أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - حول مستشفى مجدي يعقوي .. سؤال يعكس عمق الأزمة!!














المزيد.....

حول مستشفى مجدي يعقوي .. سؤال يعكس عمق الأزمة!!


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 5200 - 2016 / 6 / 21 - 01:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يسألني بعض المتابعين لما اكتب عن تعرضي الدائم لسلوك المسلمين، وتصرفاتهم التي يصبغونها دائما بالصبغة الدينية ويلبسونها لباسا إسلاميا، على حد زعمهم، يسألني هؤلاء لماذا لا ترى أي شيء في سلوك الإخوة المسيحيين؟، وأجيت على هؤلاء قائلا: أن مَنْ يمكن أن يتعرض لأهل دين هو من ينتمي إليه، حيث أنه يدرك لدرجة كبيرة دلالات التصرفات ومعاني الأفعال، من خلال تبحره وتعمقه مرة في العقيدة التي ينتمي إليها، وأخرى في نفسيّة أهل تلك العقيدة وما يحركهم للإتيان بذلك الفعل أو ذاك السلوك، ومن هنا كان انشغالي واشتغالي بما يصدر عنا، ولعل أكثر من ترك أثرا في نفسي من هذه الناحية كل من الفرنسيَّيْن: المسرحي الكبير موليير والفيلسوف الكبير فولتير، فكلاهما اهتم كثيرا بكشف تلك العورات التي تعتري المجتمع الفرنسي كلٌّ في عصره.

أُومِن إيمانا عميقا لا يتزعزع بنفاسة معدن شعبنا المصري، وأردد على مسمع أبنائي الذين يعترضون على بعض سلوك شعبنا أثناء رحلاتهم إلى مصر أن هذا الشعب مثله مثل الذهب الذي لا يصدأ وأن حفنة التراب التي تسبب تلك الأزمة الفكرية والثقافية والاجتماعية والإنتاجية والاقتصادية، تلك التي غطت اللون الأصفر اللامع، لا تلبث أن تنقشع بمجرد أن تزيحها يد تعمل لصالح هذا الوطن فتعيد إليه قِيَمَه التي حجبتها تلك الغمة التي تضرب بخيامها على وطننا منذ عدة عقود، وهو ما أُومِن أيضا أن القيادة الحالية تعمل عليه، وهو ما يبدو واضحا جليا في حديث الرئيس السيسي الذي لا يفتأ يستحث المصريين بكل قوة ليستخرج مكنون نفوسهم لإحياء القيم المصرية الأصيلة والروح الخلاقة.

ستظل مصر ولادة، تمنح العالم دوما من يساهم في تقدم ورقي البشرية، وذلك للا شيء سوى لأنه ينتمي لهذا المعدن النفيس الذي تحدثت عنه آنفا، وستظل مصر تقدم نماذج يُضْرَبُ بها المثل، وفي عصرنا الحديث، يظل الدكتور مجدي يعقوب جراح القلب العالمي خير مثل تقدمه مصر للعالم: علميا وإنسانيا وأخلاقيا، وقبل وبعد ذلك وطنيا، فلقد حفر اسمه في سجل عظماء الطب كأعظم جراح للقلب في العالم، ولم يتاجر بتلك المهنة السامية فقدم نموذجا إنسانيا فريدا، في سلوك أخلاقي مبهر، يُتَوِّجُه بحب لا متناهي لوطنه الذي عاش في قلبه وعقله ووجدانه، ويضرب لزهد المقتدر، وليس العاجز، نموذجا يظل نبراسا ليس فقط لعوام البشر بل لخواصهم، ذلك الزهد الذي يضعه في مصاف القديسين.

في منتصف تسعينات القرن الماضي كان مقررا في كتاب قراءة الصف الثالث من المرحلة الإعدادية موضوعا عن الجراح العالمي الشهير مجدي يعقوب، غَفَل، عن عمد مُتَفَهَّم، ديانته المسيحية، وركز فقط على مصريته، ولكني، كنت - وأنا أمارس التدريس آنذاك - أذكر لأبنائنا التلاميذ أنه قبطي، وأغرس فيهم أن فخرنا يجب أن يتجاوز فكرة العقيدة، التي هي لله، أما الوطن فهو للجميع، في محاولة مني لفتح أعين هؤلاء الصبية أن هناك قواسم مشتركة في الوطنية والإنسانية، وأن فخرنا بالقبطي مجدي يعقوب لا يقل عن فخرنا بنجيب محفوظ المسلم.

