليك" وبأحجام مختلفة وأنواع ورق رسم راق متقاربة من بعضها ومنسجمة في أسلوبها الفني، كما لو كانت تشكل كلها جدارية لوطن أنهكته الكوارث. كما ان نثر الألوان فوق سطح بعض الرسومات بطريقة مميزة، ينسجم مع ما يعرف بالفن الشعبي الذي يتسم برؤية تعبيرية تعد من ابرز فنون الرسم " الواقعي المعاصر" أو ما يسمى بفن الرسم "التسجيلي". فهي تتحدث عن قهر الانسان وتحاكي وطنا فقد عوالمه الجميلة، وأحداث تشد قبضتها على ارث مجتمعه الحضري الذي يمتد الى أقاصي بلاد ما بين النهرين ـ ها هي الموصل تدنس وتغرق في ظلمة عاتية، وبغداد تتألم من شدة جراحها ـ وبرلين ترسم عشقها "مزار أمل" فوق خطوط العرض الجغرافية.

وكما اراد فاوست ان يستمد في رائعته "غوته" مثلما رسمها المتصوف باراسيلزوس في حكاياته العجيبة من روح العصر، الرغبة في الوصول للمعرفة وامتلاك القدرة ليصل الى الحقيقة، فان خليف ومنصور استطاعا الى ما وراء الحدود، أن يخلدا في أعمالهما التشكيلية الحدث "حسيا ـ بصريا" ليكون جزءاً من أدوات المعرفة لاكتشاف الوقائع.

تجدر الإشارة الى أن خليف ومنصور في سبعينات القرن الماضي كانا يدرسان الفن التشكيلي سوية في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد، وبسبب الحرب افترقا. ففيما بقيّ الفنان خليف في بغداد ليكمل التعليم في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد حيث حصل في عام 1979على شهادة البكالوريوس وبعدها على الماجستير، ثم انهى الدكتوراه بجامعة دمشق عام 2010. غادر الفنان منصور العراق في عام 1982 متوجها الى القارة الأوروبية، إذ استقر به الأمر في برلين ليكمل الدراسة في أكاديمية برلين للفنون "Hochschule der Künste" بدرجة الماجستير، وهو ما زال يعيش ويواصل عمله الفني فيها.

يصف نوفاليس"Novalis" فلسفة رومانسية الفنون وعلاقة الانسان بها ـ بعلاقة مثالية ساحرة ـ ويعني بذلك رفع كل الحواجز التي تحد من الإبداع وجعل امكانيات المنافسة بينه وبين تنمية اداء الفكرة لدى الفنان في موضعها. الثابت أن خليف ومنصور قد اهتديا بهذه الفكرة لكسر قاعدة "فن الأجيال" التي لا تميّز بين الجودة والوضاعة على حساب الاتقان المرئي والذائقة القيمية والحسية. ويمكن القول بأن منهج "الواقعية المعاصرة" في أعمال الفنانين تحد لنشر "الحداثيون" فكرة "الجمالية النسبية" التي تعني ـ الجمال يوجد في عين الناظرـ دون مراعاة مستوى الجودة والحرفية، المساحة والظل والضوء والأحجام والزوايا، وأيضا عدم مراعاة كيفية التعامل مع المسافة والمحيط والكتل او المادة وجمال الحركة. إن اهم ما يجسد فنياً وجماليا أي ابداع فني فائق الارتقاء بشكل مباشر، غير لغة الكلام سبيل التفاهم والتقارب والحوار، لغة اخرى خارجة عن التعريف والوصف. هي لغة الحركة التي تحيط الرسوم فضاءات بمنتهى الروعة والإيحاء، وتجعل خصائص الشكل Form“" لحظة تكامل بناء الصورة لا ينفصل في مضمونه عن ذهنية العقل وشمولية التعبير. وهذا ما يبدو واضحا حينما تُقرأ لغة الحركة في أعمال الفنانين خليف محمود و منصور البكري.

لقد ارتبطت قيمة اعمال الفنانين خليف ومنصور النموذجية، بقوة امتلاكهما الحرفة والتجربة، بالإضافة إلى الفنتازيا والمواصفات والتفاصيل التعبيرية في " لغة بصرية" اضفى عليها وصف الحدث الكثير من المعاني الخيالية، بحيث تأصلت اشكال وأبجديات في عمق انقاض ذاكرة، تكشف جذورها عن اسطورة العزيمة والتأمل والتكيّف، التعايش مع الحياة والموت، مع الاحزان والأفراح، مع الحب والخوف.. يقول المؤرخ الفني "يايكوب روزنبيرغ " ان الجودة في الفن ليست مجرد رأي شخصي، إنما وبدرجة عالية هي "شيء" يمكن تقصيه بموضوعية. ان ما شاهدناه من اعمال تشكيلية في معرض الفنانين خليف و منصور تعبر عن صياغة الفكرة كما تصوراها وهي تُجاري الحلم والواقع لتجسد " صورة" مرئية تنتج عن لغة الحدث في كل لحظاته.



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يستطيع أصحاب السلطة في العراق ان يتحملوا مسؤولياتهم الأخل ...
- مصاب أليم في غربة قاتلة لم تنتهي
- مهارات سينمائية نوعية غير مألوفة
- في برلين فيلم -بغداد حلم وردي- يثير اعجاب مشاهديه
- العراقيون واصحاب الفخامة
- العراق .. ثورة على مفترق طرق!!
- الإعلام ودوره في الشأن العراقي
- مهرجان برلين السينمائي الدولي البرليناله 2015
- في دورته 36 مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ..السينما لغة س ...
- الفنان السينمائي العراقي قيس الزبيدي يقدم الزاد المعرفى لكل ...
- هواجس غريزية في فضاءات مؤنسة
- انطباعات سينمائية ساحرة تتجدد باستمرار
- في معرضها الجديد: الفنانة التشكيلية أماني فاخت تسعى لتفسير ا ...
- أعمال مسرحية عراقية تفتقد الجمهور ووسائل الإعلام
- مع مادة -الكهرمان- يتحول الشكل التجريدي الهندسي إلى تجريدي ت ...
- على أي رصيف تتسكع الثقافة في العراق؟
- المعقول واللامعقول في نص مسرحي مثير للغاية
- منتدى بغداد للثقافة والفنون: سنتان من العطاء والتواصل الثقاف ...
- الكاتب يحيى علوان يهمس في أذن الحقيقة من بعيد..
- الناقد وإشكالية تعريف مصطلح النقد السينمائي


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - فضاءات سردية في أعمال فنانَيْن عراقييَّن