ارتقاء الذات..ق/ 2

احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5211 - 2016 / 7 / 2 - 03:28
المحور: الادب والفن
    

بسم الله الرحمن الرحيم
ارتقاء الذات..ق/ 2
بقلم / احمد الحمد المندلاوي


**الصوم مدرسة كاملة في تربية النفس ..لكل عبادة من العبادات التي اوجبها الله سبحانه علينا، كالصوم والحج والزكاة و الجهاد الخ فوائد ومنافع نفسية وتربوية واجتماعية عديدة، فهي بالاضافة الى كونها عبادة لله، يعبر بها الانسان عن خضوعه لبارئه، واستجابته لامره، وتقربه اليه بنية خالصة صادقة، فانها تترك في نفسه ومجتمعه وشخصيته اثاراً اصلاحية، وتساهم في عملية تغيير النفس وتربيتها، والصوم احد تلك العبادات، التي تساهم في تغيير واصلاح شخصية الانسان والمجتمع .
فالصوم فوائد تربوية واثار اصلاحية على اخلاق الانسان وسلوكه وعلاقاته بافراد مجتمعه، فالاسلام ما جعل عبادة الصوم ليمتنع الانسان عن الطعام والشراب والجماع فحسب، بل وجعله ايضاً وقاية للانسان من كل محرم يمكن ان يقع فيه الانسان من قول او عمل .فهو يؤثر في تربية الانسان باتجاهين متكاملين:
فالاتجاه الاول :
هو كف الأنسان وابعاده عن المحرمات، كالغيبة والحسد والنميمة والكذب و السرقة ، والاعتداء على الآخرين الخ...
والاتجاه الثاني :
هو الحث، وتصعيد مستوى الانسان الاخلاقي والروحي بفعل المستحبات ، كالصدقة والدعاء وقراءة القرآن وذكر الله وإسداء المعروف و ابداء النصائح.
فالصوم مدرسة لتربية النفس واعدادها اعداداً إسلامياً إنسانياً متكاملاً راقياً.
انَّ الاحاديث الشريفة الواردة في هذا الشأن،الصحيحة و المتواترة و المقبولة من الطرفين توضح لنا آداب الصائم، وما ينبغي ان يلتزم به وينتهي عنه، ليحقق اهداف الصوم، ويحافظ على ثواب عبادته؛هنا نذكر بعضاً منها:
فقد روى الامام علي (ع) قال:( قال رسولنا الأكرم (ص) من صام شهر رمضان ايماناً واحتساباً، وكف سمعه وبصره ولسانه عن الناس قبل الله صومه، وغفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، وأعطاه ثواب الصابرين . )
وعن الإمام محمد الباقر ( ع) عن رسولنا الأكرم (ص) قال:
(قال رسول الله (ص) لجابر بن عبد الله (رض): (يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره، وقام ورداً من ليله، وعف بطنه وفرجه، وكف لسانه، خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر )، فقال جابر: يا رسول الله ما احسن هذا الحديث فقال رسول الله (ص): ( يا جابر وما أشد هذه الشروط) .
وروى الإمام جعفر الصادق (ع) عن آبائه الكرام ،عن رسول الله (ص) قال : قال رسول الله (ص) : ( ما من عبد صائم يشتم فيقول: سلام عليكم، لا اشتمك كما تشتمني، إلا قال الرب تبارك وتعالى استجار عبدي بالصوم من شر عبدي فقد أجرته من النار).
وروي عن الإمام جعفر الصادق (ع) قوله : ( ان الصيام ليس من الطعام والشراب وحده)، ثم قال : ( قالت مريم انّي نذرت للرحمن صوماً، أي صوماً وصمتاً، وفي نسخة اخرى، أي صمتاً فاذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم، وغضوا ابصاركم، ولا تنازعوا، ولا تحاسدوا) وقال (ع):
( وسمع رسول الله (ص) إمراة تسب جارية لها، وهي صائمة فدعا رسول الله (ص ) بطعام، فقال لها: كلي، فقالت: انّي صائمة، فقال : كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك، انّ الصوم ليس من الطعام والشراب فقط ) .
واوصى الإمام الصادق (ع) الصائم بقوله: ( اذا اصبحت صائماً، فليصم سمعك وبصرك عن الحرام، وجارحتك وجميع أعضائك عن القبيح، ودع عنك الهذاء، واذى الخادم وليكن عليك وقار الصائم، الزم ما استطعت من الصمت والسكون الا عن ذكر الله، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك، واياك والمباشرة والقبلة والقهقهة بالضحك، فإن الله يمقت ذلك. )
فقد ورد التشديد على تأثير الغيبة والنميمة والكذب على الصوم حتى عد المغتاب والنمام والكاذب في عداد المفطرين، كما عد رسول الله (ص) المرأة التي سبت جاريتها في عداد المفطرين.
ففي وصية رسول الله (ص) للإمام أمير المؤمنين عليّ (ع) :
(يا علي احذر الغيبة، فان الغيبة تفرن والنميمة توجب عذاب القبر )؛
وعنه ( ص) ايضاً: ( ومن اغتاب اخاه المسلم بطل صومه ؛ ونقض وضوؤه فان مات وهو كذلك مات مستحلاً لما حرم الله ) .
وكهذا تتضح لنا آداب الصيام، وما ينبغي للصائم ان يتحلى به من الاخلاق، والسلوك، فشهر رمضان شهر عبادة و السمو، وتغير للنفس، وإصلاح لها نحو عالم التكامل و الرقي الإنساني.
ولا تحقق اهداف الصوم التغييرية والاصلاحية، الا بالتزام بتلك الآداب، والعمل بتلك التوجيهات، والا فلا يربح الصائم من صومه، غير العناء والجوع والعطش.
أحمد الحمد المندلاوي

#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل