|
إضطهاد النساء فى أفغانستان و النظام الذى ركّزه الغرب
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 5230 - 2016 / 7 / 21 - 01:39
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
إضطهاد النساء فى أفغانستان و النظام الذى ركّزه الغرب جريدة " الثورة " عدد 433 ، 4 أفريل 2016 http://revcom.us/a/433/awtwns-oppression-of-women-in-afghanistan-en.html أخبار " عالم نربحه " ، 28 مارس 2016
مرّت سنة على القتل الوحشي لفركهوندا على يد غوغاء من الرجال جرّاء إتهامها بحرق القرآن . و فى البداية ، برّر المسؤولون الحكوميّون الجريمة إلاّ أنّه مع تصاعد الغضب فى أفغانستان و عبر العالم ضد هذه الجريمة ، تراجعوا – بعض الشيء .و لا يزال عديد مقترفي هذه الجريمة خارج السجن . و يبدو أنّ الحكومة متردّدة فى الحكم على القلّة الباقين فى السجن و عديد الأحكام الأوّليّة نقضتها محكمة الدولة التى فرضت تاليا أحكاما أخفّ . و عبّرت والدة فركهوندا ، بيبي هاجرا ، عن شعورها بالقهر فى رسالة فيديو وجّهتها إلى وسئل الإعلام يوم 8 مارس هذه السنة . و قالت " يحتفل هذه السنة فى أفغانستان بيوم 8 مارس والحال أنّه وقع قبرُ العدالة بالنسبة للنساء الأفغانيّات مع قبر فراكهوندا إلى الأبد . فليعطيني الإلاه الصبر لأنّ العدالة لم تأخذ مجراها " . ( البى بى سى ، 8 مارس 2016). لقد أعربت عن نقطة قويّة ذلك أنّ جريمة قتل فركهوندا لم تمثّل نهاية ظلم النساء فى أفغانستان إذ تبعهتها أحداث أخرى تبعث على الصدمة . ففى نوفمبر 2015 ، إتّهمت روكشانا ، إمرأة عمرها 19 سنة كانت تقطن قرية فى المحافظة الوسطى لغور بالزنا و رجمتها حدّ الموت مجموعة من الرجال ، على ما يبدو إثر محاكمة محلّية . و وفق حاكم غور ، سيما جويندا ، " هربت روكشانا فى البداية قبل عدّة سنوات نحو إيران بعد أن حاولت أسرتها تزويجها من رجل عجوز. و بعد إعادتها من إيران، أجبروها على الزواج من رجل عجوز آخر. ولمّا هربت مجدّدا قامت بذلك كإمرأة متزوّجة فعوقبت بالرجم بالحجارة " . ( جريدة " الغوارديان " ، 3 نوفمبر 2015 ). و فى ديسمبر ، زوج رزا غول ، إمرأة من محافظة فرياب ، قطع لها أنفها و جزء من شفتها العليا بسكّين . و جدّ حادث مشابه لستارا وهي إمرأة أفغانيّة أخرى ، قبل ذلك بسنة . و قتلت شابة فى ال18 من عمرها وهي من سامنغان ، على يد أبيها بواسطة فأس . و وفق لجنة حقوق الإنسان الأفغانيّة المستقلّة ، فقد تفاقمت ما تسمّى ب " جرائم الشرف " فى الستّة أشهر الأخيرة من مارس إلى سبتمبر 2015 . و من بين 190 إمرأة عُلم قتلها فى أفغانستان فى هذه الفترة ، 101 كانت مسجّلة على أنّها جريمة شرف . و هذه ليست سوى عيّنات من عدد كبير و ربّما الآلاف من الحالات المشابهة من العنف الموجّه ضد النساء يوميّا . وحتّى إن كان يتمّ تسجيل نسبة صغيرة فقط منحالات العنف الأسري ضد النساء ، و العديد من أشكال العنف ( مثلا ، العنف النفسيّ و الفظي ) لا تعتبر