استعمار المغرب... نعمة أو نقمة؟

محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 5197 - 2016 / 6 / 18 - 02:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

سوف نتحرر، يوم نقتنع بضرورة فحص المسلمات، نحن لسنا مضرين لقبول المعلومة دون تمحيص، مهما كان مصدرها، سواء انطلقت من فاه فقيه أو مدرس أو أب صالح...
لنتناول أحد الموضوعات، استعمار المغرب مثلا فعل مشين، لأن كلمة استعمار، تعني ضمنيا: التقييد والتعجيز عن الفعل...
لكن الأمور لن تستقيم البتة إذا اكتفينا بهذا النوع من التعاطي، لأن هناك جانب آخر غائب عن ذهن أولئك الذين تأخذهم نعرة الوطنية إلى تقديس التاريخ الرسمي... هل تعلمون حقا يا هؤلاء، أن استعمار المغرب حينها، كان رحمة على شعب أنهكته تطاولات المخزن !
لن تعلموا أبدا ذلك...
كيف كان المغرب قبل الاستعمار...
تصوروا يا سادة، أن الأراضي التي يطلق عليها بمناطق السيبة، لم تكن إلا مناطق تشبثت باستقلالها ورفضت محاولات المخزن في تطويعها... حيث كانت الأراضي جميعها، قبل أن تطالها سياسة المخزن، في ملكية الجماعة، ويكون الإنتاج فيها شبه جماعي... فكانت كل أسرة تتمتع بحق التصرف في قطعة أرضية معينة ومحددة بالإجماع من طرف الجهاز الإداري الذي تمثله الجماعة، دون أن يفرض نوع الفلاحة على أصحاب الأرض، ثم تقسم حصص المياه ويعين الساهرون على السواقي والقنوات بالتناوب.
كانت الملكيات الشاسعة في حوزة السلطان وبعض أفراد المخزن والأعيان وبعض العائلات الكبرى. وبالموازاة، كانت تسري في باقي ربوع الوطن، حركات تمَلكٍ مخزنية كان لها أثر سلبي على السكان، حيث دفعت ببعضهم إلى الهجرة وحولت بعض أفراد القبيلة إلى منتجين معزولين عن أراضيهم، يشتغلون بالأجرة...
كان السلطان يستغل زوجات الفلاحين الفقراء، في فلاحة أراضيه وحرثها وحصادها وجني الثمار وإقامة القنوات والسواقي دون مقابل،
وإن جاد طبع السلطان، فإنه يقوم بمنح الأراضي لمن يشاء من المتواطئين، على شكل تنفيذة"، أي استغلال الأرض دون امتلاكها، والاستعمار فقط، من حطم هذا النظام وأجاز بيع الأرض..
رغم الفقر المدقع الذي كان يعيشه الشعب المغربي، خاصة في النصف الثاني من القرن 19، بفعل الجفاف وانتشار الكوليرا والحمى الصفراء التي أودتا بحياة ما يناهز ثلاثة مليون مغربي، رغم ذلك، أُنهك كاهل الفلاح الفقير، والحرفي البسيط، بالزيادة في الضرائب الشرعية كالزكاة والعشور، التي تؤخذ قسرا وربما قتلا، حيث ارتفعت وقتها السرقة واللصوصية وتواطؤ القواد مع العصابات، وفي نفس الوقت، انصرف العمال والباشوات والقواد إلى حياة البذخ والفخفخة والمجون.
وربما... الصورة كانت أشد قتامة من المعروض أعلاه !
طبعا هذا إن غضضنا الطرف عن البنيات التحتية والمستوى التشريعي و....
الاستعمار الفرنسي، هو استعمار بالفعل، إلا أنه كان مرفوقا بحضارة وإن غابت عنها البراءة، لأنه استطاع أن يفتح أعين الشعب ، ويدفعهم إلى التفكير في علاقات اقتصادية وسياسية... تقطع شيئا ما، عن الأنماط القروسطوية !

#محمد_مسافير (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات