أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - (المناضل) عزيز السيد جاسم















المزيد.....

(المناضل) عزيز السيد جاسم


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 4808 - 2015 / 5 / 16 - 21:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قراءة رواية رديئة ليس فقط مضيعة للوقت وانما افساد للذائقة وهدم لحس الجمال.

***

في بواكير المراهقة، ابان حمى المطالعة ولهفة معرفة شيء عن كل شيء، مرحلة الهوس في المعرفة، صادف ان عرفت من قراءات جانبية ان للاديب الشاعر فاضل العزاوي رواية اسمها (القلعة الخامسة) تتحدث عن تجربة الشيوعيين في السجن، ورواية اخرى اسمها (المناضل) للكاتب السياسي عزيز السيد جاسم تتحدث عن تجربة مماثلة. قيل ان رواية المناضل تحدثت عن شذوذ جنسي وعلاقات جنسية شوهت الصورة الحقيقية للمناضلين الشيوعيين. لم اصدق ماجاء في هذا التلمح لاني شكاك في ادعاءات الايدلوجية، واتوقع دائما ان في اي اثر ادبي هناك معان جمالية وجوانب انسانية تظلله ينبغي ان يعبر عنها بحرية، لذا اعتبرت هذه التلميح ناتجا عن نظرة تقيد الابداع وتقسر الفن على مطابقات شكلية افتراضية للواقع دابت المدرسة السوفيتية عليها والتي كان الشيوعيون العراقيون منتمين بتشدد اليها. وكنت حينها افكر بطريقة، ان كنت اريد ان انصف نفسي، بعيدة بعض الشيء عن دوغما الصورة المثالية التي يقدمها الشيوعييون عن انفسهم. وبفضل الميول والمطالعات الادبية، كنت اقدر ان للنفس البشرية، نوازع ومكنونات ينبغي ان تستكشف بانفتاح وحرية. فالواقع اقوى من المثال وان كان لايماثله جمالا. والشيوعيون، رغم وجود الكثير من الحالمين وذوي النزعة المثالية المفرطة بينهم، الا انهم في النهاية بشر مثلهم مثل غيرهم لهم مثالبهم واخطاءهم وخطاياهم، فيهم الانتهازيون والجبناء والمثليون كذلك فيهم الشجعان والمضحون والمخلصون و, و. و... وهذا ماسوف اتاكد منه بالتجربة العملية، معززة بادراك عقلي، حينما عشت وسطهم، معهم ومنهم، في تجربة الكفاح المسلح في كردستان.

بقيت رغبة قراءة الروايتين غير ملباة سنوات وسنوات يحفزها دائما فضول ممزوج بهاجس معرفي لفهم حقائق زمن لا اعرفه واريد معرفته. وتصادف اني قرات في ألفيتنا هذه ( بفضل السويديين ومكتباتهم العامة) رواية الاديب الشاعر فاضل العزاوي (القلعة الخامسة) واعجبت بها كما هو حالي مع مجمل اعماله الشعرية والنثرية التي قرات معضمها، ووجدت انها جسدت تجربة السجن والحياة الداخلية للمعتقلين السياسيين، بحسب تخميني، بطريقة فنية وموضوعية تناسبها، وان ماقيل عن الرواية في تلميحات تلك الفترة لم يكن مقبولا من وجهة نظر موضوعية وجمالية، لان ماعشته بعد ذلك من تجربة حياتية اكد لي ان ماورد في الرواية ممكن الوقوع. والرواية على العموم جسدت ببراعة واقع الحياة المحاصرة سواء بالسجن او بغيره والصعوبات التي تكتنفها ومايمور في اعماق من يكابد هذه التجربة.

