|
أحزاب المعارضة المصرية تحتضر
شريف مانجستو
الحوار المتمدن-العدد: 5190 - 2016 / 6 / 11 - 16:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يُصيبُنى الألم والحُزن وأنا أتحدث عن أحزاب المعارضة المصرية ، وذلك لأننى كُنتُ أنتمى لأحدها يوماً ما . فتلك الأحزاب تحتاج حقاً إلى إصلاح وتغيير ، كالإصلاح البروتستانتى الذى حدث للكنيسة فى الماضى . وهذا التصور ينبع من عدم وجود قواعد شعبية لتلك الأحزاب ولم تعُد قادرة على طرح بدائل أمام المواطن لكى يقتنع و ينضم لتلك الأحزاب . ودائماً لديهم حُجة واحدة ، وهى أن النظام قمعى واستبدادى ، وسأتفق مع تلك الأحزاب فى هذا التوصيف ، ولكن ما هو رد فعل تلك الأحزاب لهكذا قمع و هكذا استبداد ؟؟!!!.. الإجابة باختصار : ردود أفعال ضعيفة وهشة وإنسحابية وتدعوا للسُخرية .لقد تحولت مقرات تلك الاحزاب إلى مُنتديات ثقافية و أحاديث ودّية ، كالتى تحدث فى المقاهى وفى الأندية العامة . وهذا الأمر للأسف تُعانى منه الأحزاب منذ الثمانينيات ، وهذا يؤكد للجميع أن التجربة الحزبية فى مصر تُعانى من أعراض خروج الروح من الجسد . فتلك الأحزاب دائماً تتحدث عن الديمقراطية ، وهى أصلاً لا تُمارسها مع أعضائها ، فكُل قرارات تلك الأحزاب تأتى بشكل فوقى ، لا يتم مُناقشة القواعد فى أى شىء إلا القليل جداً ، بالإضافة إلى التنكيل بأى رأى مُخالف لآراء القيادات الحزبية ، وكأنهم آلهة تنتظر من القواعد أن تسجُد وتركع لها . دائماً تتحدث تلك الاحزاب عن التواصل مع الجماهير والانقطاع للنضال الدائم ، فتجد تلك الأحزاب تُعانى من عصبوية شديدة و انسحاب قاتل من الحياة العامة ، وحتى الأحزاب اليسارية التى تحمل شعارات تحررية وتقدمية ، لا تفعل أى شىء إلا القليل مع النقابات العُمالية ، بل دائماً تترك العمل النقابى لكى تقوده تيارات موالية للإسلام السياسى أو موالية للنظام .وكُل ما تُجيده تلك الأحزاب هو التهكُم على السُلطة وعلى كُل شىء ، بالإضافة إلى الحديث عن تصورات طوباوية - مثالية عن مُجتمع العدل والحُرية والديمقراطية والاستقلال الوطنى . فتلك الأحزاب للأسف تصوراتها اكبر من قدرتها على العطاء والتضحية . فتجدهم يحشدون للتظاهر على مواقع التواصل الاجتماعى ولا يستجيب لهم إلا القليل جداً ، ثم يصرخون من تنكيل السُلطة بهم ، ثم يعودون إلى مواقع التواصل الاجتماعى مرة ً أخرى للبُكاء والعويل على ضحايا الاستبداد و القمع وعلى ضياع الديمقراطية . وخير دليل على ذلك هو ( اعتصام حزب الكرامة ) حيث اعتصموا من أجل الحصول على عفو رئاسى من السيسى ، وهذا موثق فى بياناتهم وتصريحاتهم ، فكان هذا الاعتصام نذير شؤم عليهم ، حيث خرج أنصار السُلطة بالتشهير بهكذا اعتصام ، بالإضافة إلى حالة السُخط الشعبى من هذا الاعتصام . مع العلم أن هذا الاعتصام تم اتخاذ القرار به بدون استشارة القواعد الحزبية ، لأن القيادات داخل تلك الأحزاب لا تقبل إلا الرأى الأوحد ، ودائماً تقود تلك الأحزاب إلى نتائج مشئومة. فالاستبداد داخل تلك الأحزاب قادها للإنشقاقات الداخلية ، ودائماً تعيش تلك الأحزاب فى هاجس أمنى ، كما لو كانت السُلطة تُريد أن تتفادى الصحوة النضالية لتلك الاحزاب !! . فتلك الأحزاب تستحق الشفقة لا التآمر عليها . لأنها تعيش فى كهف الفشل والخوف والتراجع الجماهيرى . ومن الغريب أن تجد قادة تلك الاحزاب _ مع كامل تقديرى لهم على المستوى الإنسانى_ يخرجون يومياً بتصريحات صُحفية فى مواقع وصُحف إخبارية مؤيدة للنظام ، ويؤكدون ويشجبون ويُنددون ، وهُم يتحدثون كالضجيج الذى لا يُنتج طحين . فتلك الاحزاب تحتاج إلى ثورة من الداخل . ثورة تقود إلى طرح بديل جماهيرى للسُلطة ، بديل يصنع الفارق ، لا بديل يُصنع للإعلام و للأعضاء الحزبيين فقط !!.أرجوا فى النهاية ألا يُفهم كلامى أننى ضد التجربة الحزبية ، ولكننى ضد الفشل الحزبى . ولا أعفى نفسى من المسئولية ، حيث أننى كُنتُ أشارك فى هذا الفشل يوماً ما .
#شريف_مانجستو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعب المصرى و الثقافة الاستهلاكية
-
عن المُستشار هشام جنينة أتكلم
-
معاناة المرأة فى عصر الخوف
-
راشد الغنوشى يتخلى عن الحاكمية لله
-
فقه الاضطهاد
-
مصر ستتقدم ولابد
-
البناء والهدم فى نظام السيسى
-
الخطر
-
ثورة الضمير الإنسانى
المزيد.....
-
دونالد ترامب يقول إن محاكمة شراء الصمت -صعبة جداً- على زوجته
...
-
بلينكن: يجب أن تقبل حماس الصفقة دون تأخير
-
الرئاسة التركية تدين اعتداء الشرطة الأمريكية على صحافي تركي
...
-
لافروف يصل إلى غينيا في بداية جولة إفريقية
-
كلوديا شينباوم تفوز بالانتخابات الرئاسية المكسيكية
-
بعد مقترح بايدن لوقف الحرب.. غموض بشأن مستقبل حماس في غزة؟
-
بلينكن يتحدث إلى غانتس وغالانت بشأن خطة وقف إطلاق النار في غ
...
-
تونس.. منع ارتداء -الكوفية الفلسطينية- خلال امتحانات الشهادة
...
-
بدء محاكمة نجل الرئيس الأميركي الإثنين لحيازته سلاحا
-
بكين تتهم المخابرات البريطانية بتجنيد موظفين في الحكومة الصي
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|