كذلك ، بعدُ أكثر من خمسة آلاف حالة سُجّلت ، وفق تقرير لجنة حقوق الإنسان الأفغانية المستقلّة . و يشير التقرير عينه إلى زيادة خمسة بالمائة مقارنة بالنسبة السابقة ، بعد زيادة بعشرين بالمائة فى السنة الأسبق . كما يشير التقرير نفسه إلى أنّ أبعاد العنف أفظع ومقترفيه أصغر سنّا. و قد وقع إيقاف بعض مقترفيه بيد أنّ الآلاف لا زالوا أحرارا و يشعرون بالأمان لمواصلة إرتكاب الجرائم ضد النساء ، حتّى و إن كان ت هذه النساء زوجاتهم و بناتهم و أخواتهم أو أمّهاتهم . يرون أنّ القانون و الدين و التقاليد و السلطات جميعهم يقفون إلى جانبهم . و حسب الهومن رايت ووتش ، 90 بالمائة من النساء الأفغانيّات ضحايا العنف الأسري . و فقط نسبة ضئيلة من الحالات يُعدّ فيها قتل النساء جريمة و فقط أقلّ من 30 بالمائة من الحالات يتمّ إيقاف القتلة . و غالبيّة الموقوفين بوسعهم تجنّب حتّى المحاكمة . منذ أن أرست الولايات المتحدة و الإمبرياليون الغربيون الآخرون النظام الإسلامي فى 2001 ، و تركيزالحكومة الجديدة العميلة للولايات المتحدة فى 2015 ، كان القادة السياسيّون للغرب يعطون إنطباعا بالتحسّن التدريجي فى مكانة النساء فى أفغانستان . و بإستمرار يرد فى وسائل الإعلام الغربية السائدة ذكر عدد النساء أعضاء البرلمان و عدد النساء فى مجلس الوزراء الحكومي أو عدد النساء الحاكمات . و أساسا تعقد التقارير مقارنة بين وضع النساء الآن بوضعهنّ فى ظلّ حكم طالبان . صحيح أنّه خلال الحكم الأصولي الديني لطالبان و قبل ذلك ، حكم المجاهدين أمراء الحرب فى تسعينات القرن العشرين ، كان وضع النساء فى أفغانستان صعبا بوجه خاص . وكانت حقوق النساء مقلّصة بشكل رهيب و إتّخذ إضطهادهنّ الشكل الأكثر إنفتاحا . و صعد المجاهدون ( الذين قاتلوا إحتلال أفغانستان على يد الإتحاد السوفياتي، المنافس الإمبريالي الأساسي للولايات المتحدة حينها ) إلى السلطة بواسطة دعم عسكري و مالي و سياسي كبير من الولايات المتحدة و الإمبرياليون الغربيّون الآخرون . و بما أنّ كلّ أمير من أمراء الحرب أقام علاقات مع قوّة مناطقيّة مختلفة ، قد كسرها فى النهاية الإمبرياليون . ثمّ إفتكّت طالبان البلاد بدعم عسكري و سياسي منطرف حلفاء الولايات المتحدة كالباكستان و العربية السعودية . و مُنعت البنات من إرتياد المدارس و فرضت عديد التضييقات الأخرى على النساء ، لا سيما خارج المنزل . و فى الواقع ، تتحمّل الولايات المتحدة و الغرب مسؤوليّة كبرى عن ما حدث للنساء خلال كلّ من فترتي المجاهدين و طالبان . عندما قرّرت الولايات المتحدة و الغرب بناءا على مصالحهم العالمية ، أن يسقطوا طالبان من الحكم ، سرعان ما تذكّروا أنّ هذه القوى تضطهد النساء و إستغلّ هذا لتبرير غزوها الوحشي لأفغانستان بذريعة تحرير النساء . والآن قرّر السياسيّون الغربيّون و وسائل الإعلام الموالية لهم أنّ يأخذوا بعين الإعتبار تاريخ النساء فى عهد طالبان ، مقارنين وضع النساء اليوم بالوضع