أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالقادربشيربيرداود - ديمقراطيتهم قتلت إنسانيتهم














المزيد.....

ديمقراطيتهم قتلت إنسانيتهم


عبدالقادربشيربيرداود

الحوار المتمدن-العدد: 5214 - 2016 / 7 / 5 - 22:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جريمة الاغتيال النكراء؛ التي طالت النائبة البريطانية (جو كوكس)، أتت في أوج انقسامٍ سياسي وشعبي حاد، عشية الاستفتاء على بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوربي، التي تعد انقلاباً على الفكر الديمقراطي، وأنصاره، وجميع المؤمنين به، وعلامة تحول سلبي في تاريخ البرلمان البريطاني، والقيم التي جسّدها، وما تملكه بريطانيا كي تبقى في مأمن من الهمجية التي اجتاحت أوربا في أزمنة مضت. كيف لا؟ وكوكس كانت تؤدي واجبها العام في قلب ديمقراطيتهم، وتستمع إلى الذين انتخبوها لخدمتهم وتمثيلهم.
اغتيال جو كوكس انتكاسة لرايات الإنسانية والمثالية والديمقراطية، وجريمة سوف تُلوث مفهوم المجتمع نحو ما آمنوا به من قيم، وناضلوا من أجلها عقوداً وعقوداً، فالإهانة أعمق بكثير من غيرها من الجرائم؛ ما يقود إلى خلاف وتباين سلبي في الآراء مستقبلاً.
هذا المشهد المأساوي عكس هوية الإرهابي البريطاني (توماس ماير)، الذي هتف أمام كوكس قبل قتلها (بريطانيا أولاً)، وكشف تاريخه الطويل مع التيار القومي الذي يرفع شعار (الأبيض أولاً)، وأفكاره المريضة التي اتسمت بنزعة نازية سادية معادية للأعراف والأديان المختلفة، ومن ذلك المنطلق أقدَم على فعلته الجبانة وهي اغتيال الإنسانية، بينما قيمُ الديمقراطية دينُ قومه، والتي تمثلت في شخص المغدورة جو كوكس لأنها وبشجاعة الفرسان أعلنت موقفها ببقاء بريطانيا في الاتحاد الأوربي، في وقت كانت إسرائيل تخوض حملة ضغط قوية على بريطانيا للانسحاب من الاتحاد الاوربي، وصمموا موقعاً إلكترونياً على مواقع التواصل الاجتماعي موجّه إلى الرأي العام البريطاني، تحت شعار (ادعموا إسرائيل واتركوا الاتحاد الأوربي).
كانت كوكس من مناصري القضية الفلسطينية، والمدافعين عن حقوق الطبقات الفقيرة والأقليات، وعن اللاجئين، وكانت قلقة لتفشي مشاعر العداء ضد المسلمين، وازدياد الانتهاكات بشكل غير مسبوق، ووثـّـقت تلك الخروقات في تقرير ضد القوميين المتطرفين؛ ملاذ الإرهابي القاتل (ماير)، وبينت أساليب الاعتداءات والمضايقات التي يتعرض لها المسلمون، خصوصاً النساء المحجبات. فكان نضال كوكس من أجل عالم أفضل، وصارت حياتها درساً في الخدمة العامة، وصوتها صوتاً للمحرومين.
يمثـّل سياق مقتل جو كوكس مزاجاً شعبياً جديداً، ضاراً بالخطاب العام في بريطانيا؛ لأن موقف كوكس كان إنسانياً نبيلاً، وصرخة بوجه الطغيان وجبروت الإرهاب؛ أينما كان، ومهما كان لونه وبعده. وقد ذكّرني هذا العمل الإنساني بموقف (النجاشي) ملك الحبشة المسيحي، من المسلمين المهاجرين من ظلم وبطش قريش، والذي أثنى عليه نبي الرحمة (محمد بن عبد الله) صلى الله عليه وسلم، ووصفه بأنه "ملك لا يُظلَم عنده أحد"، فما أشبه اليوم بالبارحة؟!
في خضم تلك المأساة التي حلت بالإنسانية في بريطانيا، انتكست راية العدالة فيها أيضاً، حين أمر المدعي العام بإخضاع القاتل الإرهابي (ماير) إلى فحوصات نفسية؛ للتأكد من سلامته العقلية. وكأن الغرب هي المدينة الفاضلة التي يستحيل أن يكون فيها إرهابي، فكشفوا بذلك أن رائحة الكراهية تجاه كوكس تفوح من آلية تعاملهم، وسير التحقيق في ملابسات قتلها. في حين لو أن مسلماً قتل نملة في بلاد الغرب؛ لكان رد فعلهم أن نعتوه بصفة (إسلامي إرهابي)! ومن هنا نتساءل؛ لماذا لم يطلب كاميرون أيضاً رؤساء العالم والقساوسة، بمسيرة تنديد ضد الإرهابي (ماير)؟ الامر الذي يجعل ديمقراطيتهم على المحك.
برغم كل ذلك الإجحاف، سيبقى دم كوكس نهراً يسقي بذور نضال حقيقي شريف؛ ضد كل ألوان الإرهاب والغلو والتطرف في العالم، ومعولاً فولاذياً لتجفيف منابع الحقد والكراهية التي قتلت كوكس، وسبباً لتحالف الشرق المسلم مع الغرب المسيحي؛ للوقوف بحزم أمام خفافيش الظلام التي تعمل للسيطرة على عقول البشر، لقلب الحقائق في أذهان الناس، وفرض ثقافتهم بصلافة وفوقية واستعلاء وغرور، وتوجيههم إلى ما يريدون، معتبرين أنّ من حقهم أنْ يكونوا فوق القانون، وفوق المحاسبة.
ن هذا المنطلق، نناشد الخيرين والحكماء أينما كانوا أن لا يغسلوا أيديهم من المسؤولية تجاه أرواح تزهق، مهما كان دينها وقوميتها وجنسيتها، كي لا ينضب رصيد الإنسانية في نفوس معتنقيها... وللحديث بقية.



#عبدالقادربشيربيرداود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شباب الأمة وتداعيات اللجوء والاغتراب
- كامب ديفيد منتجع التسكع السياسي للخليجيين
- الغرب وتجارة الشبهات


المزيد.....




- ريانا تتألق بإطلالة زرقاء ناعمة في فستان مستوحى من أزياء الس ...
- لماذا قد يُلوث هاتفك المحمول القديم تايلاند؟
- إسرائيل تريد التطبيع مع سوريا ولبنان لكنها -لن تتفاوض- بشأن ...
- رواية -نديم البحر- لحكيم بن رمضان: رحلة في أعماق الذات الإنس ...
- مصر.. تحذير السطات من ترند -الكركم- يثير الانتقادات!
- شاهد.. ملاكم يتعرض لصعقة كهربائية أثناء احتفاله بالفوز
- غزة وتشكيل لوبي عربي في سلم أولويات مؤتمر الجاليات العربية ب ...
- قصف هستيري على غزة يعيد مشاهد بداية العدوان الإسرائيلي
- ترامب: الولايات المتحدة لا تعرض على إيران شيئا
- إذاعة صوت أميركا.. من الحرب العالمية الثانية إلى عهد ترامب


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالقادربشيربيرداود - ديمقراطيتهم قتلت إنسانيتهم