واتساءل الان:

لو اننا قرانا هذه الرواية في ذاك الحين، وكان اكثر من صديق يشاركني رغبة الاطلاع عليها، ماذا كان يمكن ان نصدر من احكام وباي استنتاجات كنا سنخرج حولها، وكيف كنا سنرى ماصُوِرَ في الرواية من سلوك رديء لدى بعض السجناء الشيوعيين؟

***
في رواية عزيز السيد جاسم الامر مختلف تماما، وارى ان ماقيل عن الرواية وكاتبها من تلميحات في الاشارات القليلة التي اطلعت عليها في حينها، على انها رواية مريبة، تبدو مبررة الى حد بعيد. اول انطباع خلفته الرواية عندي حين قراتها منذ ايام قليلة؛ هو انها رواية ركيكة جدا وتفتقر الى مايميز العمل الروائي من خصائص جمالية واسلوبية، فقد كُتبت باسلوب متكلف وأجواؤها مصطنعة ولغتها متحاذقة لاتتناسب مع نمط الشخصيات ولاقدراتها وتفتقر لرشاقة لغة السرد الروائي ومايلازمها من تشبيه ومجاز
وشفافية، وهذا مطب يقع فيه كثيرا الكتاب السياسيون والمفكرون حينما (يتحرشون) بالادب. ويمكن ان تفتح الرواية على اي صفحة حتى تعثر على عينات وفيرة من اللغة المحنطة التي كتبت بها، من مثل هذه العبارة:

(هذا هو الابحار مع الذات نحو الالتماعات المزروع في المجهول)

كل هذا وابطال الرواية فتيان في المرحلة الاعدادية.

بطبيعة الحال ليس هناك تابو على تناول اي موضوع، سواء كان الشذوذ الجنسي او العلاقات الجنسية في الوسط السياسي وغيرها، ولكن يشترط في ذلك، بتقديري، النظرة الشاملة والمتفحصة التي تعالج وتقدم فهما للحالة، وان ياتي طرحها ومعالجتها في سياق موضوعي وجمالي يبررها، وبغير هذا تتحول، بظني، الى اسلوب للتشهير والطعن، وهذا السلوك لايسنجم مع اي ادعاء نقدي او اخلاقي يتطلبه اي عمل ابداعي جاد.

ويمكن ان يستشف من سياق الرواية وبعض الاشارات الصريحة التي وردت فيها ومن مجمل اجوائها، لاسيما اذا عطفنا ذلك على طبيعة المرحلة التي كتبت فيها، ومالعبه كاتبها من دور تسويقي لفكر السلطة مطلع السبعينات، ان الرواية عمل مدفوع لغاية سياسية محددة تستهدف تقديم صورة شوهاء للشيوعيين مقابل تلميع ضمني، مع بعض الاشارات التي بدت وكانها عابرة، لدور ومكانة حزب السلطة،حزب البعث، اقحمت اقحاما بشكل لايبرره سياق السرد.

(وكان المناضل البعثي صاحب تجربة جيدة ومثقفا، اجابه:

الذكي هو الذي ينسى بعد ساعات او ايام ماقراه وماكتبه ايضا.) ص 150

وايضا الاشارة التالية وردت على لسان (شرف) احد الابطال (النموذجيين) في الرواية:

(احزابنا وطنية، وتقدمية، ولكنها ليست ثورية كما يجب.

ـ حزبنا بالذات متخلف في هذا الميدان. انني اعرف ان حزب البعث مثلا يطرح برامج ثورية لاتساهل فيها.) ص 190

ينبغي ان اسجل هنا انني في مطلع سني المراهقة كنت معجبا جدا باسلوب وبقدرات عزيز السيد جاسم في الكتابة، ولكن ليس بافكاره. وماكان يشدني لاسلوبه، بالاضافة الى ثقافته الموسوعية، هو جزالته وبصمته الشخصية في التاليف، فهو لا يكثر من الاحالات ولا الاستشهادات في نصوصه، على الاقل في الكتابات التي فيها جهدا فكريا بينا، وكانت تلك، ولاتزال، صفة محببة لي عند من يكتبون. ولطالما كان ينفّرني الكاتب الذي يبتز قراءه باسنادات نصية واستيحاءات لمفكرين دون ضرورة.

برزت كتابات عزيز السيد جاسم مطلع السبعينات، واخذت منذ البداية منحا ايدلوجيا صرفا، وصار ينظّر بطرق محتلفة لتوجهات البعث عندما كان البعث يسعى لتكريس سلطته على الدولة والمجتمع في بداية صعوده بعد انقلاب 1968، الامر الذي فرض عليه، مهمة كبيرة وعسيرة هي (تنظيف) الساحة من المنافسين. وكان الشيوعيون، لتاريخهم الطويل ومكانتهم السياسية والاجتماعية المميزة وبسبب طبيعة الوضع الدولي؛ الحرب الباردة وقوة واهمية ماكان يسمى بالمعسكر الاشتراكي، يشكلون تحديا جديا لسلطة البعث، ومن اجل إبعاد هذا المنافس، أُتبعت طريقتين: اولاها استمالته في تحالف جبهوي مؤقت، مع شحنات مترددة من القمع، ثم مزايدة ايدلوجية وشعاراتبة على منطلقاته الفكرية والسياسية من اجل الاستيلاء على ساحته وسلبه دوره ومكانته بتبني طروحاته، التي وسمت جاذبيته؛ باعتباره، كما كانت تعرفه الساحة السياسية (حزب العمال والفقراء، وحامل الافكار الاشتراكية.. الخ)، وذلك بتلفيق نظرية بعثية مشابهة لهذه الطروحات الفكرية والسياسية، مع مسحة خاصة مصبوغة بشعارات البعث القومية. ووظف لهذه المهمة كتاب من خلفيات شيوعية كان من بينهم وابرزهم عزيز السيد جاسم.

كتب عزيز السيد جاسم كراسات وكتب كثيرة تقدم وجهة نظر البعث وتناقش بـ (حوار) احادي الطرف الشيوعيين في افكارهم ودعاواهم. وقام (بحفريات معرفية) كبيرة لابراز (الحقيقة الاشتراكية، والثورية) لحزب البعث. وقُدم البعث بقلم عزيز السيد حاسم كحزب اشتراكي، وان المنطلقات الاشتراكية التي يحملها جاءت مع (لحظة التاسيس) ومن خلال عملية تطور وبلورة فكرية وعملية متواصلة، وان البعث، بنزعته الاشتراكية (كذا)، جعل للفكرة الاممية منحى قوميا ومحليا، وقد حل اشكالية (التعارض بين ماهو قومي واشتراكي)، وبهذا تفوق او تخطى الشيوعيين الذين يدعّون(كذا) انهم الممثل الوحيد للفكر الاشتراكي، وكذلك القوميين الذين خلا مشروعهم القومي، بسبب من ترسبات نازية وصمت اطوحاتهم في شكلها الجنيني، من البعد الاجتماعي المتمثل بفكرة الاشتراكية. ولا ادري ما اذا كان عزيز السيد جاسم مقتنعا فيما قاله ونظّر له ام انه كان يدرك ان حزب البعث في حقيقته لاهو بالقومي ولابالاشتراكي وان كل ماسوقه له وعنه ليس غير ادعاءات غلفت نمط سلطوي فاشي صريح.

في المحصلة انتهى هذا السلوك غير الناضج، في اهون تسمية له، بصاحبه الى التصفية الجسدية في التسعينات بسبب انشقاقه (الفكري) على السلطة بعد تاليفه كتابا عن علي بن ابي طالب اسماه (علي سلطة الحق) ولا استطيع ان اجزم ما اذا كان تاليف هذا الكتاب جاء نتيجة لتحول فكري، بحسب نزعة صوفية جنح اليها عزيز السيد جاسم كما اشيع عنه في اشارات متعددة حينها، ام انه نزعة طائفية كامنة استنهضتها عنجهية النظام ضد ابناء الشيعة في العراق بعد حرب الخليج الثانية؟



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول آيار، بعيد، حزين ومنسي
- الحشد الشعبي: الدور والمهمة
- وداعا ايها الورق وداعا
- تركة ثقيلة
- عقدة المظلومية
- في فضائل الانتحار/ كلام في السياسة
- حرب التقسيم
- ألأمهات مستودع الحكمة
- تكفيريو اليسار
- بوابات الماضي
- هوى التقسيم
- بارزان 1984
- البعث (العديوي)
- من يقرر صواب المواقف؟
- لمحة قصيرة عن تشكل رابطة الانصار الشيوعيين العراقيين
- للعراق رب يحميه
- ألإخوان يفترسون
- طقوس عاشوراء
- ماذا لو...
- لماذا يعترفون؟!!


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - (المناضل) عزيز السيد جاسم