فى ظلّ طالبان كما لو أنّه لم يوجد أي تاريخ قبل ذلك و عليه " المكاسب " ينبغى أن تقدّم بذلك المعيار . ففى ظلّ الإحتلال الذى قادته الولايات المتحدة ، يمكن لقطاع من النساء اللاتى تعيش فى كابول و ربّما بعض المدن الكبرى الأخرى ، أن تتمكّن من العمل خارج المنزل ، لكنّهنّ لا تزال تواجه خطرا و ضغطا و تمييزا كبيرين ضدّهنّ. و ليس وضع الغالبيّة العظمى من النساء أفضل أو هو بالأحرى أسوأ . و ما يسمّى بالمكسب الوحيد الآخر للنظام الجديد هو السماح بفتح المدارس للبنات . و فى الواقع ، لم ينعكس هذا على ملايين الأطفال الذين هو خائفون جدّا و فقراء جدّا بحيث لا يقصدون المدارس . و على وضع النساء فى ظلّ النظام الراهن أن يمضي يعيدا قبل أن يبلغ حتّى مستوى الوضع خلال سبعينات القرن العشرين و ثمانيناته . و هذا الوضع المتفاقم السوء توبّخ عليه المجموعات المسلّحة المعارضة ، أساسا طالبان لأنّها قد كسبت السيطرة على أجزاء متنامية من أفغانستان . وكذلك يوبّخ بسببه " المجتمع المحافظ " . و هما طريقتان من المحاججة بأنّ الحكومة و كامل الجهاز الذى أرسي و تمّت هيكلته فى أفغانستان . ستطبيق التان على يد القوى الإمبريالية الغربيّة مناصران لحقوق الإنسان . و هذه صورة مشوّهة جدّا للواقع . لم يقوموا بأي شيء يذكر لتغيير وضع النساء تغييرا جوهريّا لكنّهم قاموا بعدّة أشياء لضمان تواصل إضطهاد النساء فى بعض أشكاله الأبشع . و لمّا تمّ ترويج الفيديو الذى ينفرط له القلب ، فيديو رجم الشابة روكشانا على وسائل الإتّصال الإجتماعي ، إدّعى النظام أنّ هذا الحدث جدّ فى مقاطعة تحت حكم طالبان غير أنّ بعض النشطاء فى كابول شكّكوا فى ذلك : " غالبا ما يتّهمون طالبان ليخفوا وجههم الحقيقي " ( " الغوارديان " ، 3 نوفمبر 2015 ). و حتّى إن قبلنا بأنّ الرجم كان فى المنطقة التى تتحكّم فيها طالبان ، فإنّ النظام سعى جاهدا لإدخال نفس نوع الإجراءات فى القانون و يتنافس مع طالبان فى تطبيق الشريعة و عقب عدّة أسابيع من الرجم إيّاه ، عاقبت محكمة حكوميّة محلّية زرمينا و أحمد ، و هما حبيبان مننفس المحافظة ، غور ، لأنّهما هربا من الديار . وحينما إنعكست هذه الأخبار سلبا على النظام عالميّا ، حاولت الحكومة مجدّدا النأي بنفسها عن ذلك الحدث و وبّخت المحاكم المحلّية و الفكر المحافظ السائد فى المجتمع . لكن النظام و قاعدته السياسيّة يدعمان هذا الفكر المحافظ والأفكار المتخلّفة بفرض القوانين المتخلّفة عبر المحاكم المتخلّفة. و عند نقطة معيّنة ، تقدّم النظام الأفغاني بمسودّة قوانين جزائيّة تضمّنت " إقتراحا بإعادة تركيز الرجم كعقاب للزنا " . و يستخلص التقرير نفسه بأنّ " معالجة العنف ضد النساء لا تبدو من أولويّات أجندا السلطات الأفغانيّة " . ( منظّمة العفو الدوليّة ، أنجلترا ، نشر على ألنترنت بتاريخ 25 نوفمبر 2013 ). " نصف السجينات من النساء أدينت ل " جرائم أخلاقيّة " – تتضمّن الفرار من الأزواج و الآباء أو