أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أدهم مسعود القاق - العيوب النسقية الثقافية














المزيد.....

العيوب النسقية الثقافية


أدهم مسعود القاق

الحوار المتمدن-العدد: 5232 - 2016 / 7 / 23 - 14:54
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مع ازدياد أشكال الهيمنة المختلفة زاد الاهتمام بالآثار التي تتركها الثقافة على البشر التي تتمظهر على شكل أنسقة ثقافية تطال الفكر والسلوك والعاطفة. ولعلّ البداية كانت مع تأسيس مركز الدراسات الثقافيّة المعاصرة Birmingham school of culture في جامعة بيرمنجهام بإنجلترا عام 1964م، الذي اهتم بالدراسات الثقافية بصفتها: "تخصّص معرفيّ أو أكاديمي ومنهج تحليل للثقافة من منظور اجتماعي – سياسي أكثر مما هو جمالي" ويقوم هذا التخصّص على التحليل الثقافي النقدي الملتزم وغير المحايد إزاء الظلم الواقع على المهمّشين، وعلى الاحتفاء بالتجارب الثقافيّة من خلال تحليل دعاماتها في البنى الاجتماعيّة، طامحًا أن يندمج أكثر فأكثر بالواقع المجتمعيّ المعيش والحياة اليومية.
لقد تنامى الاهتمام بالدراسات الثقافية منذ تسعينيات القرن المنصرم لأسباب تتعلق بظواهر سياسية مستجدة وهي:
- انتشار العولمة لا سيما الجانب الثقافي منها، والتي يحلو للبعض من تسميتها أمركة نظرًا لدور الولايات المتحدة الأمريكية بنشر أنظمة ثقافية متعددة مثل حقوق الإنسان والحوكمة الرشيدة والمساواة النوعية وتمكين الأقليات والمرأة، وقد صاحب شيوع سياسة العولمة تنميط ثقافة الزي، والوجبات السريعة والموسيقا الزاعقة.
- تنامي تيارات الإسلام السياسي، وتفجير الثقافات الفرعية، والنكوص باتجاه الولاءات الأولية على حساب الانتماء للدولة، واستهانتها بمفهوم الوطن والمواطنة.
- الحرب على الإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م مما أدى لشيوع الإسلام فوبيا وثقافة الرعب، وبالمقابل تنامي ثقافة الكراهية والعداء للولايات المتحدة الأمريكية.
وترتكز الدراسات الثقافيّة، على كشف العيوب النسقيّة المضلّلة لوعي البشر وسلوكهم وتعرية علامات الذكورية فيها، وتفضح تكرار شروط نسقية النصوص الثقافيّة السائدة التي تمجّد الذات، وتنكر الآخر؛ داعيّة للتمرد على العمى الثقافيّ الملازم للنقد الأدبي المتسمة به ثقافة النسق التي يتمّ التعبير عنها إذعانًا لمفاهيم وتصورات ترسخت في الفكر منذ أزمنة ماضيّة، تتعلق بالذات الأنانيّة المتعاظمة والهيمنة التسلّطية، والذكورية التي تحقّر الأنوثة، وشعرية الثقافة التي تجرّد اللغة من دورها الفاعل باتجاه التغيير، وتزييف الخطاب باتجاه تصنيع الطاغية، فـ: "الأدبي هو الخطاب الذي قررته المؤسسة الثقافيّة حسب ماتوارثته من مواصفات بلاغيّة وجماليّة قديمة وحديثة" حيث: "لا مكان للمعارضة أو مخالفة الرأيّ، والآخر دائمًا قيمة ملغيّة" ، أمّا النقد الثقافي فيركّز على تحليل السياسة والفكر والآثار والممارسات الخطابيّة للغة والنصوص مغايرًا النقد الأدبي الذي يهتمّ بالجوانب الفنيّة والجمالية للنصوص كالمجاز والاستعارات والصور وتحليلها من موقع التعالي على شروط الواقع والمنطق. وبناء على ذلك فالنقد الثقافي يقوم على تحويل النصوص إلى موضوع نقاش متناولًا الأنساق الثقافيّة التي تخلّفها في المجتمع، حيث يتفاعل فيه المرسل والرسالة مع الاستجابة والتلقي. ولا يكتفي النقد الثقافي بالنصوص المكتوبة، بل يعدّ كل حيثيات الواقع نصًّا ثقافيًّا معنيًّا بالحياة البشرية المعيشة التي تتأثر بالطبقات الاجتماعية والإثنيات والسياسة والإيديولوجيا والطوائف الدينية وغيرها. وهذا يعني أن الثقافة تتعايش مع الواقع الاجتماعيّ، وتحاول أن تنظّم الحياة البشرية المعيشة، وتوجّه الصراعات داخلها، ولاتشكّله. فالثقافة بهذا المعنى هي: "منظومة معتقدات وممارسات لمجموعة من البشر تتفهم وتبني وتنظّم من خلالها حياتها الفرديّة والجماعيّة" ساعيّة إلى توجيه سلوك الناس باتجاه أكثر رحمة وتسامحًا.
وحتّى تكون الثقافة فاعلةً ومنتجة في حياة البشر لابدّ من خلخلة الهويات المجتمعيّة وتفكيك التراتبيات وإزالة الحدود بين الأدب والتاريخ والجغرافيا، كما لابدّ من تجاوز النقد الأدبي الذي اهتمّ بالنصوص الإبداعيّة من جهة جمالياتها، وأهمل فعاليات خطابها عند تلقياتها في واقع محدّد، مما جعل الغذامي يعلن: "بما إنّ النقد الأدبي غير مؤهّل لكشف الخلل الثقافي فقد كانت دعوتي بإعلان موت النقد الأدبي، وإحلال النقد الثقافي مكانه" ، وبالفعل فالدراسات الثقافيّة: "تنشب أسنانها في الأوهام النقديّة التي تدّعي أنّ النصّ مستقلّ ومكتفٍ بذاته؛ وتعتبر المعاني مصنوعة، يجري تدعيمها ونشرها في المواد والأنسجة الاجتماعيّة، وتعدّ الآثار الصنعيّة أو الأعمال الفنيّة هي ببساطة مجرد عقدٍ ونقاطِ التقاء تتوالد منها المعاني والشفرات الرمزيّة" ، وميدان الدراسات الثقافية الرئيس هو في العلاقات المتشابكة بين الحياة اليومية المعيشة، والممارسات والسياقات الماديّة والاقتصاديّة والسياسية والجغرافية والتاريخية المتشكّلة عبر أنساق ثقافيّة راسخة مستمدّة من سيرورة تاريخ الجماعة.



