هموم اقتصادية قصيرة الأجَل لموتى الأجَلِ الطويل

عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)

الحوار المتمدن-العدد: 5182 - 2016 / 6 / 3 - 17:35
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

هموم اقتصادية قصيرة الأجَل لموتى الأجَلِ الطويل


تميلُ الدولةُ حاليّاً الى تبنّي اجراءات تعمل على تخفيض عدد الموظفين في القطاع الحكومي ، وزيادة عدد المتقاعدين .
اقتصاديّاً ، و ماليّاً ، و "نظريّاً" .. لا اعتراضَ على ذلك .
ولكن .. في وضعٍ ديموغرافيٍّ (كالوضع الذي يتّصف به العراق) ، تكونُ فيه أعدادُ المواليد الجُدد كبيرة جدّاً ، ومعدلات النمو السكانيّ مرتفعةٌ جداّ (بالمعايير الدوليّة) ، فأنّ على الدولة زيادة معدلات توظيف "الشباب" في مختلف المجالات والأنشطة الاقتصادية ، عن طريق خلق فرص عمل تتناسبُ مع ثقلهم الديموغرافي ، وبما يؤدّي الى زيادة حصيلة الضرائب المفروضة على دخولهم الجديدة . وبهذا ستتمكّن الدولة من تحقيق التوازن اللازم بين التكاليف "الاضافية" التي ستتحملّها نتيجة الزيادة المفرطة في رواتب المتقاعدين (غير المنتجين) ، وبين ايرادات الضرائب المفروضة على دخول الأجيال الشابة من العاملين الجدد ، والتي ستعمل على تمويل تلك التكاليف .
أمّا ان تقوم الدولة بتخفيض عدد العاملين "الكبار" ، من خلال أحالتهم على التقاعد ، ودفع رواتبهم بعد "تعطيلهم" ، دون ان تقوم ، أو تنجح ، بالمقابل ، بتوسيع قاعدة الموارد الجديدة "الشابّة" التي تسمح بتمويل ولو جزء يسير من "كلفة" رواتبهم التقاعدية ، فتلكَ "حماقة اقتصاديّة" مُطلقة ، نستطيع احتساب تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية بدقّة ، باستخدام الحدّ الأدنى من قواعد الحساب السليم .
انّ اليابان (على سبيل المثال) ، تعاني من جانبٍ واحد من جوانب هذه المشكلة . مجتمعٌ طاعنٌ في السنّ ، تنخفض فيه معدلات النمو السكاني وأعداد المواليد الجُدد الى حدود مخيفة ، مع زيادة مفرطة في أعمار المتقاعدين (الذين تمتد بهم الحياة ، ما بعد سنّ التقاعد ، الى ما يقرب من أربعينَ عاماً) . وبهذا فأنّ على الدولة اليابانيّة تحمّل التكاليف الباهظة لرواتب هؤلاء (مع تكاليف رعايتهم الصحية بمستوياتها المتقدمة جداً ، و مراكز ايوائهم التي هي الأفضل على مستوى العالم) .. دون أن تمتلك بالمقابل قوى اقتصادية شابة قادرة على تحمّل عبْ ضريبي كاف يسمح بتحمل تكاليف المتقاعدين الطاعنين في السنّ ، والذين تتزايدُ اعدادهم ، وأعباءهم ، يوماً بعد آخر .
أنّ الدولة في اليابان تُدركُ مخاطر ذلك ، وتحاول أن تفعل ما بوسعها لمنع حدوثِ ركودٍ اقتصاديّ خطير ، يهدّدُ استقرارها الاقتصادي والاجتماعي في الأجل القصير ، وقد يُقوّضُ قدراتها الاقتصادية في الأجل الطويل .
نحنُ لدينا هذه "الهِبَة الديموغرافيّة" التي تحلم اليابان بامتلاكها يوماً ، وقد تُنفق تريليونات الدولارات من اجل امتلاكها ، بينما نفرّطُ بها نحنُ .. دونَ أن يرْمِشَ لنا جِفْنٌ واحد .
إنّ الناسَ ، لدينا ، نيام .. فإذا ماتوا انْتَبَهوا .
و نتمنى ان تدركَ دولتنا ذلك ، وأن تتداركهُ .. قبل أن يموتَ الأوان .
آمين .
( لمزيدٍ من التفاصيل حول ما تعانيه اليابان بهذا الصدد ، يرجى قراءة المقال المذكور على الرابط :
http://www.sasapost.com/japan-sexual-apathy-is-endangering-the-globaleconomy/

#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل