أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - لطيفة الحياة - هل خمسة دراهم تغذيك أم لا؟؟؟














المزيد.....

هل خمسة دراهم تغذيك أم لا؟؟؟


لطيفة الحياة

الحوار المتمدن-العدد: 5187 - 2016 / 6 / 8 - 16:56
المحور: المجتمع المدني
    


في يوم بارد من أيام الشتاء ولجت محطة القطار بمدينة الرباط، اشتريت تذكرة العودة إلى مدينة الدار البيضاء. وأنا مسرعة لألحق موعد الرحلة متجهة نحو السكة، لمحت في طريقي شابا في الأربعينات من عمره، طويل القامة، أنيق اللباس، يقف حيث السلالم الكهربائية التي تنزل المسافرين إلى أسفل. كان يحمل عكازا في يده اليمنى بينما يلوح باليسرى غاضبا متجهما. وما أن اقتربت منه حتى فهمت سبب غضبه وانزعاجه، حينها وبدون تفكير مددت إليه يدي قائلة: تفضل أمسك بي وسننزل معا.
فعلا أمسك الشاب بيدي وبدأنا ننزل السلالم الأسمنتية ببطء شديد، متجاوزين مشكلة تعطل نظيرتها الكهربائية. وما أن نزلنا حتى جاء القطار فركبنا ثم جلسنا في مقعدين متجاورين. بدأ يشكرني على مساعدته وتفهمي لظرفه وحاجته، مما فسح المجال للتعارف عبر نقاش تخلله استياءه من بعض السلوكيات اللإنسانية للمغاربة وشركات الخدمات مستنكرا عدم اصلاح السلالم الكهربائية.
أطلق صاحبنا العنان لنقده مسهبا في الكلام بطريقة أبرز من خلالها أنه يعرف شخصيات مهمة في البلاد -الله يعمر لهم الدار- غير مقصرين في خدمتهم وتفانيهم. وبين الفينة والأخرى كان يذكرني بأنه تجول العالم بأسره وأنه خلص إلى أن المغرب أحــــــــسن بلد، قائلا: بلادنا زيـــــــنة الحمد لله، وكل الناس تحسدنا عليها. نظرت إليه نظرة متأملة فأضاف متسائلا: واش خمسة دراهم يا اختي تغذيك في المغرب أم لا؟
جاريته في مساره مختصرة الجواب بقولي: أجل، تغذيني. فرد علي منتشيا بجوابي عليه: شفت الخير والبركة، الحمد لله بلادنا أفضل من بلاد الغرب التي يقهرك فيها الغلاء الشديد. في المغرب يا اختي لا أحد يموت بالجوع، الخبز موجود في كل مكان حتى أنه مرمي جنب الجدار. والناس مستمتعة (مفجة مع راسها وناشطة) في مقابل أن اخوتنا التوانسة والليبيين والسوريين والعراقيين يتقاتلون فيما بينهم ويذبحون بعضهم بعضا.
انتظرته حتى أكمل سرد تجليات خير بلادنا ثم سألته: لقد قلت لي قبل قليل أنك أجريت العملية لقدمك في فرنسا، أليس كذلك؟ رد علي: بلى. تابعت كلامي متسائلة: لماذا إذا لم تجرها في المغرب أحسن بلد في العالم؟ أجابني بوثوقية تامة: أبدا.. أبدا. أبدا يا أخــــــتي. أعود بالله لن أخطأ هذا الخـــــطأ. واش الصــــحة في بــــلادنا هي الصحة في فرنـسا؟ هناك، في فرنسا عاملوني معاملة جيدة. لو ترين كيف تتعامل الممرضات مع المرضى؟ إنسانية عالية وتعامل راقي تقول عنهن ملائكة، يضحكن في وجهي ويرفعن معنوياتي ويهدأن من روعي بلطفهن. أما الطبيب فقد جاءني مبتسما، يحدثني عن المغرب بفرح ويشكر في جمال تضاريسه وتنوع طقسه وثقافته، فما شعرت بشيء إلا وأنا مستيقظ من العملية تحيط بي الممرضات ويهنئني على نجاحها. هؤلاء يا اختي هم المسلــــــــمين الحقيقين، للأسف لا تنقصهم سوى الشـــــــــــهادة. أنا متيقن أنهم إن شهدوا (أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله) سوف يدخلون الجنة مباشرة (ديريكت) وبدون حساب ههه، لأن عزرائيل ما عندو علاش يحاسبهم.
ضحكت قائلة: إذن، لماذا تكـــــذب على نفسك وعلي حينما تقول: بلادنا أحـــسن بلد في العالم؟ ماذا ستفيدنا الشـــهادة بدون تعامل جيد وصحة جيدة وتعليم جيد وبنية تحتية جيدة؟ كيف تكون بلادنا هي أحسن بلد في العالم ومؤسساتها الصحية ضعيفة الخدمات وسيئة التعامل مع المرضى؟ كيف تكون هي أحسن بلد ومؤسساتها التعليمية ضعيفة المردودية بشهادة تقارير التنمية البشرية؟ كيف تكون أحسن بلد وســــــــــــلالم محطات قطاراتها معطلة؟ كيف تكون أحسن بلد وغالبية ناسها فاقدين للحس الإنساني تجاه بعضم بعضا كما سبق وقلت؟
أجابني بلكنته المغربية قائلا: ايوى نقول حنا المغاربة، الله يهدينا حتى يدينا. المشكل يا اختي ليس في الإسلام، بل في المسلمين (كحل الراس). وبلادنا زينة. والحمد لله عندنا الخير الكثير، الطبيعة زوينة ومتنوعة والطقس زوين وملكــــنا (الله ينصروا) متواضع وجايب لنا الأمن والإستقرار. يحب شعبه وشعبه يحبه.
نظرت إليه كما أنظر إليك الآن أيها القارئ، فتساءلت: في نظرك خـــمسة دراهـــم، ماذا ستشتري لي من أجل الغـــذاء ؟



#لطيفة_الحياة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان، حملة التجويع الجماعي
- كل عام وانتم بنفاق
- الله ليس مستثمرا عقاريا
- رفض الانتماء لثقافة الكبش والذبح
- قصة عشق افترسته الذكورية
- حينما نقضي لله ديونا
- انتفاضة في بيت الطاعة
- لماذا عليه أن يعتنق اسلامهم حتى يتزوجني؟
- اعتقدت نفسها، ستفترسه فافترسها
- سئمت صداقة الصغار
- تأملات في الربيع العربي
- التقنية، نبي التغيير الذي حطم فراعنة الاستبداد
- وطن دكتورة معطلة ومعتصمة امام قبة البرلمان.
- تفاعلا مع المعرض الفتوغرافي للفنانات السعوديات
- رسالة مفتوحة: من دكتورة معطلة للسيد فؤاد عالي الهمة
- مستقبل الاطر العليا المعطلة مع هراوات اسبانيا وبشارة الكامير ...
- بطالة الشواهد العليا بالمغرب و معادلة-الله وما كليتي العصا ل ...
- بطالة الشواهد العليا في المغرب/بين المقاربة الامنية واستحقاق ...
- مفهوم القتال في القرآن
- تفاعلا مع وفاء سلطان / من خلال حلقات الشيخ محمد وظاهرة اللسا ...


المزيد.....




- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - لطيفة الحياة - هل خمسة دراهم تغذيك أم لا؟؟؟