أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ابراهيم الحريري - صبيحة 14 تموز 1958















المزيد.....

صبيحة 14 تموز 1958


ابراهيم الحريري

الحوار المتمدن-العدد: 5223 - 2016 / 7 / 14 - 21:53
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


(1)

[كان الرجل قد اخبر مضيّفه*، كمال عمرنظمي ان "غدا الثورة" توجه الى سرير نومه طالبا من مضيفه ان يوقظه عندما يسمع "الخبر" من الاذاعة]
حوالي الساعة السادسة صباحا من صبيحة 14 تموز بدأ الرادي ويذيع أناشيد وطنية وحماسية، فأيقظ كمال ضيفه.
ارتدى الضيف ملابسه، ولما اذيع البيان الأول للثورة، طلب الرجل من كمال ان يقوده الى اقرب مكتب للبريد. كان مكتب بريد الأعظمية.
ترجلا معا. سلم الرجل موظف البريد نص برقية. ارتجفت اصابع الموظف وهو يتناول النص ويقرأ. . . انتهره الرجل: ما بك؟ أ لم تسمع ما جرى؟ ا فتح الراديو!
فتح الموظف الراديو. كان يضج بالأناشيد وبيان الثورة الأول. مع ذلك فقد اراد الموظف وهو لا يكتم فرحه، ان يتأكد: سيدي! ماك وتوقيع!
وقع الرجل. كانت البرقية تقول:
بغداد- مجلس السيادة للجمهورية العراقية
رئيس مجلس الوزراء عبد الكريم قاسم
نهنئكم من صميم قلوبنا على خطواتكم المباركة التي وضعت نهاية حاسمة لعهد طويل من المآسي والمحن التي قاسى منها شعبنا المجاهد النبيل على يد الِاستعمار وأعوان الإستعمار.
اننا نعبّر عن تفاؤلنا باَن هذه الخطوة الحاسمة ستكون فاتحة عهد جديد، عهد حرية وتطور عراقنا الحبيب، وتبوؤ شعبنا البطل مركزه في الموكب الظافر، موكب العروبة المتحررة الناهضة المحبة للسلام، وموكب الأنسانية العاملة من اجل تحررها الى الأبد من نير الأِضطهاد والأِستعمار، وان شعبنا العراقي، بعربه واكراده، سيسجل لكم بفخر جراَتكم وتفانيكم من احل تحقيق اهدافه الوطنية الكبرى، وهو يحمي ويصون، بدمائه الغالية، جمهوريتنا الوطنية الفتية. وانه لعلى ثقة كبرى من قدرته على القيام بها الواجب الوطني المقدس ومن مساندة القوى التحررية العربية، في جميع ديارها، وعلى رأسها الجمهورية العربية المتحدة، وقوى الحرية والسلام في جميع ارجاء العالم، وعلى رأسها الِأتحاد السوفييتي.
ان اللجنة المركزية لحزبنا الشيوعي العراقي تضع قوى الحزب، الى جانب مؤازرتكم وللدفاع عن جمهوريتنا البطلة.
سلام عادل
سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
14 تموز 1958
--------------------
* راجع الحلقة السابقة "ليلة 14تموز1958 - ذلك الرجل. . . تلك الليلة"

(2)

