|
مفهوم الشعب بين النظرية والتطبيق
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 5249 - 2016 / 8 / 9 - 21:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشعب بين النظرية والتطبيق ************************* الشعب كما قاربتها مختلف المدارس السياسية ، مفهوم ينقسم الى شقين سياسي واجتماعي ، فالسياسي يتحدد بوجوب توفر شروط تنظيمية ، كالتمتع بالحقوق السياسية بكل تفريعاتها . والاجتماعي يأخذ بعدا اوسع اذا يشمل كل الأفراد الذين يعيشون في فضاء مكاني تحت سيادة نظام معين . لكن المأزق الكبير يتمثل في الغوص في تعيينات النظري وتطبيقاته العملية . كيف يمكن اذن مقاربة الشعب ليس كنظرية فلسفية ، وانما كوجود مادي ؟ سؤال يمكن ان يصطدم بنظرية المُعاش والممارس ،الى درجة تسقط معها جميع التمثلات المفاهيمية للفظة "الشعب " ويغدو وجودا بلا معنى ، ونظرية عصية على التحقيق . هذه احدى العوامل التي تخرج العلوم الانسانية من حقل العلوم الحقة والصحيحة ، وتطردها الى مجرد شطح لغوي يشبع به بعض المفكرين نهمهم الى صفة العالم ، أو على الأرجح يبقى تمثلا ذهنيا ومعرفيا اكثر منه واقعا معاشا . فحتى في المجتمعات الغربية اليوم ، أصبح لفظ الشعب ، او مصطلحه كمفهوم معرفي مغرقا بعبثيته الضاربة في الغموض والانفلات . فحتى لو استعنا بمعياري الكتلة والعدد ، فان الغوص في تجريدات هذا المعيار سيقصفنا أمام حقائق التشرذم والفردانية ، بل غياب الفرد نفسه كذات ؟، واذا ما حاولنا مقاربته من خلال حدي المصلحة العامة او الارادة الجماعية ، فان فراغ الشعار من مداليله العملية يصدمنا امام مركزية القرار وأحاديته .كما ان مفهوم الجماعات انحسر الى مجموعة ، وفقدت بالتالي الجماعة لحمتها العامة ، لتنزلق الى مجموعة أفراد يسنون القوانين ويفرضون آراءهم . نحن اذن امام مآزق واقعية ، وليس نظرية ، فالنظرية هنا تصبح فقط ملاذا مثاليا وطوباويا يحقق به المفكر رغتبه وطموحه الى تأسيس مجتمع قابل للالتحام والوحدة ، داخل تنوع لايمكن الغاؤه البتة . فعلا أصبح موضوع الشعب موضوعا غامضا وملتبسا ، ومطية لدغدغة مشاعر الغوغاء والبلهاء الذين يفقدون حس المساءلة والنقد والفحص والاستقراء . لكننا لا نعدم هذا الالتباس في الدول العريقة التي تأسست في اجوائها انبل فلسفة انسانية ، كفرنسا ملهمة فلسفة الأنوار وعلى رأسها كتب جان جاك روسو فيما خص الجانب الاجتماعي تحديدا ، ومونتسيكيو فيما خص الجانب السياسي . حيث بتنا نتابع دروسا وكتابات وندوات مكثفة لاعادة استحضار مفهوم الشعب واستعادة محوريته وسيادته التي باتت مهددة اثر التحولات الدولية التي انعكست سلبا على الاقتصاد والسياسة . واذا ما أردنا الاقتراب من بعض آليات الالتفاف على الشعب كسيادة وكقوة اولى ، لابد لنا من الاشارة بتدقيق الى الفرق الواضح بين تقنية الاقتراع المقيد ، وتقنية الاقتراع العام . وهي حدود دقيقة ؛حيث ان تقنية الاقتراع المقيد تقلص من حجم الكتلة الناخبة بوضعها لشروط وتقييدات محددة للناخب والمرشح ، كاحتكار الانتخاب على فئة معينة ومحددة ومحصورة ، كالوجهاء وذوي المال ، والمقربين من أصحاب القرار السياسي . اما تقنية الاقتراع الحر والعام ، فانه يمنح لجميع المواطنين بقوة