أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد المسلمي - الباب المفتوح بالوعي والإرادة إلي الحرية















المزيد.....

الباب المفتوح بالوعي والإرادة إلي الحرية


حامد المسلمي

الحوار المتمدن-العدد: 5089 - 2016 / 2 / 29 - 09:02
المحور: الادب والفن
    


إن الباب المفتوح ليس فيلماً لتحرير المرأة فحسب، أو مجرد فيلم فيمنست، وإنما هو تجربة لتحرير كل ضعيفٍ ومقهورٍ في مجتمع سلطوي، سواء كان هذا التسلط من الحكومة أو المجتمع علي السواء، ولكي نفتح هذا الباب للحرية المسؤولة المبنية علي حرية الإختيار في الأساس وإن كان حرية الخطأ، فالحرية ليست حرية إن كانت إتجاه واحد حسب فهم من يملك السلطة سواء كانت السلطة لأب أو أخ أو زوج أو حاكم، وقد اشترط الفيلم وفق رؤية صانعيه شرطين رئيسيين لابد من توافرهما لفتح الباب هما الوعي والإرادة.
فالوعي بلا إرداة هو وعي عاجز بالمشكلة، ولكن بدون الإرداة النابعة من المتضرر فلن تجدي المساعدة، مهما كان من يحاول منحك الإرادة للتحرر ولكنه يمكن أن يحمل لك التوعية أو التحفيز علي التوعية، أما الإرادة والقدرة علي الفعل دون وعي لن ينتج إلا الفوضي العارمة التي تقضي علي صاحبها قبل أي شخص أخر.
فقد عبر الجزء الأول من الفيلم عن الوعي بالمشكلة من بدايتها، ولكن لم تتوفر الإرادة للبطلة إلا في النهاية عبر محفزات عدة، ولكن القرار والإرادة كانا ملكاً لها وحدها.
• نبدأ الحدوتة من الأول
تدور أحداث الفيلم قُبيل ثورة يوليو 1952 عن ليلي/فاتن حمامه الفتاة الثائرة المتمردة الواعية بقضايا وطنها والتي تعاني من تسلط الأب/يعقوب ميخائيل، فتقع في حب عصام/حسن يوسف ولكن سرعان ما تكتشف خداعه، وتتعرف علي حسين/صالح سليم صديق أخيها محمود/محمود الحديني وتقع في حبه، لكنها لا تستطيع أن تقاوم تسلط المجتمع (خاصةً زميلاتها في الجامعة) لتُخطبْ إلي فؤاد/محمود مرسي، ومع تعقد الأمور والعداون الثلاثي علي مصر تشتعل جذوة التمرد بداخلها من جديد لتثور علي المجتمع وسلطاته المتمثلة في الأب والخطيب.
• السلطة والوعي
قدم الفيلم عدة شخصيات تمثل السلطة والوعي بشكل رئيسي أثروا في حياة ليلي
- الأب والخطيب كلاهما ينتمي لنفس المجتمع الذكوري ويحمل ذات النزعة التي لا تري المرأة أكثر من شئ تابع للرجل، ولهذا كان موافقة الأب علي الخطبة فورياً وبدون موافقتها لأنه يري نفسه في فؤاد.
- الأخ والحبيب المخادع، كلاهما يحمل بعض الوعي ويحمل النزعة الذكورية (الإمتلاك) في نفس الوقت.
محمود هذا الأخ هو أول من شكل وعي أخته وحثها علي الثورة، ولكنه قد خذلها في البداية ولم يدافع عنها، لأن السلطة كانت أقوي منه دائماً، ولكن في جملة حوارية صغيرة جداً بينت ما يحمله من ميراث ذكوري، عندما أخبر أخته بأنه سيسافر إلي المقاومة، فقالت له "ياريت أنا يا محمود أجي معاك" فكان رده واضح "طولي بالك لما الرجالة يخلصوا أبقوا أطلعوا أنتم يا ستات"، فهذه النظرة تختلف بشكل جذري عن نظرة حسين الذي يري أن للمرأة دوراً مهماً في النضال والثورة مثل الرجل، ولو أعطت لمصاب شربة ماء.
أما الحبيب الأول عصام رغم هذا الوعي الذي أبداه إلا أنه قال لها كلمة لا تحمل تأويل أخر عندما توهم بأن ليلي علي علاقة بـ صدقي/سمير شديد قال لها "أنتي ملكي" وحاول أن يعتدي عليها جنسياً رغم إرادتها.
- الوعي تمثل في شخصية الحبيب حسين/صالح سليم فهو الذي يحمل الوعي بشكل واضح والحب بلا غرض أخر سوي الحب ذاته، فهو لم يكن يسعي لإمتلاكها، ولكنه كما قال لها في إحدي خطاباته "وأنا أحبكي ولكن لا أريد منكي أن تُفني كيانك في كياني، أريد لكي كيانك الخاص المستقل، والثقة التي تنبعث من النفس لا من الأخرين" فكانت رغبة حسين الإرتباط بها لو تحررت فعلاً من قيودها، فكان حسين يحمل الوعي والتحفيز مع الوعد بالمساندة التامة لها.
• المرأة والقمع
