|
محمد سهيل أحمد:.. برق الالتماعة الأولى والانبثاق(1 -2 )
جاسم العايف
الحوار المتمدن-العدد: 5254 - 2016 / 8 / 14 - 10:09
المحور:
الادب والفن
لا تنحصر تجربة القاص "محمد سهيل احمد" الثقافية في توجهاته وممارساته السردية فقط ،بل بدأ بالشعر ، و نشر قصائده في الصحف (البصرية - العراقية)، ثم توجه للقصة ، وقبل تخرجه في كلية التربية- جامعة البصرة- قسم اللغة الانكليزية، تقاسم مع القاصين(محمد خضير ومحمد عبد المجيد) الفوز بجوائز مسابقة القصة القصيرة ،لملحق جريدة "الجمهورية" الثقافي عام 1964 ، كما مارس الترجمة في الصحف والمجلات العراقية والعربية، ومنها رسائل"رامبو" ، التي قدم لها الشاعر "حسين عبد اللطيف"، ونشرت في مجلة (الأقلام) صيف عام 1974 ، دون اسم مترجمها (محمد سهيل أحمد )،وقد حاول(محمد) مع مجلة (الأقلام) لغرض التنويه عن ذلك في الأعداد القادمة، فلم تعبا هيئة تحريرها بذلك ولم يحصل(محمد) على ما أراد؟!. لظروف خاصة غادر،(محمد)، البصرة نهاية السبعينات، وخلال عقد الثمانينات عمل في الصحافة الكويتية،أضطر للعودة إلى البصرة بعد احتلال الكويت، وفي تسعينات سنوات الحصار، غادر ثانية وعمل في الصحافة الأردنية، ثم ذهب إلى ( ليبيا) لتدريس اللغة الانكليزية. بعد سقوط النظام، عاد إلى العراق وعمل في صحيفة" المنارة" البصرية- نصف الأسبوعية، والتي توزع في كل أنحاء العراق ، وبعض دول "الخليج العربي،واختار (الصليب الأحمر الدولي) قصته( متاهة الجندي) لتطبع ضمن كتاب بعنوان (جروح في شجر النخيل) وضم قصصاً لـ(20) قاصاً عراقياً بينهم القاص احمد خلف والقاص احمد سعداوي ، صدر عام 2007، وعرض في معرض دمشق الدولي للكتاب و سجل أعلى أرقام الكتب المباعة في المعرض. كما ترجمَ (محمد) عن اللغة الانكليزية ،لأول مرة، إلى اللغة العربية، رواية (أردابيولا) للشاعر الروسي (يفتوشينكو) وصدرت عام 2014 عن دار تموز - دمشق.وقد قدمها (محمد) بلغة عربية مشحونة بشاعرية مرهفة ، وهي من السمات المعروفة عن قصصه، التي أعقبت بداياته الثقافية. نلاحظ إن رواية (أردابيولا) تعد بمثابة نكتة فظة وشديدة القسوة في وجه الدنيا كلها وكارثة شخصية لبطلها وتمهيد لرحلته الجنونية، سعياً وراء الخروج من يأسه نحو أمل متجدد يكمن في ذاته. وحاولت الرواية أن ترسم صوراً تفصيلية عن مرحلة ما قبل وبعد (البيروسترويكا). وهي تندرج عن قصد أو دونه، ضمن ما يطلق عليه بـ(الكتابة الضد)، لكنها لا تقع في منطقة (البروباغاندا) السلطوية النفعية والمجانية والدعائية، ولعلها توثيق حقيقي لشرائح اجتماعية ينتمي الكثير منها إلى ما يطلق عليه، وفق التوجهات الفكرية والاجتماعية السابقة بـ "الشغيلة المثقفة"، أو "شبه المثقفة"، وبعضها تَقدمَ في السن وعانى الإحباط، بعد أن نهكته وانتهكته (السلطة) بقهرها الدائم وشكوكها غير المبررة إنسانياً، وكذلك بفظاظتها، وفق الوقائع الفعلية التي جرت بالارتباط مع قناعات ناس تلك المرحلة، بالترافق مع أهوال الحروب الأهلية التي أثارتها القوى المضادة للتغيير الذي حصل في ثورة (أكتوبر) التي أدت لسقوط الحكم القيصري، والحروب المفروضة، قصداً، لمواجهة تلك التغييرات التاريخية والساعية بمختلف الوسائل لوأد ما أنتجته من تحولات كانت أثمانها مريرة ومفجعة وباهظة جداً على الناس. وكان من نتائج التغيير أن تحولت أحلام القسم الآخر الأكثر شباباً من المواطنين نحو الحياة في الغرب، وبات يواجه مصاعب سنواته عبر التعامل، خلسة في السوق السوداء، حتى وإن كان عبر المضاربة بتذاكر دور العرض السينمائية التي تعرض أفلاماً هندية، وعاش شغوفاً بجميع ما هو قادم من العالم الرأسمالي: الدولار، الكوكا كولا، بناطيل الجينز، الويسكي خاصة (الوايت هورس)، وسجائر ( الـمالبورو) برائحتها النفاذة القادمة من بعيد، والانخطاف بالـ (روك اند رول) بإيقاعاته الصاخبة. ما بين صدور مجموعة" محمد سهيل أحمد" القصصية الأولى (العين والشباك) ، مطبعة الرسالة- الكويت 1985، و التي حظيت باهتمام بعض النقاد والكتاب العراقيين والعرب، و مجموعته القصصية الثانية المعنونة "الآن أو بعد سنين" التي صدرت، بعد (20 ) عاماً على صدور مجموعته الأولى، نلاحظ إن "محمد سهيل أحمد " كاتب قصة يتقن الصنعة، وقصصه مشحونة بالتوتر، والسرد القصصي لديه يخضع لمعارفه وقدراته وخبراته المتراكمة في التكنيك الفني عند