|
البصرة تحت ظلال صدام !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1395 - 2005 / 12 / 10 - 11:37
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
البصرة تحت ظلال صدام * ترجمة عن السويدية : سهر العامري قيل مرة أن البصرة كانت تدعى بندقية الشرق ، لكن من الصعوبة أن يعتقد المرء بذلك ، وهو يسير راكبا على امتداد شوارعها المتربة الآن ، ففي كل مكان منها تتصاعد مرتفعات من النفايات ، وتتنابح كلاب سائبة في طرقاتها ، ثم روائح الصيف الكريهة التي لا تطاق ، حين تقرقع مياه المجاري ، والجداول الآسنة في الحر . ومن هنا يمكن للمرء أن يفهم بسهولة خيبة الأمل الكبيرة عند الناس العاديين ، فالعراق يُطبق جناحيه على أكبر احتياطيات العالم من النفط تقريبا ، وإن سبعين بالمئة من احتياطي العراق هذا يتركز في هذه المنطقة التي تحيط بالبصرة ، وفي هذا الجزء من العراق يقع ميناؤه الوحيد ، وممره الى الخليج . ومع ذلك لا يزال الكثير من مواطني البصرة ، المليون والنصف ، والذين يشكل الشيعة أكثريتهم ، يعيشون تحت ظروف غاية في التعاسة ، فلعشر سنوات من الحرب ، وللإهمال تحت حكم صدام ، حرمت ثاني أكبر مدن العراق من الرخاء الاقتصادي . من أفق البصرة المغبر يظهر دون شك ، وبإغراء ، حل عقد مشاكل الأجزاء الأخرى من البلاد ، وأن يعتنى بالجزء الأكبر من الذهب الأسود نفسه ، والفكرة ، عن تشكيل إقليم متطور في الجنوب بعد نموذج كردستان في الشمال ، قد وقفت بثبات على أرض في الآونة الأخيرة . هذا في ذات الوقت الذي تعلم فيه الأحزاب الشيعية أن فكرة الإتحاد الفدرالي قد تؤدي الى خطر اندلاع حرب أهلية مدمرة في العراق ، وعليه فالإشارات التي تصدر من تلك الأحزاب هي أن هذه الأفكار يجب أن تظل في القارب ، انتظارا لتشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات في الخامس عشر من كانون الأول / ديسمبر ، ومع هذا لا تزال خطط قيام الدولة الشيعية في الجنوب موضوعة في الجيب الخلفي . إن الكفاح من أجل حكم ذاتي ليست هو غيمة القلق الوحيدة التي تتعلق فوق جنوب العراق ، فبعد سقوط صدام غطت المجتمع موجة إسلامية ، عدوانية ، بعد أن كانت البصرة في فترة من الزمان مركزا تجاريا مهما ، كانت الناس تركب لها من جميع بلدان الخليج ، وذلك من أجل أن يسعدوا أنفسهم بنزهة تحت ظلال النخيل في مشية على ضفاف الأنهر ، إذ اللباس سراويل الجنز والتنانير ، لكن النساء الآن ، ومثلما شاهدتهن في الشوارع ، متلفعات بعباءات ، ثقال ، سود . لقد دمر كل ما سُمي بار أو ناد في البصرة الآن ، وحتى الحوانيت التي تبيع أشرطة الموسيقى تهاجم بالقنابل غالبا ، وعندما قامت الجامعة بتنظيم سفرة نزهة لطلابها في ربيع ماض ، انتهت تلك السفر بتعذيب الطلاب والطالبات من قبل رجال مسلمين من جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر ، لقد كانت جريمة هؤلاء الطلبة والطالبات أنهم جلسوا سوية ، وكانت من بينهم طالبة مسيحية لم تغطِ شعر رأسها بخرقة . أنا قابلت أثنين من هؤلاء الطلاب اللذين كانا معهم ، حسن 22 سنة ، وأحمد 25 سنة في غرفة ، وفي قاطع محمي من البصرة ، وقد قالا : إنهما في قلق كبير من هيمنة الدين المتنامية ، ولهذا فهما سيصوتان لعلاوي العلماني في الانتخابات ، لكنهما لا يتجرآن التحدث عاليا عن ذلك بالجامعة المسيطر عليها من قبل المتأسلمين ، وعليه يكون من الأفضل أن يحتفظ المرء بتصرف مقبول في مثل هذه الحال . أ هكذا تكون الديمقراطية المحتملة في العراق ؟ أم إنها كما قال لي صحفي عراقي مجهول الاسم : ( لا شيء تغير ! لدينا نفس المجتمع ، ونفس التصرفات ، مثلما هي الحال زمن صدام . ) بعد بضعة أيام في البصرة يكون من السهل عليك أن تستشعر الألم ، فمشكلة العراق ، مثلما اعتقد أنا ، هي أبعد كثيرا من التصدع الطائفي ما بين السنة والشيعة ، فالعراق الجديد يئن أيضا من هيمنة الميليشيات ، والفساد الإداري ، والجريمة المنظمة ، والنزاعات العشائرية ، والعادات المتخلفة ، السيئة ، وأضيف الى ذلك أن جميع دول الجوار ترغب في أن تضع أصابعها في اللعبة هذه من أجل أن تعزز مخططاتها فيها . قبولا بكل ما تقدم يجب أن يُعد العراق الجديد على هذا النحو ، فكل العراقيين الذين قابلتهم ، ورغم كل ذلك ، سعداء لتحريرهم من ظلم وإرهاب صدام ، ويعتقدون أنهم سيبنون الديمقراطية بمرور الوقت في وطنهم . ليس من الخطأ أن تطبق الديمقراطية في العراق ، لكن الخطأ هو الوضعية التي جرى بها هذا التطبيق من خلال الحرب التي عُجل بها ، دونما قوات عسكرية ، وخطط كافية لمراقبة ما ينجز في العراق ، أو دونما الظفر بثقة الشارع العربي أولا . بينما كانت الشمس تغطس في نهر شط العرب المسافر نحو الخليج ، هناك حيث يلتقي حبلا الحياة ، دجلة والفرات ، كلاهما ، فكرت مليا بالطلبة ، والصحفيين ، والسياسيين الذين التقيتهم خلال رحلتي ، فشجاعتهم هي التي جعلتني متفائلة أكثر بمستقبل العراق ، وخوفهم هو الذي جعلني خائبة الأمل . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - * هذه المقالة للصحفية السويدية ، أنّا دالبري ( Anna Dahlberg ) ، وقد نشرت في جريدة :Expressen في عددها 341 ، وبتاريخ الأربعاء المصادف 7/12/2005
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أهداف إيران من احتلال البصرة !
-
الشيوعيون ضمير الشعب !
-
عملاء ايران والحزب الشيوعي العراقي !
-
اطلاعات تقتل العراقيين وتعذبهم في عقر دارهم !
-
كوندليزا في الموصل وسترو في البصرة !
-
ما يجمع الجلبي بالطوشي !
-
عملاء إيران والقائمة العراقية الوطنية 731 !
-
أبو نؤاس في مصر 3
-
أبو نؤاس في مصر 2
-
أبو نؤاس في مصر 1
-
محكمة الشعب !
-
عصا علاوي !
-
العشائر العراقية والحوزة الإيرانية !
-
مظاهرة المخابرات الإيرانية في البصرة !
-
فسوة صولاغ !
-
في الجمهورية الخضراء الكشميري يطارد الحلفي !
-
ما وراء الدستور !
-
انتظروا نكبة البرامكة الجدد !
-
دواقنة هذا الزمان !
-
الجريمة والقرن الأفريقي !
المزيد.....
-
مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب
...
-
نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
-
سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
-
الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق
...
-
المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
-
استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
-
المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و
...
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي
...
-
الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|