أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض محمد سعيد - اليوم والزمن الاخر














المزيد.....

اليوم والزمن الاخر


رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)


الحوار المتمدن-العدد: 5238 - 2016 / 7 / 29 - 15:36
المحور: كتابات ساخرة
    


اليوم والزمن الاخر
ككل صباح من صباحات بغداد الصيفية الحارة جلس محمد على كرسيه ليتناول الفطور مع زوجته وابناءه الثلاثة ، ابنته الكبرى امل وابنيه علي وعمر . تعود ككل يوم ان يتناول الافطار في الباحة الخلفية للمنزل ليراقب الازهار التي زرعها في الحديقة وهو جالس وسط سيقان العنب المعلقة على جدران سقيفة الخشب التي بذل جهدا كبيرا لتكون في اجمل صورة وليمتع بها بصره كل صباح عند الافطار لتبعث على التفائل والامل . خرج من منزله مودعا من عائلته بعد ان قبل يد والدته طالبا منها الرضا لينال رضا الله . كان ينتضره في الخارج جاره وصديقه الذي تعود ان يلاقيه كل يوم ليسيرا معا الى عملهما . كان صباحا قاسيا بحرارته ينبيء بنهار حار من ايام تموز ذات الحر القائظ .
في العمل زاره صديق قديم عرض عليه امرا اثار الحيرة في نفسه ، طلب منه المساعدة في عمل يجني منه كليهما مالا كثيرا وكل ما هو مطلوب منه ان يوقع على وثيقة صلاحية بضاعة وردت الى المخازن رغم انها على وشك التلف ، نظر محمد في صمت الى حقيبة صغيرة فيها من المال ما يغير حياته الى الابد ... مال يمنحه القدرة على اصلاح وتعمير المنزل ويساعده على شراء سيارة وشراء كل احتياجات زوجته وابناءه وعلاج والدته وتغيير حياته الى ما كان يحلم به . لكنه توقف لحظة التفكير بوالدته ماذا سيقول لها ولزوجته واولاده من اين هذا المال وكيف حصل عليه .. ولو اراد ان يبعده عن الانظار فاين سيخفيه .. تذكر وصايا زوجته ودعاء امه وابتسامة اولاده وتفاءلهم بفخر بوالدهم .. كيف سيواجههم وهل يستطيع الكذب واختلاق رواية تساعده على تمرير فعلته ؟ دارت في فكره هذه التساؤلات في لحظات صعق في اخرها وهو يحدق في عيون صاحبه المفسد وهو يتذكر وصايا والده وتعاليم دينه واخلاق عشيرته ، مرت عليه تلك اللحظات القصيرة ثقيلة في صور القسوة التي سيتحملها نتيجة عصيان ربه و تعاليم دينه فهل سينسى مخافة الله ؟
تلك كانت لحظات لم يتردد بعدها من رد يد صاحبه ويشيح بوجهه عنه متجاهلا وجوده وما قاله وعاد ليمضي في عمله دون ان يرد الا بكلمة (لا اله الا الله) ... فهم صاحبه الرد واعاد الحقيبة الصغيرة الى مكانها واعتذر ليخرج مهرولا يتصببه العرق والخجل من فعلته. احس محمد بالارتياح والرضا وحمد الله وشكره حين وقعت عيناه على لوحة تقويم ميلادي معلقة على الجدار كتب عليها كلمة الله اكبر وتحتها تاريخ اليوم 24 تموز 1999 .
في زمن اخر:
خرج محمد من منزله قبل تناول الافطار ليلحق بالباص كعادته كل يوم بعد ان اتعب جاره وصديقه من مناداته والطرق على الباب ، خرج قبل ان يرد على زوجته وهي تحاول ان تذكره بجلب الدواء لوالدته عند عودته من العمل ،، ركب الباص وهو يحاول ان يختلس النظر من زجاج السيارة بالابتسام الى ابنته و ابنيه وهما يهمان بالخروج الى باص المدرسة. لكن باص العمل كان اسرع فقد سار وتعذر عليه النظر اليهم فوقع بصره على واجهة منزله العالي بالوانه الجميلة وديكوراته الثمينة والنباتات المتدلية عن سقيفة السيارة الجميلة التي يخشى ان تتعرض للشمس فيتغير لونها فكانت النباتات تمنع ضوء الشمس وحرارتها من الوصول الى السياؤة من خلال الضلال لتحميها .
في العمل زاره صديق قديم عرض عليه امرا اثار في نفسه الفرح والسعادة حين طلب منه المساعدة في عمل يجني منه كليهما مالا كثيرا ، مد له حقيبة صغيرة مليئة بالمال مقابل عمل يقع ضمن مهامه وصلاحيته ، كان كل ما هو مطلوب منه ان يوقع على وثيقة صلاحية بضاعة فاسدة وردت الى المخازن رغم انها تالفة وعليه ان يرضي مقابل هذا المال الموظفين المعنيين لتجاوز الفحص وقبول البضاعة ثم يرتيب الامر بشكل قانوني على انها تلفت نتيجة سوء ضروف الخزن في الشركة ، نظر الى صاحبه بابتسامة الظافر المنتصر والى الحقيبة الصغيرة وسأل صاحبه كم في الحقيبة ؟ فذكر له صاحبه قيمة المبلغ .. فرد عليه الحقيبة وقال له لا تكفي .. فضاعف له صاحبه المبلغ مرة واثنين حتى وافق وسحب الحقيبة بخلسة ووضعها في الدرج وقد تملكه الفرح والانتصار ، ومر على فكره شريط من الاحلام و الامنيات التي سيتمكن من تحقيققها ... سيشتري بيت افخم وسيارة احدث وسيهدي زوجته مصوغات ويلبي كل احتياجاتها في السفر للخارج وشراء كل ما تحتاجه هي واولاده وسيمنح والدته احتياجها من الدواء والعلاج في الخارج ... دارت في فكره هذه الصور والتخيلات في لحظات صحى في اخرها وهو يحدق في عيون صاحبه جالب الحظ والمال والرفاه ،، ووقع على الوثيقة واعطاها لصاحبه فشكره هذا بدوره وغادر مسرعا وهو يبتسم لينجز العمل الذي بدأ به ويسلم البضاعة الى المخازن . رجع صاحبنا بكرسيه الى الوراء وامتد بجسده واغمض عينيه وهو يشعر بالزهو والسعادة على ما انجزه وتسابقت الصور في مخيلته كيف سيبلغ عائلته بهذا الخبر السعيد والشوق لرؤية الفرح في وجوههم ولسماع التهليل والفرح الذي سيتعالى في البيت من زوجته واولاده وبدأ يخطط لطريقة استثمار هذا المبلغ . عاد الى الدرج ليمتع نظره بالمال ويشعر بالراحة والاطمئنان .. ثم اغلق الدرج وحمد الله وشكره على رزقه ونعمه حين وقعت عيناه على لوحة تقويم ميلادي معلقة على الجدار كتب عليها كلمة الله اكبر وتحتها تاريخ اليوم 24 تموز 2016 .



#رياض_محمد_سعيد (هاشتاغ)       Riyadh_M._S.#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا ريت
- صبرا على المنايا
- العرب والحضارة اليوم
- هل نريد الحياة
- آ يا شعب العراق
- أضعف الايمان
- الموصل .. مدينتي
- لن نقطع الأمل
- العرب والشرق الاوسط
- صفحات ملوعة
- جاري وصديقي الهارب
- بعد ان نام مبكرا
- الا يتعظ العرب من عضة الكلاب
- على العراقيين ان يعترفو بأخطائهم
- رسالة من العراق
- شمسي ومأساتي
- تقية سياسية ام زهايمر
- نفس العضة ... نفس الدكتور
- الشعب و ديمومة الفاسدين
- فاشلون وسلاح


المزيد.....




- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض محمد سعيد - اليوم والزمن الاخر