الأقارب العنيفين . و يتمّ تجاهل القانون الفدرالي كلّيا فى المحاكم المحلّية حيث يجرى البتّ تقريبا فى 90 بالمائة من كافة النزاعات الجنائيّة و المدنيّة ، و حيث تقايض الفتيات لحلّ النزاعات العائليّة و يمكن لرجل يقتل زوجته أن يتوقّع غرامة ماليّة " . ( " الغوارديان " ، 13 جانفي 2013 ). و فى نفس الوقت ، يقدّر أنّ حكومة الولايات المتحدة وضعت فى السنة الماضية 15 مليون دولار لدعم قطاع " العدالة غير الرسميّة " الشيء الذى يوطّد العقليّة القمعيّة . و فى أفريل 2011 ، إرتأت الحكومة الأفغانية أن تعيد العمل بقوانين الأخلاق العامة و صيغت مسودّة قوانين لفرض قواعدالزواج لضمان أن تكون الزوجات ترتدى ثيابا بسيطة و منع الموسيقى فى حفلات الزواج و منع غختلاط الضيوف منالذكور و الإيناث . و تتعرّض المغازات إلى عقوبات ماليّة إن باعت ثيابا زواج غير مناسبة " ( " الغورديان "، 13 جانفي 2013 ). إذا لم تكن المساعدة الماليّة ( حتّى لا نتحدّث عن إصباغ الشرعيّة ) للمحاكم المحلّية و غير الرسميّة و تكريس هذا النوع من القوانين القمعيّة ضد النساء فى تناسق مع الأصوليّة الدينيّة ، فماذا يكون إذن ؟ تنسجم كامل هيكلة الدولة الأفغانيّة و أجهزتها بما فيها الحكومة و البرلمان و المحاكم و المؤسسات الدينيّة ، لتوفّر الظروف الملائمة للفكر المحافظ و تمأسس للفكر المحافظ و الأصوليّة ، و كنتيجة لذلك تعزّز العقليّة المناهضة للنساء بإسم ما يسمّيه بعض الناس فى الغرب " تقاليد و ثقافة الناس فى أفغانستان " . هذه إمتيازات واضحة للرجال و قاعدة لدعمهم للنظام البطرياركي / النظام الأبوي و تشجيع العنف ضد النساء . لكن تصاعد العنف ضد النساء بأشكال متواترة أكثر فظاعة ليس أمرا عرضيّا أو مردّه إلى عوامل لا يمكن التحكّم فيها . إنّه النتيجة المباشرة لسياسات النظام و مسانديه ، رغم إشارات مثل تبنّى إتفاق الأمم المتحدة الخاص بإلغاء العنف ضد النساء فى 2009 . و اليوم من الشائع أن تضرم الشابات النار فى أنفسهنّ أو تنتحر بطريقة أخرى لأنّهن أسيرات عنف أسري و ما من أحد يمدّ لهنّ يد المساعدة . و تبحث بعضهنّ عن ملاجئ أو ما تدعى بمنازل آمنة هي فى الواقع غير آمنة . ذلك أنّ هذه الأماكن تأوى أكثر الفتيات و النساء الشابات عرضة للضرر و من حين لآخر تتعرّض لغارات من قبل قوى عسكريّة متنوّعة تعتبر النساء فىتى تعشن الرعب . و رغم كلّ هذا ، تنظر بعض النساء إلى هذه الأماكن على أنّها بديل للتضحية بالنفس . و مع ذلك ، لا توجد ملاجئ كافية لحتّى نسبة صغيرة من الضحايا . " مريم ، وهذا إسم مستعار ، كانت تتخفّى فى ملجئ نساء سرّي فى كابول طوال الشهرين الماضيين . إنّها تعيش مع حوالي عشرين إمرأة قطعن مسافات كبيرة عبر أفغانستان ، و كلّ واحدة لها قصّتها المرعبة الخاصة . بعضهنّ تركن أزواجا عنيفين . و أخريات وقع إغتصابهنّ أو هنّ فارات من الزواج غصبا الذى يرتّبه الوالدين . و كلّهنّ يتملّكهنّ الرعب من أن تقتلهنّ أسرهنّ " ( الجزيرة ، 3 جويلية 2015 ). و يقدّم قادة ذوو نفوذ و صانعو القوانين أعذارا مختلفة لغلق الملاجئ ، على غرار الأمن الشخصي غير كافي أو الصعوبات الماليّة ، لكن النيّة الحقيقيّة تتجه نحو غلق حتّى هذا المخرج الصغير للنساء من الجحيم . و صرّح نظير أحمد حنفي ، عضو فىالبرلمان الأفغاني ممثّل لمدينة غربيّة ، هيرات ، و داعية بارز إلى قوانين معادية للنساء ، " إنّ هذه المسمّاة " منازلا آمنة " سيّئة جدّت ... إنّها تحمى الناس الذين يرتكبون أخطاء و لا يحاسبون . إنّها تفتح الأبواب أمام المشاكل الإجتماعية كالآيدز " ( الجزيرة ، 3 جويلية 2015 ). و لسوء المعاملات الخبيثة المستمرّة التى تنظّمها الدولة فى حقّ النساء عدّة مظاهر متباينة . و يكشف آخر تقرير للجنة حقوق الإنسان الأفغانية المستقلّة و الذى تبنّته الهومن رايت ووتش و نشر فى 8 مارس هذه السنة ، أنّ السجينات تتعرّض منهجيّا و بصورةمتواترة لإختبارات عذريّة مفروضة عليهنّ فرضا . ويشمل هذا البنات ذات ال13 سنة ، و لا تجرى العمليّة بالعنف معهنّ لكن بحضور عديد الناس و بشكل مداهمات . و فى الواقع ، هذا صنف من التعذيب و عقاب للنساء اللاتى فررن من العنف الأسري بما أنّ غالبيّة النساء فى سجون أفغانستان قد إتّهمن بما يسمّى ب " الجرائم الأخلاقيّة " التى تنطوى على الهروب من المنزل – سواء مع حبيب أو لتفادى زواج مفروض أو عنف أسري . و تتهم هذه النساء و تحاكم فى المحاكم المحلّية التى تتلقّى الدعم المالي من حكومة الولايات المتّحدة . و تقول واحدة من كتّاب و كاتبات التقرير إيّاه ، و إسمها سُوريّا سوبهرانغ ، ليست وحدها بل أيضا ملاجئ النساء هي التى ترسل النساء للخضوع إلى أفختبارات ، ووزارة شؤون المرأة ترسلهم و كذلك تفعل الشرطة " ( النيويورك تايمز ، 6 مارس 2016 ). و هذا يبيّن أنّ هذه " الإختبارات " ممارسة روتينيّة للمؤسّسات الحكوميّة تستهدف بعدُ النساء اللاتى تعرّضنا إلى سوء معاملات و لها معنى إيديولوجي خاص . فهي تعنى أنّ السلط على كلّ المستويات تعتبر هذه النساء مدانة حتّى يثبت العكس . و لسوء الحظّ ، يشدّد التقرير بالأساس على عدم التعويل على مثل هذه " الإختبارات " و يخفق فى التشديد على أنّها عمل عنيف غير مبرّر مثلما هو إيقاف هذه النساء فى المصاف الأوّل . الواقع هو أنّه بالرغم من الإجراءات المساحيق ، وضع النساء يغدو أسوأ فى جوانب عدّة . و بوجهخاص يتصاعد لولب العنف ضد النساء و تواصل طالبان إضطهاد النساء بأقسى الطرق فى المناطق الواقعة تحت نفوذها . و الهيكلة العامة للدولة التى أرستها الولايات المتحدة و الإمبرياليون الغربيون الآخرون و النظام الراهن الذى أوصلته الولايات المتحدة مباشرة يصعّد قسوته فى معاملة النساء . و فى الحقيقة ، وقعت مأسسة النظام الأبوي و يقوم القادة الأفغانيون بكلّ ما بوسعهم لتعزيزه بإعادة إرساء و تشجيع أكثر القوانين تخلّفا ومعاداة للنساء و تقليص ثقتهنّ فى أنفسهنّ بالتنكّر لأبسط حقوقهنّ الأساسيّة . و لا يوجد تماما أي دعم للنساء اللاتى هنّ ضحايا إساءة المعاملات أو اللاتى تهربن من العنف الأسري . و عوض ذلك ، يجرى إيقافهنّ و سجنهنّ و تعذيبهن و عقابهنّ ، حتّى فى الملاجئ التى تسيّرها المنظّمات الحكوميّة . و بينما تفرّ النساء من العنف و التهديد بالقتل من قبل أزواجهنّ و أسرهنّ لمجرّد الحديث مع رجل إختارته ، توقفهنّ السلطات و تسجنهنّ و الرجال الذين يقتلون إمرأة بإسم " الشرف " لا يجرى عادة إيقافهنّ و إن جرى إيقافهنّ ، يمضون أقلّ من سنتين فى السجن ، فى الغالب الأعمّ . و يشرّع النظام قوانينه و سياساته المعادية للنساء بإسم إحترام ثقافة الشعب و تقاليده . و تتناسب هذه التقاليد و الأفكار و الممارسات مع علاقات الإنتاج و العلاقات الإقتصادية التى يُنظّم حولها المجتمع ، و إقتصاد غارق بدروه بعمق فى براثن النظام الرأسمالي العالمي و علاقات السلطة الإمبريالية . و تمثّل الطبقة الحاكمة الأفغانيّة ، مثل أيّة طبقة حاكمة رجعيّة ، تلك العلاقات والأفكار النابعة من و المبرّرة لفرض ذلك الإستغلال و الإضطهاد . و بالتالى ليس بوسعها و لن تبحث عن تغيير هذه العلاقات و التقاليد و الثقافة المرتبطة بها بل بدلا من ذلك تحتاج إلى و تبحث عن تعزيزها و تقويتها بالأشكال القديمة منها و الجديدة . فإخضاع النساء و جعلهنّ عبيدا للرجال عماد من أعمدة حكم هذه الطبقة و شرط من شروط وجودها. و أكثر من ذلك ، يرتبط هذا النظام أيضا بأنظمة أخرى أقوى و فى منتهى الرجعيّة ، لا سيما أنظمة الباكستان و العربيّة السعوديّة ، و يرتهن وجوده بالعالم الإمبريالي . و لا تسعى الإمبريالية إلى و ليس بوسعها أن تحرّر النساء فى البلدان التى تهيمن عليها ، مثلما ليس بوسعها أن تلغي التفوّق الذكوري فى بلدانها هي نفسها . يقتضى تحرير النساء إلغاء الطبقات و العلاقات الإجتماعية كإضطهاد الرجال للنساء المتناسبة مع علاقات الإنتاج القائمة على الإستغلال ، و إجتثاث كافة الأفكار و الممارسات النابعة من و الفارضة لهذه العلاقات – بكلمات أخرى ، عالم شيوعي . و فى المجتمع الثوري بدولة ثوريّة ، من الإنطلاقة ، يمكن تشجيع النساء و الرجال و حمايتهم ليتخلّصوا من قيود الماضي – و يتفحّصوا و يناقشوا و ينقدوا و حيث يكون الأمر ضروريّا يجتثّوا العلاقات و الأفكار القديمة كجزء من إيجاد مجتمع جديد و ثقافة مغيّرة و تحريريّة . وهناك علامات على أنّ النساء و خاصة الشابات فى أفغانستان تحدّى بشكل متصاعد هذه التقاليد البالية و المتخلّفة بالرغم من الثمن الباهض المدفوع . لكن يجب تنظيمهنّ للقتال عن وعي من أجل تحرّرهنّ . و ينبغى على القوى الثوريّة و الشيوعية أن تعوّل على هذه الفئة من الشعب الأكثر إضطهادا لخوض غمار النضال و تصعيده من أجل التحرّر. ====================================================
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قتل بالسيف فى بنغلاداش : حملة الأصوليين الإسلاميين لإستعباد
...
