أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - محنة العجز














المزيد.....

محنة العجز


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 5222 - 2016 / 7 / 13 - 00:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاتأخذ الحياة السياسية في العراق، للأسف، مسار الأفلام الميلودرامية، فما يبدأ كمحنة ومأزق فيها لن ينتهي نهاية سعيدة كما في أفلام السينما. ولهذا حين نتحدث عن مأزق سياسي له جذر بنيوي سنجد أنفسنا، في مسعانا للبحث عن مخرج لمأزقنا، أسرى نظرة تشاؤمية، لأن الواقع لا يمدنا ببديل يكسر الإنسداد في أفق الحياة السياسية، وبالتالي يدفعنا، مرغمين، لبناء "آمال" مستقبيلة لايمكن استشرافها إلا إذا أوقعنا أنفسنا في مطب تفاؤلية ساذجة هي من ترسبات عقل الطوباويات اليساروية القديمة.

وحين نستخلص أن هناك أزمة بنيوية في طبيعة النظام السياسي في العراق لا يُقصد بهذا الحكومة والأحزاب الممثلة فيها أو تلك التي تلعب أدوارا سياسية في حياة البلد وحسب، وإنما الفشل يمتد، بنظري، الى البدائل نفسها. فكل القوى والأفراد الذين يقفون على يمين أو يسار الحكومة وأحزابها، وكذلك معارضو العملية السياسية أو المنخرطين فيها، يُضاف اليهم النخب الثقافية والإجتماعية، جميعهم، بتقديري، ينتظمون في بنية هذا العجز ويشكلون سيماءه. بل إن غياب اليديل الذي يمكنه أن يتخطى أزمات البلد هو الذي يجسد عجز الدولة البنيوي الذي تعيشه الحياة السياسية العراقية ويخلخل نظامها أكثر مما يجسده واقع الحكم ذاته. فلو كانت هناك قوى بديلة قادرة على إحداث فرق في الواقع لما استقام تعريف هذا العجز.

قد تعود بعض اسباب عجزنا الى طبيعة تطور العراق المعاصر والظروف التي احاطت وتحيط بهذا التطور التي أنتجت واقعا سياسيا واجتماعيا بلغ حدا من التعقيد ماجعله يفوق طاقة المتصدين لادارته من العراقيين. فلم يحدث، إلا فيما ندر، أن قاد العراق سياسيون أكفاء تناسبت قدراتهم مع واقع البلد ومتطلبات إدارته إلا في ظروف عادية وخالية من التعقيد والأزمات.

كذلك يدلنا تاريخ العراق المعاصر الى أن خلفيته الجيوبولتيكية أو تعدديته الإثنية والمذهبية والدينية وارثه التاريخي بعمومه، هو الذي اسس لتعقيد حالته، وجعله يرزح تحت ضغط واقع مربك جعل "رجالاته" من سياسيين وحكام، دون مستوى قيادته وإدارته في كل منعطفاته وتجاربه التاريخية. وما فاقم من هذا العجز والارباك، تاريخيا، هو عند انتقال العراق الى العهد الجمهوري، لاسيما بعد انقلاب شباط 1963 ووصول القوميين الى سدة الحكم، حيث تشكلت أولى ملامح هذا العجز الذي نعيش في ظل مصاعبه، الآن حيث قُطع خط تطور اجتماعي مؤسساتي سلمي كان يمكن ان يبنى عليه تحولات إجتماعية وسياسية متوازنة.

ورغم أن رمي ذنوب واقعنا الحالي على فترة حكم صدام حسين بات غير مجدٍ وتحول الى كليشة وشماعة لتعليق رذائل حاضرنا، إلا أن هذا لن يهّون من آثار تلك الفترة المظلمة وماتركته من تبعات انغرست عميقا في المجتمع والدولة وباتت تشكل ملمحا وعنوانا لخرابنا.

