أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السعدي سعيد - الاتحاد الاوروبي بين التفكك واعادة التاسيس















المزيد.....

الاتحاد الاوروبي بين التفكك واعادة التاسيس


السعدي سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 5221 - 2016 / 7 / 12 - 16:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن استفتاء انفصال كتالونيا عن اسبانيا، سنة 2015 يحضى بكثير من الاهتمام عند رجال الاعلام والسياسة بالحجم نفسه الذي حضي به انفصال انجلترا عن الاتحاد الاوروبي،و الذي دام هذا الارتباط لاكثر من اربع عقود ،فيعود السبب في تقديري الى ان المسالة الاولى كانت داخلية .اي انها تهم القطر الاسباني وحده، بينما انفصال انجلترا عن الاتحاد الاوروبي ،و الثقل الذي تحتله انجلترا داخل الاتحاد الاوروبي فانه من الممكن ان يغير الخريطة السياسية للاتحاد الاوروبي مستقبلا، وقد يؤدي الى تفكك الاتحاد .
لكن على العموم انفصال كتالونيا عن اسبانيا، و انفصال انجلترا عن الاتحاد الاوروبي وتنامي اليمين المتطرف في اوروبا ،الداعي الى الانفصال ، و انتقال عدوى الانفصال الى مجموعة من الاحزاب الاوروبية التي لها نفس المطلب، جعل الاتحاد الاوروبي يواجه تحدي التفكك باكثر جدية و مسؤولية .حتى ان انجلا ميركل لم تخفي ممانعتها و حذرها من انفصال دول اخرى وقالت ان الانفصال لن يكن كجني ثمار الكرز متى نشاء نجنيها ".
فاليمين المتطرف الذي دعم فكرة الانفصال و روج لها في انجلترا، تفوق على دعوات المحافظين ،حتى دفع زعيمهم كاميرون الى تقديم استقالته من رئاسة الوزراء .و الذي هو من كان قد طرح الاستفتاء كتحدي سياسي، لكنه تفاجئ ورضخ الى امر الواقع وشكل ذلك زلزالا قويا في بيت حزب المحافظين.
ان الملاحظة الاساسية التي لا تخطئها اي عين بصيرة ،و هي تنامي اليمين المتطرف في اوروبا بشكل ملفت للنظر كما قلنا .وتبرز خصوصية اليمين البريطاني في انه وطني الى حد الشوفينية ،وبريطانيا عموما من الشعوب المتشبثة بقوميتها و تاريخها و خصوصيتها، بحيث شكل هذا الهاجس- اي الهاجس القومي عند الانجليز- في عدم ذوبانهم الكلي في الاتحاد الاوروبي. من خلال عدم دخول انجلترا في منظمة اليورو وحفاظها على عملتها الوطنية ،التي لها حمولة تاريخية و تعبر عن الهوية البريطانية ،او المملكة التي لا تغرب عنها الشمس.
وفي العقدين الاخيرين ، وخاصة بعد الازمة المالية لسنة 2008، تصاعد اليمين المتطرف بشكل كبير، "فهناك حاليا اكثر من 400 موقع نازي عبر شبكة الانترنيت "–كريستيان دلاكومباني ،الفلسفة السياسية اليوم –و اختمرت فكرة صراع القيم و الثقافات التي توقعها منذ زمن الاستاذ المهدي المنجرة، بتعبير "حروب الحضارات" وان الحروب المستقبلية ستكون حروب حضارية. وعبر عنها بصبغة ايديولوجية وبشكل كاريكاتوري احيانا صاموئيل هانتغتون في مقالته الشهيرة " صدام الحضارات" .
و المهم من كل ما ذكرنا ان درس التاريخ يعلمنا ان الازمات تنتج التطرف، فلقد اجتاحت اوروبا موجة من العنصرية بعد الازمة الاقتصادية لسنة .1929 انتهت بوصول النازية و الفاشية و الدكتاتورية التي خربت اوروبا في حروب مجنونة . وازمة 2008 خلخلت السير العادي للحياة اليومية لكثير من الاوروبين، و افرزت افواجا عظيمة من البطالة وجعلت الكثير يعلق ازمته على شماعة العرب و المهاجرين عموما خاصة منهم العاملين و تمثلت العنصرية في اقصى مظاهرها بالمطالبة بطرد المهاجرين من اوروبا، والحفاظ على الهوية الصافية لاوروبا، ناسين او متناسين ان المهاجر كان له دور مهم في تحرير مجموعة من الدول الاوروبية من الوحش النازي، وساهم المهاجر في بناء اوروبا ،وصنع مجدها الحضاري.
والمتضرر الاول من قرار الانفصال هو المهاجر العربي و المسلم، في ظل تنامي العنصرية و تقلص فرص الشغل ،التي كانت تساهم في توفيرها الوحدة الاوروبية و السوق الاوروبية المشترك، وارتفاع قيمة الجنيه الاسترليني الذي هو الان في انهيار مستمر بعد الانفصال.
فتوحد اوروبا على المستوى الاقتصادي، كان يؤطره هاجس تجاوز مخلفات الحرب العالمية الثانية. و هاجس ثاني الذي هو الهاجس الاهم في نظرنا، و هو مواجهة المد الشيوعي الذي كان يزحف على اوروبا الغربية و القادم من الاتحاد السوفياتي شرقا. فيما كان يعرف بالحرب الباردة، فاذن قيام الاتحاد كان مسكونا بهاجس مواجهة المارد الاحمر، خصوصا حينما نزلت الولايات المتحدة الامريكية بثقلها ودعمها المالي على اوروبا ،ودعمت اعادة الاعمار حتى لا تترك فرصة لتغلغل وزحف الشيوعية في اوروبا الغربية، ومن اهم هذه المشاريع هو مشروع مارشال ،تم بعد ذلك تاسست الجماعة الاوروبية للفحم و الصلب سنة 1951 على يد المانيا الغربية و فرنسا اساسا .بتوجه راسمالي كما اشرنا ،والذي يهمنا هنا ليس هو سرد احداث التاريخ، فكل الاحداث ممكن ان تتدفق عليكم بغزارة بمجرد ضغطت زر ،لكنما يهمنا هنا وهو ابراز المرحلة التي اطرت تاسيس الاتحاد و الهواجس التي كانت تسيطر على اذهان اصحاب هذا التكتل. اما الان فاوروبا تواجه هواجس وتحديات اخرى، تهدد كيانها من الداخل. خصوصا بعد انهيار جدار برلين و اتساع الرقعة الجغرافية للاتحاد الاوروبي، و التحولات التي عرفها الشرق الاوسط مؤخرا، وما ادت به من تحولات و منها تدفق اللاجئين الى اوروبا.
ويعني ان الاسس للاتحاد الاوروبي القديمة فقدت راهنيتها وبرزت تحديات اخرى ،ومن ابرزها مواجهة الارهاب الذي هو من مخلفات الحضارة الغربية المعاصرة، التي انتجت نقيضها. في عالم وصل النموذج الحداثي الاوروبي و الامريكي الى انسداد حسب البعض ،وتنامي اللبرالية الفردانية الى حد الانانية، وهذه الفردانية الذرية لا ترى في الاخر سوى شريك مكاني ،وهي بلا شك تهدد الوطن وتغيب الحس بالمواطنة. وهذه من مفارقات الديمقراطية كما يرى تودوروف في كتابه "الاعداء الحميميون" .
قلت هذه التحولات جاءت في سياق تسوده ازمات اقتصادية ،وتخوفات من الهجمات الارهابية والصراعات الثقافية ،وتحولات في العالم العربي ادت الى تدفق الاف اللاجئين الى اوروبا .و بدأت تظهر بوادر تشكل نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب ،تكون فيه الكلمة الاولى لدول قادمة من الشرق بقوة من بينهما الصين و الهند ودول جنوب شرق اسيا ، وهذا يجعلنا من الصعب ان نتكهن بشكل واضح ما قد يحدث حتى في المستقبل القريب، بسبب التغيرات السريعة التي يعرفها العالم .
عالم اصبحت فيه السلطة لمن يمتلك المعلومة، فالمعلومة اصبح لها دور في صناعة القرار و من له المعلومة يحكم .واصبح الاقتصاد في بعض الدول قائم على المعرفة، وهو ما يعرف باقتصاد المعرفة مما اعطى الفرصة لدول جديدة تبرز و بقوة، وهما دول جنوب شرق اسيا التي لا تقوم على الانتاج، بل على اعادة الانتاج.
فالتحولات التي عرفها الاتحاد الاوربي تجعلنا نطرح احتمالين: اما احتمال التفكك وتعيده هذه العملية الى مرحلة ما قبل الحرب الباردة ،او سيعيد تاسيس نفسه على اسس جديدة ،تنبني على المصالح و المخاوف المشتركة، لان اليمين المتطرف يرى ان موجة الارهاب ناتجة عن تغلغل المهاجرين الاجانب في الجسد الاوروبي، ووجب طردهم بل وصلت بهم الشوفينية و العنصرية الى قتل مناضلة من حزب العمال البريطاني.
اضافتا الى التفكك الناعم الذي تعرفه اوروبا و القائم على النزعة اللبرالية الموغلة في الفردانية، التي عرفت من خلالها اوروبا انعطافة الى اليمين.
فما محلنا نحن الشعوب العربية من هذه التحولات التي تعرفها القارة العجوز ،و التأثيرات الايجابية او السلبية التي يمكن ان تلحق بنا من جراء هذه التحولات ؟ فالمتضرر الاول كما قلت من هذا الانفصال هم المهاجرون.وذلك فيما سيعانون من التميز و التضيق العنصري... وانه من ممكن ان يكون بصيص من الامل يتمثل في بحث اوروبا و بريطانيا عن شركاء جدد، الا انني اخد الامر بكثير من الحذر، لان العلاقات مع الغرب تكون في الغالب علاقات استغلال لا علاقة مصلحة مشتركة. لهذا لم تقم للعرب قائمة و لن نستفد من اي شيء من هذه التحولات الا اذا قاموا الحكومات والشعوب واعتمدوا على انفسهم، و الخروج من حالة التبعية و التذلل و التسول الدولي، ولا يراهنوا على اي قوة كيفما كانت كما يقول الاستاذ حازم الببلاوي. ووجب اقامة اقتصاد وطني وسوق عربية مشتركة كما يرى المرحوم الجابري ، واضيف راي عالم المستقبليات المهدي المنجرة ،الذي قال في كتاب عولمة العولمة بان القرن 21 ليس للعرب، لانهم لم يخططوا له ومن خطط له هو الغرب الذي هو متحكم فيه ،الا انه يبرز المفارقة التي يتضمنها النظام العالمي الجديد. و يبرز في نفس الكتاب ان العولمة مفروض عليها بالفشل "مادام ان جذورها غير انسانية و اهدافها غير سامية وقيمها غير اخلاقية ...فالعالم يسر الى مرحلة اكثر فوضوية "ص61 .
ومع ذلك يبقى الامل الذي عبر عنه المهدي في جيل شباب .اليوم فيا شباب العرب هيا...



#السعدي_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة 6 اكتوبر
- القومية و الصراع الطبقي
- الحرب الباردة بين المغرب و الجزائر
- الارهاب و خطر التقسيم
- الكرة أفيون الشعوب


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السعدي سعيد - الاتحاد الاوروبي بين التفكك واعادة التاسيس