-
خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي ( بريكسيت ) صدمة للنظام ال
...
-
الإنتخابات الأمريكية 2 : ترامب و كلينتون وجهان لسياسة برجواز
...
-
لكن كيف نعرف من الذى يقول الحقيقة بشأن الشيوعية ؟ - من ملاحق
...
-
الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوه
...
-
بستّ طُرق يحاولون خداعكم فى ما يتّصل بالثورة الثقافية فى الص
...
-
تمهيد الكتاب 24-الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتور
...
-
حاجة ملحّة : رفع راية الخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان
...
-
هذا نداء إستعجالي لغرّة ماي ! لا وقت نضيّعه ! عالم مغاير جذر
...
-
نحو مرحلة جديدة من الثورة الشيوعية - الفصل الخامس من كتاب -.
...
-
الثورة الثقافيّة : أعمق تقدّم فى السير نحو تحرير الإنسان إلى
...
-
الإنتخابات الأمريكية : مزيد الإضطهاد والجرائم ضد الإنسانيّة
...
-
الثورة الصينية بقيادة ماو تسى تونغ : ربع الإنسانيّة يتسلّق م
...
-
ثورة أكتوبر 1917 : المكاسب و الأخطاء - الفصل الثالث من كتاب
...
-
بناء النضال من أجل تحريرالنساء - بيان لمجموعة الشيوعيين الثو
...
-
8 مارس اليوم العالمي للمرأة : تنظيم النساء ضد الإضطهاد و الإ
...
-
8 مارس 2016 : - هل يمكن لهذا النظام أن يتخلّص من أو يسير دون
...
-
لا غرابة فى كونهم يشوّهون الشيوعية + تلخيص مكاسب كمونة باريس
...
-
مقدّمة الكتاب 23 : لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم - تعرفون - ...
...
-
الثورة فى البلدان الإمبريالية تتطلّب فكر ماو تسى تونغ [ الما
...
المزيد.....
-
حزب العمال اليساري يفوز بالانتخابات العامة في أستراليا
-
غزة تنادي في اليوم العالمي لحرية الصحافة: أوقفوا إبادة الصحف
...
-
أستراليا: حزب العمال الحاكم يفوز بالانتخابات العامة وزعيم ال
...
-
م.م.ن.ص// 10 سنوات مرت على جريمة مبنى النقابات في أوديسا.
-
الحزب الشيوعي الفيتنامي هيئة سياسية تختزل تاريخ دولة
-
الأمن الفيدرالي الروسي يكشف قتل بريطانيا ما بين 7000 و12000
...
-
كلمة الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد ال
...
-
بيان للحزب الاشتراكي يكشف ما دار بين الشرع وجنبلاط
-
أغنياء وأقوياء ضد فقراء وضعفاء؛ ترامب يعولم الصراع الطبقي!
-
الصراع على سوريا… مجدداً
المزيد.....
-
كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة
/ شادي الشماوي
-
الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة:
...
/ رزكار عقراوي
-
متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024
/ شادي الشماوي
-
الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار
/ حسين علوان حسين
-
ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية
/ سيلفيا فيديريتشي
-
البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية
/ حازم كويي
-
لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات)
/ مارسيل ليبمان
-
قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|