القانون الحق في الانتخاب والترشح عند سن معينة دون النظر الى مركزهم الاجتماعي أو انتسابهم الى فئة معينة أو اقترابهم من الطبقات المهيمنة . وهنا وجب التنبيه الى قدرة النظام المغربي على جر الاقتراع العام الى الاقتراع المقيد . ولتوضيح ذلك يمكن عكس هذا المنظور عل واقع السياسة بالمغرب ، وخاصة نظام الاقتراع وما يرتبط به من اكراهات وتقييدات والزامات مجحفة في حق أغلبية المغاربة . بل وصل الأمر الى منع كتل سياسية من حقها استلام رخص تأسيس الأحزاب لأسباب واهية . كما يلاحظ احتكار عملية الانتخاب على مجموعة منتخبة مسبقا من قبل النظام المغربي ، دون الحديث عن التلاعبات في التقطيع الانتخابي وفي نظام اللوائح الانتخابية التي تصنع على مقاسات معينة ومحددة . هنا تتقلص كتلة المواطنين في حقيقتها الانتخابية مقلصة الى حدود دنيا للتحكم في توجهاتها وميولها ، وحشرها في خانات محددة ومعينة . كما ان مفهوم المصلحة العامة يأخذ بعدا خاصا بامتياز لا يعبر الا عن مصلحة السلطة المركزية ، ولا يتمدد الى باقي مكونات الطبقات الشعبية . فيتم سحق الشعب سحقا عمليا بتنحيته عن ممارسة حقوقه ، مما يحيل من وجهة أخرى الى طبيعة وحقيقة النظام الذي يستثمر الشعب في ابتلاعه انطلاقا من احتكار لفظة الشعب والتلفظ بها . فالشعب مستلب بعدده وكتلته ومجموعه وافراداته ، في احتكار تمثيله من قبل نظام التف عليه بطرق متعددة ، اهمها لعبة الانتخابات الزائفة .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا الله
-
عودة المغرب الى الاتحاد الافريقي بين الصواب والخطأ
-
الانقلاب التركي بين المؤامرة وبين الصناعة
-
الميتا مواطن
-
رسالة الى الضابط السابق مصطفى أديب
-
المكلية الفرنسية الجديدة
-
هل اقتربت نهاية آل سعود ؟
-
قراءة متأنية لنبرة خطاب الملك القوية في قمة الخليج
-
حان الوقت للافلات من تبعية القادة العظام
-
قمة التفاهة أن يحتفل الشعراء بيوم عالمي للشعر
-
أوباما يعيد كتابة التاريخ بطريقته
-
عرب يوقعون بقلم اسرائيل
-
حب قديم
-
تأجيل والغاء القمة العربية هل هو حكمة مغربية او انقاذ فشل حت
...
-
الشاعر لايموت...الى مصطفى بلوافي
-
متاهات اتحاد كتاب المغرب المغلقة
-
النظام السعودي يزداد اختناقا
-
محاولة منهجية لتأسيس الذات المثقفة
-
ايران نمر الخليج القادم
-
اعدام نمر النمر بين سذاجة آل سعود ولعبة استراتيجية كبرى
المزيد.....
-
وزير خارجية إسرائيل: مصر هي من عليها إعادة فتح معبر رفح
-
إحباط هجوم أوكراني جديد على بيلغورود
-
ترامب ينتقد الرسوم الجمركية على واردات صينية ويصفها -بغير ال
...
-
السعودية.. كمين أمني للقبض على مقيمين مصريين والكشف عن السبب
...
-
فتاة أوبر: واقعة اعتداء جديدة في مصر ومطالبات لشركة أوبر بضم
...
-
الجزائر: غرق 5 أطفال في متنزه الصابلات أثناء رحلة مدرسية وال
...
-
تشات جي بي تي- 4 أو: برنامج الدردشة الآلي الجديد -ثرثار- ويح
...
-
جدل حول أسباب وفاة -جوجو- العابرة جنسيا في سجن للرجال في الع
...
-
قناة مغربية تدعي استخدام التلفزيون الجزائري الذكاء الاصطناعي
...
-
الفاشر تحت الحصار -يمكنك أن تأكل الليلة، ولكن ليس غداً-
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|