أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد المسلمي - العنصرية الدينية والتطرف يهزما الحب في -شوق الدراويش-














المزيد.....

العنصرية الدينية والتطرف يهزما الحب في -شوق الدراويش-


حامد المسلمي

الحوار المتمدن-العدد: 5258 - 2016 / 8 / 18 - 13:40
المحور: الادب والفن
    


علي هامش تاريخ السودان استعرض الكاتب السوداني المتميز حمّور زيادة في تحفته الفنية رواية "شوق الدراويش" كيف انهزم الحب أمام العنصرية، حيث كان البيض (من أهل الشمال الأوروبيين المسيحيين) ينظرون إلي السود (من أهل الجنوب السودانيين المسلمين) بنظرة عنصرية، وأن الله قد جعل ذرية حام عبيداً وخدماً لأخوته، وأنهم خراف الرب وواجب علي البيض المسيحيين هدايتهم، وكذلك يرون بأن رائحة السود نتنه، ولا يجوز للراعي أن يحب الرعية (حب الزواج) ولكن عليهم أن يحبوهم ويهدوهم لكي يحبهم الرب ويرضي عنهم، وفي نظرة عنصرية مضادة يري السود أن البيض لحومهم مسلوخه ومشوهه ورائحتهم كنحاس صدئه، وأنهم مجانين وضالون وعلي المسلمون هدايتهم وإلا سيدخلون النار، وكلاهما لا يحب ممارسة الجنس مع الأخر.
في هذا الإطار كان بخيت منديل (العبد الأسود المسلم الأصولي) يحب ثيودورا (الفتاة البيضاء الأوروبية المسيحية الأصولية) وكانت تحبه، ورغم أن بخيت قبلها رغم عنصريته وأرائه، فحبه لها كان أكبر من أي شئ، وهي لم تقبله ولم تدرك الحب حقاً إلا بعد فوات الآوان.
كما كان للتطرف الديني (والأساطير الدينية) أن تهزم الحب عند الحسن الجيرفاوي الذي ترك زوجته فاطمة، ليخرج لنصرة الثورة المهدية، ولم يتمني سوي النصر أو الشهادة، وكانت السبيل لنصرة الثورة مزيداً من الدماء للمخالفين للثورة سياسياً أو دينياً، ومع الدماء تضيع المحبة وتتوه الروح، ليجد الحسن أن الثورة قتلت الصوفيين وغيرهم من المسلمين واستلبت أموالهم، وبعدما خمدت جذوة الثورة قليلاً، تكالب الناس علي الدنيا ولم يقيموا دنيا ولا دين، والخليفة يريد تنصيب أبنه وريث للخلافة في مخالفة صريحة للنبوءة وللمهدي، ولم يكن الدين إلا وسيلة لحشد الأنصار للوصول إلي السلطة والثروة، فلم يحذر الحسن الجيرفاوي من "أن الإيمان بعضه مُهلِك كالكُفر".
وقد استعرض الكاتب حقبة مهمة من تاريخ السودان عانت فيها من حكم الاحتلال التركي المصري، وخاصة الأتراك الذين جَسَموا علي صدور المصريين والسودانيين علي السواء، وقد استعرض ما تفعله الثورات الأصولية الدينية بشكل عام والإسلامية بشكل خاص، وكيف مزقت أوصال الشعب الواحد وفتحت شلالات دماء لا تنضب، وفجرت صراعات دينية لا تنتهي، وكيف يتحول القتل إلي مهمة مقدسة يظن فاعلها أنه مأجور عليها بحسن الثواب.
وقد ضرب الكاتب المثل بشخصية الخادمة "فضل العزيز" وأن التعصب بعضه يحرق بعض، فقد كانت فضل العزيز خادمة لدي الإرسالية الكنسية في الخرطوم، وكانت رغم حبها لثيودورا إلا أنها تتمني لو ينتصر المهدي ويفتح الخرطوم ويقتل الكفار (ومن بينهم ثيودورا)، فلم يكن من الفاتحين إلا قتل فضل العزيز في مستهل فتحهم للكنيسة.
وفي النهاية وجب أن أشكر الكاتب حمّور زيادة علي هذه الرواية الرائعة التي أخذتنا إلي عالم السودان في أواخر القرن التاسع عشر ليرينا جذور الصراعات والعنصرية والعنصرية المضادة بين السود والبيض، وكيف قتلت العنصرية والتطرف والأصولية للحب والتعايش بين البشر، والتي لازالت تلقي بظلالها علي سودان اليوم بشماله وجنوبه، وكأنه بعرضه للأسباب التي قتلت الحب قد قدم روشته للتعايش والحب بتجنب الأسباب التي قتلته من عنصرية وتطرف.



#حامد_المسلمي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفراح القبة: الحلو ما يكملش
- السائق هيرمان يتحول لقاتل ووكيل عن الرب في -الحادثة-
- البيضة والحجر وصناعة الخرافة والإسطورة
- الباب المفتوح بالوعي والإرادة إلي الحرية
- فيلم جري الوحوش ومعاداة العلم
- مولد يا دنيا والفيلم الإستعراضي
- عنتر بن شداد كلاكيت تاني مرة


المزيد.....




- عبد الرحمن أبو زهرة اعتُبر متوفيا.. هيئة المعاشات توقف راتب ...
- عمر حرقوص يكتب: فضل شاكر.. التقاء الخطَّين المتوازيين
- فريق بايدن استعان بخبرات سينمائية لإخفاء زلاته.. وسبيلبرغ شا ...
- معرض الدوحة الدولي للكتاب يختتم دورته الـ34 بمشاركة واسعة
- منح المخرج الروسي كيريل سيريبرينيكوف وسام جوقة الشرف الفرنسي ...
- بعد 14 عاما...أنجلينا جولي تعود -شقراء- إلى مهرجان كان السين ...
- اكتشاف سر نشأة اللغة لدى أسلاف البشر
- مهرجان عامل.. محاولة لاستعادة الحياة في كفررمان جنوب لبنان
- مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة... فضاء للتجديد الروحي ...
- زوجات الفنانين العرب يفرضن حضورهن في عالم الموضة


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد المسلمي - العنصرية الدينية والتطرف يهزما الحب في -شوق الدراويش-