أزحت الغطاء الخفيف عني. فتحت عيني. كان وجه ابي فوق وجهي تماما، تفوح منه رائحة الكونياك! مع ان الوقت لم يكن تجاوز الخامسة صباحا الا قليلا. قال وهو يعرف ولعي بالمفاجآت والغرائب: ام الكيمرتقول الجنود منتشرين في الطرق.
لم اصدق. عزوّت الأمر الى جرعة الكونياك عند الصبح المبكر. كدت اعيد الغطاء فوق رأسي ثانية واستسلم لنوم الغباشي، لولا انني آثرت، اخيرا، ان انهض.
******
كان والدي اعتاد الأِستفاقة مبكرا بدعوى المساعدة في قضاء اشغال البيت، الا انه كان يفلح في اختلاس جرعة كونياك من قنينة صغيرة كان يجاهد لأِخفائها هنا وهناك. . . كنا نتظاهر اننا لا نعرف، ويتظاهر هو بأن شيئا لم يحدث؛ اتفاق جنتلمان كما يقال. . .
ادرت مفتاح الراديو، كان ثمة الكثير من الأناشيد الوطنية الحماسية، طفقنا نستمع مستثارين واجفين. عندما تلا صوت من الراديو ما بدا انه بيان الثورة، صرخ والدي: انقلاب! صرخت ثورة!
توجه والدي الى المطبخ عاد يحمل قنينة الكونياك وكأسين صغيرتين. صبّ لي وعبّ جرعة كبيرة! كأن الثورة كانت تعني رفع الحظر عن تناوله الكحول، علناً، في البيت!
حسوت انا الآخر قدحي منتشيا بالكونياك وبالثورة! حين قرع الباب حوالي السابعة الا قليلا. هرعت الى الباب، كان الرفيق ابو سحر، او ابو سمر السامرائي، مسؤول الكاظمية، يسلمني، وكنت مساعده، التوجيه الداخلي الصادر في 12تموز، وهو يحدد موقف الحزب وسياسته من تطورات متوقعة. . .
اصطحبني، لأول مرة، الى منزله، ولم يكن يبعد عن بيتنا كثيرا. كان ينتظرنا عند البوابة ثلاثة رفاق: صالح دكله، مسؤول بغداد، وثابت حبيب العاني (ابو حسان) ورفيق ثالث لم اكن التقيته من قبل، عرفت فيما بعد انه عبدالرزاق الصافي. تبادلنا العناق والتهاني. طرحت، قبل ان اغادر الى الكاظمية مقترحين: التوجه فورا الى تشكيل فصائل المقاومة الشعبية ولجان الدفاع عن الدفاع عن الجمهورية، وهما المقترحان اللذان تبنتهما قيادة الحزب في اول اجتماع لها في اليوم الأول للثورة (اكد ذلك الرفيق ابو حسان لدى زيارتنا له، انا والصديقين ادريس محمد ادريس وجورج يوسف، من قيادة "التجمع الديمقراطي العراقي"، الذي كنت ضمن قيادته، وذلك خلال زيارتي للندن اواخر عام 1993). وانطلقت الى الكاظمية يصحبني، اذا لم تخنِ الذاكرة، الرفيق ابو سحر. . .
كانت الشوارع الرئيسية في الكاظمية بدأت تغص بالناس بمن في ذلك الشيوعيين واصدقاء الحزب وانصار الأحزاب الوطنية الأُخرى. اعتليت كتفيّ احد الرفاق. تلوت توجيهات الحزب التي قوبلت بعاصفة من الهتافات والتصفيق.
توجهت جماهير الكاظمية الى وزارة الدفاع، مرورا بالأعظمية، وتكوّن تيار هادر واحد من جماهير المدينتين، صبّ في البحر المتلاطم عند بوابة وزارة الدفاع.
ظل البحر يتسع بأمواج جديدة من مناطق مختلفة من بغداد، حتى ضاقت ساحة الدفاع والساحات المجاورة والشوارع الفرعية ببحر هادر صخاب. . .
ولما اعلن موعد منع التجول، بدءأً من الخامسة مساء، عاد كل تجمع الى منطقته، بما في ذلك جماهير الكاظمية، وبينهم اكثر اعضاء المنظمة واصدقائها.
لم نضيّع الوقت عند وصولنا الى الكاظمية. اجريت الإتصلات الضرورية مع الرفاق والأصدقاء لتشكيل لجنة الدفاع عن الجمهورية**، التي عقدت اول اجتماع لها في عيادة الدكتور(الطبيب) احمد الجلبي وضمت: السيد حسين العاملي، وقاسم (والد د. زهرة غاب عني اسمه الكامل) وكانوا، ثلاثتهم، قيادة الحزب الوطني الديمقراطي في المدينة، والدكتور شاكر القطيفي، الذي وافق فور عرضي الأمر عليه، والعديد من رفاق واصدقاء الحزب بينهم: صالح الحكيم (الحسيني) ومهدي عدنان الشديدي، وعامل النسيج، القائد النقابي ناصر عبد الأمير، وآخرين لا تحضرني اسماؤهم.
التقيت، في الليلة نفسها عامل الصباغة الرفيق جاسم نصيف (إلتجأ فيما بعد الى المانيا الديمقراطية وتوفي هناك) وطلبت منه افتتاح مقر لتسجيل الراغبين في الإنضمام الى المقاومة الشعبية، واستأجر لذلك دكانا وضع فوقه لافتة باسم المقاومة الشعبية في السوق الشعبي المواجه لباب المراد. واعتقد ان هذا المقر لم يعش طويلا بعد ان تحولت المقاومة الشعبية الى فصائل شبه رسمية، لها قياداتها ومقراتها في سائر انحاء البلاد.
في الليلة نفسها، وقبل ان اخلد الى النوم في المدينة، التقيت الرفيق صادق الجلبي، (توفي مؤخرا، كنت اخطط للقاء به خلال رحلتي الأخيرة الى بغداد بعد طول بحث لكن الموت كان اسرع) مسؤول لجنة الطلاب واسررته بمهمة تطلبت منه ونفر من اعضاء المنظمة، اقصى درجة من الانضباط والسرية...

13 تموز 2016
كندا- هاملتون
****************
** اُجيزت واللجان الأُخرى التي تشكلت تحت اسم "لجان صيانة الجمهورية".
الحلقة القادمة: "ليلة القبض على نوري السعيد"



#ابراهيم_الحريري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة 14تموز 1958 - ذلك الرجل ... تلك الليلة *
- عشية 14 تموز 1958 (2)
- عشية 14 تموز 1958 (1)
- عبدالرزاق عبدالواحد كما عرفته (3)
- عبدالرزاق عبدالواحد كما عرفته
- -التحالف الرباعي -ما له و ما عليه(8)التغيير؟ام التحرير؟
- -التحالف الراعي-:ما له و ما عليه-مصالح المتحالفين(7)
- -التحالف الرباعي-:ما له و ما عليه(6)
- -التحالف الرباعي-ما له و ما عليه(5)
- -التحالف الرباعي-ما له وما عليه(4)
- مواقف متحركة ... رمال متحركة -3-
- -التحالف الرباعي-ماله و ما عليه(2)-موقف نكاية!
- -التحالف الرباعي-:ماله و ماعليه(1)
- وليد جمعة / الصبي المشاكس الشقي...وداعا
- حوار هادئ مع السيد المالكي/الموقف النفعي من الدين ورموزه ورح ...
- حوار هادئ مع السيد المالكي/ الحراك الشعبي، الشعارات و الشيوع ...
- حوار هاديء مع السيد المالكي/ من يسيء للدين ورموزه ورجاله؟
- مأساة اللاجئين والمهاجرين تتفاقم... نحن نتّهم !
- من يضعف الحشد الشعبي؟من يضعف مجابهة داعش؟
- من هي مرجعية السيد العامري و هيئة الحشد الشعبي؟(1)


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ابراهيم الحريري - صبيحة 14 تموز 1958