وبعد مرور عقدين من الزمان يستمر يعقوب في ممارسة دوره الطبي والإنساني والوطني، فيقيم مركز مجدي يعقوب للقلب في أسوان، يقدمه هدية خالصة لأبناء وطنه، والمركز بكل تأكيد قيمة كبيرة تعيد لمصر موقعها المتميز كمقصد علاجي فضلا عن علاجه لأبناء الوطن بالمجان، الذي هو هدفه الأساسي، ولقد انتشرت الحملات الإعلانية التي تحث القادرين على التبرع لهذا الصرح الطبي العالمي، ولأننا أيضا لن نعدم الخيِّرين في مصر، فلقد تفاعل مع هذه الحملات أبناءٌ من شعبنا، في سلوك يتفق وطبيعة المصري، ولكن أذهلني من سألوا رجال الدين الإسلامي عن شرعية التبرع لمركز مجدي يعقوب " القبطي "!! ما عكس عقلية عقيمة ترعرعت في ثقافة مضمحلة، مُتَصَوِّرة أنها ترضي الله، وتُحِيل كل تصرفاتها لإرضائه سبحانه وتعالى، وما هي إلا عقول مريضة، غشَّى فطرتها! الإنسانية طبقة عفنة سميكة، علينا أن نعمل كثيرا لكي ننجح في إعادتها إلى تلك الفطرة الإنسانية، وإن كان السؤال قد أذهلني، فإن الإجابة عليه، والتي يعتبرونها عبقرية، قد صدمتني، وكشفت عمق الأزمة، حيث ذكر الشيخ! أن مجدي يعقوب لم يسألني عن ديانتي حينما ذهبت للعلاج، وهي إجابة ربما يفهمها من يفقهون القياس العكسي، ولكن من يطرح سؤال كهذا إنما يكشف عن عقل، أقل ما يوصف به أنه مريض، وهذا ما لم يفهمه الشيخ، الذي من المفترض أن يستوعب عمق الهوة التي أُرْدِينا فيها، فكان لزاما على الشيخ العبقري! أن يجيب إجابة مُؤصَّلة لهؤلاء، الذين هم مشاريع إرهابيين، فالذي يسأل عن شرعية التبرع لمستشفى أيا من كان صاحبها، حتى ولو كان لا ينتمي لأي دين، فهو بكل تأكيد رافض رفضا تاما لوجود أمثال مجدي يعقوب، وحاقد عليهم.




#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -فصل- النهضة التونسية
- بمصر ...أزمة نقابة الصحفيين تكشف أزمة أعمق
- الجزيرة والقرضاوي ومجازر حلب
- دلالات رفع علم السعودية في ذكرى تحرير سيناء! !
- بالنمسا ..- تيران وصنافير - تركية سورية
- ألا يكفيني عقابا أني لست إسرائيليا!!؟
- احتفالات لا مظاهرات في ذكرى تحرير سيناء
- قُبْلَة .... قصة قصيرة
- فراشة .. قصة قصيرة
- مخطط صهيوني بالنمسا يستدهف وزير الأوقاف المصري
- حق الأكراد أصيل
- أحداث بن قردان التونسية ما بين الرئيس المصري السيسي والقادة ...
- احفظوا ماء وجوهكم ..حل الأزمة السورية يلوح في الأفق
- مع العربية السورية ضد النزق التركي
- في ضرب عكاشة - بالجزمة - رسالة محددة
- ادعاء خرق وقف إطلاق النار في سوريا
- نظرة على خطاب السيسي
- مساحيق تجميل الوجه الأمريكي القبيح
- الرؤية المصرية للأزمة السورية والفصل الأخير
- البلطجة التركية ..آخر أوراق التوت تسقط عن الأرعن أردوجان


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهجت العبيدي البيبة - حول مستشفى مجدي يعقوي .. سؤال يعكس عمق الأزمة!!