|
في وداع الاستاذ تيسير العاروري
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 5237 - 2016 / 7 / 28 - 15:38
المحور:
القضية الفلسطينية
في وداع الأستاذ تيسير العاروري بقلم/ محسن ابو رمضان فُجعنا بالوفاة المبكرة للأستاذ تيسير العاروري، كيف لا و قد كانت سيرته زاخرة بالعطاء و النضال من اجل تحقيق الاهداف الوطنية و الاجتماعية التي آمن بها و دفع ثمنها من ملاحقة و اعتقال و إبعاد. تمير أ. تيسير بالصلابة و المصداقية و الحزم و التمسك بالقيم و الثبات على المبدأ، كما تميز بقدراته العلمية و الثقافية البارعة، ليس فقط بوصفه استاذا لمادة الفيزياء التي تعتمد على العلم و لكن كذلك لأنه آمن بقيمة و أهمية العلم الذي أصبح يشكل له المرشد بالعمل الاجتماعي و الوطني و بتبديد أيا من الخرافات و الاساطير. سمعنا عن الاستاذ تيسير قبل ان نصبح طلبة في جامعة بيرزيت في بداية الثمانينات من القرن الماضي، سمعنا عن مصداقيته و صلابته و منهجه العلمي و مبدئيته و تجربته الاعتقالية، و قدراته الفكرية و شخصيته القوية و المتماسكة، و لكن تعززت قناعتنا به اكثر عندما أصبحنا نشطاء بالحركة الطلابية بالجامعة، فقد لعب دورا رئيسيا بنقابة العاملين و بالدفاع عن حقوقهم الى جانب ارشاده و توجيهه المستمر لكتلة اتحاد الطلبة التقديمة مشددا على أهمية التقارب مع الطلبة و عدم الاستعلاء عنهم و الامتزاج بهمومهم و العمل على تحقيق طموحاتهم مؤكدا على ضرورة العمل على تمكين و تطوير و إبراز قيادات طلابية جديدة منهم، كما كان يشدد على أهمية العمل مع الجماهير و خاصة الكادحين منهم في أماكن سكن الطلبة عندما يعودون إليها عند الاجازة أو بعد التخرج حتى يصبح الكادر الطلابي قائدا في منطقته و ليس منعزلا عنها و يعيش في مجموعات نخبوية بعيدا عن الناس و همومهم. كان أبو فارس من أشد المتحمسين للانتفاضة الشعبية الكبرى (87/93) التي اعتبرها برنامج الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي تأسس عام 1982 لأنها الأداة الحقيقية القادرة على التخلص من الاحتلال في ظل إدراكه أن الارض المحتلة هي الساحة المركزية و المقررة بالصراع و بأن الكفاح الشعبي هو الوسيلة الديمقراطية و التي تعبر عن إرادة المجتمع باتجاه مقاومة الاحتلال وصولا لدحره. استطاع أبو فارس ادراك اهمية دور قوى التضامن الشعبي الدولي و لذلك كرس جزء من وقته للتواصل مع تلك القوى و أصبح عنوانا للعديد منها و ذلك عبر استقطابهم و تنظيم الزيارات الميدانية لهم، و قد كنا بغزة حيث أغلق الاحتلال الجامعة إبان الانتفاضة الكبرى نستقبل هذه الوفود و نشرح لهم عن معاناة شعبنا و حقهم بالحرية و الاستقلال حيث دخلت كلمة الانتفاضة القاموس العالمي. و في سياق عمله الكفاحي و النقابي و السياسي لم يتوقف فقيدنا عن الكتابة حيث كان يكتب المقالات و الدراسات بصورة شبه مستمرة في مجلة الكاتب و التي كانت عنوانا للثقافة التقدمية و قد كان عضو في هيئة التحرير. و رغم إبعاد الاستاذ تيسير من قبل قوات الاحتلال بسبب نشاطه في الانتفاضة الا انه استمر بدوره الوطني و النضالي بالخارج و قد استطاع ادراك بحسه العلمي و قدراته المعرفية المميزة اهمية التمسك بالديمقراطية خاصة بعد المتغيرات الكونية الهائلة التي جرت بالعالم معتبرا اياها شرطا لتحقيق العدالة الاجتماعية، فالشمولية و الفردية و المركزية أصبحت مفردات من الماضي ولا تستقيم مع قيم العصر الحديثة التي تتطلب الربط المحكم ما بين الديمقراطية الموسعة و ما بين العدالة الاجتماعية . عمل فقيدنا الأستاذ تيسير بإخلاص باتجاه تشكيل التيار الديمقراطي بالمجتمع الفلسطيني لكسر حالة الاستقطاب بين التيارين الرئيسين ( فتح وحماس) و باتجاه يعزز من قيم الديمقراطية و الحرية و المشاركة و قام بإجراء دراسات علمية و مهنية و مراجعة التجارب التي تمت في هذا المضمار، الا ان هذه المحاولة كغيرها استضمت بالعديد من المعيقات الذاتية و الموضوعية و لكن التي يجب ان تستمر في سبيل تحقيق التوازن في بنية و مسيرة المجتمع. عزاؤنا انه ترك لنا تراثا نعتز به مسيرة عطرة يفتخر به كل من آمن بقيم التحرر و الديمقراطية و التقدم الاجتماعي.
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عامان على العدوان والملفات ما زالت مفتوحة
-
الانتخابات المحلية بين الضرورات والتحفظات
-
المنتدى الاجتماعي بين المدني والسياسي
-
غياب الديمقراطية والشمولية
-
الحالة الفلسطينية توافق ام انتخابات
-
نحو نظرة وطنية وليست امنية لمبادرات انهاء الانقسام
-
الضرورة الموضوعية للانتخابات العامة بعد عشرة سنوات على حدوثه
...
-
رؤى وبدائل مقترحة لأزمة الاقتصاد الفلسطيني
-
الفوضى العربية ومخرج العقد الاجتماعي
-
مقاربات انتفاضية
-
بمناسبة اليوم العالمي للمتطوع نحو احيار قيمة العمل الطوعي
-
فلسطين في يوم التضامن بين المواقف الرسمية والشعبية
-
في المضمون الوطني والديمقراطي لوثيقة الاستقلال
-
دور القطاع الخاص في اسناد المبادرات الشبابية
-
الشباب والحراك الشعبي الراهن
-
في شروط نجاح الانتفاضة
-
د. حيدر عبد الشافي في الذكرى الثامنة لوفاته - ماذا لو كان حي
...
-
هدنة غزة بالاطار الاقليمي
-
السلم الاهلي والامني المجتمعي الي اين ؟؟
-
إعادة اعمار قطاع غزة بعد عام من تشكيل حكومة الوفاق الوطني
المزيد.....
-
رد -ساخر- من بايدن على اتهام ترامب بأنه وراء إدانته في قضية
...
-
أوباما يوضح -أهمية- المقترح الذي أعلنه بايدن لوقف القتال في
...
-
شرطة نيويورك تعتقل نشطاء خلال مظاهرة رافضة للعدوان على غزة
-
فيديو لـ-توليد السحب في السعودية-.. ما حقيقته؟
-
-سنتكوم- تؤكد تدمير أربع مسيّرات تابعة للحوثيين
-
فرنسا تمنع شركات إسرائيلية من المشاركة في معرض للسلاح.. وغان
...
-
ماذا يعني دخول ترامب السجن لجهاز الخدمة السرية؟
-
السياسة الأميركية واحتجاجات الجامعات
-
الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن
-
فيديو لمتظاهر مؤيد للفلسطينيين يحتج في مباراة بطريقة -غريبة-
...
المزيد.....
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|