إن القمع والتسلط لم يكن ذكورياً فقط متمثل في أب أو خطيب أو حبيب مخادع، وإنما كان التسلط والقمع أيضاً في الأم التي تتحدث عن الأصول وما هي إلا تقاليد بالية لإستكمال مسيرة إستنساخ نسخ مشوهة من البشر ليكمل القبح دورته، ولم يكن القمع من الأم (المرأة العجوزة) وإنما كان أيضاً من زميلاتها في الجامعة اللاتي سخرن منها ومن الجوابات التي تتلقاها من حبيبها مما دفعها إلي قطع علاقتها به، حقاً فالمرأة أول من تقمع المرأة (لأن المرأة المتمردة الثائرة تضع المرأة المستكينة المستسلمة أمام مرآة عجزها) ولذا تكون أول جلاديها.
• العادات والتقاليد التي لا تجلب إلا التعاسة
دائماً ما تتكلم الأم عن الأصول وهي ليست أكثر من الاتجاه السائد (المينستريم) لدي الناس ومفهومهم عن شكل المجتمع وعلاقة الفرد به كجزء من المنظومة، ويحاول المجتمع (كجماعة وأفراد) أن يجبروا أي متمرد علي العودة للمينستريم قهراً بالقوة والتسلط أو بالنبذ فيعود حتي لا يعيش وحيداً وتزدريه الجماعة (بإنتهاك سمعته).
وما كان حث أم جميلة/ميمي شكيب لإبنتها جميلة/شويكار علي الاستمرار في الزواج (لأن مفيش وحدة اتطلقت قبل كده في العيلة، وعيب إن البنت تطلق، وإنها ممكن تخون جوزها مادام في السر وبعيد عن ألسنة الناس)، يوضح هذا ما يفعله المجتمع الذي يجبر الإنسان علي الخطأ سراً لأنه لا يستطيع أن يفعل الصح خوفاً من ألسنتهم.
• جماليات
- لقد أبدع الثلاثي د. لطيفة الزيات والسيناريست يوسف عيسي والمخرج هنري بركات في تحويل الرواية وصياغة السيناريو والحوار وإخراج هذا العمل الإبداعي، كما تميزت سيدة الشاشة العربية الراحلة فاتن حمامه في أداء الدور ببراعة وإظهار لحظات الإنكسار والثورة والسعادة وصراعها الداخلي، كما قدم الراحل محمود مرسي أداء متميز جداً في أحد أجمل أدواره، وظهور مميز للفنان محمود الحديني.
- كما رسم السيناريو هذه النهاية التي تقرر فيها ليلي بمفردها الإنتقال من هذا البر/قطار الفيوم، إلي البر الأخر/قطار بورسعيد لتجد هناك نفسها قبل أن تجد الحب، في إشارة إلي ما قاله لها حسين في قُبيل سفره في المرة الأولي، فهي بذلك تتحرر من كل القيود المفروضة عليها وكان من الطبيعي أن تجد الحب أيضاً.
- كما رسم السيناريو عدة مشاهد بها إسقاطات بديعة، عندما علمت ليلي علاقة عصام بالخادمة وخروجها من المنزل لتُشاهد "الأسانسير" وهو يهبط، في إشارة إلي سقوط عصام من نظرها إلي الآبد.
- وكذلك مشهد غلق الشباك بعدما كتبت جواب لقطع علاقتها بحسين، في إشارة إلي غلق باب قلبها والحياة والإستسلام للحياة المفروضة من المجتمع.
- وكانت موسيقي أندريه رايدر حاضرة وبقوة كأحد أهم عناصر الفيلم.
• ختاماً فأن أوضاع المرأة تعود من جديد في ردة حضارية منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، ورغم الحراك الذي أحدثته الثورة المصرية في يناير 2011 إلا أن السينما والخطاب الإعلامي لازال يسبق تصورات الشارع بعاداته وتقاليده، كما قالت ليلي لزميلاتها "والله أحنا مصيبتنا تقيلة، علي الأقل أمهاتنا كانوا عارفين وضعهم، لكن أحنا ضايعين لا عارفين الحب إذا كان حلال ولا حرام، أهالينا يقولوا حرام، وراديو الحكومة ليل ونهار يغني للحب، والكتب معظمها تقول للبنت أنتي حرة، لكن لو البنت صدقت تبقي مصيبتها تقيله وسمعتها زفت وهباب" ولازال الوضع مستمراً وإن خفت حدته، ولكننا لازالنا نعاني منه، هيمنة ذكورية مع سحق لإرادة الأنثي، ولذا لن يكون هناك سبيل سوي ما رسمه الفيلم بالوعي والإرداة تتحرر الأنثي، وإذا تحررت الأنثي تحرر المجتمع وكان بداية لنهضة حقيقية وشاملة.



#حامد_المسلمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم جري الوحوش ومعاداة العلم
- مولد يا دنيا والفيلم الإستعراضي
- عنتر بن شداد كلاكيت تاني مرة


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد المسلمي - الباب المفتوح بالوعي والإرادة إلي الحرية