#أدهم_مسعود_القاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاومة الثقافية وشباب الربيع العربي
- الثوّار السوريون يكذّبون رؤية نوال السعداوي في الحاكم بأمر ا ...
- مؤتمر مراكز البحوث العربية والتنميّة والتحديث بالقاهرة: -نحو ...
- الثورة السورية بؤرة ثورات الربيع العربي، ومؤتمر الرياض
- وفاة الأستاذ منذر الشمعة، في غربته القسرية
- التنوخيون الدروز وسط التنوع الجغرافي والمجتمعي في بلاد الشام
- اقتراب ثوّار سوريا من الوثبة الأخيرة
- التناص والمناص، قراءة تطبيقية جبران، مريم المجدلية، ودرويش، ...
- شهيدة ميادين الحرية شيماء الصباغ في القاهرة
- المذهب الرومانسي، جبران خليل جبران لايزال حيّاً
- عن الثورة السورية، بيان معاذ الخطيب، وكيلو وكيلة وعبد العزيز ...
- طالبات وطلاب الدراسات العليا والتعليم المفتوح السوريون المسج ...
- لسلفيون هم الأكثر جهلاً بالتراث
- كلمة ألقيت في كلمة أقيت في جلسة المراجعة الدورية لسوريا في م ...
- ملامح في نظرية جماليات التلقي
- إخضاع الفتاوى الدينية والنصوص الطائفية الفاعلة في مجريات الث ...
- أهمية تحديد التخوم بين المصطلحات النقدية الحديثة - بحث تطبيق ...
- تيمة الفساد في رواية الرجل المحطم وفقاً للنقد الموضوعاتي
- ثورة شعب سورية العظيم، رؤية قدمت لمؤتمر -التجمع الوطني السور ...
- بعض ملامح التناص في رواية -الرجل المحطّم- لطاهر بن جلون


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أدهم مسعود القاق - العيوب النسقية الثقافية