قد يعترض من يعترض أن في العراق كفاءات إدارية وأكاديمية وثقافية كبيرة وكثيرة يمكنها أن تدير البلد لو اتيح لها هذا، وهو اعتراض منطقي وسليم، وأظنه هو الذي كان وراء فكرة حكومة التكنوقراط التي عوّل عليها كثيرون كحل انتقالي لأزمة الحكم، غير أن حكومة التكنوقراط، لكي تستطيع أن تؤدي دروها، يجب أن تكون مستندة الى مؤسسات دولة راسخة ومكتملة البناء، وهو مانفتقده في العراق كما هو واضح، كما ينبغي التاكيد على أن مايشيد كيان الدولة ومؤسساتها ويكملها هو السياسة، صحيح أن بعض المجتمعات " اسكندنافيا" نسج روحها وبنى عقلها مثقفون ومفكرون" وهو، بالمناسبة، مانفتقده بصورة ملحوظة ويشكل واحدة من علامات عجزنا " إلا أن ذلك تحقق بفعل حالة من التناسق بين عالمي السياسة والفكر حيث ولد الاثنان من رحم واحدة. لهذا أرى أن مانحتاج اليه في العراق الآن، هو كفاءة سياسية تستطيع أن تغير، بل يمكنني القول أن مانحن بحاجة اليه ونفتقده بصورة ملحة هو زعامة قادرة على قيادة البلد لتخطي أزمته. والزعامة هنا ليست رديفا للاستبداد والفردية وغيرها، ولاتتعارض مع اشكال الادارة الديمقراطية " احزاب ودستور وانتخابات". بل هي قيادة موهوبة ومخلصة وجريئة في مواقفها قادرة على العبور بالبلد الى افق يخلصه من ازمته، والتاريخ قدم لنا نماذج لزعامات سياسية وعسكرية في بلدان تدار باليات عمل جماعي ديمقراطي" مع الاعتراف بخلل ومحدودية هذه الديمقراطيات" مرت بازمات سياسية وأمنية خطيرة ونجحت في مهمة استعادة البلاد الى سكة الأمان، كما حدث في فرنسا، كمثال، أثناء الإحتلال النازي " ديغول" وكذلك "تشرشل" في بريطانيا وزعماء آخرون في معظم بلدان اوربا اثناء ازمة الحرب العالمية الثانية.

فهل يستطيع مجتمعنا اجتراح معجزة ولادة زعيم أو سياسي كفوء وشجاع يخلصه من أزمته أم اننا نبقيى عاجزين ونسير، رغم رغباتا الصادقة ونوايانا المخلصة، إلى العدم ؟



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة عراقية
- (المناضل) عزيز السيد جاسم
- أول آيار، بعيد، حزين ومنسي
- الحشد الشعبي: الدور والمهمة
- وداعا ايها الورق وداعا
- تركة ثقيلة
- عقدة المظلومية
- في فضائل الانتحار/ كلام في السياسة
- حرب التقسيم
- ألأمهات مستودع الحكمة
- تكفيريو اليسار
- بوابات الماضي
- هوى التقسيم
- بارزان 1984
- البعث (العديوي)
- من يقرر صواب المواقف؟
- لمحة قصيرة عن تشكل رابطة الانصار الشيوعيين العراقيين
- للعراق رب يحميه
- ألإخوان يفترسون
- طقوس عاشوراء


المزيد.....




- الأرض أم المريخ؟ شاهد سماء هذه المدينة الأمريكية وهي تتحول ل ...
- وصف طلوع محمد بن سلمان -بشيء إلهي-.. تداول نبأ وفاة الأمير ا ...
- استطلاع رأي: غالبية الإسرائيليين يفضلون صفقة رهائن على اجتيا ...
- وصول إسرائيل في الوقت الحالي إلى أماكن اختباء الضيف والسنوار ...
- شاهد: شوارع إندونيسيا تتحوّل إلى أنهار.. فيضانات وانهيارات أ ...
- محتجون يفترشون الأرض لمنع حافلة تقل مهاجرين من العبور في لند ...
- وفاة أحد أهم شعراء السعودية (صورة)
- -من الأزمة إلى الازدهار-.. الكشف عن رؤية نتنياهو لغزة 2035
- نواب ديمقراطيون يحضون بايدن على تشديد الضغط على إسرائيل بشأن ...
- فولودين: يجب استدعاء بايدن وزيلينسكي للخدمة في الجيش الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - محنة العجز