كتابته للقصة القصيرة ، وهو لظروف ومعوقات خاصة به ، لم يأخذ مكانه الطبيعي بين القصاصين العراقيين خاصة الذين بدأ مسيرته القصصية معهم. وله مساهمة في كتاب"بقعة زيت" حصيلة (المشغل السردي في البصرة)، وكذلك كتاب "ذاكرة المقهى"،وقد صدرا ضمن كتاب(فنارات)- مجلة اتحاد وأدباء كتاب البصرة، كما صدرت مجموعته القصصية الثالثة "اتبع النهر"-2012 - عن اتحاد أدباء وكتاب البصرة- وثمة طبعة ثانية لها تكفلت بها دار الشؤون الثقافية، ضمن مشروع "بغداد عاصمة الثقافة". (محمد سهيل أحمد) في القصة القصيرة ينحو إلى ثلاث مراحل، نرى انه لا بد لكل قاص أن يمر بها وهي : برق الالتماعة الأولى أو الانبثاق ، والخزن الذي قد يطول أو يقصر زمنياً،ومن ثم الاشتغال والمعالجة. نلاحظ التبدل الجوهري الذي طرأ على الخطاب السردي في مجموعته الأولى ، حيث كان أسيراً للحالة الشعرية التي ميزت بداياته الثقافية، ومن هنا عمل على توظيف شخوص مجموعته الأولى مع إضاءة بعض هذه اللحظات شعرياً، وذلك عبر النفس الغنائي الوجداني، و هذا النزوع طبع معظم قصص مجموعته تلك عدا قصة "يوميات فراشة ملونة" الذي كان مكثفاً مكتنزاً بالوقائع اليومية- القاسية و التي اكتنفت حياة طالبة مدرسة - ابنة دلالة سلع تحيطها الشائعات- إضافة إلى اعتماده في الاشتغال بقصته تلك على آليات التقطيع والسيناريو السينمائي، ما أهل قصة (فراشة ملونة) لأن تتحول إلى فيلم تلفزيوني عُرض في الفضائية العراقية أواخر التسعينات وأخرجه المخرج " فائز الكنعاني". "محمد سهيل أحمد" لم يتخل عن توجهاته الشعرية التي تعَد فرعاً من فروع السردية ، ففي مجموعته الثانية "الآن أو بعد سنين"- وزارة الثقافة - دار الشؤون الثقافية- بغداد، والتي يبدأها بمقطع شعري أطلق عليه اسم (تكريس) وهو ضمن قصيدة للشاعر الراحل حسين عبد اللطيف حملت عنوان (جرح الوردة): ".. مع العشب ضعنا.. فقل أيها القلب مَن ذا يرد المسافر وحده ومَنْ ذا.. يرد السنين؟!". كما بدأ ،كذلك ،مجموعته القصصية تلك، بمقطع نثري آخر لـ( لوُنغفيلو) ورد فيه:".. يشيد جميع الرحالة كثيراً بذكر (يوليسيس) لأنه عرف الكثير من أخلاق البشر ورأى الكثير من المدن..". نرى أن (محمد سهيل) قنن جرعات جانب صياغة الشعر في "الآن أو بعد سنين"باتجاه منظور علائقي ظاهراتي تميز بالتماثل والتضاد والانسجام والتنافر والقبح والجمال .
#جاسم_العايف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عرابو الديكتاتوريات..وخطاباتهم الراهنة
-
14 تموز 1958:..و آثام الماضي العراقي
-
مهدي محمد علي : .. مختارات شعرية
-
التاريخ المسرحي بين الانثروبولجيا و التنقيب الآثاري
-
-: ربيع عودة.. بيت للعصافير.. في زمن الضواري..؟!.*
-
البار الأمريكي.. العتمة وعوالم الأرق
-
آلية التلقائية في توثيق بعض تجارب الشخصيات الثقافية العراقية
-
حياة.. كُرست للمسرح
-
رحلة - ثيرثة مايا - و- ابنتها -:..( إلى سالتو)
-
(مقاربات في الشعر والسرد) ط3 . للكاتب جاسم العايف
-
واقف في الظلام.. وتلك الأيام
-
حسين عبد اللطيف: مقبرة نائية.. تابوت أسود
-
-شاكر العاشور-: وبعض حصاده الشعري
-
جماليات الوثقائية الفكرية في الدراما
-
القاص فرات صالح : و عربته التي تحرسها الأجنحة
-
التلفيقات العنصرية..والسينما النازية
-
د. سلمان كاصد:..و -صنعة السرد-
-
بنيان صالح :.. رحلة الحياة والمسرح
-
الماضي وسطوة الحاضر في:-عندما خرجتُ من الحلم-
-
استهداف القارئ في ..-مقاربات في الشعر والسرد-
المزيد.....
-
توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف
...
-
كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟
...
-
شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي
...
-
رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس
...
-
أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما
...
-
فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن
...
-
بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل
...
-
“حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال
...
-
جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
-
التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!
المزيد.....
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
المزيد.....
|